طالعتني جارتي بوجه متجهم حين مررت بها لنتسكع معا كعادتنا منذ أعوام على ضفاف نهر السين مقابل البيت. وجه يمطر حزناً.
وقبل استفساري عن سبب تعاستها، صرحت: تخيلي الكارثة التي ستحل بي.. ابنتى تريد الزواج من مسلم! يا للهول.. مسلم من أصل عربي! وأضافت كرشاش يطلق رصاصه بلا انقطاع: يا للكارثة.. سيجر ابنتي طالبة جامعة «السوربون» الباريسية الراقية إلى (عالمه)… ستقف إلى جانبه وهو يشهر سيفا ليذبح رهينة غربية ويقوم بتعذيب صحافي ذهب بحثا عن الحقيقة. تخيلي، ستكون معه حين يطلق الرصاص على شاب مسكين طبيب تطوع لمعالجة مرضى العالم مجانا بدلا من شكره ويحصد الأطفال في مدرسة ما برشاشه ويخلف في المذبحة أكثر من مائة طفل مقتول في حرب (النكايات). هل يعقل أن تقبلي شيئا كهذا لابنتك؟ وقبل أن أجيب بأن لا ابنة لي، وأنني مسلمة، تابعت وأنا صامتة كشاهدة قبر: سيضرب ابنتي (التي لم أصفعها مرة) لتأديبها وعليها بأمر الشيخ ان تقول له شكرا.
سيتزوج امرأة إضافية أصغر سنا منها وستنظف لهما غرفة «ليلة الدخلة» وتبدل ملاءات السرير، وستشتري سريرين إضافيين لزوجتين قادمتين بعد ذلك!
أضافت: هل تريدين ان تشارك في إحراق المكتبات كما فعل رفاقه بمكتبة مخطوطات في «تامبكتو» وبغداد وغيرها وتدعمه في رش ماء النار على وجوه اللامحجبات في إيران وباكستان وأفغانستان.. هل ترضين بأن تشجعه على الانضمام إلى (بوليس الشريعة) الممتد من ألمانيا إلى بقية أوروبا لإرهاب الناس ومنعهم من ممارسة حرياتهم؟ (قرأت من بوليس الشريعة في جريدة «لوبرزيان» 11/12/2014 ـ ولذا كدت أقول لها ان رئيس المجلس الإسلامي هناك أيمن مزيك قال مستنكرا: بوليس الشريعة يؤذي الإسلام والمسلمين عامة، وحسنا فعل. وكدت أقول لها ذلك كله، لكنها تابعت:
وهل تريدين ان تحمل معولا لتشاركه في هدم الآثار القديمة وتحمل معه رشاشا لقتل الناس في المتاحف، وهل ترضين بتزويج ابنتها بعد ذلك وهي في التاسعة من العمر لشيخ مسن منحرف لمجرد انها ابنة مسلم وهل ترضين بنصيب ابنتي حتى الموت إذا اتهمها زوجها بالخيانة أو بجلدها حتى لفظ أنفاسها.. وهل ترضين باختطاف الراهبات وقتل الكهنة وهل تقبلين بتهجير المسيحيين من وطنهم العربي كما هو وطن المسلمين.
«السلام عليكم» أم «الموت لكم»؟
وقبل ان أختنق سألتها: وأنتِ، هل ترضين بزواج ابنتك من أبني مثلا إذا فرضنا جدلا انهما يريدان ذلك؟
قالت مبتهحة: «اتمنى ذلك.. حقا وامتدحته، قلت لها: ولكن ابني مسلم وأنا مسلمة.
فوجئت.. نظرت إلى بذهول مشوب بالخوف كأنها تراني للمرة الأولى، ثم ترنحت وجلست على أقرب مقعد وسألتني بلهجة تسيل دهشة: أنتِ مسلمة؟ ابنك مسلم؟.. هذا لا يُصدق..
قلت لها: وثمة مليارات المسلمين مثلنا.. وتحيتنا: السلام عليكم، لا القتل لكم..
سقط فكها الأسفل ولم تقل شيئا. كدت أضيف: الإسلام هو أول من ساوى بين الزنجي والأبيض وأخرج المرأة من وأدها في الصحراء ومنحها حق الملكية قبل قرون من أوروبا.. لن تسمعني.. لعلها الآن ترى (الكاسكيت) التي ارتديها قبعة من جمجمة رجل كان رهينة، وشعري أزينه بعظام بشرية، وحلقة المفاتيح في يدي خناجر للقتل المجاني.. وقد تحولت أظافري إلى مخالب ونبتت لي أنياب مثل «دراكولا مصاص الدماء».
