القاهرة ـ «القدس العربي»: بالأمس كانت القاهرة، على الرغم من نسمات الشهر الكريم، على موعد مع الكثير من المفاجآت الصادمة، حيث تسبب قرار رئاسي بعزل ابنة المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، المقال بقرار رئاسي أيضا، في جدل وصخب وتنديد واسع، أحال نهار الصائمين لليل بهيم.. خاصة بعد تسرب معلومات عن أن قرار عزل شروق وراءه ملصق نشرته على صفحتها على «الفيسبوك» يسخر من وزير العدل السابق المستشار أحمد الزند، أحد أبرز أعداء ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني.
الكثير من السياسيين، حتى أولئك الذين يحسبون على قوائم مؤيدي الرئيس هالهم القرار، معتبرين إياه يجسد إفراطاً في القسوة ليس الآن زمانه.. وفيما انفجرت في سماء العاصمة وعبر مواقع التواصل الاجتماعي عاصفة من الجدل والنقد الواسعين، مع تداعيات حدث آخر مصدره هذه المرة وزير الشؤون القانونية، الذي فجر مفاجأة مدوية، كاشفاً عن أن المصالحة مع الإخوان مقبلة ولا مفر منها بحكم الدستور الذي يدعو للوحدة ونبذ الخلاف، وقد أحدث الحوار الذي أطلق عبره الوزير منصة مفاجآته صخباً واسعاً بين الرافضين والمؤيدين للقرار.
ومما لا خلاف عليه أنه ليس بوسع وزير الشؤون القانونية أن يطلق تلك التصريحات إلا بموافقة من الجهات الممسكة بمقاليد البلاد. وتعد تلك التصريحات بمثابة بالونة اختبار لقياس رد فعل الرأي العام بشأن مبدأ المصالحة، ومن هذا المنطلق تكون التصريحات مملاة على الوزير المسؤول عن التوصيف القانوني للإرادة السياسية للنظام، وتكشف تلك التصريحات بجلاء عن أن «قرار المصالحة» يجري التمهيد له ودراسته منذ فترة في الخفاء، بل تشير إلى احتمالات شبه مؤكدة، أن الجهات العليا قطعت خطوات للأمام بعيداً عن الأضواء، ومن العبارات الكاشفة للمسؤول البارز ذات الدلالة في حواره لـ«اليوم السابع»، أن الدستور المصري يلزم بالمصالحة، وأن نصوصه تحث على إنهاء تلك (المسألة الخلافية).
وكشف حامل حقيبة الشؤون القانونية، أن ثمة خططا درست تجارب دول أخرى وقام بها فريق عمل للاستفادة منها في تحقيق المصالحة داخل مصر، ما يؤكد أن «القرار» تقف خلفه الدولة. ومن قرارات الأمس إعلان اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية إنشاء سجن مركزي في مديرية أمن القليوبية باسم «سجن العبور المركزي»، في المنطقة الصناعية في مدينة العبور، وإلى التفاصيل:
مسألة وقت
البداية مع المفاجأة المدوية التي أكد خلالها وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب الدكتور مجدي العجاتي استعداد النظام للتصالح مع الإخوان، وذلك في حوار له مع صحيفة «اليوم السابع» أجراه معه محمد مجدي السيسي قال فيه: «مشروع قانون العدالة الانتقالية يستهدف أن يعود المجتمع المصري نسيجا واحدا، مشيرا إلى إمكانية أن يكون هناك تصالح مع عناصر جماعة الإخوان، ممن لم تتلوث أيديهم بالدماء، ولم تنسب إليهم أفعال إجرامية، فيما توقع أن ينجز البرلمان التشريعات المنوط بها دستوريا إنجازها، خلال دور الانعقاد الأول، الذي ينتهى في سبتمبر/أيلول المقبل وبوضح تام قال العجاتي، إن الإخواني مواطن في النهاية ما دام لم يُنسب إليه أي فعل إجرامي، فلماذا لا نتصالح معه ويدخل ضمن نسيج الشعب المصري. وأضاف العجاتي – الدستور يريد إنهاء تلك المسألة الخلافية، وأن نعود نسيجا واحدا، ليس هناك إخوان وغير إخوان، ومرسي وغير مرسي، هذا هو هدف المُشرع، لكن ممكن نتصالح مع الإخواني إذا لم تتلوث يده بالدم، لأنه مواطن في النهاية، ما دام لم يُنسب إليه أي فعل إجرامي، فلماذا لا نتصالح معه؟ واختتم المستشار مجدي العجاتي تصريحاته حول تلك القضية بعبارة شديدة الدلالة يقول فيها: إنه ليس من السهل التصالح، لكن ستستعين الدولة بتجارب من دول أخرى. وتعد تصريحات، وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، أوضح إشارة لها طابع رسمي عن تفكير الدولة في إجراء مصالحة مع التيار الإسلامي، خاصة جماعة الإخوان المسلمين، على إثر مرحلة كابوسية من المواجهات الدموية ضد قواعد الجماعة».
