لست ممن يحتفون برمضان أو ينتظرونه كثيرا، فكيف لكائن من قهوة ومزاج متقلب في الطعام والنوم أن يجد ذاته في شهر نهاره بلا قهوة، وليله طعام؟ كما أن الإيمان بالنسبة لي حقيقة داخلية مستقرة، وليس طقسا يتغير بتغير المواسم، الله هو نور قلبي وحقيقة وجودي، وصديقي الأول والأخير في كل زمان ومكان، فلا أحتاج حالة كهنوتية تقربني إليه في زمن ما، وتبعدني عنه ما أن ينتهي.
أيضا الطعام بالنسبة لي فائدة وليس متعة، ولذا فلذائذ رمضان تشكل عبئا على نظامي الغذائي وحيرة أمام شهر يأتي بعاداته وطقوسه، سيما في مجتمعاتنا التي مزجت الديني بالاجتماعي حتى أصبح الفصل بينهما مستحيلا.
ومع هذا ومنذ التاسعة وأنا أصوم رمضان إيمانا واحتسابا، ولا أظنني أستطيع غير ذلك، مالم يخذلني جسدي بمرض، أو يربكني سفر، لعدة من أيام أخر، فرمضان فرض واجب، في ديننا، وديننا هو الطريق الذي نعرفه ونألفه ونرتاح به وله للوصول لله، ولكل طريقته وطريقه.
كما أن رمضان أصبح مكوّنا ثقافيا إسلاميا، وذاكرة مكانية وجمعية تتلخص في فرح التجمع، وروح الصيام، وضحكات الأطفال، والموائد العامرة، وتبادل الطعام بين الأهل والجيران قبل الأذان، أصوات الآباء تتحشرج بالدمع وهم يقرأون القرآن قبيل الغروب، انتظار أذان المغرب بشغف، السحور الذي نستيقظ إليه مسرنمين فلا نعرف ما يدخل في جوفنا امتثالا لرغبة الأم، وواجب الصيام، وهربا من جوع مقبل لا ريب، العطش الذي يحاصر أوردتنا فنرده بالصبر والإيمان، «شوربة الحب» و»لقمة القاضي» وغيرها من الأكلات التي لا تتجلى إلا مع ظهور هلال رمضان. سوالف الفطور، والسهر حتى أذان الفجر، والنوم ببطون لا تكاد تجتر النفس من كثرة الطعام، والتسابق للمطابخ بعد صلاة العصر لتمضية الوقت أكثر من صناعة الحلويات وأكلات رمضان. توزيع الطعام بين الرجال والنساء والأطفال والجيران، و»اللولاة» و»الزلابيا» التي يحضرها الرجال من السوق، حيث يلذ لهم بعثرة الوقت حتى موعد الإفطار، وقد لا يأكلها أحد. وهو أيضا حالة روحية توحد الجمعي والفردي في لذة الإيمان، وسمو الأرواح، تبدأ بدعاء دخول رمضان وعقد نيّة الصوم كلما هلّ شهر الصيام، وصوت صلاة التراويح الذي يجرح قلوبنا باللهفة والإيمان، دعاء الأمهات، تلاوة القرآن، والتنافس في ختمه أكثر من مرة ووهب ذلك عن أرواح الموتى. صوت النقشبندي، والأناشيد الرمضانية التي تنطلق من المذياع من كل بيت ممتزجة مع رائحة الطبخات الرمضانية الخاصة، والتي قد لا تخلو من الموسيقى، فلا يكترث أحد سوى بالمعاني التي تعمق الإيمان وتروي الروح العطشى بالحب الإلهي الصادق.
