وزراء «بريزنتيشن» و«بكائية» الليبراليين في الأردن

يثير الجدال حول الهوية الفكرية التي ينطلق منها وزير التربية والتعليم الجديد في الأردن الدكتور عمر الرزاز النقاش مجددا بعناوين تفضل صالونات وأوساط النميمة الاسترخاء حولها لأغراض متعددة من بينها خلافا لتكريس ثقافة النميمة تمرير الأجندات ورفع مستوى الاتهامات المعلبة والاسترسال في التصنيف والاهم اعاقة كل من يعمل او يفكر ان يعمل في جبهة البيروقراط الكسول.
فورا وضع الرجل ونقصد الدكتور الرزاز تحت دائرة الضوء ولكنه مجددا ضوء من النوع الذي ينتج العتمة ويثير الشفقة على حال الاردنيين.
لم يجد المصطادون في المياه العكرة وسيلة لممارسة سلبيتهم سوى صورة عائلية تظهر صاحبها في اطار عصري.
 وهي صورة لا تعني شيئا في الواقع إلا انها لا تعجب الرجعيين ولا توفر ذخائر حقيقية للحكم والاستنتاج على اداء وزير جديد ينبغي ان يشكره الأردنيون لأنه قبل الغرق أصلا في مستنقع المفاصل المتكلسة والقيام بالتحدي.
لا أعرف شخصيا الدكتور الرزاز وأعرف عنه الكثير وأعرف الكثير أيضا بما في ذلك المعرفة الشخصية المباشرة عن سلفه الفاضل الدكتور محمد الذنيبات وهو بيروقراطي عريق ووطني ونظيف أبلغني شخصيا بانه يعمل ضمن المتاح للتطوير والتحسين وليس ضمن ما يؤمن به.
لا أذيع سرا هنا اذا قلت ان الدكتور ذنيبات كشف لي عن عدم ثقته اطلاقا بامتحان الثانوية العامة وعن فهمه شخصيا للدور المتخلف الذي يقوم به هذا الامتحان، لكن الرجل كان يقر بان ايمانه الشخصي شيء والتعامل مع الواقع شيء آخر.
الانصاف يقتضي القول بان انجازات لا ينكرها الا جاحد في وزارة التربية والتعليم سجلها الذنيبات وتقتضي الاشارة إلى انه وهنا لا أذيع سرا أيضا كان يقاوم اشباحا من داخل الدولة والنظام تقود الحملة ضد خططه في التطوير.
ابتسم الدكتور الذنيبات وهو يصارحني وهذا ما استطيع كشفه بعدما غادر الرجل موقعه بان خيطا رفيعا يربط الحملة التي تستهدف اصلاح التعليم مع بعضها البعض وانه يعرف مربط هذا الخيط.
انا ايضا اعرف مربط الخيوط وهي لا علاقة لها من قريب او بعيد بالناس او الشارع او حتى المعارضة الاسلامية فمن لا يريد تطوير التعليم وتحديثه في الاردن يمثل مركزا نافذا للقوة داخل الدولة وليس خارجها.
ذلك لم يعد سرا بكل حال وما تبقى حتى نضمن الجدية في العمل والصرامة في الالتزام هو تسمية مربط الخيط بقرار يحظى بغطاء سياسي مركزي ومرجعي والاعتذار منه باللغة التالية : آن أوان اصلاح التعليم في الاردن ونشكرك وحان الوقت كي تترجل عن اكتاف الاردنيين في جزئية التعليم.
 أشك شخصيا مع ايماني الكبير بالدكتور الرزاز أن يستطيع الوصول إلى هذه النقطة من الاشتباك لأن إصلاح التعليم يتطلب جرأة في تشخيص سبب التحكم والسيطرة .. يملك الرزاز كما عرفناه سقف الجرأة الملائم لكن هل يكفي ذلك اذا لم تتجرأ المؤسسة نفسها على حل معضلتها وتوفير الحماية لأي خطة من هذا النوع؟.
قد لا استغرب بعد شهرين او ثلاثة وعلى طريقة الليبراليين «الناعمة» المعتادة ان يخرج لنا وزير التربية الجديد المحترم بورقة عمل مغرقة في النظرية ثم يلقيها بين احضان الجميع ويدير اكتافه .. للأسف هذا ما اعتدنا على فعله من قبل بعض الليبراليين الذين أتيحت لهم فرصة التحكم والاستقرار فقرروا الانسحاب بدون قتال. ثمة مشكلة في طريقة خطاب واداء المحسوبين على الصف الليبرالي وبما اننا نصفق لهم بالأكف والعرق والدم عندما يهاجمون بؤر ما يسمونه بالرجعية وبالتيار المحافظ في المجتمع والدولة، عليهم اليوم ان يسمعونا جيدا مادامت النوايا حسنة والخلاف ليس على المؤسسة وانما معها.
 في التجربة والبرهان المناسب لا يمكنني القول بان المسؤول في اي موقع ولا اتحدث هنا عن وزارة التربية والتعليم، يستطيع النفاذ إلى عقول المواطنين والتأثير فيهم بمجرد امتلاكه ربطة عنق انيقة مرتفعة السعر ونمرة سيارة حكومية يقودها عسكري وارادة ملكية تصدر للإعلاء من الشأن ثم عرض عبر شاشة المعلومات على الحائط وريموت كنترول فقط.
لا يمكن النفاذ إلى عقل الدولة والناس عبر لوحة الكترونية منصوبة في قاعة من فئة النجوم السبعة وفيها الكثير من الدوائر والمربعات والمثلثات والرسومات البيانية والاسهم .. ذلك كله جيد لكن ثبت اليوم انه لا يكفي لإقناع الناس والتأثير فيها بما انه لا يكفي حتى لإقناع الشركاء في الإدارة العليا للدولة.
وزراء «البرزنتيشن» كما يحب البعض ان يسميهم عليهم الاشتباك اكثر في التفاصيل الاجتماعية وواجبه يتمثل في توفير بنية للإقناع والاختراق وليس للهروب بعد الاستشراق.
الليبراليون تحديدا الذين احبهم واؤمن بقدراتهم واطالب بصدارتهم بكل المواقع عليهم التوقف عن البكائية الدائمة حيث يستهدفهم دائما الجميع في المجتمع والقيادة والدولة والأجهزة وحيث يزعمون بان القرار السياسي لم يتوفر لتغطيتهم مع أنهم في كثير من الحالات كانوا هم أصحاب القرار السياسي لا بل في عمقه.
الاقناع والانجاز واستنساخ معادلة يلمس الأردني صلتها المباشرة بروحه وحياته .. بالإضافة إلى إظهار قدر من الفروسية والاستعداد للقتال .. هذه هي الوسائل الاسرع للاختراق والتغيير والتأثير والاصلاح فالريموت كونترول الذي يضيء وسط علية القوم لا يكفي.

