القاهرة ـ «القدس العربي»: امتلأت الصحف المصرية الصادرة أمس الأحد 12 آذار/مارس بالكثير من الموضوعات والأخبار والمقالات والتعليقات الساخنة، الغالبية اهتمت بالارتفاعات المستمرة لأسعار السلع، رغم جهود الحكومة للحد منها، خاصة مع عودة سعر الدولار للارتفاع.
كما اهتمت الغالبية أيضا بمباريات كرة القدم واستمرار أزمة نادي الزمالك وتهديده المستمر بالانسحاب من الدوري العام، بسبب عدم احتساب ضربة جزاء مؤكدة له في مباراته مع المقاصة لم يحتسبها الحكم، وخروجه مهزوما واحد صفر.
وبعدها توزعت الاهتمامات حسب مصالح الفئات والمحافظات، فالمهتمون بالسياسة لفت انتباههم احتفال الرئيس عبد الفتاح السيسي بيوم الشهيد، وهو التاسع من مارس ومتابعته استشهاد الفريق عبد المنعم رياض عام 1969 عندما كان على الخط الأمامي، غرب قناة السويس يراقب الموقف على الضفة الشرقية، التي تحتلها القوات الإسرائيلية، وسقطت قذيفة على الموقع الذي كان فيه وتوفي على الفور.
كما اهتم فريق من المثقفين باستخراج تمثال للملك رمسيس بواسطة البعثة المصرية ـ الألمانية من منطقة العسلة في حي المطرية شرق القاهرة، والغضب من طريقة استخراجه وكسر رأسه. بينما الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أكد أنهم وجدوه مكسور الرأس. وملايين من العاملين في السياحة وأصحاب الشركات ازدادوا تفاؤلا بعد مؤتمر السياحة العالمي في برلين في ألمانيا من الدعوة لزيارة مصر. وبدأ تدفق السائحين الأوروبيين، إلا أن أعينهم لا تزال تتركز على عودة السياحة الروسية، لأن عدد السائحين منها يصل إلى ثلاثة ملايين.
وكثيرون انتابهم القلق من استمرار استشهاد ضباط وجنود شرطة في العريش، واندهاشهم من عدم القضاء نهائيا على الإرهابيين هناك، رغم النجاحات التي حققتها الشرطة وزيادة تدفق المعلومات عليها، إذ أصبحت الأخبار شبه اليومية التي تحمل أنباء استشهاد ضباط وجنود تثير القلق. وهناك اهتمام من أصحاب المحلات التجارية والمدارس والأسر بقرب الاحتفال بعيد الأم. وفريق من المستثمرين ورجال الأعمال واصلوا شكوكهم في الرئيس عبد الفتاح السيسي، رغم التسهيلات الضخمة التي حصلوا عليها بسبب إصراره على توسيع قاعدة ملكية الدولة في الاقتصاد، بعد تعاقد الحكومة مع مكتب استشاري بريطاني لعمل دراسة لتطوير مصنع الحديد والصلب في حلوان، وإنشاء مصنع آخر جديد، بطاقة إنتاجية تصل إلى ثلاثة أرباع مليون طن، بل تعيين مئتين وخمسين مهندسا جديدا. أما الخارجون على القانون والهاربون من تنفيذ الأحكام القضائية ضدهم فقد واصلوا الاختباء في أماكن غير معروفة هربا من حملات الشرطة ضدهم، واستمرارها كذلك في إزالة الاعتداءات على الأرصفة وأملاك الدولة، وضبط حركة المرور في الشارع، وإلى ما عندنا من أخبار أخرى..