رمضان كان واحة سلام للقلوب، ولجة نور للأرواح، ومساحة تأمل نتعرف فيها على أنفسنا أكثر، ونقترب من الله أكثر، ونشعر بالإنسان، ونتفكر في الكون.. أكثر وأكثر. أما رمضان اليوم فقد أصبح غريبا بيننا، فالمجتمعات العربية تذهب عاما بعد عام في إعادة تصنيع الدين وفق مصالحها السياسية والاجتماعية، وتتغير الطقوس الدينية حسب الحالة النفعية في تخلٍ نسبي وابتعاد متفاوت عن هدف العبادة، أو قيم الدين، وليس أدل على ذلك من رمضان الذي أصبح ـ للأسف ـ سوقا مفتوحة للإسفاف والإسراف بكل اتجاهاته الغذائية والفنية والإنسانية، فلا أحد يعمل في رمضان سوى المطاعم والمقاهي وربات البيوت، وصناع الدراما والإعلانات، كما أن الحكمة الجلية من الصيام، وهي الإحساس بجوع الفقراء، قد انتفت تماما، هذا إذا لم تتحول لمكايدة وقحة لهم بكثرة الطعام والموائد العامرة، أكثر من أي وقت في العام.
أما الحالة الروحانية فلم تعد أكثر من حالة دعائية سمجة للتدين والخشوع والامتثال لأمر الله، حيث يتحوّل الأغلبية مع دخول رمضان أو قرب دخوله، لدعاة للرب والعبادة، مع ما يصاحب الحالة من تصنع التدين، ومغازلة السماء بالأدعية، فينشط الجميع في مواقع التواصل الاجتماعي (الواتس أب، والفيسبوك، وتويتر، والانستغرام) فتتغير صور «البروفايلات» وتكثر مسجات الأدعية، والدعوة للتوبة، والخير والإخلاص، وبر الوالدين، والصدقة، والأمر بالمعروف وغيرها من القيم الإسلامية، وكأن الله يعبد في رمضان فقط.
ومع تقدير ما يتطلبه هذا الشهر من تكثيف العبادة، إلا أن الأمر يصبح مثيراً للسخط ومملا، حتى يتبادر لذهنك أن تصرخ في الجميع أو تبعث برسالة عامة فحواها: أنتم بحاجة إلى طريقة أسهل وأضمن للوصول الحقيقي إلى الله، الدعاء الحميم والقريب بين يديه مباشرة، إنه لا يريد وسائط بشرية أو الكترونية بينه وبيننا، هكذا خلقنا وهكذا أمرنا. فلماذا تلجأون إلى البحث عن الله وهو في قلوبكم؟ ولماذا هذا السيل العلني من الأدعية، وهو علام الغيوب؟
وكان يمكننا أن نقف عند هذا الحد، لندعي أنه تأثير الحياة العصرية، والتقدم التكنولوجي، وتداعيات الرأسمالية البغيضة، والعولمة التي مسخت المجتمعات لحالة متشابهة، وسرقت الخصوصية الإنسانية لكل منها؛ ولكن ما حدث في هذا الشهر من الدموية والوحشية، والقتل الوقح والصفيق لضيوف الرب، وعباد الرحمن، لمسلمين يصلون في بيوت الله، وفي خيرة أيامه (الجمعة)، وفي شهر رمضان المبارك، تجعل المرء يتساءل: هؤلاء القتلة، بأي رب يؤمنون؟
إن تفجير مسجد الإمام الصادق في الكويت، أصاب العالم بالذهول، واستدعى كل القتل القبيح والمتكرر لمسلمين، لأشقاء الدم والدين والتاريخ والذاكرة والمكان في (السعودية، وتونس، ومصر، وسوريا، والعراق) وما غيرها ببعيد عنه، فهو الشر الكامن، والذي لا يعرف المرء متى يفصح عن وجهه القبيح، وعن فعله الدنيء، وأين، ناهيك عن الدول الغربية التي فتحت لهم أبوابها واحتضنتهم حين نفتهم أوطانهم. هذا القتل الصفيق من مدعي التدين، القتل الطائفي البغيض الرامي لخلق الفتنة والشقاق، وإذكاء روح التفرق بين المسلمين، هذا الزهق الدنيء والجاحد لأرواح مسالمة، باسم الرب الرحيم، وفي شهره الكريم، وهو منه، ومنهم، براء.