٭ إعلامي أردني من أسرة «القدس العربي»

وزراء «بريزنتيشن» و«بكائية» الليبراليين في الأردن

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابو راشد - الامارات:

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اشكر الكاتب على المقال الجميل
    للامانة الوزير السابق كان على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه ضمن ما يملك من مقومات تنجح العمل و قد اجتهد و اصاب و اعاد للوزارة هيبتها بعد ان غرقت الوزارة في وحل الثانوية العامة من تسريب للاسئلة او حقل تجارب من قبل وزير سابق ايضا. ذهب الرجل و ندعوا الله ان يوفقه لما فيه خيره و خير اهله
    اما ما يخص الوزير الجديد فلا احد يشك في قدرته و كفائته على الاطلاق ولكن الرزاز ليس رجل تعليم وانما رجل اقتصاد من الطراز الرفيع و بما ان المملكة تعاني من وضع اقتصادي سيئ كان الاجدر ان يستغل الرجل في منصب اقتصادي لانه سيحدث بصمة بلا شك
    وضعه في وزارة التربية قد يكون ايجابي و انا على يقين بانه سيحدث نقله نوعية الى الامام بلا شك و لكن له خصومة داخل المجلس الوزاري مع وزير التخطيط الفاخوري الذي كان حجر عثرة في وجه الرزاز
    نسال الله ان يوفق الوزير لان اصله طيب و هو من منبت طيب و يتمتع بالذكاء و الخبرة و يحمل شهادات من ارقى جامعة و هي لا تخرج متواضعي الكفاءة بل النوابغ
    لقد اعلن انه سيتبع منهج الدكتور الذنيبات و هذه اشارة الى انه سينجح بلا شك و لكن نجاحه سيكون محدود و ذلك لكثرة الذين لا يرغبون في نجاح الرجل
    حفظ الله الوطن و المواطنين و نسال الخالق ان يلهم رئيس الحكومة و الوزراء الى ضبط الايقاع لان الشدائد بحاجة الى حكمة و روية ,
    ومصارحة المواطن سبيل الى النجاح و لا بد من ذلك
    الاردن بلد يتهاوى ضمن محيط ملتهب و علينا ان نبقيه شامخا حتى و ان دفعنا ضرائب لانه المكان و الملاذ الوحيد لكثير من العرب
    الحلول الاقتصادية موجودة لدى الحكومة و لا اعتقد ان المواطن سيرفض ان يدفع ضرائب اكثر ولكن ان يحصل على مقابل من دفع الضرائب