قرار متوقع
ونبقى مع تداعيات تصريحات الوزير مجدي العجاتي حول التصالح مع الإخوان، إذ يرى جمال سلطان رئيس تحرير «المصريون» أنه: «عندما يحدث لن يكون سلوكا شاذا عن المسار السياسي الذي اتجهت إليه الدولة طوال الأعوام الماضية، لأنها تصالحت فعليا مع المنظومة السياسية السابقة على ثورة يناير/كانون الثاني بكاملها، كل ما تغير هو مبارك وأسرته وبعض الحاشية، ولا تنقص هذه المنظومة إلا عودة الإخوان، لكي يكتمل عقدها ويتم طي ملف ثورة يناير بكامله، وتتحول الجماعة إلى «إسفنجة» الحراك الشعبي، وتقبل أن تؤدي دورها في الحدود المرسومة، مقابل السماح لها بهامش من الحركة والحضور النسبي في البرلمان والنقابات والنشاط الاقتصادي والتربوي. النظام الحالي وصل في حربه على الجماعة إلى أمد أبعد مما كان يتوقع، وقد حقق نجاحا كبيرا في حملة «كسر العظام» التي أضعفت الجماعة إلى حد كبير وجعل بعض «الشيوخ» في الخارج ـ إبراهيم منير مثالا ـ يرسلون إشارات باستعدادهم للتفاهم والحوار غير المشروط.
ولكن على الجانب الآخر، فالنظام أيضا استنزف كثيرا في تلك المعركة، والمزيد من الوقت فيه يعني المزيد من الخسائر أيضا له، خاصة في ظل ظروف اقتصادية مربكة من أهم أسبابها استمرار هذا الانقسام والتوتر الاجتماعي والسياسي، كما أن هذه الأجواء وأدبياتها السياسية تصنع مناخا مشحونا بالغضب والكراهية والمرارة يكون مساعدا لتوليد نزعات عنف واتجاه أفواج جديدة من الشباب الغاضب إلى حد الممارسات الإرهابية الفعلية، التي تعاني منها البلاد حاليا، وبالتالي، فتقريبا وصل الطرفان إلى النقطة التي يمكن أن تكون منطلقا لمرحلة جديدة. المسار جاد إذن ولكن سيبقى نجاح ميلاد هذا المسار متوقفا على حسم إرادة القرار داخل الجانبين، النظام والإخوان».