فنحن هنا لا نتحدث عن الطغاة، والسفلة والمجرمين، بل نتحدث عن متدينين يوهموننا بأنهم يعبدون الله، ويحبون الله، وأن الله أمرهم بما يفعلون! وهاهم يقتلون مصلين تقربا لله، ويمنحون صك الغفران لأطفال أو معتوهين، لقتل مسلمين يسجدون بين يدي خالقهم، فمن هؤلاء؟ ومن أمرهم بذلك؟ ومن سوّغ لهم أفعالهم القبيحة؟ ومن منحهم هذه الهالة المقدسة؟ ومن قدّم لهم فتوى تحليل الانتحار والقتل واعتباره شهادة، والانتحار في الإسلام جريمة، لا تقل عن قتل نفس أخرى، فكيف بمن يقتل نفسه، ويقتل مسلمين آخرين، كيف يمكن ان يكون مسلما، أو إنسانا؟ فحتى الجهاد فيه نسبة نجاة ونصر، أما تفجير النفس فهو موت حتمي، هذا ناهيك عن قتل مسلمين ساجدين لربهم. فهل يختارون معتوهين، أو يشرّبونهم ما يمنعهم من التفكير السوي، أو يخضعونهم لجلسات غسيل مخ حقيقي فسيولوجي؟
وما هذه إلا مجرد انعكاس لهستيريا كونية تتمدد في الخارج، من جرائم داعش المخزية باسم الله والإسلام، وحتى الجهل الممتد من الماء للماء والذي يبيح القتل والسلب والتكفير، ويسوّغ القبح والحقد والكراهية بكل مسمياتها الدينية والفكرية والاجتماعية، مرورا بالظلم والفساد الذي ينخر مجتمعاتنا (المسلمة!) ويكبل إنسانا ويتعالى فوق القانون، لأن له اليد الطولى والقوة الراجحة الكفة، وليس نهاية بالجوع الذي يثقب أمعاء البشر في العديد من بقاع هذه البسيطة، في حين يلقي الصائمون (تقربا لله!) كل يوم أطنانا من الطعام في سلة المهملات، وهم يرددون الأدعية بالرحمة والمغفرة، أمام شاشات التلفاز العريضة التي تتفنن بدورها في بث أطنان من التفاهة المخزية.
إننا نعيش مرارة لا يشفع لها رمضان، كما لا يشفع للإنسان الحقيقي كل المحاولات الجمالية التي يحاول بثها في الوجود أملاً، شعرا وفنا وغيرها من إبداع الإنسان المناضل بالجمال ضد القبح، فالقبح أكثر بكثير. لقد سرقوا منا كل شيء، ديننا، وإنساننا، وأحلامنا في غد أجمل، وبتنا بحاجة ماسة إلى أن نتحرر، ونحرر ديننا من كل هذه الوجوه والأفكار البائسة بكل الوسائل والطرق الممكنة، قبل أي خطوة نحاول بها الذهاب نحو المستقبل.
كاتبة عُمانية
فاطمة الشيدي
بارك الله بك وفيك اخث فاطمة الشيدي على هذا المقال وكثر الله من امثالك
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : (… مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ : فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ) رواه مسلم (1848) .عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لَأَكَبَّهُمْ اللَّهُ فِي النَّارِ) رواه الترمذي (1398) ، وصححه الألباني في “صحيح الترمذي”
وإن مِن أعظم الذنوب بعد الشرك بالله : قتل مسلم بغير حق ، وقد قال جل وتعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) النساء/ 93
إن حرمة دم المسلم وماله وعرضه ثابته بنصوص الوحي، وشروطها الإيمان بالله والكفر بما سواه، وإقام الصلاة، والبعد عما يسبب حد القتل كالقتل والزنى بعد إحصان والردة، ويدل لهذا ما في حديث مسلم: من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله. وفي حديث البخاري قول الرسول صل الله عليه وسلم : من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته. وفي حديث مسلم قول الرسول صل الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. وفي حديث البخاري ومسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله.. الواجب على كل مسلم أن يسعى أن يلقى الله سبحانه وتعالى وليس في صحيفته سفك دم لمسلم بغير حق الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله اجمعين..والسلام
