لا يزعجني حضور رجال مبارك في المشهد المصري، وتخطيهم الرقاب، فالمزعج ألا يظهروا، واستمرار غيابهم يؤكد كذب ما قلناه من أن 30 يونيو ثورة مضادة!
في الأسبوع الماضي تم الإعلان عن أن رجل الأعمال أحمد عز يستعد لإطلاق «فضائية»، فقلت: «حقه». وإن ظل المدهش ولماذا يبدد الرجل أمواله على محطة تلفزيونية، بينما كل القنوات التلفزيونية التي تبث من القاهرة الآن، تحمل نفس فكره، وكثير من مقدمي البرامج بها، كان حزبه الحاكم يدخرهم لمهمة الدفاع عن توريث الحكم، عندما يصير واقعاً، ولحوم أكتافهم من «فضلة خيره!».
«أحمد عز»، يصنف على أنه من أسباب قيام ثورة يناير، فهو الشخصية التي كانت تعبر عن المرحلة الأخيرة من الحزب الحاكم، وكان عنواناً لزواج السلطة بالمال، وهو الذي قاد الانتخابات البرلمانية وأسقط كل المرشحين المعارضين، وأجهز على صفقات صفوت الشريف مع الأحزاب. ولهذا كان قرار مبارك عقب الثورة هو إبعاده عن الحزب الوطني لامتصاص غضب الثوار.
بيد أن «دولة مبارك» أجهضت على ثورة يناير بثورة مضادة في 30 يونيو، ردت الاعتبار لمبارك ونجليه وأركان حكمه وحزبه، ليكون طبيعياً أن يخرج أحمد عز من السجن، ويمهد لمرحلة جديدة من حياته السياسية يخوض فيها الانتخابات البرلمانية ويفتتح قناة تلفزيونية، يهش بها على غنمه!
من الذين شاركوا في الثورة والثورة المضادة، من قد ينكرون على أحمد عز ذلك، فقد ظنوا وهم يشاركون في تمكين العسكر من يناير، أنه في غياب الإسلاميين الذين يملكون الشارع، فسوف يخلو لهم وجه السيسي، ليكونوا حزبه السياسي، فقد ظنوا أنه لن يسمح بعودة رموز النظام القديم، وقد ثبت أن حساباتهم خاطئة!
لقد تمددوا لفترة في البرامج التلفزيونية، التي يقدمها الفلول، ومن لميس الحديدي، إلى تامر أمين، وغضوا الطرف عن أن هؤلاء ينتمون لدولة مبارك، وقد جرى اختيارهم على «الفرازة» لمرحلة جمال مبارك، وكانت كلمة «أستاذة» تخرج من فم المؤدب منسق حركة «تمرد»، مبشرة بمرحلة جديدة، وهو يخاطب الحديدي، فكان يسهب في مخاطبتها بـ «الأستاذة لميس»، مع أن ثورة يناير طردت «الأستاذة لميس» من «ميدان التحرير»، ولم تنس لها أنها المسؤولة الإعلامية بحملة مبارك الانتخابية، وأنها من شاركت في تشويه الثورة، قبل أن تتأكد من قدرتها على خلع مبارك، فجاءت لتطلب الصفح والغفران، فلم يتقبل منها لأنها توبة عند الغرغرة!
ومع هذا، فقد كان القوم يظنون أنهم سيصبحون هم في الصورة، ولم يمانع عبد الحليم قنديل، من أن يظهر في برنامج أحمد موسى، ومن التعامل مع «لميس الحديدي» بأدب بالغ فيخاطبها فتى تمرد بـ «الأستاذة لميس»، حيث أوشك «محمود بدر» أن يقول لها يا «طنط»!