الدولار والأسعار
ونبدا بعودة الدولار إلى الارتفاع من جديد أمام الجنيه، بعد أن كان قد تراجع في الأسابيع الماضية، ما زاد من حدة ارتفاع الأسعار المتواصل، ما دعا رئيس تحرير مجلة «روز اليوسف» إبراهيم خليل إلى الإشارة إلى تورط أعضاء في مجلس النواب في عمليات الاستغلال وقال: «بعض النواب دخلوا البرلمان لتحقيق المصالح الشخصية، والناس اختارتهم على أساس المصالح العامة، ولكنهم مصرون على مصالحهم الشخصية الضيقة، وأقل ما يوصف به كل هؤلاء المستغلين والمحتكرين، هو الاجرام في حق أنفسهم وحق الناس. ونقول لهم إرحموا مصر وارحموا المصريين، بسبب ما تمر به مصر من إرهاب وتآمر خارجي وتحديات، ونسأل أين أنتم من كل هذه المسؤوليات وأين تقفون وما هو دوركم؟ لقد وصل ما تقومون به من استغلال وجشع إلى حال من الخطورة لم يعد من السهل السكوت عليها، احتكار واستغلال وغلاء تقومون به ولا نعرف ماذا تخفون من ألاعيب جديدة ضد الناس؟ نقول هذا الكلام لأن الإرهاب الذي يقوم بأعمال القتل والذبح ويوثق أعماله بالصوت والصورة لا يستحي على شاكلته ولا تستحيون بما تقومون به من ذبح الناس برفع الأسعار والاستغلال».
شروط البنك الدولي
وأمس الأحد ناقش إبراهيم عوض أستاذ السياسات العامة في الجامعة الأمريكية مشكلة الدولار والأسعار، وشروط البنك الدولي في مقال له في جريدة «الشروق» والموقف الصعب للحكومة المصرية وقال عن محاولاتها التحكم في الأسعار: «جلي أن التحكم في الأسعار النهائية غرضه هو التخفيف على المواطنين، وهذا مسعى محمود، ولكن ماذا سيكون رد فعل صندوق النقد الدولي الذي يعتبر توحيد سعر الصرف من دعائم منهجه الاقتصادي؟ هل كان تحديد سعر الدولار الجمركي بالاتفاق مع الصندوق؟ أم أنه عندما يراجع هذا الأخير التقدم المحرز في تطبيق البرنامج سيعتبر أن شروطه لم تحترم، وبالتالي يثير مشكلات في تسديد الدفعة الثانية من القرض؟ من المؤكد أن لا أحد يريد ذلك ولكن التساؤل يفرض نفسه، لأنه إن حدث وتباطأ الصندوق في تسديد الدفعة الثانية، فلن يكون قد نال المواطنين غير العنف المالي الذي مورس بحقهم، سيسرع البعض عندها بمهاجمة صندوق النقد الدولي على الشروط المجحفة التي يفرضها على الدول المقترضة منه. منهج الصندوق في إدارة الاقتصاد العالمي والاقتصادات الوطنية المكونة له، يستحق التفنيد والتنديد لأنه يركز الثروة والدخل ومن ثم القوة السياسية في أيدي القلة، ويوسع من التفاوت بين الناس في كل البلدان النامية منها والمتقدمة، وفي العالم عموما».