والله يا أستاذة فاطمه لم أقر أفضل من هذا المقال المؤثر بالنفوس
ولكن نقول الحمد لله على كل حال
فهؤلاء الخوارج الى زوال باذن الله كما زال القرامطة من قبل
وهؤلاء الطغاة الظلمة ممن قتلوا شعوبهم سيذهبوا لمزبلة التأريخ
وسيعود رمضان كما كان شهر الرحمة والمحبة والتواصل والتكافل
بسم الله الرحمن الرحيم
أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (17) الرعد
ولا حول ولا قوة الا بالله
وماذا عن تفجير ٤٦ مسجدا في سوريا بواسطة ١٦٨ برميلا يحمل كل منها ٨٠٠ كيلوغرام من المواد شديدة الانفجار واستشهاد حوالي ستة آلاف من المصلين في هذه المساجد ؟. الم يذهل هذا العالم؟
وماذا عن قصف المدارس والمستشفيات في سوريا ؟ الايذهل هذا العالم ؟
وهل يختلف استشهاد المظلوم اذا كان في سوريا عنه في الكويت ؟
ماحدث في الكويت يحز في النفس فالعزاء لأسر الشهداء والرحمة لهم
تذكروا شهداء سوريا واسعوا في إنقاذ هذا البلد المنكوب من مصيبته الدامية وخاطبوا العالم عسى ان يرق قلبه
والله نرجوا ان يجعل لسوريا فرجا ومخرجا
بارك الله فيك .. لا أدري لماذا يشمأز البعض من جرائم داعش (المقرفة بكل حال و التي لا إنسانية فيها ولا تمت لأي دين بصلة) و لا يشمأزون من مجازر بشار و حزب إيران … أنا لا أتحدث عن الأديان سني أو شيعي .. أنا أتحدث عن الإجرام و القتل و التفجير … يجب أن نرفض التطرّف والجرائم و القتل التي سببه داعش و إسرائيل و إيران و بشار و حزب الله و خلصنا الله منهم أجمعين قريبا
رمضان اختنا العزيزة سرق خطوة خطوة منذ عقود. سرقه ملاحدة وزنادقة هذا الزمن. قبل ان يسرقه الانتحاريون. مكنهم المستعمر من الحكم من الشرق الى الغرب لقرن من الزمن فتفننوا في اهانة كل مقدس وكل ارث بدعاوي قشور التحضر وجروا الاغبياء جرا لردود الفعل… تفننوا في مصادرة الحريات وقمع الفكر واعتقال الاحرار فانفجر الضغط في وجوهنا كلنا…
الم يسرق رمضان من تفنن في سلبه اجواءه الروحانية بمسلسلات وحفلات تنشر الرذيلة وتصرف الناس عن ربانية هذا الشهر…
لماذا هذا السيل العلني من الأدعية و هو علام الغيوب؟
سؤالك غريب ياسيدتى فكيف يستقيم مع الحديث ان “الدعاء هو مخ العبادة” و مع “ان الله يحب العبد اللحوح”
عندما اقرأ مثل هذه الكتابات أمتلئ باﻷمل، و لكني افقده مرة أخرى عندما أجد عشرات ألاف اﻷردنيين يتجمهرون حول العريفي من اجل رؤيته…أشعر باﻷحباط و انفصام الشخصية..
رمضان جزء لا يتجزأ من الإسلام و الإسلام بحاجة إلى دولة تحميه غياب هذه
الدولة هو سبب من أهم الأسباب الذي يفرض علينا هذا الواقع المرير !!!
أيضا:
الإسلام بحاجة إلى من يفهمه جيدا , يعني هو دين متكامل يدخل في كل أمور حياة المسلمين و حتى عن كيفية التعامل مع غير المسلمين أيضا , و هذ أمور شبه غائبة عن الكثيرين من المسلمين !!!
لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما إنتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها
فأولهن نقضا الحكم و آخرهن الصلاة .
لينظر الواحد منا إلى الحكم / القضاء في العالم الإسلامي و مدى فساده و لينظرن في المسلمين هل يؤدون الصلاة كما ينبغي ؟
أيضا:
إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية.