الرئيس وراء عزلي
ومن أبرز مفاجآت الأمس عزل شروق ابنة المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المقال، عن عملها بقرار رئاسي ونتركها لتروي بنفسها تفاصيل قرار عزلها من النيابة الإدارية، قائلة عبر صفحتها على «الفيسبوك» التي اهتمت بنشرها «البداية»: «اليوم وأثناء وجودي في عملي فوجئت باتصال من إدارة التفتيش في النيابة الإدارية بطلب حضوري لإخطاري علما بقرار السيد رئيس الجمهورية رقم 242 لسنة 2016، بفصلي من عملي بدون إبداء أسباب وبغير الطريق التأديبي». وأضافت شروق على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «علمت بأن هناك بعض الشائعات تروج من خلال بعض المواقع بأن السبب في قرار فصلي يرجع إلى ارتكابي أخطاء فادحة في عملي، وهو ادعاء كاذب وعارٍ تماما من الصحة بشهادة رؤسائي المباشرين». وتابعت شروق جنينة: «بعض الناس يروجون بأن فصلي تم بسبب بوست قمت بمشاركته على صفحتي الشخصية على «فيسبوك» منذ أربعة أشهر يتعلق بوزير عدل سابق، وهو أمر تم التحقيق معي فيه، ولم توقع عليّ أي عقوبة وقتها، ثم أعقب ذلك اتخاذ وزير العدل الجديد قرارا بحفظ كل الشكاوى المشابهة للشكوى المقدمة ضدي، ما يجعلني أتساءل عن سبب استهدافي أنا وحدي بهذا الإجراء في هذا التوقيت». جدير بالذكر أن «المصريون» حصلت على نص قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي بفصل شروق هشام جنينة ابنة المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، من وظيفتها كمعاونة للنيابة الإدارية، على خلفية اتهامها بنشر كاريكاتير مسيء للمستشار أحمد الزند وزير العدل المقال على صفحتها عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك».
ضياع شرف الخصومة
وقد ضجت العديد من الصحف والمواقع بالغضب المستعر في صدور السياسيين بسبب عزل شروق جنينة ووفقا لـ«المصريون» استنكر المشاهير من كافة التيارات السياسية إقالة شروق – نجلة المستشار هشام جنينة – من منصبها بالنيابة الإدارية ، واصفين القرار بأنه يتنافى مع شرف الخصومة. وعلق حمدين صباحي – المرشح الرئاسي السابق – على الخبر قائلا : «شروق هشام جنينة.. غروب شرف الخصومة». فيما قال الكاتب الصحافي جمال الجمل: «ما أعرفش حكاية بنت جنينة.. أنا أعرف حكاية جنينة نفسه.. وأعرف كمان حكاية تيران.. لا الامتحانات نستنا فسادكم.. ولا رمضان نسَّانا تيران «بحسب تعبيره». وفي السياق نفسه قال الشاعر عبد الرحمن يوسف: «لو دا مش فُجر وانحطاط في الخصومة.. أمال يبقى اسمه أيه؟». مضيفا: «المستشار المحترم هشام جنينة يدفع ثمن مكافحته للفساد». فيما لمح الناشط الحقوقي نجاد البرعي إلى تعرض المستشار هشام جنينة لخديعة من بعض الموجودين في السلطة، عن طريق إيهامه بأنهم معه في حربه على الفساد. وقال البرعي في تغريدة: «كانوا يستطيعون أن يقولوا لجنينة استقل، وكان الرجل مستعدا للمغادرة، ولكنهم أوحوا إليه بأن يبقى وبأنهم معه في الحرب على الفساد، وفي النهاية….». وعلق البرعي على إقالة شروق هشام جنينة من عملها بالنيابة الإدارية قائلا: «لم يعد هناك شرف في الخصومة، والانتقام من الخصوم يمتد إلى عائلاتهم، إحالة ابنه هشام جنينة إلى الصلاحية، تمهيدا لفصلها، دليل جديد على صحة ذلك».
تأخرت كثيرا
نتحول نحو العملية التي بدأتها حكومة الوفاق الوطني في ليبيا ضد تنظيم «داعش» التي تنطلق تحت اسم «البنيان المرصوص» ويثني عليها طه خليفة في «المصريون»: «واضح أن هذا الاسم ذا المغزى الديني مأخوذ من الحديث النبوي الشريف «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص؛ يشد بعضه بعضا»، وعموما هو عنوان طيب لعملية كانت ضرورية لإنقاذ ليبيا من هاوية السقوط، مدينة بعد أخرى في أيدي هذا التنظيم، الذي قدم أسوأ صورة ممكنة عنه، وجعل كل المتصارعين لا يتفقون على شيء إلا على ضرورة مواجهته وقتاله وإنهاء وجوده العسكري في ليبيا، مثلما يواجه التنظيم نفسه في العراق وسوريا معارك أخرى، لكن هناك اختلافا جوهريا بين المعارك ضده في المشرق العربي، والمعارك في المغرب العربي. هذا الاختلاف سبب أساسي في نجاح معارك ليبيا وتحقيقها إنجازات سريعة في زمن قياسي بمحاصرة «داعش» وقرب إنزال الهزيمة به، وبين التعثر في سوريا والعراق. لكن أولا نجدد قولنا إن «داعش» تنظيم ولد بشكل مريب ليس لعيش إنما لينتهي أمره حتما، إنما خطورته أنه سيكون قد كبد البلدان التي ظهر فيها خسائر ودمارا هائلين، كما أنه أكثر التنظيمات المسلحة العنيفة التي ظهرت حتى اليوم إساءة للإسلام وللمسلمين وترويعا للعالم غير المسلم، وهذا جعل العالم يتحالف ويتكتل ضده ويعتبره العدو الأخطر على البشرية الآن».