مشاكل وانتقادات
وإلى المشاكل والانتقادات خاصة أزمة رغيف الخبز، التي ظهرت في بعض الأحياء في عدة محافظات مثل الإسكندرية والمنيا والفيوم، بسبب قرار الحكومة تقليص حصص الخبز المدعم الذي تصرفه الأفران لمن لهم بطاقات، وأدت إلى مظاهرات وتجمعات اضطرت الحكومة إلى تراجع مؤقتا حتى تستكمل خطتها في توفير «الكروت الذهبية» التي تصرفها للمستحقين والتي يصرفون بها العيش المدعم. وخصصت «الأهرام» تعليقها في الصفحة الثالثة يوم السبت لهذه القضية بقولها: «بعد أن ثبت أن جانبا كبيرا من دعم الدولة للسلع التموينية يضيع قبل أن يصل إلى مستحقيه، حيث تلتهم جانبا منه مافيا الدعم من التجار الجشعين الذين يتلاعبون بهذه السلع ويقومون بإخفائها وبيعها في السوق السوداء، وتحقيق أرباح كبيرة من وراء ذلك. كما يستنزف بعض الأغنياء وغير المحتاجين جانبا آخر منه، لذلك فإن مواجهة هذه الظاهرة وحماية الدعم أصبحتا ضرورة ملحة للحفاظ على أقوات الشعب، ومليارات الجنيهات التي تخصصها الدولة لدعم السلع. كما أصبح من الأهمية بمكان أن تجد الدولة الوسائل والبدائل التي تضمن وصول الدعم إلى مستحقيه، قبل أن يتم استنزافه بواسطة هذه الفئة، التي برعت في ابتكار أساليب الاستيلاء على هذا الدعم، من خلال بطاقات تموين وهمية يحصلون بها على هذه السلع دون وجه حق، ويحرم منها المحتاجون والفقراء أصحاب الحق الأصيل في هذا الدعم. إن تصويب هذه الأوضاع يتطلب إجراءات عاجلة لتصحيح بيانات البطاقات التموينية وتنقيتها من المتلاعبين وغير المستحقين، وإيجاد قواعد بيانات حديثة تشمل المستحقين دون غيرهم، لضمان وصول الدعم لمستحقيه وعدم إهدار أموال الدولة. في الوقت نفسه يجب تغليظ العقوبات على المخالفين والمتلاعبين بالدعم، من خلال سن التشريعات الرادعة للجشعين والمتلاعبين بقوت الشعب».
اختياران أحلاهما مرّ
ونظل في «الأهرام» لنكون مع المشكلة نفسها، إذ قال رأفت أمين في عموده «الناس والاقتصاد»: «خرج علينا البنك المركزي ليعلن الاتفاق مع شركات السياحة على توفير 700 مليون ريال سعودى لتغطية مصاريف العمرة خلال أشهر رجب وشعبان ورمضان المقبلة، مع توفير ألف ريال لكل معتمر. والمتوقع أن يصل عددهم وفق أقل التقديرات إلى نصف مليون معتمر، أي أنه سيتم تدبير ما يقرب من 21 مليار ريال، في الوقت الذي نواجه فيه أزمة حقيقية في رغيف العيش، ونقصا ملحوظا في الكثير من الأدوية والمستلزمات الطبية، والكثير من الاحتياجات الأساسية. ومما يؤكد أننا نعاني من نقص واضح في النقد الأجنبي، هو عودة أسعار صرف العملات الأجنبية إلى الارتفاع مرة أخرى. الحديث عن العمرة وترشيدها من الأمور شديدة الحساسية، خاصة بالنسبة للمصريين، فإذا قلنا بضرورة وقف رحلات العمرة لمدة زمنية معينة لحين استعادة الاقتصاد عافيته، سنواجه بالكثير من الاتهامات، وإذا تركت الأمور على ما هي عليه فسيتم استهلاك جزء غير قليل من الاحتياطي، والبنوك تقول إنها اتجهت إلى الالتزام بتوفير الريال للمعتمرين، حتى لا يتجهوا إلى السوق السوداء مرة أخرى. فالاختياران كلاهما مر، سواء وقف العمرة وترشيدها، أو تركها مفتوحة على حساب احتياجات أساسية تريدها الغالبية العظمى من المواطنين. وما شهدته الأسواق خلال الأيام الماضية من أزمة في رغيف العيش، يؤكد صدق كلامنا بأن هناك أزمة وأن الحكومة تسعى لترشيد الدعم لعلاج مشكلة عجز الموازنة، خاصة أن كثيرا من أموال الدعم تذهب لغير مستحقيها، بسبب غياب المعلومات المدققة عن الدخول الحقيقية للمواطنين، ومدى أحقيتهم في الحصول على أموال الدعم. وللأسف هذا الغياب في ظل توافر تكنولوجيا تمكننا من حصر دقيق لكل ما نريد حصره من معلومات، ولكن العشوائيات التي ضربت كل جزء من حياتنا هي السبب في ذلك فلا يمكن لمجتمع 60٪ من اقتصاده يعمل بشكل غير رسمي ونبحث فيه عن عدالة توزيع الدعم».
