نيويورك ـ (الأمم المتحدة) «القدس العربي»: أودعت أكثر من خمسين دولة لدى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، صكوك معاهدة حظر الأسلحة النووية خلال احتفال رمزي أمس الأربعاء في نيويورك، على هامش الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة.
وجاءت هذه الخطوة المهمة بعد يوم واحد من الضجة التي تركتها تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حول نيته تدمير كوريا الشمالية، إذا ما استمرت في تجاربها النووية. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تبنت نص المعاهدة في السابع من تموز/ يوليو الأخير. وأيدت مشروع المعاهدة 122 دولة من أصل 193 دولة عضو وامتنعت الدول النووية الخمسة بالإضافة إلى الهند وباكستان وإسرائيل عن تأييد الاتفاقية.
وعلى الرغم من التحديات الرئيسية التي تواجه المعاهدة، والتي تتعلق بعدم توقيع الدول الكبرى عليها، إلا أنها تعد معاهدة تاريخية، حيث تحرم إستخدام أو إنتاج أو تطوير أنواع الأسلحة النووية كافة، أسوة بالمعاهدتين الأخريين اللتين تحرمان إستخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.
وفي سياقها الأوسع يشير مختصون إلى أن أهميتها تعود كذلك لكونها تعتمد على القانون الإنساني الدولي لنزع الأسلحة.
وتمنع المعاهدة «بشكل شامل استخدام وإنتاج وتخزين ونقل الأسلحة النووية وأي نشاط يتعلق بها». وبموجب المعاهدة تلتزم الدول الموقعة بالتصدي لأي استخدام وتجريب للأسلحة النووية، وكذلك تلتزم بمساعدة الضحايا ومعالجة أضرار البيئة والتلوث الناتجة عن تلك التجارب.
وجاءت هذه المعاهدة بعد مجهودات ونقاشات حول نصها وتفاصيلها استمرت منذ 2013، واشتركت فيها أطراف عديدة بما فيها مؤسسات مختصة في الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر. وتدخل المعاهدة حيز التنفيذ بعد تسعين يوماً، حيث وقعت عليها خمسون دولة وهو الحد الأدنى المطلوب في هذا السياق للتصديق عليها.
وفي كلمته حول المصادقة على المعاهدة قال الأمين العام غوتيرش: «إن منظمات المجتمع الدولي لعبت دورا محوريا لكي تثمر هذه الاتفاقية. لقد ذكرنا الناجون الأبطال من هيروشيما وناغازاكي بالأثار الكارثية الناتجة عن استخدام الأسلحة النووية. لقد شكلت شهادات الناجين ميزانا أخلاقيا في التفاوض على تلك المعاهدة».
ووصف المعاهدة بأنها تشكل حجر الأساس لزمن يأتي ويكون فيه العالم خاليا من أية أسحلة نووية. وذكر أنه، على الرغم من التفاؤل الذي حاول أن يبديه خلال خطابه، ما زال هناك 15 ألف قنبلة نووية حول العالم لم يتم تدميرها وأنه لا يمكن أن نجعل هذا الخطر يحدق فوق عالمنا ومستقبل أطفالنا.
أما رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بيتر ماورار، فقد نوه إلى أن اللجنة طالبت بالتخلص من الأسحلة النووية، منذ استخدام أول قنلبة قبل 72 سنة. ثم أضاف ماورار، خلال شهادته المؤثرة: «في الـ 30 من آب/ أغسطس للعام 1945 تلقى الصليب الأحمر رسالة مفزعة من أطبائنا في هيروشيما وقالوا في الرسالة «الظروف مرعبة. لقد تمت إبادة المدينة. ثمانون بالمئة من المستشفيات دمرت أو لحقت بها أضرار جدية. الكثير من الضحايا.. يموتون الآن بإرقام ضخمة وأكثر من مئة ألف جريح في المستشفيات».
ثم أضاف «لا نريد أن تصلنا يوما ما رسالة مشابهة ولا نريد أن نعيش الخراب الشامل والمعاناة التي قد تنتج عن استخدام الأسلحة النووية. لقد مات عشرات الآلاف وآلاف آخرى من الناجين عاشوا التبعات الفظيعة للإشعاع.
وأكد أن معاهدة من هذا القبيل ليست كافية لوحدها لحل المشكلة وجعل الأسلحة النووية تختفي بين ليلة وضحاها ولكنها تسحب الشرعية عن وجودها في العالم وتشكل رادعا للحد من أنتشارها.