أزمة أخلاق
«هل فوجئ أحد بعملية التسريبات التي تمت لامتحانات الثانوية هذا العام، رغم الاستعدادات غير المسبوقة والتصريحات التي صمت الآذان من وزير «اللاتربية واللاتعليم»، التي أكد وأقسم فيها أغلظ الأيمان بأنه لن تكون هناك أي عملية غش فردي أو جماعي «فكل الأمور تمام يا فندم»، خاصة أن وزارتي الداخلية والمواصلات دخلتا معه في الخدمة؟ بالتأكيد كما يشير جمال أسعد عبد الملاك في «اليوم السابع». لم تكن تلك العملية التسريبية التي تجاوزت كل الحدود شكلا وموضوعا وتحديا غير مسبوق مفاجأة لأحد، ذلك للوضع المتردي الذي وصلت إليه الحالة التعليمية في مصر، والذي أثمر هذه الممارسات التي لا علاقة لها بتعليم حقيقي أو تربية صحيحة. نعم ما تم من تسريب لا ينفصل عن مجمل الوضع العام الذي سقطت فيه الأخلاق وتدنت فيه القيم وانتشر فيه الفساد بدرجات غير مسبوقة، فلماذا وصلنا إلى هذا المستوى الذي لا يليق بمصر ولا بالمصريين؟ ويتساءل الكاتب هل هي أزمة أخلاق لمجرد خروج هؤلاء عن الأخلاق والعادات والتقاليد الحميدة التي تشمل مجمل المصريين؟ هل هؤلاء خرجوا عن قواعد الدين ولذلك يجب أن يعودوا فورا إلى حظيرته وسماحته وقيمه؟ وهل الحل لمثل هذه المشكلة وغيرها من المشاكل المحيطة بنا تكون بالتحاور معهم لإقناعهم بالعودة إلى الأخلاق والتمسك بالقيم؟ فهذا المنهج وذلك التفكير وتلك الرؤية هى التي دائما وأبدا ما نراها في مثل هذه الظروف، فالجميع يتحدث عن غياب الضمير وسقوط الأخلاق وعدم التمسك بالدين الصحيح، فإذا كان الأمر كذلك فكيف نحل تلك المعادلة المتناقضة بين المظهر وبين المخبر؟».
سعة صدر غائبة
الطالب محمد مرسي رئيس اتحاد طلاب جامعة حلوان، وجه رسالة غاضبة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، يوم السبت الماضي. بعد أن تلقى دعوة شفهية من وزارة التعليم العالي، للمشاركة في حفل الإفطار الرمضاني الذي أقامته مؤسسة الرئاسة تحت اسم «إفطار الأسرة المصرية». وبحسب عماد الدين حسين في «الشروق» قال مرسي، إنه لولا صفته كرئيس اتحاد طلاب منتخب لربما وجد نفسه في السجن بعد هذه الرسالة، أضاف أن هناك أسرا مصرية كثيرة تصوم رمضان مكلومة ومفطورة على ذويها في السجون… وفي تقدير عماد الدين حسين: «أن من اختار توجيه الدعوة لمحمد مرسي وغيره من زملائه في الاتحاد المجمد، قد تصرف بطريقة صحيحة وجيدة، خلافا للرأي القائل إن الحكومة وأجهزتها ما كان لها أن توجه الدعوة لهذا الطالب، طالما تعرف أنه معارض ويريد أن يصير بطلا، بالعكس هذا تصرف ذكي وسياسي ويعني أن الحكومة مدت يدها للطلاب، واستجابت للعديد من المناشدات والمطالبات في هذا الصدد. الآن وبعد أن حدث ما حدث، فهناك أكثر من طريقة لترد بها الحكومة على التصرف غير المتوقع من رئيس اتحاد طلاب حلوان. التصرف الأول وهو التقليدي الكلاسيكي على الطريقة المصرية، أي أن تغضب الحكومة وتزمجر وتلقي القبض على محمد مرسي بأي تهمة، لو حدث هذا التصرف فسيكون كارثة. التصرف الثاني، الذي يطمح عماد أن يحدث هو أن يبادر السيسي بدعوة محمد وزملائه وأن يستمع لمطالبهم».