معارك وردود
وإلى المعارك والردود التي بدأها يوم السبت فهمي هويدي في مقاله اليومي في «الشروق»:
«الغلط يورطنا في مزيد من الغلط، فقد اختير ضابط الشرطة السابق الذي وصف بأنه خبير في التعذيب رئيسا للجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، وهو أمر افتقد إلى الملاءمة وحسن الإخراج، وبدلا من أن نستر المسألة ونداري على الخبر فإن الرجل بصفته تلك ألقى كلمة مصر في اجتماع لمكافحة الإرهاب والجريمة، عقدته الأمم المتحدة في فيينا وكان ظهوره في محفل دولي هو الغلط المضاعف، إذ لم تكن هناك مشكلة في الخطبة العصماء التي ألقاها (التي تمنيت أن يراجعها أحد الدبلوماسيين لكي تكون أكثر رصانة واحتشاما) لأن وجوده هو ما كان لافتا للأنظار ومثيرا للدهشة، ذلك أن الذين أوفدوه تصوروا أن المشاركين في المؤتمر لا يعرفون شيئا عن الذي يجري في مصر، ونسوا أن دولهم لها سفارات في القاهرة، تتابع كل صغيرة وكبيرة بأعين مفتوحة وآذان شديدة الحساسية وسريعة الالتقاط، لما يثار فيها من لغط، بالتالي فإن سجل الرجل على الفيسبوك والوقائع التي حفل بها، خاصة ممارساته في قسم شرطة الهرم، سواء تعلقت بالتعذيب أو بأشياء أخرى أو ممارساته حين كان مرشحا عن الحزب الوطني، ذلك كله في متناول الجميع، لذلك لم أستغرب ما قاله أحد الدبلوماسيين الغربيين عن أن أكثر ما أثار الانتباه في اجتماع فيينا وجود الرجل وليس كلامه، وكانت رمزية ذلك الوجود هي موضوع الهمس واللغط بين المشاركين. لقد نشرت صحف الأسبوع الماضي التصريحات الرسمية الأمريكية التي تحدثت عن أن مصر تعاقدت مع شركتين للعلاقات العامة في واشنطن لتحسين صورتها مقابل مليون و800 ألف دولار وذلك عمل مشروع هناك، لكن الذين أقدموا على تلك الخطوة لم ينتبهوا إلى أن جدية الإصلاح الداخلي هي أفضل ما يحسن الصورة في الخارج».
تحسين صورة مصر
وفي الصفحة الخامسة من العدد نفسه من «الشروق» عالج خالد سيد أحمد في عموده اليومي المشكلة نفسها بأن طالب الحكومة أن توفر فلوسها وتهتم بتحسين الأوضاع في مصر وقال: «الحديث عن تعاقد الدولة المصرية مع شركتي علاقات عامة أمريكيتين لـ«تحسين» صورة مصر في الولايات المتحدة، مقابل 18 مليون دولار سنويا، يطرح سؤالا بسيطا وهو: «أليس من الأفضل بدلا من ندفع أموالا لشركات علاقات عامة، أن نبدأ عملية تحسين الصورة من الداخل، بمعالجة حقيقية للقصور الواضح في السياسة والاقتصاد وملف الحريات وحقوق الإنسان والتوقف عن خنق المجال العام؟ كيف يمكن أن نروج للتطورات الاقتصادية التي تحدث في مصر، والحكومة لدينا تتخذ قرارات عشوائية من دون دراسة كافية ومتأنية وتفكير متعمق في تداعياتها وعواقبها على ملايين المواطنين، أبرزها القرار الأخير لوزير التموين علي المصيلحي بتعديل كميات الخبز الموزعة على «الكارت الذهبي» لأصحاب البطاقات الورقية، وبدل الفاقد والتالف، ما أدى في لمح البصر إلى إشعال الشارع بمظاهرات غضب واحتجاج وقطع للطرق والسكك الحديدية، وكاد الأمر أن يتطور إلى ما هو أكثر من ذلك لولا التراجع غير المباشــر عن ذلك القرار».
