رام الله ـ «القدس العربي»: لا يمكن للفلسطينيين أن ينسوا تاريخاً كالثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام. فهو ذكرى مشؤومة بالنسبة لهم وفيها «أعطى من لا يملك لمن لا يستحق. فقد وهب وزير الخارجية البريطانية آرثر بلفور، وطناً لا يملكه لليهود في فلسطين. وبعد ثمانية وتسعين عاماً لا تزال فلسطين تحت الاحتلال، فيما يطالب الفلسطينيون برفع الظلم التاريخي عنهم ويطالبون بريطانيا بالاعتذار.
واعتبرت الخارجية أن الشعب الفلسطيني لا يزال يدفع ثمن وعد بلفور غالياً من أرضه ودماء أبنائه ومعاناته اليومية في ظلم تاريخي قل نظيره، «أدى الى اقتلاع أبناء شعبنا من أرض وطنهم وتهجيره بالقوة نحو المجهول في المنافي والخيام. وأوقع في صفوفه عديد المجازر والجرائم التي ارتكبتها العصابات الصهيونية الإرهابية».
وتأتي هذه الذكرى مع استمرار العدوان الإسرائيلي الشامل على الشعب الفلسطيني وأرضه وممتلكاته ومقدساته المسيحية والإسلامية بما فيها المسجد الأقصى. وهو العدوان الهادف الى تكريس الاحتلال والاستيطان والحيلولة دون قيام دولة ذات سيادة للشعب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران/ يونيو عام 1967. وقالت إن التصعيد الاسرائيلي الراهن يعبر عن انكار الحكومة الإسرائيلية للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.
وطالبت الوزارة المجتمع الدولي بضرورة وضع حد لمعاناة شعبنا ورفع الظلم التاريخي الذي وقع عليه من خلال الإسراع في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين وفقا لقرارات الشرعية الدولية، والقانون الدولي الذي يجرم الاحتلال. وتوافقت تصريحات الخارجية الفلسطينية مع تصريحات لزيد الأيوبي المحامي والمستشار المقدسي الذي اعتبر ان وعد بلفور باطل ولا قيمة قانونية له ولا يرتب أي آثار قانونية، كونه صدر ممن لا يملك لمن لا يستحق .
وقال الأيوبي لـ «القدس العربي» إن الوعد الذي صدر عن وزير خارجية بريطانيا آنذاك ارثر جيمس بلفور وموضوعه إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين يتعارض مع مبادئ القانون والعرف الدولي، في الوقت الذي ليس لبريطانيا أي صلة قانونية بأرض فلسطين. وهو مجرد وعد لا يرقى لمستوى معاهدة، فبريطانيا أعطت لنفسها الحق في ان تتصرف تصرفا مصيريا في إقليم فلسطين الذي كان يتبع للولاية العثمانية في ذلك الوقت دون ان ترجع لأهل وسكان هذا الإقليم وبالتالي هو وعد باطل وليس له صفة الالزام.
كما رأى الأيوبي انعدام الأهلية القانونية للتعاقد الدولي في هذا الوعد حيث أن أطراف المعاهدات الدولية يجب أن يكونوا دولا ذات سيادة حتى يعتد بتعاقدهما. وقال «وبالرجوع الى وعد بلفور لا نجد ان هذا الشرط متوفر في أطرافه لان اللورد روتشيلد الذي وجه الوعد له آنذاك لم يكن يمثل دولة وعليه فإن هذا الوعد فاقد لأهلية أطرافه القانونية وهو غير ملزم حتى لأطرافه».
وطالب الأيوبي بريطانيا بتقديم اعتذار رسمي عن هذا الوعد خاصة بعد اعتراف البرلمان البريطاني بدولة فلسطين، وهو ما يعني أنه طرأ تغيير إيجابي على السياسة الخارجية البريطانية وهذا يجب أن يمهد لاعتذار رسمي للشعب الفلسطيني عن هذا الوعد وآثاره الكارثية الكبرى التي لحقت بالشعب الفلسطيني منذ صدوره، الذي كان سببا لصراع تاريخي مع اليهود لا تزال جذوته تشتعل حتى الآن. ولأن هناك سابقة مهمة اعتذر فيها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن المجازر التي ارتكبتها القوات البريطانية بحق الهنود إبان الاحتلال البريطاني للهند، معتبرا إياها وصمة عار في جبين بريطانيا على حد تعبيره.
وبعد قرابة القرن على وعد بلفور يصارع الفلسطينيون دولة الاحتلال بشتى الطرق. فعلى الأرض هناك هبة شعبية من جيل جديد تماماً على الصراع مع إسرائيل. بينما اختارت السلطة الفلسطينية الجانب الديبلوماسي والقانوني من المعركة عبر الانضمام لمنظمات دولية تابعة للأمم المتحدة وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية.
وقبل أيام قليلة من وعد ذكرى وعد بلفور سلم وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي مذكرة تكميلية حول جرائم إسرائيل في دولة فلسطين الى المدعية العامة فاتو بنسودا وأعضاء مكتبها في مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي خلال زيارة رسمية للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى هولندا وإلقاء خطاب أمام مجلس حقوق الإنسان.
لكن الشارع الفلسطيني يأخذ على السلطة الفلسطينية عدم رفع دعوى رسمية للجنائية الدولية. وأن ما تم تقديمه ليس سوى «بلاغ «حول الحالة في فلسطين منها مذكرة حول جريمة إحراق عائلة الدوابشة، والآن مذكرة تكميلية حول الإعدامات الميدانية التي تنفذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
ومع دخول الشهر ما قبل الأخير من العام الحالي فإن الجنائية الدولية تكون قد أتمت عشرة أشهر على استلام البلاغ الفلسطيني ولم تقم خلالها سوى «بفحص أولى» رغم طلب الفلسطينيين بعد هذه المذكرات بالبدء بتحقيق جنائي فوري كي تنطلق محاكمة مجرمي الحرب من الإسرائيليين.
ويدرك الشارع صعوبة مثل هذه الملفات لكنه يعتقد أن حدوث تقدم فيها أمر شبه مستحيل. فيما يعتقد جزء آخر أن السلطة الفلسطينية ما زالت تتلكأ في دفع هذا الملف وغيره أملاً في المقايضة عليه سواء لإطلاق مفاوضات جديدة بشروطها أو لإطلاق المزيد من المعتقلين الفلسطينيين أو غيرها من الملفات المعقدة.
فادي أبو سعدى
الا زوال
بوعد بلفور يكبر التساؤل في كيف يمكن لانسان ان يعطي لاخر ما ليس ملكا له وكيف يمكن له ان يتخلى عن وعده الاخر باقامة وطن فلسطيني .
ثم اسرائيل نالت عن ضحايا المان بدلا من اهلهم بما لا تستحقه وليس لها فيه شأن . بابتداعها مفهوما مصطنعا عبر جعل الدين هوية وطنية بل العنصر او تاريخ المواطنة