البعض يحبه
كان رواد المقهى يستمعون لخطاب الرئيس ويعلقون بكلمات قليلة يعقبها صمت كامل.. وهو ما استهوى زاهي حواس في «المصري اليوم»، فأخذ في قراءة وجوه الناس من حوله: «وجدت أنهم اجتمعوا على تصديق كل كلمة يقولها الرئيس، ولا يختلف اثنان على أن الرئيس لا يتحدث عن آمال وأحلام وخطط في المستقبل؛ فالمشروعات التي يذكرها إما انتهت بالكامل كمشروع قناة السويس الجديدة، أو تم البدء فيها كمشروع المليون ونصف المليون فدان، أو الطرق الجديدة التي رأيتها وسافرت على بعضها، وهي بحق إنجاز هائل لقطاع المشروعات في القوات المسلحة، وأعتقد أن تنفيذ 7000 كم طرق محورية في مصر هي المفتاح الرئيسي للتنمية؛ بالإضافة إلى مشروعات انتهت مراحل منها وتم افتتاحها بالفعل، كمشروع الأسمرات للقضاء على العشوائيات. أما ما حدث في مجال الطاقة فهو بحق إنجاز كبير، وكلنا نذكر حال الكهرباء في بلدنا والانقطاعات المتكررة؛ وشعرنا بالتغير الكبير في صيف العام الماضي؛ والكلام نفسه ينطبق على البنزين والسولار وطوابير السيارات المعطلة أمام محطات الوقود الخالية؛ أما الآن فلم نعد نقرأ عن أي أزمات في الوقود في أي مكان في الجمهورية. بالطبع أشياء كثيرة تحسنت عن السنوات العجاف الماضية التي أعقبت ثورة يناير/كانون الثاني، ونالت من كل جوانب حياتنا سواء على مستوى الأمن أو الاقتصاد أو حتى المستوى الأخلاقي. ولا يمكن لأحد أن يزعم أن الحياة أصبحت وردية أو «بمبي»! ولكن من الظلم عدم إعطاء الرجل حقة، سواء بالإشادة بما تحقق أو حتى نقد ما لم يتحقق. وبحسب حواس فقد نجح السيسي في أن يكسب ثقة المصريين الذين سحبوها ممن يدعون أنهم مناضلون سياسيون».