توجيهات الرئيس
وإلى قضية أخرى أثارتها في «المصري اليوم» أنيسة عصام حسونة وهي ابنة المرحوم المستشار عصام حسونة وزير العدل في الستينيات في القرن الماضي، فقد تعجبت من عدم تحرك المسؤولين إلا ذا أصدر لهم الرئيس توجيهاته وقالت: «أصبح من طبائع الأمور أن نرى الرئيس مضطرا للاجتماع بالمسؤولين، للتأكيد على تنفيذ إجراءات من المفترض بداهة أن يبادروا للقيام بها من تلقاء أنفسهم، دون الحاجة لتوجيهات رئاسية؟ وهل مطلوب منّا ألّا نندهش عندما تدفع الأزمات الرئيس مثلا إلى أن ينبّه إلى أهمية ضبط الأسواق والحفاظ على أسعار السلع في الحدود الآمنة، التي تقي قوت المواطن من جنون الأسعار؟ أو ضرورة تشجيع الاستثمار لخلق فرص عمل جديدة؟ أو حتمية الاهتمام بالسياحة لجذب الوفود الأجنبية؟ فهل هذه القضايا على أهميتها هي التي من المفترض أن تشغل جدول أعمال الرئيس أو تستهلك وقته وطاقته؟ وإذا كان الأمر كذلك إذن فما هو دور المسؤولين التنفيذيين والجهاز البيروقراطي التابع لهم، الذي يضم حوالى سبعة ملايين موظف، يمكنهم أن يبنوا هرما رابعا وينجزوا المعجزات إذا توافرت الإدارة الرشيدة والصارمة، في آن لاستغلال طاقاتهم على الوجه الأكمل؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك فماذا يمكن أن يحدث بمصر إذا لم يصدر الرئيس توجيهاته لأفراد الجهاز التنفيذي بشأن جميع تفاصيل ودقائق عملهم اليومي المعتاد؟ هل سيتوقفون حينئذ عن العمل؟».
المسيحيون والأزهر
وإلى الإسلاميين ومعاركهم التي بدأتها جريدة «الدستور» في بابها اليومي الذي تكتبه تحت عنوان «اشتباك» وكان عنوانه «ماذا لو تقدم مسيحي طالب للدراسة في جامعة الأزهر؟» وطالب وكيل الأزهر الدكتور الشيخ عباس شومان بأن يجيب عنه وقالت: «لو سألت أي مسيحب عن تفضيلات الدراسة لديه، فحتما لن يختار جامعة الأزهر، ليس لأسباب دينية فقط ولكن لأن الدراسة العملية والنظرية فيها فعليا لا جدوى منها ولا فيها، ولذلك فالحديث عن التحاق المسيحيين بجامعة الأزهر لا ينصرف إلى الفائدة المباشرة، بقدر ما يتعلق بتأكيد معنى المواطنة الكاملة، إذ كيف لمؤسسة تعليمية تحصل على تمويلها من دافعى الضرائب المسلمين والمسيحيين، تغلق الباب أمام مواطنين بسبب دينهم؟ ستقول إن هذا باب من أبواب الفتنة لا داعي للولوج منه أو حتى الاقتراب منه. حسنًا سأقول لك، الحل في القانون في اللوائح فلا ضرر من أن ينص القانون على حق جميع المواطنين في الالتحاق بأي نمط من أنماط التعليم، ثم نترك لهم حرية الاختيار، وللمؤسسات التعليمية حق وضع شروط تتناسب مع النمط الذي تقدمه. مناسبة هذا الكلام ما فعله النائب محمد أبوحامد عندما تقدم بمشروع لمجلس النواب وضع خلاله مشايخ الأزهر في خانة «اليك» ومن بين ما أحرجهم به هو مطالبته بإتاحة الحق للمسيحيين في الدراسة في المعاهد والكليات الأزهرية. اختلفت الآراء، هناك من يؤيد وهناك من يعارض داخل جامعة الأزهر ومشيخته، لكن لفت انتباهي ما قاله الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف في تصريحات صحافية، فهو يرى أنه لا يوجد نص يمنع التحاق أي مصري بالدراسة في جامعة الأزهر، سواء كان مسيحيًا أو يهوديًا، إلا أن شروط القبول لا تنطبق سوى على المسلمين، حيث يشترط للطالب حفظ القرآن، هذا غير نظام الدراسة الذي لن يكون مناسبًا للطلاب غير المسلمين، حيث يتضمن علوم الفقه والتفسير والعقيدة والحديث. فتح شومان الباب حتى يبرئ نفسه من تهمة التعصب، ثم أغلقه تمامًا بشروط يرى أنها لا تنطبق على غير المسلمين والسؤال: ماذا لو تقدم مسيحي طالبًا الدراسة في جامعة الأزهر قابلًا كل الشروط؟ هل تتقبله الجامعة بالفعل؟ أم تضع مزيدًا من العراقيل في طريقه؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن يجيب عنه عباس شومان بدلًا من مراوغات لفظية وتناقضات تدلنا على رغبة في المنع أكثر من الاستعداد للقبول وهذه هي المشكلة الحقيقية».
مبارك بعد البراءة
وإلى الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك الذي حصل على البراءة في قضية قتل المتظاهرين أثناء ثورة يناير/كانون الثاني وقول مؤمن ماجد في «الجمهورية» عنه في عموده «ضد التيار» أمس الأحد: «لم أكن يوماً من مؤيدي أو مريدي الرئيس حسني مبارك، وكنت أعتقد دائماً أن منصب رئيس مصر أكبر من قدراته وإمكانياته، لكنه ظل يشغل هذا الموقع لمدة 30 عاما، ولذلك فإن إسقاطه من التاريخ ليس إهانة لشخص، وإنما تزييف لتاريخ أمة. عندما اختار السادات مبارك نائباً له كان يبحث عن شخص مطيع ينفذ الأوامر بدقة ولا يتآمر ضده، وشاءت الأقدار أن يتم اغتيال السادات ويتم اختيار مبارك رئيساً لمصر، وهو منصب لم يكن مستعداً له أو حتى حالماً به. سعى مبارك في سنوات حكمه الأولى إلى المصالحة والمهادنة مع الجميع، من أقصى اليسار إلى أبعد نقطة في اليمين، في محاولة لإقناع نفسه وإقناع الآخرين بأنه رئيس لكل المصريين. اجتهد مبارك كثيراً في إرضاء الشعب في سنوات حكمه الأولى، ولكن مع طول فترة حكمه وتسلل المنتفعين إلى حاشيته، ومع تشعب البارعين في صناعة فرعون، تصور مبارك أنه الزعيم الأوحد ومرسل العناية الإلهية لإنقاذ الشعب المصري. بدأ المنتفعون بعد ذلك في تحقيق المكاسب الشخصية على حساب الوطن، واستغلوا غيبوبة مبارك عن وقائع التاريخ، فتحول غالبية الشعب إلى كتلة من الغضب والسخط. وعندما حدثت 25 يناير/كانون الثاني، لم يكن مبارك مصدقاً أن الشعب ثار ضده، واعتبر المعترضين عليه جاحدين وناكرين للجميل، وقال عبارته الشهيرة «أنا أو الفوضى». كانت تلك قناعات مبارك لذلك لم يهرب وامتثل لإرادة المجلس العسكري وتنحى عن الحكم ليخرج من قصر الرئاسة إلى الزنزانة. هل كان مبارك مجرما وأمر بقتل المتظاهرين؟ هل كان فاسداً واستغل سلطته لتكوين ثروة خرافية؟ هل تآمر على مصر وكان عميلاً لأعداء الوطن؟ عشرات الأسئلة التي تشغل الكثيرين وستظل تشغلهم لسنوات طويلة. المهم أن مبارك كان رئيساً لمصر لمدة 30 عاماً وإسقاطه من الحسابات ورفض ذكره في كتب التاريخ والمناهج الدراسية وإزالة اسمه من على المنشآت ومن محطة المترو، ليس إهانة لشخصه وإنما هو تزييف لتاريخ أمة».
