18 مليون إنسان تنقلوا بين دول المجلس وخطوات لتعزيز التكامل الاقتصادي

حجم الخط
1

الدوحة – «القدس العربي»: تحقق الدول الخليجية الست وبعيدا عن خلافاتها السياسية السابقة حول مواضيع محلية ودولية عدة، تقدما معقولا وإن كان يسير بخطى متباطئة فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي والاندماج المالي. وإذا كان الانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد وفق مبادرة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ليست اليوم أو غدا، فإن المشاورات بشأنها لم تتوقف، وهناك لجان فنية تعمل على استكمال دراسة الموضوع وتذليل العقبات وتقريب وجهات النظر بشأنه خصوصا فيما يتعلق بالوحدة النقدية في ظل الرفض العماني والتحفظ الإماراتي على مقر البنك المركزي الخليجي.
وتحقق اللجان المشتركة بعض التقدم المحدود في مجال التعاون المالي والاقتصادي من خطوات للوصول للوضع النهائي للاتحاد الجمركي. وفي القواعد والمبادئ الموحدة لتكامل الأسواق المالية بدول المجلس بصفة استرشادية، لحين الانتهاء من منظومة القواعد الموحدة لتحقيق التكامل في الأسواق المالية بدول المجلس. وفي مجال الربط المائي والأمن المائي في دول المجلس اعتمدت دول التعاون استراتيجية شاملة بعيدة المدى للمياه. وتم إنجاز 50 ٪ من أعمال مشروع التعاون في هذا القطاع الحيوي، مع افتتاح المبنى الرئيسي لهيئة الربط الكهربائي الخليجي في مدينة الدمام بالمملكة العربية السعودية والعمل على إنشاء سوق لتجارة الطاقة الكهربائية بين الدول المشاركة، كما تقوم بالمساهمة في دراسة الربط الكهربائي العربي الشامل. والمشروع الأكثر وضوحا من ناحية عملية حتى الآن هو مشروع سكة حديد مجلس التعاون الذي يشكل أهمية بالغة في تسهيل التجارة وانتقال الأفراد بين دول المجلس، والذي من المرتقب أن يرى النور بحلول عام 2018.

سياحة داخلية

من أهم الإنجازات التي تحققت واقعيا منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي التسهيلات المعتمدة لتنقل الأشخاص بين الدول الأعضاء وبالبطاقة الشخصية ومن دون جواز سفر، وهي إجراءات انعكست إيجابا على حرية حركة المواطنين. وبلغ عدد مواطني دول مجلس التعاون الخليجي الذين تنقلوا بين الدول الأعضاء خلال عام 2013، نحو 18 مليون مواطن وفق آخر الأرقام لمختلف المصالح الرسمية.
وحسب إحصائيات مصالح الهجرة والجوازات السعودية فإن المملكة استقبلت أكثر من 6 ملايين خليجي، وتلتها مملكة البحرين كجهة قصدها الخليجيون بعدد 5.7 مليون خليجي، ثم دولة الإمارات بعدد 1.3 مليون مواطن خليجي، ودولة قطر بحوالي مليون وسلطنة عمان بحوالي 600 الف مواطن. وجاء مواطنو المملكة العربية السعودية في طليعة المستفيدين من قرار تيسير التنقل والإقامة في الدول الأعضاء الأخرى، حيث تنقل 8.6 مليون سعودي فيما بين الدول الأعضاء، ويليهم الكويتيون والبحرينيون بعدد 2.8 لكل منهما، ثم القطريون والعمانيون بعدد 1.2 مليون لكل منهما، ثم الإماراتيون الذين تنقل 1.1 مليون منهم فيما بين الدول الاعضاء. ويأتي ذلك في سياق الاستفادة من قرارات السوق الخليجية المشتركة وقرارات المواطنة الخليجية التي منها قرار اتخذه مجلس التعاون بمساواة مواطني دول المجلس العاملين في القـطاع الأهلي بمواطني الدولة مقر العمل. وقرار آخر بتطبيق «المساواة التامة في المعاملة» بـين مواطني دول المجلس في مجال العمل في القطاعات الأهلية، و»إزالة القيود التي تمنع من ذلك». كما اعتمـد مجلس وزراء العمل والشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون برامج عمل خاصة لزيادة فرص توظيف وتسهيل انتقـال العمالة الوطنية بين دول المجلس في القطاع الأهلي.
وتظهـر الإحصائيات زيادة مضطردة في أعداد مواطـني دول مجلس التعـاون العـاملين في القطاع الأهلي بالـدول الأعـضاء الأخـرى، حيث ارتفع العدد من 13 ألف موظـف في عام 2004 إلى حوالي 17 ألف موظـف في عام 2013، وبنسبة نمو قدرها 29٪، وحلت دولة الكويت في المرتبة الأولى في استقطاب مواطني الدول الأعضاء الأخرى للعمل في القطاع الأهلي فيها في العام 2013، وبنسبة قدرها 75٪، حيث بلغ عدد الخليجيين العاملين في القطاع الاهلي 12573 موظف. واحتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الثانية في استقطاب الخليجيين للعمل في القطاع الاهلي بها في العام 2013، حيث بلغ عدد الخليجيين العاملين بهـا 1409 موظف، أما الإمارات العربية المتحدة فقد احتلت المرتبة الثالثة في استقطاب مواطني دول المجلس للعمل بقطاعها الأهلي، حيث بلغ عدد العاملين 1211 موظفا، واحتلت دولة قطر المرتبة الرابعة بعدد العاملين 792 موظفا، بينما حلت كلّ من مملكة البحرين وسلطنة عمان المرتبتين الخامسة والسادسة، حيث بلغ عدد العاملين فيهما 634 موظفا و153 موظفا على التوالي.
بالإضافة إلى المساواة في القطاع الأهلي، أقرّت دول مجلس التعاون في ديسمبر/كانون أول 2000 معاملة مواطـني دول المجلس العاملين في الخدمة المدنية في أي دولة عضو معاملة مواطني الدولة مقر العمل أثناء الخدمة. وفي ديسمبر/كانون أول 2002 صدر قرار المجلس الأعلى بتطبيـق المسـاواة التامة في المعـاملة بين مواطـني دول المجلس في مجال العمل في القطاعات الحكومية، والتأمين الاجتماعي والتقاعد، وإزالـة القيود التي قد تمنع ذلـك. وصـدرت عـن اللجنة الـوزارية للخدمة المدنيـة عـدة قرارات لتسهيل انتقال وتـوظيف المواطنين فيما بين دول المجلـس، ومن أبرزها التوسع في توطين الوظائف في قطـاع الخدمة المدنية، واستكمال إحلال العمالة الوطنية المتوفرة من مواطني دول المجلـس محــل العمالة الوافـدة لشغل وظائف الخدمة المدنية في الـدول الأعـضـــاء، واستـمـرار كـل دولة في إعـطاء الأولـوية لسد احتياجاتها من الموظفـين من مواطني دول المجلـس الأخرى قبل اللجـوء إلى التعاقد مع غيرهم من خارج دول المجلس.
وتبين الإحصائيات التي أعدها قطاع شؤون المعلومات في الأمانة العامة لمجلس التعاون تـزايداً في أعـداد مـواطني دول المجلـس العـاملـين في القـطـاع الحكـومي بالـدول الأعضـاء الأخـرى، حيث ارتفع من حوالي 9 آلاف موظف في العام 2004 إلى ما يزيد على 17 ألف موظف في العام 2013، وبنسبة نمو قدرها 93٪.