محترفو وأد الأحلام
لا أحد يتحدث عن ملف الأطفال المعتقلين في مصر رغم قسوته، كل يوم تجد على صفحات الإنترنت صورا وقصصا مروعة عن أطفال معتقلين أعمارهم لا تتجاوز السادسة عشرة. ويؤكد مصطفى النجار في «المصري اليوم»: «لا نتحدث عن قصص وهمية ولا نريد الإساءة لأي مؤسسة في الدولة، كما يردد المدافعون عن التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان، لكننا نطلق صرخة تخاطب أصحاب الضمائر- إن وُجدوا- في هذا الشهر الفضيل، نموذج مفجع للانتهاكات ضد الأطفال قصة الطفل عبدالله محمد بخيت، الذي يبلغ من العمر 15 سنة، الطالب في الصف الأول الثانوي، والذي جلس معتقلا بين عتاة المجرمين الجنائيين في قسم الشرطة بعد مرور أكثر من عام على اعتقاله من الشارع وهو عائد من أحد الدروس الخصوصية في مدينة الإسكندرية، تعرض الطفل- طبقا لأقوال أسرته- لحفلة تعذيب وضرب وتكميم للعينين ومحاولات للإجبار على الاعتراف بتهم وهمية، وتم عمل محضر للطفل عبدالله احتوى الاتهامات التالية: الاعتداء على قوات الجيش والشرطة- وقف تسيير القطارات- إعاقة مرور السيارات- الاعتداء على المارة واستعراض القوة- حيازة أسلحة- الانضمام لجماعة محظورة- التخطيط لضرب الاقتصاد- التآمر لإفساد المؤتمر الاقتصادي. ويتساءل النجار: كيف لطفل عمره 15 سنة أن يوقف تسيير القطارات؟ ويخطط لضرب الاقتصاد، ويُفشل المؤتمر الاقتصادى؟ ويتم حبس الطفل حبسا احتياطيا ويتم التجديد له تسع مرات قبل أن تتم إحالته لمحكمة الجنايات في القضية رقم 19230 لسنة 2015 منتزه ثانٍ. ويظل الطفل معتقلا بلا محاكمة لمدة تسعة أشهر ليجلس بين الجنائيين الذين يضربونه ويتحرشون به ما اضطر والدته لدفع إتاوة لهم للتوقف عن إيذائه».
ضد الرئيس
وليس ببعيد عن القمع الذي يتعرض له الثوار، يتساءل أحمد عبد التواب في «الأهرام»: «ما معنى أن يعلن الرئيس السيسي تبنيه تصورا سياسيا ما، ثم يجيء ممثل حكومي ليعلن شيئا نقيضا وهو في مهمة رسمية يمثل فيها الحكومة التي اختارها الرئيس لتعاونه، ويكون إعلان التناقض أمام لجنة رئيسية في مجلس النواب؟
والموضوع أن الرئيس عرض اقتراحا إيجابيا على عدد من المثقفين قابلهم في 22 مارس/آذار الماضي، عندما طلبوا منه أن يصدر عفوا رئاسيا عن المفكرين والكُتّاب الذين صدرت ضدهم أحكام بالحبس في إدانتهم بازدراء الإسلام، فقال لهم أن العفو لن يحل المشكلة، وإنما يمكن استئصال جذورها باستصدار قانون من مجلس النواب.
ولما انعقدت اللجنة التشريعية في المجلس (قبل يومين) 12 يونيو/حزيران لمناقشة طلب بالتعديل الذي يدعمه الرئيس مُوقَّع من 100 نائب، إذا بممثل وزارة العدل يعترض في المناقشة التي حضرها بصفته الوظيفية! وقال إن التعديل المطروح مخالف للدستور، وإن أي تغيير سوف يُطعَن عليه أمام المحكمة الدستورية العليا! وكان موقفه في اللجنة متسقا تماما مع نواب حزب النور السلفي، الذي يقوم بعض أعضائه وحلفائه بتحريك الدعاوى بتهمة ازدراء الأديان! ويتساءل الكاتب هل يظن ممثل الوزارة أن من حقه أن يفرض وجهة نظره الشخصية، وأن يتجاهل الموقف الرسمي وهو في مهمة رسمية يمثل فيها الحكومة التي تشترك مع الرئيس في وضع وتنفيذ السياسات؟ ألا يرى أنه كان حريا به الاعتذار عن عدم تمثيل الحكومة، وأن يعمل على نشر أفكاره في وسائل الإعلام المختلفة؟».
