16 عاما على تأسيس «العدالة والتنمية»… الحزب الذي غير وجه تركيا يعيش مخاض التغيير لحسم الانتخابات المقبلة

حجم الخط
0

إسطنبول ـ »القدس العربي»: لم تكن ولادة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا قبل 16 عاماً من اليوم حدثاً عابراً في التاريخ التركي الذي سيكتب كثيراً عن الحزب الذي تمكن بقيادة مؤسسه ورئيسه رجب طيب أردوغان من البقاء في الحكم لـ15 عاماً متتالية واستطاع تغيير وجه البلاد كما لم يتمكن من ذلك أي زعيم آخر على مر العقود الأخيرة.
لكن الحزب اليوم يواجه مخاض التغيير الداخلي وحملة إصلاحات واسعة بدأها أردوغان في محاولة للحفاظ على بقاءه في السلطة وحسم الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في عام 2019 وسط مخاوف من أن يؤدي التراجع في شعبية الحزب الذي كشفه الاستفتاء الأخير على التعديلات الدستورية إلى تهديد استمرار تفرد الحزب في حكم البلاد.
ورغم مرور 15 عاماً على تفرده بالحكم، ما زال الحزب الإسلامي المحافظ يتمتع بأكبر شعبية جماهيرية في البلاد مدعوماً بأصوات المحافظين والفقراء وشريحة واسعة من القوميين بالإضافة إلى طبقات متعددة من الأثرياء ورجال الأعمال المستفيدين من بقاءه في الحكم.
وبينما تمكن الحزب في نيسان/أبريل الماضي وبدعم من حزب الحركة القومية من تمرير الاستفتاء على التعديلات الدستورية، إلأ أن نجاحه بذلك بصعوبة بالغة ونسبة تأييد لم تتجاوز 51.5٪ من الأصوات قرع أجراس الخطر في أروقة الحزب ورفع الأصوات المنادية بالإصلاح والاستعداد المبكر للانتخابات المصيرية التي ستجري لأول مرة وفق مخرجات التعديل الدستوري الأخير بما يتيح إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بشكل متزامن وتطبيق النظام الرئاسي.
وبالفعل بدأت في الأسابيع الأخيرة حملة تغييرات من المتوقع أن تتوسع تدريجياً لتطال شريحة واسعة من مسئولي الحزب وأطره الشبابية والطلابية والنسائية وتتوسع تصاعداً وصولاً لمسئولي الأحياء والمناطق والمحافظات وربما تصل في النهاية إلى كبار قادة الحزب وسط توجه حازم لأردوغان يهدف إلى الدفع بالشباب إلى المواقع القيادية.
وبينما أصدر أردوغان تعليمات مشددة للحزب بضرورة عدم المبالغة في أي احتفالات بذكرى تأسيس الحزب وذلك «احتراماً لذكرى شهداء محاولة الانقلاب»، شارك في بعض الفعاليات الرسمية وأكد خلالها إلى أن عجلة التغيير قد انطلقت، بعد تصريحات سابقة شدد فيها على أنه يتوجب على أي مسؤول في الحزب «شعر بالتعب أن يتنحى جانباً ويفسح المجال لغيره». لكن التغيير الأبرز والمنتظر يتوقع أن يحصل على مستويات أعلى خلال الفترة المقبلة، حيث يتوقع مراقبون أن يلجأ أردوغان إلى محاولة إنهاء الخلافات مع الرئيس السابق عبد الله غول ورئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو كونهما من أبرز قيادات الحزب وابتعادهم عن دوائر صنع القرار فيه أثر بشكل كبير على مكانة الحزب في الشارع.
وقبل أيام كتب أحد المستشارين السابقين لدواد أوغلو إنه يتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تقارباً كبيراً بين أردوغان وداود أوغلو وأن يحصل الأخير على مسمى رسمي إلى جانب أردوغان في الدولة، دون مزيد من التفاصيل.
ويتوقع مراقبون أنه وفي حال تمكن أردوغان من إقناع داود أوغلو وعبد الله غول بالعودة بقوة إلى الحزب سوف يتمكن من ابعاد الاتهامات له بمحاولة التفرد في قيادة الحزب والدولة وسوف يستعيد الحزب جزءا من شعبيته التي فقدها خلال الفترة الماضية.
«العدالة والتنمية» ظهر لأول مرة بهذا الاسم على مسرح السياسة التركية في 14 آب/ أغسطس 2001، بزعامة المؤسس، أردوغان، وتمكن من حسم جميع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية عقب هذا التاريخ، وقدم رئيسين هما أردوغان وعبدالله غول، و4 رؤساء وزراء هما عبد الله غول وأردوغان وداود أوغلو ورئيس الوزراء الحالي بن علي يلدريم.
وواجه الحزب تحديات متعددة منذ انطلاقه بدئاً من اعتقال أردوغان ومنعه من ممارسة العمل السياسي في بداية انطلاقه، وفي عام 2012 جرت محاولة لاعتقال رئيس الاستخبارات المقرب من أردوغان «هاكان فيدان»، كما واجه الحزب أحداث «غيزي بارك» التي كادت أن تطيح بالحكومة عام 2013، وما سميت بـ»محاولة الانقلاب القضائية» عام 2013، وأخيراً محاولة الانقلاب العسكرية التي جرت في 2016 ونجا منها أردوغان بأعجوبة وتمكن من مواصلة حكمة بقوة أكبر من السابق.
ومنذ وصوله إلى الحكم لجأ الحزب إلى إجراء تغييرات واسعة من خلال القرارات الحكومية وتعديلات الدستور صبت جميعها في خانة تعزيز السلطة المدنية على حساب نفوذ الجيش الذي تراجع بشكل كبير جداً لا سيما عقب حملة التطهير التي جرت بعد محاولة الانقلاب.
كما صبت الكثير من التعديلات الدستورية في خانة تعزيز مكانة الدين في المجتمع أو ما تطلق عليه المعارضة العلمانية الأتاتوركية «هدم أسس أتاتورك» و»أسلمة المجتمع»، وتقول الحكومة إنها تعمل على إعادة الحريات الدينية إلى المجتمع التركي المسلم والتي حرم منها لعقود طويلة.
وشهدت فترة حكم العدالة والتنمية نهضة اقتصادية وحرص الحزب على التركيز على تطوير عمل البلديات والخدمات للمواطنين ونفذ سلسلة من المشاريع الكبرى في البلاد ومنها المطارات والجسور والأنفاق التي عبرت من أسفل مضيق البوسفور وغيرها الكثير من المشاريع التي رفعت من شعبيته.
وبشكل مبكر جداً بدأت الاستعدادات بشكل واسعة بين الحزب الحاكم والمعارضة للانتخابات المقبلة وسط شكوك بقدرة المعارضة على تصدير زعيم يستطيع تشكيل خطر على حظوظ أردوغان بالفوز بالانتخابات المقبلة ما لم يحدث تغيير حتى موعد تلك الانتخابات المتوقعة بعد منتصف عام 2019.

16 عاما على تأسيس «العدالة والتنمية»… الحزب الذي غير وجه تركيا يعيش مخاض التغيير لحسم الانتخابات المقبلة

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية