بيروت ـ «القدس العربي» من سعد الياس: عاشت بيروت ليلة متوترة في أعقاب انتهاء الاستحقاق النيابي، تمّ خلالها استحضار ذكرى 7 أيار 2008 عندما اجتاح حزب الله أحياء العاصمة، والمناطق السنية والمسيحية منها. والمفارقة أن الاستباحة الجديدة لشوارع بيروت بطرفيها الشرقي والغربي تمّت أيضاً يوم 7 أيار/مايو وكادت أن تولّد فتنة طائفية ومذهبية لولا مسارعة الجيش اللبناني إلى التدخل بقوة بناء على قرار سياسي، وملاحقة الشبان على دراجاتهم النارية الذين كانوا يرفعون أعلام «حزب الله» وحركة «أمل». وانتشر الجيش بكثافة في مختلف المناطق التي حصلت فيها إشكالات في بيروت، فضلاً عن بعض المناطق التي تؤدي إلى مدخل العاصمة الجنوبي وبلدتي تعلبايا وسعدنايل في البقاع الأوسط. وحذّرت قيادة الجيش في بيان المواطنين من إطلاق النار والقيام بأي أعمال مخلّة بالأمن.
وقد رافقت أعمال الشغب شائعات عن وقوع قتيل في منطقة عائشة بكّار تبيّن عدم صحتها. كذلك انتشرت أفلام عبر وسائل التواصل لمسلحين في أحياء من العاصمة، تبيّن أن معظمها من تواريخ سابقة.
وكانت الأعمال الاستفزازية بدأت فور ظهور نتائج الانتخابات النيابية التي حقق فيها الثنائي الشيعي فوزاً كبيراً. وما كاد رئيس الحكومة سعد الحريري يُنهي مؤتمره الصحافي في بيت الوسط الذي قال فيه «أنا غير قابل للكسر»، حتى شهدت شوارع العاصمة توترات وإشكالات بدأت في منطقة عائشة بكار السنّية بين شبان من مناصري «التحالف الشيعي» على دراجات نارية وشبان من أبناء المحلة، رافقها تمزيق لافتات للتيار الأزرق وصلت ذروتها إلى وضع أعلام حزبية على تمثال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في منطقة السان جورج، قبل أن تعود هذه القوافل إلى المناطق التي انطلقت منها بعد تحرّك الجيش والقوى الامنية بإيعاز من الرئيس الحريري.
وسارع رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى استنكار «الممارسات المسيئة التي قامت بها بعض المواكب السيّارة التي جابت شوارع العاصمة بيروت وطاولت رموزاً ومقار ومقامات نحترم ونجل». وقال: «إن كرامة العاصمة بيروت وكرامة أبنائها وعائلاتها الكريمة وقياداتها هي من كرامتنا، وأي مساس بها مساس بكرامتنا وكرامة كل اللبنانيين». وأضاف: «إننا إذ ندين بأشد عبارات الإدانة كل المظاهر المقيتة التي حدثت في بعض شوارع العاصمة بيروت والتي أساء فيها بعض الموتورين لحركة أمل وحزب الله ولإنجازاتهما».
وصدر عن تيار المستقبل بيان جاء فيه إن « فلولاً من الخارجين على القانون قامت طوال اليومين الماضيين، بنشر حالة من الفلتان والفوضى في أحياء بيروت، والقيام بعمليات تخريب والاعتداء على النصب التذكاري للرئيس الشهيد رفيق الحريري في مكان استشهاده، واقتحام منطقة عائشة بكار بمئات الدراجات النارية، وإطلاق هتافات مذهبية واستفزازية، تعيد العاصمة إلى مناخات التحريض والعبث بالسلم الأهلي، وتنكأ جروح اليوم المشؤوم للسابع من أيار (مايو) 2008». وحمّل التيار «المسؤولية الكاملة للقيادات السياسية والحزبية المعنية بضبط فلتان عناصرها، وردعهم عن مواصلة المسيرات المذهبية وما يترتب عليها من ردات فعل».
وأسف مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، لما شهدته شوارع بيروت، مشدداً على «أن أمن لبنان واللبنانيين مسؤولية الجيش والقوى الأمنية، وينبغي ان لا تتكرر مثل هذه الأعمال المُسيئة إلى بيروت وأهلها».
وأصدر وزير الداخلية نهاد المشنوق تعميماً بمنع سير الدراجات النارية في نطاق بيروت الإدارية لمدة 72 ساعة بناء على مقتضيات المصلحة العامة والحفاظ على السلم الأهلي، على أثر الإشكالات الأمنية التي شهدتها العاصمة.
وإذ تمّ تطويق التوتر قبل أن يتسّع وينذر بفتنة، تبقى علامة استفهام مطروحة عما إذا كانت تحركات مناصري الثنائي الشيعي عفوية، أم أنها جاءت رداً على كلام الرئيس الحريري حول رفضه إملاء شروط عليه في تشكيل الحكومة، ومحاولة حجز وزارة المال مسبقاً لحركة أمل؟