حرية التداول في البورصة

منذ ديسمبر/ كانون الأول 1988 سمحت قرارات مجلس التعاون لمواطني دول المجلس بتملك أسهم الشركات المساهمة ونقل ملكيتها وفقاً لعدد من الضوابط والقيود وتم تخفيف تلك القيود والاستثناءات بشكل تدريجي، حتى صدر قرار المجلس الأعلى في قمة الدوحة المنعقدة في ديسمبر/كانون أول 2002 بالنص على المساواة التامة بين مواطني دول المجلس في مجال تملك وتداول الأسهم وتأسيس الشركات، وإزالة القيود التي قد تمنع ذلك. وبنهاية عام 2005، كانت جميع الدول الأعضاء قد أصدرت قرارات تمنح المساواة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في هذا المجال. وفي إحصاءات للأمانة العامة لمجلس التعاون تبرز الآثار الايجابية المباشرة لقرارات المجلس الأعلى، والمتمثلة في ارتفاع نسبة الشركات المساهمة المسموح تداول أسهمها لمواطني دول المجلس من إجمالي مجموع الشركات المساهمة من 20٪ في العام 1985إلى ما نسبته 96٪ في عام 2013، حيث بلغ عدد الشركات المسموح تداول أسهمها لمواطني دول المجلس 659 شركة مساهمة في عام 2013، برأسمال يصل إلى حوالي 226 مليار دولار.
كما أن عدد المساهمين من مواطني دول المجلس في هذه الشركات بلغ حوالي 290 ألف مساهم في عام 2013، حيث حلت دولة قطر في المرتبة الأولى في استقطاب المساهمين من مواطني دول المجلس والبالغ عددهم 190886 مساهماً بنسبة قدرها 66٪ من إجمالي عدد المساهمين. تلتها الإمارات العربية المتحدة حيث بلغ عدد المساهمين فيها 51118 مساهماً وبنسبة قدرها 18٪، وحلت مملكة البحرين في المرتبة الثالثة بعدد 27440 مساهماً، وجاءت كل من سلطنة عمان والمملكة العربية الســـعودية ودولة الكويت في المراتب الرابعة والخامسة والسادسة بعدد 13758 و5149 و1603 مساهمـــين من مواطني الدول الأعضاء، على التوالي.
وقد تصدر المستثمرون السعوديون قائمة المساهمين من أبناء دول المجلس في الشركات المساهمة والمسموح تداول أسهمها لمواطني دول المجلس في العام 2013 بنسبة قدرها 44٪ من إجمالي عدد المساهمين، اما المستثمرون الكويتيون فقد حلوا في المرتبة الثانية بنسبة قدرها 17٪، تلاهم الإماراتيون بنسبة 16٪ والبحرينيون بنسبة قدرها 12٪، ومن ثم العمانيين والقطريين بنسب قدرها 9٪ و2٪ على التوالي. وعلى صعيد التملك سجلت الأرقام الحديثة زيادة كبيرة في أعداد الخليجيين المتملكين للعقار في دول المجلس الأخرى، حيث تم تقييد أكثر من عشرين ألف عملية تملك عقار لمواطني دول المجلس في الدول الأعضاء الأخرى خلال العام 2013، وكانت الإمارات وسلطنة عمان الأكثر استقطاباً لتملك الخليجيين، أما الكويتيون والسعوديون فكانوا أكثر المواطنين تصدرا لقائمة المتملكين للعقارات في دول المجلس الأخرى.

دور لشباب الخليج

استوقف الجميع أثناء الجلسة الافتتاحية لقمة دول مجلس التعاون الخليجي إلقاء شاب وشابة قطريين كلمة للترحيب بضيوف الدوحة، والإعلان عن انطلاق أعمال الدورة، وكان واضحا رمزية اللفتة التي كانت جلية لكل متابع. وتدرك القيادات الخليجية، التي جلها كبيرة في العمر، أن الشباب هم هدف المرحلة المقبلة ولابد من الاهتمام بهم وتعزيز كفاءاتهم ومنحهم فرصة العمل على نهضة دولهم وإن كان في مناصب غير قيادية. وسطرت الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي في السنوات الأخيرة خطة متكاملة عرضتها على القادة تهدف إلى منح الشباب فرصا أكبر تنفيذ قرارات سابقة في هذا الشأن. وقامت الأمانة بتكليف اللجان الوزارية في مجلس التعاون بالنظر في التوصيات والآراء الأولية للشباب، كل فيما يخصه، وتتولى كل لجنة وضع الآليات التنفيذية لما يمكن تطبيقه في إطار مجلس التعاون.
كما قامت بتعميم توصيات ورش عمل الشباب على اللجان الوزارية والتخطيط والتنـــفيذ والعــمل على زيادة النشاطات والفعاليات الشبابية المشتركة مع التركيز على اختيار البرامج والفعاليات وفق أولويات واهتــمامات الشباب.
وأنشأت دول مجلس التعاون صندوقا لدعم ريادة الأعمال لمشروعات الشباب الصغيرة والمتوسطة في دول المجلس، والتعاقد مع جهة متخصصة لوضع آليات عمل الصندوق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول موساليم . المغرب:

    الأسبقية للتكامل الإقتصادي .

إشترك في قائمتنا البريدية