مقال رائع جدا يجسد واقعنا الاليم في رمضان
شكرا للكاتبه الرائعه فاطمه الشيدي
رائعه من روائعك
فعلا رمضان مسروق منا والحراميه هم كثر فمنهم من دخل من باب الدين ومنهم من باب الفضاء ومنهم من باب الماكولات
شكرا لك اخت فاطمه
تعليقا على ما نُشر في جريدة القدس العربي في عددها الصادر بتاريخ 5/7/2015، من وجهة نظري هناك علاقة قوية جدا ما بين ما نشرته فاطمة الشيدي تحت عنوان (وها قد سرقوا رمضان أيضا!) وبين ما نشره صبحي حديدي تحت عنوان (الظاهرة الداعشية: الجوهر لا المظهر) بالرغم من اختلاف خلفية كل منهما فالأول امرأة علمانية تعيش في عُمان والثاني رجل علماني يعيش في فرنسا ومع ذلك يجب أن أسجل اختلافي مع كليهما تماما أو بمعنى آخر 180 درجة، لماذا؟
لأنَّ من وجهة نظري هناك فرق كبير ما بين النقد (والذي يمثل ثقافة الـ نحن أو اللغة أو الحكمة) وما بين جلد الذات (والذي يمثل ثقافة الـ أنا أو الفكر أو الفلسفة)، ثم مهمة أي نبي هي تعريفنا بالخالق وكيف يُريد الخالق منّا أن نعبده في دينه، أي أنّ الاسلام لم يكن في يوم من الأيام فكرا، يحق لك أن تعبد الله على مزاجك وانتقائيتك، كما أوضحت فاطمة الشيدي ذلك بكل وضوح في بداية مقالها، ففي دولة “الحداثة” التي اساسها الفلسفة أو فكر ثقافة الـ أنا، العرف أو القانون المتداول هو كل شيء ممنوع ما لم يكن هناك نص يسمح به، كما سيقول لك أي موظف في النظام البيروقراطي ذلك، في حين في الإسلام لأنّ اساسه لغوي (لغة القرآن والسنة النبوية) وليس فكري فالعرف المتداول أو القانون الذي يتم التعامل به اساسه كل شيء حلال ما لم يكن هناك نص يحرّمه.
كذلك أنا لاحظت من لا يستطيع التمييز ما بين النقد الذي دعمه الإسلام، في حين الاسلام حارب جلد الذات، لن يختلف كثيرا عن حالة من لا يستطيع التفريق والتمييز ما بين الفضفضة وما بين الرأي فهذه تُسبّب اشكاليات كبيرة، فالفضفضة يمكنك أن تعملها في الحمام كما يحصل في طريقة الغناء بلا لحن ولا حتى كلمات مفهومة لا بأس في ذلك طالما هو مع الـ أنا، ولكن عند إبداء الرأي أمام الـ آخر يجب أن يكون وفق هيكل لغة ومعاني تتطابق مع ما موجود في القاموس، وإلا ستؤدي إلى ضبابية لغوية، أو هي المعنى الحقيقي للفوضى الخلاقة في تلك الحالة والتي لا يتم الالتزام لا بهيكل لغة محددة أو الإلتزام بمعنى المعاني الواردة في قواميس اللغة التي يتم نشر الأفكار بها.
أنا لاحظت واحدة من أهم اشكاليات التعليم حاليا هو الهوة الواسعة ما بين الطالب والاستاذ في فهم ما هي العولمة والتقنية وأدواتها، فتجد الطالب مستوى استيعاب وطريقة استخدام الآلة بكل تقنياتها أطور بمراحل شاسعة ما بينه وبين الاستاذ، وهذا الشيء ينطبق كذلك على ممثلي الشعب والنخب الحاكمة إن كان مدنية أم عسكرية وأمنية، كما أوضحها الخبر أعلاه، ولا يمكن معالجة أي اشكالية بدون تشخيصها بشكل صحيح.
والنجاح في إدارة أي شيء، مع شح الإمكانيات المالية، يكون من خلال ترشيد الصرف في أي مجال، وقبل ذلك يجب الانتباه إلى أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية تعاني من أزمة مالية خانقة ولمعرفة مستوى اختناقها أنصح بالاطلاع على كتب بوب ودوورد الأخيرة ويمكنكم بالبحث على يوتيوب على تقديمه لها في معرض الكتب الوطنية عام 2012، فالإدارة الأمريكية الآن كل همّها في إدارة أي أزمة هو كيفية زيادة دخل الحكومة الأمريكية لتقليص العجز المالي الذي تعاني منه.
