«القدس العربي»: تنطلق بعد غد الثلاثاء الجولة الأولى من النسخة الجديدة لأشهر مسابقة أندية في العالم، دوري أبطال أوروبا، التي تجمع أشهر وأثرى الأندية وأكثرها شعبية حول العالم.
لم يكن يتوقع أحد من صحفـــيي جـــريـــدة ليكيب الفرنسية العريقة أن اقتـــراحـــهم في منتصف الخمسينات من الــقـــرن الماضي بإنشـــاء أول بطولة قـــارية للأندية ستـــكون في يـــوم ما هى الأغلى على الإطـــلاق، وأن تتمــنى كل أندية أوروبا أن تحــظـــى بفرصـــة المـــشــاركة فيها، ليس فقط من أجل المنافسة على اللقب الأوروبي، لكن للمكـــاسب المادية والإعـــلامـية التي تتــمــتع بها البطولة.
لمحة عن الأبطال
إستهل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا) بطولة «كأس أوروبا للأندية أبطال الدوري» أو المسمى الجديد لها «دوري أبطال أوروبا» في عام 1955، بناءً على إقتراح قدمته مجموعة من صحفيي جريدة ليكيب الفرنسية، وجاء بهدف أن تجتمع الأندية التي تحظي بشعبية جارفة في بلادها وأبطال الدوريات، وأجريت النسخة الأولى موسم 1955/1956 بمشاركة ستة عشر ناديا فقط. والتي فاز بلقبها النادي الملكي الأسباني ريال مدريد وظل محتكراً لألقابها لمدة 5 مواسم متتالية حتى إنتهت عام 1960.
ومن الغريب أن النسخة الأولى من البطولة ضمت أندية من اليونان والدنمارك والنمسا، وغيرها من الدوريات الفقيرة كروياً، فيما غابت أندية الدوري الإنكليزي التي تجمع في جعبتها 12 لقباً للبطولة في مشهد لم يتكرر ثانية، فشهدت النسخة الثانية من المسابقة في موسم 1956/1957 مشاركة 22 فريقاً بدلاً من 16، كما كانت اول مشاركة لمانشستر يونايتد الإنكليزي الذي كتب اسمه بقوة في سجلات البطولة بتحقيقه فوزاً عريضاً علي بطل الدوري البلجيكي أندرلخت بنتيجة 10 أهداف نظيفة، إلا أن النادي الملكي حاز على لقبه الثاني له بالبطولة، ولم يتمكن الشياطين الحمر أن يحققوا المزيد من النتائج الجيدة في الموسم الثالث من البطولة بعد أن تعرضوا لكارثة مفزعة إثر سقوط طائرة الفريق في مدينة ميونيخ الألمانية ومقتل 8 من أبرز نجوم الفريق آنذاك.
على الجانب الأخر، استمر النادي الملكي في الاحتفاظ ببطولته المفضلة، إلى أن تمكن من كسر هذا الاحتكار بنفيكا البرتغالي في موسم 1960/1961، وحقق لقبه الثاني في موسم 61/62 ثم استملت الأندية الإيطالية الراية لمدة ثلاثة مواسم متتالية، حتي موسم 66/67 ووصول أول فريق بريطاني إلي مرحلة التتويج بفوز سيلتك الاسكتلندي باللقب، قبل أن يعود مانشستر يونايتد في الموسم التالي ويحقق أول لقب أوروبي في الموسم الذي كان يحتفل به بالذكري العاشرة لحادث ميونيخ الأليم.
توالت المواسم الناجحة للبطولة، وقد تميزت بإحتفاظ بعض الفرق بألقاب متتالية إلى أن ظهر منافس شرس آخر ليقوم بالدور ذاته، وتمثل ذلك بحصول أياكس أمستردام الهولندي علي ثلاثة ألقاب متتالية في أعوام 1971 و1972 و1973، ثم جاء بايرن ميونيخ الألماني بثلاثة ألقاب أيضاً أعوام 1974 و1975 و1976، لتعود الألقاب من ألمانيا إلى إنكلترا مرة أخرى، وسيطرة كاسحة أيضاً لخمس أعوام متتالية من ليفربول لموسمين متتاليين 1976/1977، 1977/1978، ثم لقبين متتاليين لنوتنغهام فورست قبل أن يعود الفريق الأحمر إلي منصة التتويج مرة ثالثة في موسم 1980/1981، وتنوع الأبطال لمدة عشر سنوات إلى أن حقق ميلان لقبين متتاليين أيضاً عامي 1989 و1990.