لقد كان الذين مثلوا غطاء مدنياً للحكم العسكري، وغطاء ثورياً للثورة المضادة، يظنون أنهم من سيحكمون، فلا مانع إذن من قبول المشاركة في مظاهرات الانقلاب كتفاً بكتف مع أعضاء حزب مبارك، ولم يجد المناضل حمدين صباحي حرجاً من ان يقول لأنصاره إن خلافاتنا مع الفلول ثانوية، لكنها مع الإخوان جذرية، إذ تصور أنه سيأتي رئيساً بأصوات دولة مبارك، وإذا كان وحزبه دخلوا البرلمان من قبل بأصوات الإخوان المسلمين، فلا مانع في هذه المرحلة من أن يكون رئيساً بالتحالف مع نظام المخلوع البائد. ولا مانع من أن تصبح لميس الحديدي «أستاذة لميس»، أو «طنط لميس»!
شاهدت مناضلة متقاعدة طالما هتفت بسقوط حكم العسكر، وقد علقت صور السيسي في حملته الانتخابية كتميمة تمنع الحسد وتجلب العريس، وكانت في برنامج تلفزيوني وهي تطالب بقانون للعزل السياسي في مواجهة رجال دولة مبارك الذين عادوا للمشهد، ولم تنتبه إلى أن الجالسة بجوارها في الأستوديو من هذه الدولة، فإذا بها تصرخ في وجهها: من أنتم وما هو محلكم من الإعراب لتعزلونا، نحن من قمنا بثورة 30يوليو، إياكم أن تتصوروا أنكم من قمتم بها؟ كم عددكم أنتم أصلا؟ وصممت صاحبتنا وانشغلت ببلع ريقها!
قبل أسابيع كان محام ينتمي لهذه الطائفة التي شاركت في الثورتين، مشاركاً في برنامج على قناة «الغد العربي»، يقدمه مذيع يعجبني أدائه، وهو «وارد» التلفزيون المصري، وإن كنت لا أعرف اسمه.
قال صاحبنا المشارك في الثورتين، إن من الشائع قبل 30 يونيو وتبين أنه ليس صحيحاً في هذا اليوم، أن الإخوان وحدهم من لهم القدرة على الحشد الجماهيري، قبل أن يثبت للجميع أن القوى المدنية قادرة على ذلك. لكن المذيع قاطعه بقوله إن ما جرى في هذا اليوم لم يكن حشداً من القوى المدنية ولكن من دولة مبارك. فسكت ولم يعقب وقد طبعت على شفتيه نصف ابتسامة خجلي تؤكد تسليمه بأنه كان يكذب!
وعندما ينجح رجال مبارك في إسقاط ثورة يناير، يصبح من الطبيعي أن يتصدروا المشهد، ولا يلام أحمد عز إن فكر في خوض الانتخابات البرلمانية، ونشر أنه يمهد لإطلاق قناة فضائية!
فماذا يميز الآخرون عن أحمد عز؟! فالنائب السابق عن الحزب الوطني محمد أبو العينين هو صاحب فضائية «صدى البلد»، وولاء مقدم برنامجها الرئيسي وهو «أحمد موسى» هو للأجهزة الأمنية منذ نعومة أظافره، ومقدمة برنامج «صالة التحرير» هي رئيسة التلفزيون المصري في عهد مبارك وعامله على ما سبيرو أنس الفقي، و»دينا رامز» مقدمة أحد البرامج على نفس القناة، هي وبعلها من تجليات مؤسسة الرائد متقاعد صفوت الشريف لـ «التشهيلات الإعلامية»!
وهل يظن الذين شاركوا في ثورتين أن «الهابط» على الساحة الإعلامية بـ «البارشوت»، صاحب جريدة «الوطن»، وتلفزيون الـ «سي بي سي» كان معهم في «ميدان التحرير» وهم يهتفون: «يسقط، يسقط، حكم العسكر»؟!
إن المحطة التلفزيونية التي حملت اسم ميدان الثورة «التحرير»، قام إبراهيم عيسي بتمكين دولة مبارك منها، عندما باعها لأحد رجال الأعمال المقربين من مبارك شخصياً، وهو صاحب السوابق في أعمال السمسرة الإعلامية منذ بيع جريدة «الدستور»، وقد قال إنها بيعت من وراء ظهره، فلم يعترض أو يتململ إلا عندما جاء موعد صرف الرواتب!
