إسطنبول ـ «القدس العربي»: أعادت تصريحات أطلقها زعيم المعارضة التركية كمال كليتشدار أوغلو الجدل بقوة إلى الواجهة حول محاولة الانقلاب التي جرت في الخامس عشر من يوليو/تموز الماضي، ما أثار غضب الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يعمل ليل نهار من أجل حسم التصويت بـ»نعم» في الاستفتاء الذي سيجري بعد 10 أيام حول التعديلات الدستورية وتوسيع صلاحياته الرئاسية.
ومع اشتداد الحملات الانتخابية بين الحزب الحاكم والمعارضة حول الاستفتاء المقبل، فجر كليتشدار أوغلو قنبلة قوية بقوله إن لدى حزبه دلائل وقرائن تثبت أن محاولة الانقلاب كانت «تحت السيطرة» وأن الحكومة التركية والرئيس أردوغان كان لديهم معلومات مسبقة عنها، ولكنهم فضلوا استثمارها لتحقيق أهدافهم، واعتبر أن الحكومة استغلت محاولة الانقلاب لإلغاء النظام البرلماني والانتقال للنظام الرئاسي.
وقبل يومين قال كليتشدار أوغلو إن لديه ملفات تثبت أن محاولة الانقلاب الفاشلة كانت «انقلاباً تحت السيطرة» وأن السلطات تركته يحدث لاستغلاله لاحقاً، لافتاً إلى أن «قرابة 180 شخصاً يعملون في الإدارات الرسمية استخدموا وسيلة اتصال مرمزة للاعداد للانقلاب، وأن الاستخبارات التركية كانت تملك لائحة بأسمائهم»، معتبراً أنه «ما دامت هذه اللائحة لا تزال سرية فهذا يعني أن ما حصل في الخامس عشر من تموز/يوليو كان انقلابا تحت السيطرة».
ووسيلة الاتصال المرمزة المسماه «بايلوك» ما زالت من أبرز أسرار الانقلاب ولم يتم تفسير الكثير من جوانبها، حيث تقول الحكومة إن الانقلابيين استخدموا برنامج تواصل مشفر عبر الهواتف المحمولة «بايلوك» للتنسيق والإعداد للانقلاب، وما زالت حتى اليوم تواصل اعتقالات طالت الآلاف تكشف استخدامهم لهذا التطبيق، لكن المعارضة وأطراف متعددة تشكك في كيفية عدم تمكن الاستخبارات التركية من اكتشاف عملية تواصل جرت بين آلاف الاشخاص.
وأثارت تصريحات زعيم المعارضة غضب أردوغان الذي رد عليه في اليوم نفسه بالقول: «إذا كان لديك ملف لماذا لا تكشفه؟ الإمر لا يعدو كونه كذبة كبيرة»، وعاد أمس الأربعاء لمهاجمته بقوة معتبراً أن هذه التصريحات إهانة «لشهداء الانقلاب» ووصفه بالكاذب والمخادع.
وعلى الرغم من أن جميع أحزاب المعارضة التركية وحزب الشعب الجمهوري الذي يترأسه كليتشدار أوغلو أدانوا محاولة الانقلاب منذ ساعاتها الأولى ووقفوا إلى جانب أردوغان الذي أشاد مراراً بذلك، إلا أنه التصريحات الأخيرة دفعت أردوغان، الأربعاء، للتشكيك بنوايا زعيم المعارضة وقال إنه هرب من مواجهة الدبابات ليلة الانقلاب وأن الشبان الصغار كانوا أجرأ منه في تلك الليلة.
كما اعتبر رئيس الحكومة بن علي يلديريم كلام كيليتشدار أوغلو «إهانة» لذكرى نحو 250 تركيا قتلوا خلال المحاولة الانقلابية. وقال يلديريم موجها كلامه إلى الزعيم المعارض «ما الذي تريد قوله بـ(انقلاب تحت السيطرة)؟ إلا يعتبر هذا الكلام إهانة للشهداء والأبطال؟ لا بد لك من تقديم براهين لإدعاءاتك». وتعقيباً على الجدل الذي تجدد حول إمكانية حصول محاولة انقلابية أخرى في البلاد، قال يلدريم: «على الشعب التركي أن يكون مطمئناً، فمثل هذه الاشاعات، يروج لها أنصار منظمة غولن الإرهابية لرفع معنويات أتباعهم في الداخل، وأضاف: «في حال أقدموا على مثل هذه الخطوة، فإنهم سيدفعون ثمناً باهظاً أكثر مما دفعوه عقب محاولة الانقلاب الفاشلة».
والثلاثاء، طلب نواب عامون في تركيا عقوبات سجن قاسية تصل إلى 43 عاماً بحق 19 صحافيا في صحيفة «جمهورييت» المعارضة والمقربة من حزب الشعب الجمهوري، حيث تتهم السلطات الصحافيين الذين ما زال عدد منهم قيد التوقيف الاحتياطي منذ اكثر من خمسة أشهر، بتقديم الدعم أو الانتماء لعدد من المنظمات «الإرهابية».
وفي أحدث إحصائية رسمية للموقوفين على خلفية محاولة الانقلاب، قال وزير الداخلية سليمان صويلو، الأحد، إن سلطات بلاده أوقفت 113 ألفاً و260 شخصًا بشبهة الانتماء لمنظمة غولن، موضحاً أنه من بين العدد الإجمالي للموقوفين: فإن 745 لا يزالون موقوفين (قيد التحقيق)، و47 ألفا و155 شخصًا صدرت بحقهم قرارات حبس قضائية، و41 ألفا و499 أخلي سبيلهم بشرط الرقابة القضائية، و23 ألفا و861 آخرين دون رقابة قضائية، وذكر أنه من بين الـ47 ألفا و155 شخصًا الذين صدرت بحقهم قرارات حبس قضائية 26 ألفا و177 مدنيًا، و10 آلاف و732 شرطيًا، و7 آلاف و463 عسكريًا، و168 جنرالاً، وألفان و575 قاضيًا ونائبًا عامًا.
ويرى مراقبون أن الاتهامات سوف تتصاعد خلال الأيام المقبلة بين أردوغان والمعارضة لا سيما مع اقتراب موعد الاستفتاء واستطلاعات الرأي التي تشير إلى أن ما بين 20 إلى 30٪ من الناخبين الأتراك لم يحسموا قراراهم بعد، حيث سيسعى الطرفان لكسب أصوات المترددين في الأيام الأخيرة.
إسماعيل جمال