ثقيل الظل عادة هو حديث المناسبات… اليوم العالمي لحرية الصحافة في الثالث من أيار/مايو هو إحدى هذه المناسبات، نستعرض مآسي الصحافة في العالم في مثل هذا اليوم من كل عام ونتأكد أننا ما زلنا في البلاد العربية في ذيل القائمة، ثم تستمر الحياة ونمضي في حال سبيلنا.
وطالما أن ذلك كذلك، كما يقول فقهاء القانون في تمهيداتهم الطويلة لفتاويهم، فلم لا نحاول هذه المرة ألا نستعرض مآسي الصحافيين في أصقاع مختلفة من العالم وإنما أن نكون «إيجابيين» قليلا فنغتنم هذه المناسبة للإعراب عن ثلاث أمنيات ليس أكثر… عساها تصل إلى أصحاب القرار في ثلاث دول ليس أكثر…
تقول تقارير المنظمات الدولية المعنية بحرية الصحافة أن أسوأ ثلاث دول في العالم في ما يتعلق بعدد الصحافيين المعتقلين على خلفية ممارستهم لمهنتهم هي على التوالي تركيا فالصين فمصر. سنتناول هنا فقط تركيا ومصر ثم نلحق بهما المغرب في سياق مختلف بالكامل.
في تركيا اليوم 73 صحافيا وراء القضبان بانخفاض يقدر بـ8 صحافيين عن عددهم العام الماضي. وقد كانت سلسلة القمع والمضايقات التي يتعرض لها الصحافيون هناك قد تكثفت في أعقاب المحاولة الانقلابية الفاشلة منتصف يوليو/ تموز 2016. لقد مرت تركيا بفترة تكثفت عليها الضغوط من كل حدب وصوب بسبب سياسات الرئيس إردوغان في ملف حقوق الانسان غير أن مثل هذه الضغوط خفت تدريجيا بسبب ما تواجهه أنقرة من أوضاع صعبة في سوريا وحاجة الدول الغربية إليها لترتيب أي تسوية هناك.
لو أقدم الرئيس إردوغان قريبا على خطوة شجاعة بإصدار عفو على هؤلاء الصحافيين المسجونين، أو على الأقل تخفيف الأحكام الصادرة ضدهم، أو أي إجراء مهما كان محدودا، فسيستقبل ذلك بالتأكيد بكل ترحاب من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان ولا سيما المنظمات المدافعة عن الصحافيين، مما سيساهم بالتأكيد في تحسين صورة تركيا السيئة في هذه المحافل الهامة. هذه الأمنية الأولى..
أما في مصر فيعيش الصحافيون المعتقلون أوضاعا صحية سيئة رغم تراجع عددهم من 25 عام 2016 إلى 20 صحافيا معتقلا حاليا، من بينهم 12 لم تتم إدانتهم أو عرضهم على المحاكم أو تصدر بحقهم أية أحكام حيث يتجدد حبسهم على ذمة التحقيق في نوع من التنكيل الممنهج.
لم يعد محل شك الآن، أن نظام الحكم في مصر قد اتجه عن سبق إصرار وتخطيط، وباحتضان إقليمي واضح ورعاية دولية صامتة، إلى ترسيخ حكم شمولي لا علاقة له حتى بحكم مبارك الذي استمر لثلاثة عقود. وقد بدا جليا أن سجن هذا العدد من الصحافيين بتهم ملفقة، أو حتى بدونها، يشكل جزءا من هذا التوجه العام للسياسة المصرية الجديدة داخليا وخارجيا. وضع حدا بأغلب مؤيدي الرئيس السيسي أن ينفضوا من حوله تدريجيا حتى لم يبق منهم سوى الهزيل من السياسيين والضحل من الإعلاميين.
ومع ذلك، فبإمكان الرئيس المصري أن يقدم هو الآخر على خطوة جريئة بالعفو عن هؤلاء الصحافيين مما سيكون له أطيب الأثر في الأوساط الدولية الحقوقية المختلفة. لن تكلفه هذه الخطوة شيئا ولن تهدد قبضته الحديدية بل بالعكس ستضفي أجواء إشادة افتقدها طوال هذه السنوات حيث لا يذكر اسمه إلا باستحضار كامل السردية من الانقلاب إلى اليوم. هذه الأمنية الثانية…
أما الأمنية الثالثة فلها علاقة بالمغرب، فهذا البلد الذي استطاع أن يخرج من إعصار «الربيع العربي» بصيغ خلاقة لتجديد نظام الحكم، رغم بعض العيوب والنقائص، عرف دائما بهامش لا يستهان به في حرية الصحافة مع تعدديته الحزبية المعروفة. ولهذا كان صادما ما حدث فيه مؤخرا من قضية بدت مرتجلة وملفقة تماما ضد الصحفي توفيق بوعشرين مدير جريدة «أخبار اليوم» الذي انطلقت محاكمته في الأيام القليلة الماضية بالدار البيضاء بتهم ثقيلة من بينها الاغتصاب والتحرش الجنسي والاتجار بالبشر، علما بأن في المغرب الآن 4 صحافيين في السجن.
وقد انكشفت المزيد من خيوط تهافت التهم الموجهة لبوعشرين ما أقدمت عليها إحدى السيدات ممن زج باسمها في هذه القضية حيث بعثت برسالة إلى ديوان القصر الملكي تطالب فيه العاهل المغربي بحمايتها وإنصافها، صارخة «يا ملك البلاد، لست مشتكية ( بالصحافي المُحاكم) ولم أكن مشتكية». كما أبرز الدفاع أنه ليس صدفة أن تقدم أول شكوى ضد بوعشرين، يوم 13 شباط/فبراير الماضي، أي بعد يوم واحد فقط عن صدور حكم قضائي ضده، في قضية رفعها وزيران في الحكومة المغربية بدعوى القذف في حقهما. أمنية المغرب أسهل بكثير.. عفو من الملك محمد السادس يضع حدا لتنمر وزيرين على صحفي أزعجهما بجرأته وقلمه ليس أكثر..
ثلاث أمنيات لن تكلف شيئا، ونفعها سيكون على السلطات قبل غيرها… فهل هذا كثير؟!!
٭ كاتب وإعلامي تونسي
محمد كريشان
حرية الصحافة تكون بحرية الشعوب , ولهذا لا توجد حرية صحافة بمعظم بلادنا العربية ! ولا حول ولا قوة الا بالله
غريب أن يقتصر حديث أستاذنا …على الصحافيين…..? حتى فى سياق اليوم العالمى لحرية الصحافة……!
حقوق الانسان لا تتجزأ……
*إذا كان أكبر راس في الدولة (العربية )
شبيح أو ازعر أو مراهق..؟!
لا عجب من رؤية (صحفيين)
ومثقفين وراء القضبان..؟
حسبنا الله ونعم الوكيل
في كل حاكم ظالم.
سلام
وما الفائدة يا استاذ ان يصدر الحاكم عفوه عليهم اليوم ويعيدهم غدا . المشكلة في غياب اعتراف الحاكم بحرية التعبير .