الشاهد أن الإعلام في مصر الآن ينتمي لدولة مبارك، وليس عيباً أن تكون لأحمد عز قناته التلفزيونية الخاصة.. خذوا المسألة بروح رياضية!
من أجل مبارك
الدعوة لتكريم الرئيس المصري السابق حسني مبارك، بدت كما لو كانت حملة قومية، تجاوزت كونها اجتهاداً من قبل إعلامي بعد أن شارك فيها «أحمد موسى» مع «توفيق عكاشة»!
لاحظ أنني توقفت عن إطلاق لقب «المخلوع» على مبارك، فالحقيقة المرة أننا نحن «المخلوعون»، فمبارك بعد انقلاب يونيو عاد معززاً مكرماً كما كان في حكم المجلس العسكري بقيادة المشير محمد حسين طنطاوي!
جريدة «صوت الأمة» نشرت في عددها الذي كان من المفترض أن يصدر أمس «الجمعة» أنه مسجون في قصر في منطقة القطامية، وهو العدد الذي لن يرى النور، فقد صادرته الأجهزة الأمنية داخل المطبعة بعد طباعة الكمية كاملة وقامت بفرمها، رغم أن دستور الانقلاب يحظر مصادرة الصحف بإطلاق، لكن «البيادة» فوق نصوص القانون، والعسكر فوق الأمة!
«صوت الأمة» يرأس تحريرها زميلنا عبد الحليم قنديل، المنحاز لعبد الفتاح السيسي، بالباع والذراع، وقد تلقي في أسبوع واحد رسالتين بالغتين الدلالة الأولى بمنعه من السفر، مع وجود حكم قضائي يلغي قرار منعه، والثاني بمصادرة عدد «صوت الأمة» في رسالة لا تخطئ العين دلالتها، ليصبح ما بينه وبين السيسي هو حب من طرق واحد!
لم تُصادر «صوت الأمة» لنشرها أن مبارك مسجون في قصر ليس تابعاً لمصلحة السجون، ولكن لأنها نشرت قضية فساد لأحد الوزراء في دولة السيسي والذي كان على عداء مع ثورة يناير منذ أول يوم، واختياره للمنصب الوزاري لا تخطئ العين دلالته أيضاً، لكن مع ذلك لم يتوقف ينبوع الحب المتفجر في قلب عبد الحليم قنديل.
بدت لي الحملة التلفزيونية كما لو كانت تمهد للتكريم الحقيقي لمبارك ورفع الحرج ليدعوه السيسي مستقبلاً ليجلس جنباً إلى جنب في المؤتمرات والمهرجانات مع المشير محمد حسين طنطاوي، ليؤكد السيسي بحضورهما أنه وفي لأساتذته!
البعض يتشنج عندما يسمع الدعوة لتكريم مبارك، مع أنها شيء لزوم الشيء، فقد عادت دولته، ويصبح من الطبيعي أن يكرم وأن يعود ولو للقيام بدور «الرئيس الوالد».
ومن الذين شاركوا في «الثورتين» من يغضبون لهذه الدعوة ليس لأنها تمثل تحدياً لثورة يناير، «رحم الله موتاكم»، لكن لأنهم ظنوا أنهم من سيحكمون عندما تعود هذه الدولة بدون رجاله. فقد ظنوا لأنهم رموز للكفاح الفاشل، أن «الحداية» تلقي كتاكيت!
بروح رياضية، تعترف بالهزيمة، فإن تكريم مبارك هو أقل واجب، فقد صبر ونال، والعاقبة عندكم في المسرات.
صحافي من مصر
سليم عزوز
الاستاذ الفاضل سليم عزوز صدقنى حينما اقرأ مقالك اخاف من شيء واحد فقط هو نهاية المقال. فطول الكتابة اشوي اطال الله عمرك.