هناك أزمة مالية خانقة الآن يعاني منها النظام البيروقراطي في دولة “الحداثة” ولا يمكن تبرير تخصيص أموال لسامري الدولة العميقة (الجيش والأجهزة الأمنية والقضائية) إلاّ من خلال استعباد الشعب والعمل على استفحال عقدة الخوف والجبن حتى لا يُطالب بحقوقه، مقابل ما يتم فرضه عليه من ضرائب، والتي من المفروض لتقديم الخدمة له وليس من أجل استعباده بنقوده.
وأقول لمن يبحث عن فكفكة الصورة لتشخيص اساس مشاكل المواطن بسبب مزاجيّة وانتقائيّة من يحمل مقص الرقيب في دولة “الحداثة” والتي تمثل ثقافة الـ أنا، فالعولمة وأدواتها التقنية فرضت تحديات حقيقية على دول “الحداثة” لجميع أعضاء نظام الأمم المتحدة البيروقراطي، منها الشفافية واللامركزية للوصول إلى الحوكمة الرشيدة من خلال الاستعانة بالآلة لتقليل تكاليف تكوين فروع من أجل تقديم خدمات الدولة في أبعد نقطة في الدولة إن كانت قرية أو ناحية أو مدينة أو محافظة أو إمارة.
وأي دولة رفضت التعامل بشفافية ولا مركزية تعاني الآن أزمة وجود، والدليل على ذلك “اليونان” مهد الفلسفة التي تم بناء دولة “الحداثة” عليها في رمزية عجيبة غريبة، وتتبعها البرتغال واسبانية وإيطاليا بل وحتى فرنسا وكذلك بريطانيا، بالرغم من عضويتهم في الاتحاد الأوربي.
ما حدث ويحدث على أرض الواقع بعد 11/9/2001، والتي على أثرها أعلن جورج بوش الابن بشكل رسمي “من ليس معنا فهو ضدنا”، ومن ثم إصدار قانون الوطنية (باتريوت أكت) في أمريكا، تم ضرب كل الحقوق عرض الحائط إن كان للدول الأعضاء في الأمم المتحدة أو بيان حقوق الإنسان الصادر عنها من أجل استعباد الإنسان بواسطة الورق حيث في البيان ليس هناك حقوق إلاّ لمن لديه أوراق صادرة من جهة تعترف بها الأمم المتحدة، ومن هذه الزاوية نفهم معاناة المهجرين إن كان من فلسطين أو العراق أو سوريا أو الروهينجا أو جزر الواق واق.
والتي على ضوئها تم فبركة مستمسكات بالتزوير من أجل استصدار قرارات من الأمم المتحدة لشرعنة احتلال العراق وأفغانستان، وتم تمرير ذلك في مجلس الأمن والفضيحة تبين أنَّ الجميع يعلم بذلك من أجل استرجاع هيبة النظام البيروقراطي التي تم تمريغها في التراب في 11/9/2001، والأنكى أن سكرتير الأمم المتحدة كوفي عنان قال لا يجوز محاكمة جورج بوش رئيس أمريكا ولا توني بلير رئيس وزراء بريطانيا ولا أزنار رئيس وزراء اسبانيا ولا بريلسكوني رئيس وزراء إيطاليا على هذه الفبركات والتزوير لأنَّ كل منهم تم انتخابه ديمقراطيا في دولته؟!.
لقد تبين بالدليل العملي بالرغم من أنّ الحكومة الأمريكية تستقطع من الضرائب التي يدفعها الشعب الأمريكي لتقديم الخدمات له، على الأقل 2 تريليون دولار في العام حتى عام 2001 يتم تخصيصها للجيش والأجهزة الأمنية والقضائية، ومع ذلك لم تطلق رصاصة واحدة وقت الحاجة لها داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فلم يجب تخصيص كل هذه الميزانية لمؤسسات لا تستطيع أداء واجبها والسؤال هل يختلف الحال في تونس أو مصر أو العراق في فضيحة الإخفاقات الأمنية والتجاوزات غير الأخلاقية تجاه الشعب في المقابل؟!