دعوة للتفاؤل
قرار الحكومة بإجراء تعديلات على قانون التظاهر أسفر عن موجة من التفاؤل عبر عنها طلعت إسماعيل في «الشروق»: «القانون بما حواه من مواد للحبس، وجواز فض التظاهرات باستخدام الخرطوش في بعض مراحله، انطوى على التفتيش في نوايا المتظاهرين. اليوم ونحن نفتح ثغرة بإعادة النظر في قانون معيب لم يخضع للحوار المجتمعي الذي يستحقه وقت إصداره، وفي ظل ما يتردد عن حذف مواد تضيق الفرصة على التعبير السلمي عن رفض القرارات الحكومية، من خلال أداة التظاهر، نتمنى ألا تكون التعديلات شكلية ولا تمس الجوهر، وأن ندخل في صلب القضية، بحذف كل مادة تشكل قيدا حديديا على حرية التجمع والتظاهر السلمي للتعبير عن الرأي في إطار من القانون، وأن يكون دور أجهزة الأمن حماية المتظاهرين لا منعهم طالما التزموا بهذا القانون. نريد قانونا يتبنى فعلا حق المواطن «في تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية والانضمام إليها» باعتبارها شكلا من أشكال التعبير عن الرأي، وأن ندرك أن التظاهر السلمي يضفي حيوية على المجتمعات، كونه كاشفا لتوجهات الرأي العام، ومرشدا لما يدور في القطاعات المختلفة في المجتمع من أفكار ورؤى، تجاه ما يقع من أحداث، أو ما يتخذ من قرارات إدارية ربما تشكل جورا على حقوق فئة من الناس. وحتى نكون منصفين فإن ما تضمنه القانون الحالي من تنظيم للحق في التظاهر من مواد ليست جميعها سيئة، وبالتالي فإن الغرض هو مراجعة ما اشتمل عليه من مواد كانت سببا في رفضه من قطاعات واسعة».
مصر الثانية
«مصر التي في الإعلانات: مصر أقوى من الفساد.. وأنت أقوى من المخدرات.. اتشعلق في حَلَق الحاجة «زينب». والبس قطونيل في كل الأوضاع.. انسى «الدوندوم» و«استرجل».. وبلاش تقفش على «الزبادي»، أحسن «إسعاد» تنهرك: «كنت تقعد على حجري تعملها وتجري يا وله». ومن جانبها تقترح سحر جعارة في «الوطن» على المشاهد أن يقفل التلفزيون ويحافظ على «الكهرباء».. مصر التي في الإعلانات: دولة فقيرة جدا، شعبها يحتاج إلى كل مليم تتبرّع به من زكاتك، أو من شقاك وقوت العيال، شعبها مطارَد بلعنة «فيروس» C والسرطان وأمراض القلب.. إلخ ما يستجد من مستشفيات تُقدّم العلاج مجانا وتعتمد على «التبرّعات» كأحد أهم روافد التمويل، بدون أن تقول للناس: «كم تتكلف الإعلانات التي تطلب التبرعات»؟. الأمر نفسه ينطبق على الجمعيات الخيرية التي تُلح في استفزاز ضميرك، لأن الشعب جعان وعريان، ويحتاج إلى «معونة» ليحيا حياة كريمة، وهذا هدف نبيل بالقطع.. لكن الطريق إلى الجمعيات الخيرية مفروش بإعلانات تتكلف الملايين!.
مصر التي في الإعلانات: دولة «فوق مستوى الموظفين»، تغازل مشاعرك المرهفة بالتجمعات السكنية، البعيدة عن «الغوغاء والدهماء»، حيث تتمتع بالماء والخضرة والوجه الحسن تجمعات أقل «فيلا» فيها بعدة ملايين من الجنيهات «مصر بلد الأغنياء».. لا مكان فيها للفقراء الذين يتسولون دقائق مجانية من شركات المحمول، ويُجهدون طاقة الشبكات: (إعلان واحد لإحدى شركات المحمول تكلف 75 مليون جنيه). مصر دولة دينية.. «عاصمتها الرياض».. واسأل نائب رئيس حي العجوزة ياسر فرج، الذي شكّل حملة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وضبط أكثر من 100 شخص مفطرين في نهار رمضان».
