وزير تونسي: نعاني من أزمة كراهية وتمييز على أساس اللون والدين

حجم الخط
2

تونس ـ «القدس العربي»: قال وزير تونسي إن بلاده تعاني أزمات اجتماعية تتعلق بالتمييز على أساس اللون والدين، ودعا إلى تشكيل تحالف مدني لرصد ومكافحة التحريض على الكراهية، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الخطوات الحكومية للحد من الخطاب التكفيري غير كافية. وأكد الوزير المكلف بالعلاقة مع المجتمع المدني كمال الجندوبي إن تونس ليست خارج منطقة التحريض على الكراهية السائدة في المنطقة، محذرا من الدور السلبي لبعض وسائل الإعلام في هذا المجال.
وأضاف في حوار خاص مع «القدس العربي»: «ثمة تراكم لمشاكل اجتماعية تتعلق بالكراهية والعنصرية أو النظر بشكل دوني لذوي البشرة السوداء والأقليات العرقية والدينية». وأشار إلى أن مناخ الحرية الذي جاءت به الثورة التونسية أسهم بشكل كبير في كشف هذه الأمور التي كانت «مكبوتة ومسكوت عنها معزولة في مناطقها، مع غياب شبه كامل للإعلام». وأضاف «لا بد من التأكيد أن المجتمع التونسي متجانس جدا قياسا بغيره، ولكن ثمة بعض الأقليات كالبربر (الأمازيغ) مثلا والذين تم طمس واقعهم الثقافي والذاتي، ورغم وجود بعض الجمعيات الناشطة في هذا المجال، إلا أنك لا تستطيع اليوم إقناع التونسي العادي بوجود أمازيغ مثلا أو مسيحيين ويهود، فهو لن يصدق ذلك وسيجيبك بالمقابل بقوله: كلنا عرب ومسلمون، وهذا الأمر يحتاج لعملية توعية كبيرة».
ويتابع «للأسف، ثمة خطاب معاد لبعض الأقليات كاليهود مثلا الذين يتهمهم البعض بالعمالة لإسرائيل على سبيل المثال، رغم أنهم من أكبر الوطنيين والمناضلين من أجل الاستقلال والديمقراطية في تونس، بل ربما أكثر من بعض العرب والمسلمين، وهذا ينطبق أيضا على الأمازيغ الذين لا يستطيعون اليوم الحديث بلغتهم، رغم أنهم جزء من المجتمع التونسي».
وكان رئيس الجمعية التونسية للثقافة الأمازيغية جلول الغاقي انتقد في تصريح سابق لـ«القدس العربي» غياب حقوق الأمازيغ في الدستور التونسي، مشيرا إلى أن تقدم بطلب للتنصيص في الدستور على الحق الثقافي الأمازيغي، كمكون للهوية الوطنية التونسية، إلا أنه تم رفضه من قبل الحكومة والمعارضة.
من جانب آخر، دعا الجندوبي إلى تفعيل المبادرة الأممية المتعلقة بتشكيل تحالف مدني واسع في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط لرصد ومكافحة التحريض على الكرهية، مشيرا إلى أن هذا الخطاب الذي تفاقم في المنطقة خلال العقد الأخير يستمد مرجعيته أساسا من خطاب ديني متطرف يحض على الكراهية ضد الأقليات الدينية والعرقية والتمييز ضد النساء. وأضاف «الكثير من خطابات الكراهية تقوم على المبالغة في رسم صورة كارثية للواقع الذي نعيشه، وكأننا ضحية مؤامرة عالمية، ويهدف ذلك لاستقطاب الشباب واستغلالهم لاحقا في تنفيذ عمليات ذات طابع تخريبي، وهذا يستدعي تحمل السلطات والمجتمع المدني مسؤوليتها في مكافحة هذا الخطاب».
ويؤكد، في السياق، أن موجة الكراهية ضد العرب والمسلمين في المجتمعات الغربية تستند أساسا على مبدأين «الأول هو ما يحدث في بلداننا من عنف وإرهاب وحملات متطرفة ضد الأقليات والديانات، والثاني هو وضع العرب والمسلمين في أوروبا تحديدا وما يطرحه من إشكاليات لهذه المجتمعات التي هي بالأساس (تاريخيا) مسيحية يهودية ولديها إشكال يتمثل في وجود ودمج عدد لا بأس به لأشخاص مختلفين ثقافيا عنها، ويمكن الحديث هنا عن النتائج السلبية لهجومي شارلي إيبدو وباردو».
وكانت السلطات التونسية علقت مؤخرا نشاط 157 جمعية يتهمة القيام بأنشطة إرهابية، من بينها تعبئة بعض الشباب لتنفيذ عمليات إرهابية و»جهادية» داخل البلاد وخارجها.
ويرى الجندوبي أن الخطوات الحكومية الأخيرة المتعلقة بمراقبة وإغلاق بعض المساجد وحل الجمعيات المشبوهة «ضرورية» لكنها لا تكفي للحد من الخطاب التكفيري في البلاد. ويضيف «لا بد من توعية المواطنين للقيام بدورهم في حماية المجتمع عبر الإبلاغ عن أية أنشطة مشبوهة (من الجمعيات أوغيرها)، حتى لا يقع شبابنا ضحية التأطير المؤدلج والنفسي لبعض العصابات التي توظف حرية العمل الجمعياتي في مآرب تخريبية».
ويرى أن الجدل القائم حول مشروع قانون الإرهاب الجديد هو «ظاهرة صحية وأساسية، لأن كل قانون يجب أن يكون محل نقد ومن حسن حظنا أنه لدينا حرية رأي وإعلام ينتقد أو يطرح حوارات جدية حول قضايا من هذا النوع».
ويضيف «قانون الإرهاب المعمول به حاليا هو قانون 2003 الذي تم وضعه خلال فترة حكم بن علي، لذلك هو يتناسب مع الطبيعة الاستبدادية لذلك النظام، ونحن نحتاج اليوم لقانون يتناسب مع الوضعية الديمقراطية لتونس، أي أنه يجب أن يكون هناك تناسق بين ضرورة محاربة الإرهاب واحترام النظام الديمقراطي وعلوية الدستور ومبادئه، وهذه معادلة ليست سهلة».

حسن سلمان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أبو أشرف ـ تونس:

    مبالغة تنم عن عدم هعرفة الواقع بدقة.

  2. يقول سمير تونس:

    تصريح يعكس أزمة جزء من النخبة التونسية الناطقة باسم الحداثة فتجانب الموضوعية حينما تحلل واقع الوطن..واغترابها عن الواقع يفسر هكذا تحليل مع الأسف

إشترك في قائمتنا البريدية