عمان ـ «القدس العربي»: يبدو الوزير «اليساري» الوحيد في الحكومة الأردنية الدكتور خالد كلالده المعني بملف التنمية السياسية وشؤون البرلمان، المرشح الوحيد حتى الآن في دائرة التكهن والتوقع لتولي رئاسة الهيئة المستقلة للانتخابات خلفاً للوزير السابق رياض الشكعة.
مثل هذه التوقعات بطبيعة الحال لا تصبح حقيقية إلا بعد صدور الإرادة الملكية المعنية بإختيار رئيس جديد لهيئة الإنتخابات مع مجلس مفوضين مستجد أيضاً بعد «قرار غامض» انتهى باستقالة الشكعة ومفوضيه قبل أيام عدة لأسباب مجهولة.
لكن يمكن أن يكون لها صلة بتغيير هرمي يبدأ في هيئة الانتخاب المستقلة ويتواصل لمستويات أخرى في أجهزة الدولة وصولاً للإنتخابات العامة لعام 2017 بعد إنجاز قانونها.
الهيئة يفترض أن تواصل عملها لست سنوات لكن «طاقمها» تغير مرتين في أقل من نصف هذه الفترة مما يسمح بتغيير ثالث قد يقفز بالوزير الكلالده إلى الصدارة لإدارة المؤسسة الدستورية الوليدة والجديدة التي كان أول من ترأسها الدبلوماسي المخضرم عبد الإله الخطيب.
في العادة ينسب رؤساء السلطات الثلاث بالتشاور أسماء مقترحة لرئاسة الهيئة وتمثيل مجلس مفوضيها ثم يختار القصر الملكي.
شاهد عيان أبلغ «القدس العربي» بأن الرؤساء في المرة الأولى اتبعوا هذا التقليد واقترحوا أربعة أسماء لرئاسة الهيئة فتم اختيار «اسم خامس» من خارج القائمة التي قدمها المعنيون في مجالس الوزراء والنواب والأعيان والوزراء.
بمعنى آخر التنسيبات المتوافق عليها لا تلزم المؤسسات المرجعية، والحسابات المتعلقة بهوية طاقم الهيئة المستقلة، قد تكون عابرة أحياناً لمن يديرون المشهد أمام الرأي العام ومتداخلة بحسابات سياسية محلية أو دولية أو سيادية.
ثمة مؤشرات قوية على أن الهدف الأبرز من صيغة النظام الانتخابي الجديد كان مخاطبة المجتمع الدولي ومؤسساته الديمقراطية بالحرص الأردني على «الإصلاح» رغم المناخ الصدامي المنفعل في الإقليم.
لذلك على الأرجح سيتأثر اختيار مجلس المفوضين الجديد باللمسة أو الرغبة نفسها في التأثير رغم أن رئيس ديوان الملك الدكتور فايز طراونة خلط أوراق التحليل السياسي مؤخراً عندما تحدث لكتلة برلمانية عن «أولويات وطنية وأمنية» قد تفرض نفسها على الإيقاع الانتخابي من دون أن يقول مباشرة الإيقاع الإصلاحي.
من المرجح أكثر أن «رسائل سياسية» للداخل والخارج قد توجه من خلال «تركيبة» مجلس المفوضين الجديد البديل للهيئة التي لا يعرف طاقمها الأسباب المباشرة لمطالبتهم بالاستقالة فجأة رغم تدشين حملة تحضير عاتية داخل الهيئة تحضيراً للانتخابات.
الإشارة واضحة لأن «صاحب القرار» لديه تصور في رأسه حول الأمر، لكنه لم يتضح بعد، وتكليف الناشط اليساري الوزير الكلالده بالملف سيتطلب تعديلاً وزارياً، وهنا حصرياً سيحدد شكل التعديل مستقبل حكومة الرئيس الدكتور عبدالله النسور.
اللجوء لشخصية تكنوقراطية مجدداً في رئاسة الهيئة، يعني بأن مجلس المفوضين الجديد سيكون أيضاً منزوع الدسم، ويخلو من المؤشرات الحيوية السياسية.
مجلس المفوضين المقال أو المستقيل مؤخراً وبصورة مباغتة، كان قد ظهر في سلسلة من المكاشفات الصريحة على هامش مؤتمر إعلامي حاشد تخلله مصارحات في اتجاهات عدة. وخلال ذلك المؤتمر أقرت نائب رئيس الهيئة المحامية البارزة أسمى خضر رداً على سؤال مباشر لـ«القدس العربي» وأمام المايكروفون بأن الهيئة تستطيع ضمان نزاهة وإدارة «إجراءات الإنتخاب» لكنها لا تستطيع ضمان معرفة ما الذي يحصل في «غرف عمليات» الانتخاب. إقرار خضر دفعها لسؤال مراسل «القدس العربي» المشارك في النقاشات: هل أرضاكم هذا الجواب؟
في الكواليس كان رئيس الهيئة المستقيل رياض الشكعة نفسه يتذمر من عدم وجود «قدرات اتصال نافذة» للهيئة مع مرجعيات القرار ومن وجود «جهات» متعددة تحاول إعاقة عمل أداة الاصلاح السياسي الأبرز بالبلاد المتمثلة بالهيئة المستقلة لإدارة الإنتخابات.
الإيحاء بأن «اليسار» في طريقه ولأول مرة لرئاسة الهيئة ترافق زمنياً مع سلوك بيروقراطي غامض الخلفيات يوحي بأن «المعركة متواصلة» لإضعاف الجماعة الشرعية للإخوان المسلمين.
محافظ العاصمة يتحرك فجأة ويحظر على جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها «غير مرخصة» لتنظيم جلسة للانتخابات الداخلية، وهي خطوة إدارية أمنية وقانونية صغيرة، لكنها تثير الكثير من الغموض حول خلفيتها وعلاقتها بملف «السعي لإقناع الجماعة الإخوانية بالمشاركة في انتخابات 2017».
موسم الانتخابات الداخلية في «الإخوان المسلمين» يشارف على بدايته والإجراء قد يستهدف الاستمرار في إعاقة تقدم الشيخ زكي بني إرشيد مجدداً نحو موقع «المراقب العام» رغم ما يقدمه الإخوان من تنازلات ملموسة لإظهار حسن النية نحو المشاركة في الانتخابات المقبلة.
لم يعرف بعد ما إذا كان إجراء الحاكم الإداري للعاصمة ضد انتخابات الإخوان الداخلية مبرمجاً ومدروساً على مستوى جميع جبهات القرار.
لكن رسالة الإجراء واضحة لأنه ترافق حصرياً مع احتفال حضرته شخصيات محسوبة على الصف الرسمي لمجموعة «زمزم» المنشقة عن الإخوان وتحت لافتة إعلانها بعد فترة سبات حزباً سياسياً تحت الترخيص.
بسام البدارين