ثورة دينية تصحيحية
أضفت:/ أنا الآن ذاهبة. حاولي الاسترخاء وسأعود لأرافقك إلى دار الأوبرا ليلا كما اتفقنا..
ظل الرعب مخيما على أساريرها..
ولعلها تخيلتني حين أعد الطعام أطبخ شابا اختطفناه وأرقص حول الطنجرة الضخمة فوق نار من ثياب المخطوفين في القبو عندي وأدور حولها وأنا أزعق بصيحات العدوان وألوح بسكين هتشكوكية!! فقد ظلت علامات الذعر قبل الدهشة تبدو على وجهها منذ اللحظة التي قلت لها فيها ان ابني الذي تمتدحه باستمرار هو مسلم كما (الحماة الافتراضية) لابنتها أي أنا!
ثمة سوء تفاهم هائل بيننا والحضارة الغربية. يقف بيننا ويتفاقم يوما بعد آخر ويتسبب في (الإسلاموفوبيا) التي صارت حقيقة لا يمكن إنكارها، لا في الغرب وحده بل لدى بعض العرب المسيحيين كما بعض المسلمين.
واتفق بلا تحفظ مع الأديب اللبناني المحامي د. عبدالحميد الأحدب رئيس «هيئة التحكيم العربية» الذي أعلن ببساطة انه آن الأوان للثورة الدينية التصحيحية. وأن مقاومة «الإرهاب» لا تتم بالطائرات بل بالفكر التنويري أولا والعدالة الدولية. الفكر التنويري كما يعتقد الكثيرون يبدأ على الصعيد العملي بمحاولة محو الأمية في مدارس مجانية للصغار نساء ورجالا وبفتح باب الاجتهاد في الإسلام.
وأعتقد أننا لا نستطيع تصحيح صورتنا اذا لم نصحح حقيقتنا، والعلة ليست في المرآة بل في حقيقة ممارسات بعضنا.
علينا مثلا الرفض العلني لممارسات مخزية تتم باسمنا كمسلمين.
فالإرهاب هو أهم الهدايا التي قدمناها لعدونا، ناهيك عن حروب الاتهام الأخوي فيما بيننا.
وكما نلوم بعض الإعلام الغربي على تشويهه لحقيقتنا إكراما لـ (اللوبي) المتصهين صاحب النفوذ، علينا ان نلوم أنفسنا أيضا لأننا سكتنا (تقريبا) على صبغ الدين الإسلامي بصبغة لا إنسانية.
كل ما تقدم يذكرني بلبنان الوطن الحبيب الذي كان «لحظة حرية» في الزمان العربي وتجلى عناقا متسامحا بين العقل المسلم وبقية العقائد السماوية ومشاركة بناءة في الحياة العصرية.
غادة السمان
السادة الذين يتساءلون عن عدم معرفة الصديقة دين الكاتبة ،ليس من المؤكد اذاكانت هناك صديقة من الأساس ،هذا حوار عقلاني بين السدة غادة المسلمة وغادة المنفتحة على الحضارة الغربية ، وهي تريد ان تقول لكم اخبار المسلمين وداعش والذبح والارهاب هي اخبار مفرحة هذه الأيام ، وهي لا تستطيع ان تعلل لعقلها قبول هذه الأفعال وفي نفس الوقت غادة الكاتبة التي قالت الكثير عن الحب والإنسان عبر السنين ، وعندما قالت انها مسلمة لكنها لا ترضى ان تسير وراء اسلام الجماعات المتطرفة ،،،،،،
أكتفي بقوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (الحج 17)
وليفهم أولو الألباب.
حلو، طيب فلو اراد مسيحيا ان يتزوج مسلمة. فهي تعتبر زانية بشرعنا. ولا لاء
كلكم ذهبتم تنعقون الاسلام والمهم من وراء اللعبة
الشرق بحاجة الى تبني نظريات تصحيحية وأن تتصالح الذات مع الحقيقة ، ولنغادر تقاطع العقائد الدموي وأعتقد بأن السيدة الخالدة غادة السمان أجدر وأفضل من يتبنى هكذا مشروع عظيم وسيكون له الاثر الكبير في المشرق فهي تعرف كيف تفك طلاسمه وتنبش ذاكرته لتحررها من جديد ولازالت بيروت تنتظر ترجمة أبنتها الخالدة وأنا اكتب هذه الكلمات أترقب شذرات مما كتبتت السيدة غادة السمان من يجرؤ على توزيعنا على طوائف والعالم كله ينتمي لطائفة واحدة .. الانسان ، ياسيدتي فعلوها .. تحياتي