وكان ميلان آخر من قام بعادة الاحتفاظ باللقب، فمنذ هذا الموسم مر 25 عاماً حتى الآن ولم يستطع أي ناد ان يحتفظ بلقبه لأكثر من موســم مـــرة أخرى، تبادلت الأندية ألقابها ما بين الأسبانية والأيطــالية والإنــكـليزية والألمانية، ولم يخرج اللقب عن هذه البلدان سوى مرات نادرة.
بطولة الملايين
يحتفل الاتحاد الاوروبي لكرة القدم هذا الموسم بـ60 عاماً على إنشائه، وتعد بطولة دورى أبطال أوروبا أول وأبرز البطولات التي أنشأها الاتحاد على مدار الستين عاماً، فتعتبر أقوى حتى من بطولة الأمم الأوروبية، والأكثر إنتظاماً والأكثر إقبالاً وحفاوة على مشاهدتها لما تضمه من نجوم وأندية لامعة، ففى إحصاءات سابقة اشارت إلى أن المباراة النهائية من هذه المسابقة يشاهدها ما يقرب من 100 مليون شخص. ولذا تحظى البطولة دائماً بوجود رعاة رسميين لها، من أقوى العلامات التجارية على مستوى العالم، يضخوا سنوياً الملايين للحفاظ على وجودهم فى أقوى بطولة للأندية على مستوى العالم، ما ساعد الاتحاد على زيادة المكافآت المادية للفرق المشاركة فى البطولة بصفة مستمرة .
وهذا ما أضفى نوعاً ما من الروح المادية على البطولة فى السنوات الأخيرة، خاصة بعدما تخطت أسعار اللاعبين ومرتباتهم أرقاما فلكية، فلا زال المشجع الكروي يتذكر ما حدث من ضجة إعلامية كبيرة عندما إنتقل زين الدين زيدان من يوفنتوس الإيطالى إلى ريال مدريد الأسباني في صفقة كلفت الأخير 65 مليون دولار وأصبحت حديث العالم لعدة مواسم، قبل أن يصبح تخطى اللاعب لمبلغ 100 مليون يورو شيئاً عادياً. ويحفز الاتحاد الأوروبي الأندية للمشاركة فى مسابقة دورى أبطال أوروبا بوضع لائحة مالية مغرية قدرها اكثر من مليار يورو توزع على الأندية المشاركة في البطولة، فلا يأخذ الفريق المبلغ المادي على المشاركة في البطولة فحسب، لكن تقسم الجائزة على نتائجه في البطولة، وأدائه خلالها، بالإضافة إلي نسبته في حقوق البث والتسويق.
فعلى سبيل المثال نال ريال مدريد حامل لقب الموسم الماضي على مبلغ 57.4 مليون يورو كمجمل جوائزه في البطولة، قسمت على 8.6 مليون مكافأة المشاركة في البطولة، و20.5 مليون حقوق البث والتسويق، و28 مليون على أدائه ونتائجه، بالإضافة إلى 10.5 مليون يورو لحصوله على اللقب.
فبمجرد مشاركة الفريق فى دورى الأبطال فأنه لن يخسر مطلقاً، فقبل أن تبدأ البطولة يحصل كل فريق على مبلغ 8.600 مليون يورو، ومع كل فوز يحققه الفريق يحصل على مبلغ مليون يورو، وفي حالة التعادل يحصل على نصف مليون يورو، و 3.500 مليون يورو عند صعود الفريق إلى دور الـ16.
مبالغ مهولة جعلت فرق الدوريات الأوروبية تتصارع من اجل الصعود إلى المربع الذهبي فى دوريها المحلي، وحجز مقعداً للمشاركة فى بطولة الثماني نجوم أو الحصول على بطولة الدوري في البلدان صاحبة الترتيب المتأخر فى الاتحاد الأوروبي. أصبحت البطولة أحد الحلول الذهبية للمشاكل المادية التى تواجه الأندية وإنعاش خزائنها بالملايين. نترك النجوم ونذهب إلى أرض الواقع، فلا زال البعض يؤمن بقوة ببطولة مثل دورى أبطال أفريقيا، وان يزف الفريق الفائز بها في كل المدينة نهاراً وليلاً والتحدث عن الإنجاز الذي تحقق لعدة أشهر واستعدادته للمشاركة في كأس العالم للأندية، على أية حال لهم بطولاتهم ولنا بطولاتنا.
دينا الروبي