  2. يقول سامح //الاردن:

    *مرة أخرى (التعليم) عندنا ف الأردن
    كارثي بكل ما تحمل الكلمة من معنى..
    * فهل الوزير الجديد قادر على إنقاذه
    واصلاحه ..؟؟؟ الله اعلم .
    حمى الله الأردن الغالي من الأشرار
    والفاسدين .
    سلام

  3. يقول د. مامون اهرام:

    “بان خيطا رفيعا يربط الحملة التي تستهدف اصلاح التعليم مع بعضها البعض وانه يعرف مربط هذا الخيط.
    انا ايضا اعرف مربط الخيوط وهي لا علاقة لها من قريب او بعيد بالناس او الشارع او حتى المعارضة الاسلامية فمن لا يريد تطوير التعليم وتحديثه في الاردن يمثل مركزا نافذا للقوة داخل الدولة وليس خارجها.”
    بلا ألغاز!! ما هو المربط ولماذا؟

  4. يقول عسكري متقاعد / الاردن:

    من يرفع صوته في مجلس الامة ويتعمد اتهام الاردن بأنه الحامي لإسرائيل هو في الواقع يدمغ ظلماً جيشه المضفر بهذه التهمة . ويفتئت على الشعب كل الشعب حتى على الذين انتخبوه واوصلوه الى هذا الموقع الذي فيه يجب ان ُيحترم جيشنا مصدر منعتنا وعزنا لأن من لا يحترم امته ووطنه ليس من حقه ان يدعي تمثيلها .

  5. يقول عبدالله من الاردن:

    انه وهنا لا أذيع سرا أيضا كان يقاوم اشباحا من داخل الدولة والنظام تقود الحملة ضد خططه في التطوير

    ما الذي يحدث في الاردن ؟
    بالامس قلت ان لا يوجد قرار سياسي للاصلاح الاقتصادي !!!

    يبدو لي انه حتى اصلاح ازمة المرور بحاجه الى قرار سياسي !!!

    يبدو ان المستقبل القريب للاردن يبدو باهتا :(

  6. يقول حسام محمد:

    لا مجال لأي وزير تربية بالنجاح من دون لجم الدين والإسلاميين من سلفيين وبالأخص الاخوانجية وحزب التحرير في نضامنا التعليمي البالي.
    خلاص مؤسساتنا التعليمية من هذا الطاعون سيودي بالنتيجة الى تطور المجتمع والإنسان الاردني المستقبلي.

  7. يقول طه اسماعيل:

    مرة أخرى … ﻻ نضع الرجل المناسب في المكان المناسب … الرزاز رجل اقتصاد يشهد له الجميع ونحن في وضع اقتصادي كارثي وبحاجة ﻻمثاله
    والذنيبات رجل التربية الذي أبدع في مكانه جزاه الله خيرا كان يجب تركه في التربية ﻻنه اكيد بحاجة لوقت أطول ﻻصﻻح التعليم في اﻻردن

  8. يقول د حمود الفاخري/واشنطن:

    امة تعبد البشر لا خير فيها

إشترك في قائمتنا البريدية