الاخ اللي مسمي نفسه الوحش … ومن اعطاك الحق حتى تصادر آراء الآخرين! دع كل واحد يعلق كما يشاء من وجهه نظر سواء كانت مؤيدة للسيسي او للاخوان … فهذا منبر حر ولاي شخص الحق ان يعبر عن رأيه كيفما يشاء
صورة مريرة وضعتها أمامي أستاد عزوز وأظن سيشاهدها العالم وهي عندما سيجلس السيسي وبجانبه المخلوع مبارك وربما ولي عهده جمال وأحمد عز وغيرهم ممن تلطخت يدهم بالدماء المصرية وعاثوا فسادا طيلة 30 سنة بينما مرسي الرئيس الشرعي والرجل النظيف اليد من جور أو فساد قابع في السجن وحياته مهددة ينتظر الموت في أي لحظة بينما المجرمون الأوباش خارج السجن منعمين مكرمين.
يا اخ شادي : هذا اسمي وليس اسم مصطنع .
اعتقد ان ما في احد يرضي انه ينتقض بلدك بما فيها فلا تتكلم علي غيرك وانت تعرف مصر وقدرها انا فقط راح احترمك لصله النسب التي بينا
برضه مرسي مش راجع
للاسف فالكثير من المطبيلين للسيسي دائما يتحفوننا بقدر مصر ، فكلنا نحب مصر ونتمنى لها الازدهار ، لكن هذا لا يمنع أنها الان في انحدار سياسي وعسكري وتنموي بسبب الانقلاب الدموي ، فلا تقلبوا الحقائق وتصوروا للعالم أنها في ازدهار وتقدم ، السيسي وضع نصب عينيه أن يضحك على الشعب المنساق وراءه وزعم أن الاخوان هم سبب كل المصائب في بلده وكأن الاخوان هم فقط من يعارضونه .
اذا اردت ان تصاب بالصداع وارتفاع في ضغط الدم فجادل او ناقش مناصري الإنقلاب … يعتقدون انهم على حق في كل شيء والبقيه على باطل
سلامتك يا عزيزي شادي من كل مرض
تحياتي ومحبتي واحترامي لك وللجميع
ولا حول ولا قوة الا بالله
إخوتى الأعزاء شادى والكروى دواود … إخوتى وأحبتى فى الإنسانية وفى الإسلام, وليس فى القومية الفارغة التافهة التى مزقتنا ومكَّنت منا أعداءنا … قومية سايكس بيكو التى يخدعون بها الجُهَّال من أمتنا الإسلامية, فأصبحوا يعبدون حدوداً مصطنعة لا وجود لها إلا فى عقولهم المغسولة الممحوة تماماً … أخوتى الأحباب, لا تجادلوا أنصار السفاح القاتل, ألم تسمعوا قول ربنا جل فى علاه “وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ” .. صدق الله العظيم
أخى الحبيب الكروي داود .. أعتذر لك عن الخطأ الإملائى عند كتابة اسمك فى تعليقى السابق
حياك الله عزيزي سامي وحيا الله الجميع
ولا حول ولا قوة الا بالله
انا ما بعرف في السياسة ولكن اسمع من الاعلام انه الاخوان ارهابين وعملاء لاسرائيل وانا كنت من مدة ادعو على الظالمين وانا وزملائي مؤيدين للسيسي
الا ان زملائي لاموني على ذلك …فقلت لهم على ماذا تلوموني انا ادعو على الاخوان فقالوا بالحرف الواحد … الاخوان مساكين !!! …فدعوتك دي راح تيجي في السيسي ….فاحسنلك اسكت.
ومن يومها وانا ندمان على كل يوم كنت بصاحب فيه الاشكال دي كنت مصاحب ناس تعشق الدم والقتل وهتك الاعراض هؤلاء الناس هم الخطر الحقيقي على مصر
ألم يئن للمصريين أن يعلموا أن المشكل في الإخوان وفي العسكر معا