الناصرة ـ» القدس العربي»: اعتبر وزير البناء والإسكان الإسرائيلي يوآف غلانط البناء العربي في النقب داخل أراضي 48 «إرهابا»، مستخدما معطيات مغلوطة في خطة طرحها بهذا الخصوص. وقدم غالانت (حزب كلنا) خطته إلى لجنة الداخلية في الكنيست ضد ما أسماه «الاستيطان البدوي المعادي» في النقب، داعيا لتقوية السيطرة اليهودية.
ومع ذلك، عندما طلب دعم الخطة بالمعطيات، قدم معلومات تتناقض مع المعلومات الرسمية التي تحتفظ بها السلطات الإسرائيلية. وادعى غلانط أن 230 ألف بدوي يعيشون جنوب بئر السبع، بينما تقول معطيات دائرة الإحصاء المركزية إن الرقم أقل من 200 ألف، وإن مجمل عدد البدو الفلسطينيين في النقب داخل أراضي 48 لا يزيد عن 250 ألف نسمة اليوم، وتعتبر الزيادة الطبيعية لديهم من الأعلى النسب في العالم.
وخلال عرضه للخطة استخدم معطيات التنظيم اليميني «رغافيم» الذي ينشط ضد البناء البدوي، زاعما أن هناك 2300 تجمع غير قانوني في النقب، وهذا رقم يزيد بمئات عن معطيات السلطات الحكومية التي تتابع هذه القضية، متجاهلا مأساة الفلسطينيين في النقب المحرومين من الماء والكهرباء والدواء في 45 قرية لا تعترف بها إسرائيل، أعرب غلانط عن دعمه لسلسلة من الخطط لإنشاء مستوطنات جديدة لليهود. ونوهت صحيفة «هآرتس» أمس أن خطط الوزير غالانط تتناقض بشكل تام مع الموقف السائد بين المخططين والسلطات الإسرائيلية في جنوب البلاد والمنظمات البيئية، الذين يعتقدون أن الخطوة الصحيحة ستكون في تعزيز وإنشاء البلدات القائمة.
وأشارت الى أن الخطة التي قدمها الوزير هي مجموعة من الخطط القائمة التي لم تنفذ حتى الآن، بما في ذلك تطوير مستوطنة حيران على أنقاض القرية الفلسطينة «أم الحيران»، التي تمر في المراحل الأولية، وإنشاء بلدة كسيف لليهود المتدينين وإنشاء مستوطنة «مفوؤوت عراد».
وتكشف مراجعة العرض الذي قدمه غلانط إلى اللجنة أنها تعتمد على البيانات التي قدمتها منظمة «رغافيم»، التي تعمل على زيادة تطبيق القانون ضد البناء «غير القانوني» في النقب وتعارض مخطط برافر – بيغن من 2013 لتنظيم السكن البدوي في النقب.
وقد استعان غلانط بشرائح من شريط أعدته هذه المنظمة اليمينية المذكورة وخلال عرضه للخطة تابع محرضا بشكل فظ على من يفترض أن يكونوا مواطنين «إن الجنوب يتعرض للهجوم ليس فقط من غزة. لقد أصبح البناء غير القانوني والمعادي البدوي في النقب وفي محيط بئر السبع في السنوات الأخيرة خارج السيطرة: السيطرة الإسلامية الفلسطينية من منطقة الخليل ومدنها نحو النقب، والإرهاب الزراعي المتزايد والبناء غير القانوني ليست سوى جزء من الظواهر الشديدة التي عانى منها النقب في الآونة الأخيرة» موضحا أن خطة تعزيز الاستيطان اليهودي في النقب هي حل طويل الأمد وثابت للسيطرة اليهودية في المنطقة».
وأثارت تصريحات غلانط انتقادات شديدة من منظمات حقوق الإنسان. وقالت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل إنه بدلاً من تعزيز حقوق المواطنين البدو والاعتراف بالمجمعات السكانية التي عاشوا فيها طيلة عقود، يختار الوزير غلانط اتهام الضحية، والافتراء والتحريض ضد أحد أضعف المجتمعات في إسرائيل. واستذكرت أن سكان النقب البدو يعيشون في «القرى غير المعترف بها» إسرائيليا في فقر مدقع، ويواجهون الخطر الدائم على بيوتهم. ومضت في رفضها لتحريض الوزير «هذا ليس قضاء وقدرا أو «خيارا حضاريا»، بل هو نتيجة لسياسة التمييز التي تديرها الحكومة عمدا ضدهم في التخطيط. وخلصت للقول إنه بينما تتجاهل الدولة وجود 45 قرية بدوية غير معترف بها، والتي تتوق للاعتراف بها وللتخطيط والتطوير، تعمل الحكومة على إنشاء خمس مستوطنات يهودية جديدة، اثنتان منها ستقامان على أراضي القرى البدوية ذاتها».
وأكد النائب سعيد الخرومي (المشتركة) ابن النقب أن أقوال غالانط هي تحريض عنصري ومنفلت على عرب النقب. وردا على سؤال «القدس العربي» شدد على أن غالانط حاول تسويق خطته لتسمين الاستيطان اليهودي في النقب والتي تعارضها جهات تخطيطية وبيئية إسرائيلية، من خلال التحريض على السكان الأصليين. وأكد أن البدو جزء لا يتجزأ من صحراء النقب وقبل تشكل إسرائيل، داعيا للاعتراف بهم وبقراهم كمواطنين متساوين. وتابع «في دول العالم الديمقراطية يمنح السكان الأصليون امتيازات وفي إسرائيل يتعرضون للتحريض والتهجير والشيطنة».
وحمل المحامي والناشط الحقوقي في النقب، شحدة بن بري، على الوزير غلانط وقال إنه ينضم إلى جوقة المحرضين للحصول على مكاسب سياسية من الشارع الإسرائيلي اليميني، وذلك عن طريق إعلان الحرب على عرب النقب الصامدين في قلب المعاناة. وتابع «حين يصرّ الوزير غالانط على استخدام مصطلحات عن مجموعة سكانية تحمل نفس المواطنة التي يحملها هو، مثل إرهابيين ومجرمين ويجب إنهاء الوجود العربي والسيطرة على العرب، ويصف العرب في النقب بأنهم أخطر من حماس، هذا يدل على الخوف الفعلي والجهل ويظهر الوجه الحقيقي للديمقراطيّة الإسرائيلية».