تناقض مزيف
المذبحة التي شهدتها الولايات المتحدة مؤخرا ازعجت الكثيرين من بينهم عمرو حسني في «التحرير»: «الشاب المسلم الأمريكي الجنسية الأفغاني الأصل الذي ارتكب مذبحة قتل المثليين تأذت مشاعره لرؤية قبلة بين رجلين ولكنها لم تتأذَّ لقيامه بقتل خمسين نفسا بشرية. أبناء الثقافات الأخرى يصيرون بعد كل هذه الجرائم أكثر استعدادا لقبول تطرف حكوماتهم وأبناء جلدتهم ضد المسلمين والعرب على وجه الخصوص، باعتبارهم إرهابيين محتملين يجب استئصالهم من مجتمعاتهم. بدون زعل يجب أن نعترف بوجود خطأ في البنية الثقافية الإسلامية والعربية تحديدا يتغلغل في نفس الفرد المسلم ويجعله يعيش ازدواجية تجعله يقتنع بأن الآخر يستحق القتل عندما يجرح مشاعره الدينية. يتساءل حسني، كيف تسمح لك مشاعرك المرهفة، التي تخدشها كلمات الآخرين وسلوكياتهم المنفلتة، بارتكاب أبشع الجرائم ضد الإنسانية؟ ولماذا تسمح لنفسك بمعاقبة الآخرين بقوانينك الدينية التي لا يؤمنون بها وتستنكر في الوقت ذاته أن يعاقبك أحدهم بقوانينه الدينية التي لا تؤمن أنت بها؟ تأكد تماما أن اعتقادك بامتلاك الحق المطلق في مواجهة أكاذيب الآخرين يقابله اعتقاد مضاد في الاتجاه ومساوٍ له في القوة يتمثل في اعتقاد الآخر بامتلاك الحقيقة المطلقة في مواجهة أكاذيبك، آمن بعقيدتك كما تشاء ولك الحق في الاقتناع بأفضليتها المطلقة على كل ما عداها، ولكن توقف عن الاعتقاد بضرورة أن يخضع لها الجميع رغما عن أنوفهم، وتوقف عن هوس معاقبة الآخرين الذين لا يؤمنون بها بقوانينها أو بما تظن أنه شريعتها، ويؤكد الكاتب لقد خرجنا من التاريخ عندما تملكنا هوس الاستعلاء فلا تجعلوه يخرجنا من خرائط الجغرافيا».
غموض غير مجد
كانت هناك صفقات سلاح غير معلنة مع روسيا غير التي نعرفها، وهو الأمر الذي دفع أسامة كمال في «المصري اليوم» للاهتمام بما أكده السفير الروسي في القاهرة سيرغى كيربيتشينكو، الذي قال إنه توجد لديه معلومات حول صفقات أسلحة متطورة بين مصر وروسيا، لا يمكنه الإعلان عنها لأن وزارة الدفاع المصرية تعتبرها معلومات لا يمكن الإعلان عنها، مشيرا إلى أن مصر وروسيا تسيران في الاتجاه الصحيح، ونحن مستعدون لرفع قدرة مصر الدفاعية. وذكرت الوكالة الروسية أن الصين ومصر والجزائر مهتمة بمنظومات صواريخ مضادة للطائرات من طرازات مختلفة ومنظومات للدفاع الجوي.. ويؤكد أسامة أنه لا يفشى أسرارا حربية قبل أن يقفز قارئ ويلومه على إفشاء سر تحتفظ به وزارة الدفاع المصرية لنفسها، لأنه لم يعد سرا.. ولكنني ألتقط الخيط هنا قبل أن يقوم شخص آخر بتأويل الخبر نفسه بشكل مختلف يستهدف الإضرار بمصالح مصر، وحتى يصل إلى عدد من الاستنتاجات يعتقد أنها مشروعة. وبحسب الكاتب من الواضح أن العلاقات بين البلدين لم تتأثر سلبا بالشكل الذي تصورناه بعد سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء، وتوقف السياحة الروسية لمصر، والعلاقات الإستراتيجية مازالت على مايرام وهي نقطة إيجابية.
كما أن اهتمام مصر بمنظومات الدفاع الجوي والصواريخ المضادة للطائرات يعني أننا لا نحصن أنفسنا ضد مخاطر الإرهاب التقليدي فحسب، ولكننا نتحسب إلى ما هو أكبر من ذلك، فنسعى لتدعيم قدراتنا الدفاعية وكذلك إبقاء المعلومات في إطار من السرية، على عكس صفقات أخرى كالمقاتلات الرافال وسفن الاقتحام الميسترال يعني أن هناك استعدادات عسكرية تكتيكية تتم في إطار من السرية تحسبا لأي محاولة لإفساد هذه الصفقات».
حسام عبد البصير
نعم إنه زمان ضياع شرف الخصومة
ولا حول ولا قوة الا بالله