6 مشاهد تجعلني أسأل

حجم الخط
1

سمية حرّوق: المشهد الأول: في صف الأول ثانوي. أحفظ سورة مريم لمسابقة قرآنية، وأردد الآية «قالت يا ليتني متُّ قبل هذا وكنتُ نسياً منسياً» وأتساءل ما هذا الوجع الفظيع الذي يجعل أكثر امرأة في الأرض إيماناً أن تتمنى الموت.
المشهد الثاني: سنة رابعة طب. أول ولادة أحضرها. أشاهد بأمّ عيني كيف تولد حياة من حياة.. أصاب بالهلع. أدوخ.
المشهد الثالث: في أمريكا، اختي تصرخ في غرفة الولادة: «سوسوووو ساعديني يا سوسووو ما عاد فيني». بعد دقائق تنجب، صبياً مثل الفل. يبكي زوجها على الهاتف العابر للقارات، ويقول لها: انت بطلة والله! انت بطلة يا مرتي». وأفكّر فعلاً، هذا الشيء بطولة حقيقية، بطولة قامت بها بمفردها وزوجها لم يتحمل منها شيئا ولم ير حتى الألم .
المشهد الرابع: أنا أفكّر في عدل الله، ولماذا خلق الله للمرأة كل تلك الأوجاع، في عادتها و في ولادتها، وأتساءل لماذا لا يتألم الرجال بربع الألم؟ يكفّرني الكثيرون، ينهالون بالقدح والذم، وأحسنهم يدعو لي بالهداية. لكني أستمرّ بالتساؤل.
المشهد الخامس: بعد أن أنهيتُ نقاشاً طويلاً مع أهلي، أفشل فيه أن أقنعهم أني لستُ بحاجة أن أتزوج كي أشعر بالاستقرار، وبأنني سعيدة في حياتي وأنهم لا يجب أن يقلقوا عليّ؛ أفشل طبعاً، وتظل جملتهم الشهيرة: ما رح نطمّن عليك لتتزوجي.
المشهد السادس: أحاول أن أجمع المشاهد السابقة في رأسي:
المرأة – البطلة، تتحمّل آلاماً تجعلها تتمنى الموت. تمني الموت لا علاقة له بالإيمان، وبالرغم من ذلك فهي عاجزة عن أن تهتم بنفسها برأي المجتمع.
المرأة الحديدية التي تتمكن من أن تتحمل كل الآلام والمصاعب هي امرأة بحاجة رجل كي يطمئن المجتمع عليها، رجل لا يشاركها أي آلام، ولا يشاركها حتى نصف المسؤولية. أفكّر: هل خلق الله للمرأة كل هذه الآلام حتى لا يترك لديها شك بنفسها وبقدراتها؟ هل كان ذلك دليلاً لها من الله للمجتمع من حولها بأنها أقدر من الرجل؟ وبأن الحقيقة هي أن الرجل هو الذي يحتاج المرأة أكثر من حاجتها له؟
هل هي رسالة الله للمجتمع بأن: لا تخف على بيت طالما المرأة فيه؟. كيف يمكنني أن أقول العكس وقد نشأتُ في بيت تحرّكه أرملة قوية بمفردها؟. ما دمتِ تستطيعين أيتها المرأة أن تقومي بأصعب مهام الأرض فلمَ يقنعونكِ أنك لا تستطعين فعل أي شيء تريدين؟
لا يمكنني أن أجدَ تفسيراً غيره يطمئنُّ له قلبي، حتى الآن. هل كنتُ لأصل لهذه الفكرة لو أني سمحتُ لمن حولي بأن يقمع أفكاري وتساؤلاتي؟. لست أطرح أسئلة للإجابة، لست أنتظر أجوبة، ولا تنتظروا أجوبتي فأنا لا أبحث عن إقناع أحد وإنما أبحث عن إقناع نفسي وأشارككم ما دار فيها.

طبيبة لبنانية شابة

6 مشاهد تجعلني أسأل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول السوري الثائر:

    ما وصلتني الفكرة بصراحة !!!

    هل هذا المقال دعوة للمرأة أن تعتمد على نفسها فقط أم ماذا ؟

    يرجى التوضيح

إشترك في قائمتنا البريدية