بغداد – «القدس العربي»: مضى عام آخر قاس على العراقيين قدموا فيه 28719 شهيدا وجريحا نتيجة أعمال العنف والمعارك. وجاء عام جديد محفوف بالمخاطر والمخاوف من مستقبل لا يبشر بالكثير من التفاؤل وسط انهيار أمني واقتصادي وإنساني وغياب توافق سياسي بين القوى والمكونات الأساسية العراقية، إضافة إلى تزايد حجم النفوذ الأجنبي.
وضمن الفعاليات الحكومية عقد هذا الأسبوع مؤتمر البصرة للمحافظات برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي لمناقشة سبل تعزيز الإدارة اللامركزية وتطمين المحافظات ومنحها صلاحيات إدارية لمتابعة شؤونها لتخفيف دعوات إعلان الأقاليم التي انطلقت مجددا من المحافظات الجنوبية كالبصرة والعمارة والناصرية للضغط على الحكومة وتثبيت امتيازات اقتصادية لها في ميزانية 2015 .
وقد أكد في المؤتمر حرصه على تطبيق الإدارة اللامركزية ومنح صلاحيات للمحافظات لضمان نجاح الإدارات المحلية في عملها وخدماتها مع اشارة إلى «عدم امكانية العمل بالاتفاق النفطي بين بغداد واربيل اذا ظهر أنه يقدم امتيازات أكثر مما يُقدم لباقي المحافظات» وأنه لا يرضى بالظلم، في تصريح عدته بعض القوى الكردية تراجعا عن الاتفاق النفطي الموقع بين الطرفين.
وفرضت هذا الأسبوع مؤشرات قوية عن تنامي النفوذ الإيراني في العراق الذي أصبحت إيران تجاهر فيه بوجود قوى موالية لها تتحكم في الشأن العراقي. فقد شيعت إيران قائدا عسكريا كبيرا في الحرس الثوري قتل أثناء قيادة الميليشيات الشيعية في معارك سامراء ضد تنظيم الدولة الإسلامية كما أكد مسؤولون إيرانيون وجود مئات المقاتلين الإيرانيين في العراق يشاركون في معارك ضد التنظيم وتنظيمات مسلحة أخرى.
وضمن هذا السياق جاءت تصريحات العميد حسين سلامي مساعد القائد العام للحرس الثوري الإيراني التي أكد فيها أن موازين القوى تغيرت لصالح بلاده، وأن الثورة ارتبطت بأواصر مع العراق وسوريا، حيث تشكلت فيهما قوات شعبية يزيد عديد أفرادها عشرات الأضعاف مقارنة بقوات حزب الله. وأشاد سلامي بإنجازات القوات الشعبية في العراق وسوريا وقال إن تقدمها تحقق بفضل اتباعها النموذج التعبوي والقيم الثورية الإيرانية!.
وتزامن ذلك مع ظهور النائب السابق جمال جعفر الملقب ابو مهدي المهندس في مؤتمر صحافي في المنطقة الخضراء ليعلن عن قرب «تحرير» المحافظات التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية وتحدث ليس بصفته قائد ميليشيات الخراساني بل كمعاون رئيس هيئة الحشد الشعبي المشاركة مع القوات الحكومية في محاربة التنظيم ليؤكد اشراف الحرس الثوري الإيراني من خلاله وآخرين على الميليشيات الشيعية في العراق نظرا لما معروف من صلته الوثيقة مع قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني. والمهندس لمن لا يعرفه مطلوب من الانتربول لتورطه في أعمال إرهابية ضد المصالح الكويتية والعراقية والأمريكية في الكويت ولبنان خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات ولذا كان ظهوره العلني في بغداد في هذه الفترة مثيرا للتساؤلات وخاصة عقب زيارات متبادلة وتحسن العلاقات بين مسؤولي العراق والكويت.
كما تصاعدت من جديد تهديدات بعض العشائر السنية وخاصة في الأنبار بالتوجه إلى إيران لطلب المساعدة في مقاتلة التنظيم اذا لم تبادر أمريكا بتقديم الدعم المطلوب لتلك العشائر.
وضمن السياق جاءت زيارتا وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي والنقل باقر صولاغ إلى طهران والتي أكد خلالها المسؤولون الإيرانيون ان الأمن العراقي هو ضمن اهتمامات الاستراتيجية الأمنـــية الإقليمية. كما تم في الزيارة عقد اتفاقيات أمنية وعسكرية ستزيد من التأثير الإيراني في العراق إضافة إلى اتفاقيات لمد سكك الحديد بين البلدين.
أما في الاطار الاقتصادي فقد بدأت في الظهور تداعيات سلبية بعد الإعلان عن مفردات ميزانية 2015 التقشفية على النشاط الاقتصادي وحركة السوق والاستثمار والبطالة في ضوء نوايا الحكومة اتخاذ اجراءات تقليص النفقات وزيادة الضرائب على قطاعات حيوية مثل خدمات الموبايل والانترنت واستيراد السلع وهو ما سينتج عنه رفع حتمي في الأسعار عموما بما سيشكله ذلك من أعباء تثقل كاهل الطبقات الفقيرة والمتوسطة في المجتمع، إضافة إلى زيادة في نسبة البطالة جراء توقف التعيينات الجديدة. وقد تعالت أصوات سياسية ودينية وشعبية مطالبة بعدم استقطاع نسبة من رواتب الموظفين والاستعاضة عن ذلك بترشيد نفقات الوزراء والنواب والهدر في المال العام جراء سوء الإدارة في الدوائر الحكومية.
مصطفى العبيدي