القلق أو الشك لدى أهل فرنسا من العرب والإسلام سببها الفلسفة، حيث الفلسفة تقول الفكر أولا، بينما الحكمة تقول أنَّ اللغة أولا، ومن يرغب أن يتطور، يجب أن يتجاوز الفلسفة ويعتمد الحكمة أو احترام اللغة والترجمة ما بين اللغات في وقت وزمن محدد، ومشروع “صالح” سيكون باللغة الأم لكل من سيحضر دوراته بالإضافة إلى اللغات الأخرى تماما مثلما أرادت المدرستان في المدرسة في جزيرة كورسيكا الفرنسية، وهذا ما يختلف به عن مشروع “الفاتح” الخاص باللغة التركية والذي اعتمده الرئيس رجب طيب أردوغان لتطوير التعليم وتحديث إدارة الصف والمدرسة لربطها بشبكة معلومات الدولة، لأننا نعتمد كل لغات العالم.
على الجميع أن يدرك من أنَّ العولمة والتقنية وأدواتها فرضت تحديات حقيقية على دولة “الحداثة” إلى درجة وكأنّها تعاني أزمة وجود، والدليل على ذلك “اليونان” مهد الفلسفة لأرسطو وأفلاطون والتي عليها تم بناء فلسفة دولة “الحداثة” أو النظام البيروقراطي، خصوصا بعد انهيار الديون ما بين المصارف والبنوك عام 2008، وفي نفس العام رمى منتظر الزيدي حذاءه على ممثلي النظام الفاسد في بغداد هارون الرشيد، بلاد وادي الرافدين (والتي تشمل العراق وسوريا وتركيا حاليا)، مهد الحضارات الإنسانية، في رمزية عجيبة غريبة، وكأنَّ العولمة والتقنية وأدواتها تقول لنا أنَّ الشعب يُريد اسقاط النظام الذي يُنتج مثقف وسياسي وتاجر فاسد، لا يحترم لغته الأم إن كان في ما ورد في قواميس وهيكل لغتها فيما ينتجه تحت عنوان الإبداع وهو إلى الابتداع أقرب.
حيث أنا لاحظت أنَّ اشكالية دولة “الحداثة”، هو أنَّ اساسها الفلسفة، من خلال مفهوم كل شيء نسبي، أو رمادي اللون ما بين الأسود والأبيض، في حين أي دولة بغض النظر ما هو شكلها تمثل الواقع، والواقع يشمل جميع ألوان الطيف الشمسي بالإضافة إلى اللون الرمادي بكل درجاته ما بين الأبيض والأسود، إلاّ إذا كان الغرض ضرب القانون والدستور عرض الحائط كي يتسنى للنخب الحاكمة التعامل مع أي شيء رمادي بحجة أنَّ اساسه أبيض حسب مزاجيتها وانتقائيتها، وهو ما قامت بتعريته العولمة وأدواتها التقنيّة كما حصل مع قضية أحمد منصور في عملية إلقاء القبض عليه في ألمانيا في عام 2015.
فالدولة تحتاج إلى مال لكي تصرف على جميع احتياجاتها، ولذلك سبب أزمة الدولة كان وما زال وسيبقى هو المال السياسي، ومن يتحكم به سيستطيع بكل سهولة التَّحكم في الدولة، فكيف الحال عندما يكون أفضل وسيلة لتكوين أي رأسمال يكون من خلال إشعال حرب، أو صراع بين الأضداد، وفي الصراع أو الحرب في ثقافة الـ أنا لا يوجد شيء اسمه أخلاق، فلذلك من الطبيعي والمنطقي أن يتم الضرب تحت الحزام هذا إن لم يكن هذا هو الاسلوب المفضّل.
وخلاصة الكلام بالنسبة لي، هو الكلام إن كان حيّا أو ميتا إن لم يكن هناك امكانية في استخدامه لتوليد المال سيكون مضيعة للوقت على أرض الواقع، لأن عبدالفتاح السيسي سيمرّر جرائمه كما مرّر جورج بوش جرائمه، إلاّ إذا الشعب انتفض مثلما انتفض في 25/1/2011، ولكن هذه المرة عليه تفتيت كل أركان دولة السامري العميقة (الجيش والأجهزة الأمنية والقضائية والإعلام التابع لها) كي لا يتكرّر ما حصل مع الرئيس المنتخب محمد مرسي.
ما رأيكم دام فضلكم؟