مجلس النواب
ومن مبارك إلى مجلس النواب ورئيسه والدهشة التي أبداها محمد الدسوقي رشدي في مقاله في «اليوم السابع» من اتهامات رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال لبعض أعضاء المجلس وتمس ذممهم المالية وتتهمهم بالتآمر على الدولة قال الدسوقي: «في الشهور الماضية من عمر البرلمان، كلمة سر تكررت أكثر من مرة على لسان الدكتور علي عبدالعال كلمة تكررت في العلن خلال الجلسات العامة، وفي بعض التصريحات الصحافية، مربكة ومثيرة للقلق عن وضع البرلمان ونوابه «أنا أعلم عنك الكثير» تلك ليست كلماتي، هذه كلمات رئيس مجلس النواب لا يوجهها إلى مواطن عادي أو سياسي بعينه، أو معارض هارب خارج القطر المصري، بل يطلقها كما السهم في صدر بعض نواب البرلمان أحيانا يسميهم وكثيرا يخفي أسماءهم، فماذا يعلم رئيس البرلمان عن نوابه؟ وهل ما يعلمه شديد الخطورة إلى هذه الدرجة التي تجعله يلمح ولا يصرح؟ «أنا أعلم عنك الكثير» يقولها الدكتور علي عبدالعال ببساطة وسلاسة من يملك المعلومة.
قالها ذات مرة للنائب حسام الرفاعي: «لديّ الكثير سأقوله في الوقت المناسب. أنا أرفض أن تقول كلاما تظهر من خلاله أنك وطني أكثر من أعضاء البرلمان». ومن قبل قال كلمة أخف وطأة منها للنائب فتحي الشرقاوي: «أنت تثير القلق» ومن بعدها كررها بصياغة أخطر موجها كلماته للنائب محمد الكوران: «أعلم كل مخالفاتك لكنني لا أتحدث عنها». ثم تطورت صياغة الكلمات نفسها في ثوب أكثر خطورة حينما قال رئيس البرلمان للنائب فتحي قنديل: «أنا أعلم لأي تنظيم تنتمي وممن تتلقى التعليمات وخطط التحرك». كان هؤلاء ما صرح بأسمائهم، والآتي أكثر غموضا وخطورة، فلا خطر على السلطة التشريعية في مصر أخطر من أن يحدثنا رئيس مجلس النواب عن وجود بعض من أعضاء برلمانه يحصلون على تدريبات للعمل ضد البرلمان والدولة قائلا بالنص: «إن بعض النواب يلتحقون بمراكز تُدربهم لانتقاد السياسة المالية للدولة والتجريح في المؤسسة التشريعية»، وهي اللهجة نفسها التي استخدمها متحدثا عن نواب آخرين قال عنهم: «هؤلاء مجموعة معروفة جيدًا وانكشف عنها الحجاب وإننا نسير في الطريق الصحيح رغم قيامهم بدفع أموال كثيرة جدًا، ليس لإسقاط المجلس فقط، وإنما الدولة أيضًا ولكن للصبر حدود». كلمات رئيس مجلس النواب ينبغي أن لا تمر مرور الكرام، فلا كلمة منها وجهت لنائب بعينه أو تم التصريح بها دون اختصاص نائب باسمه، تحمل دلالات بخلاف دلالة واحدة على أن البرلمان مفخخ بنواب لديهم مخالفات ويعملون ضد الدولة، أو هكذا يظن رئيس مجلس النواب. ما الذي يعرفه رئيس مجلس النواب عن نوابه ولا يريد مصارحة الشعب به؟ وهل يحق للدكتور علي عبدالعال أن يلمح بوجود خبايا وأسرار ومخالفات لنواب دون أن يحيلهم للتحقيق لاستبيان الحقيقة؟ أم أن ما يستخدمه رئيس البرلمان مجرد عبارات مبهمة لتهديد نواب لا يتحركون وفق هواه؟ رئيس البرلمان وحده هو الموكل بأن يفض هذا الاشتباك، إما أن يخبرنا بما بقصده من هذه الاتهامات المبطنة التي يوجهها لنوابه، وإما سيستقر في وجدان المواطن أن الدكتور علي عبدالعال يخفي حقيقة بعض نوابه عن الشعب، أو يهدد بعض النواب أمام الشعب وفي كلا الحالتين ليس هذا بالأمر الجيد على صورة البرلمان التي لا ينقصها شرخ جديد أو تشويه أكثر مما تعاني».
«الضرب بالجزمة القديمة»
وفي «المصري اليوم» أخذنا المؤرخ والأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة صلاح عيسى إلى قضية أخرى، حيث اقترح على رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال، مشروعا بإدخال قانون جديد عن «الضرب بالجزمة القديمة» تعليقا على مطالبة عضو المجلس ورئيس نادي الزمالك مرتضى منصور بضرب مهاجمي المجلس بالجزمة القديمة وقال عيسى: «حضرة صاحب المقام الرفيع الأستاذ الدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب، حفظه الله وأبقاه ذخراً لديمقراطية البلاد، وزاداً لحرية العباد، بعد التحية: أمضيت الأسبوع الماضي أبحث في كل مضابط مجالس النواب المصرية، منذ اجتمع أول مجلس نيابي عام 1866 في عهد أفندينا الخديوي إسماعيل حتى الآن، عن عبارة «الضرب بالجزمة القديمة» التي وردت ضمن وقائع الجلسة التي عقدها مجلسكم الموقر في الأسبوع الأسبق، في سياق المناقشة التي كانت تجري تحت القبة، حول ما تنشره الصحف وأجهزة الإعلام من أخبار وانتقادات عن أداء مجلسكم الموقر، وانطوت على تهديد صريح باستخدام هذا السلاح المبتكر في التعامل مع الصحافيين فلم أجد حرفاً واحداً في مضابط هذه الجلسات يشير إلى أن مجلساً من المجالس النيابية سبق له أن منح أحداً من المصريين – ناهيك عن أن يكون من الصحافيين والإعلاميين – شرف الضرب بالجزمة، سواء كانت قديمة أم جديدة. وعلى عكس ما توقعته فإنني لم أجد في ما نشرته الصحف من وقائع الجلسة ما يدل على أن رفعتكم قد استأذنتم المجلس الموقر في شطب هذه العبارة من مضبطة الجلسة، اكتفاءً باعتراضكم على أن الجزمة التي ورد ذكرها «قديمة»، وهو ما حملني على الظن بأن الدستور المصري قد أضاف إلى الحقوق والحريات العامة التي يتضمنها، نصاً يمنح النواب حق الضرب بالجزمة القديمة، ويوجب على المواطنين قبول هذا النوع من العقوبات، ومع أنني لم أجد في الدستور نصوصاً بهذا المعنى، بل وجدت على العكس نصوصاً تصون حرية الصحافة والإعلام، وتحظر مصادرتها أو تعطيلها أو إغلاقها أو توقيع عقوبات سالبة للحرية في جرائم النشر، إلا أنني رأيت أن من واجبي أن أتطوع بتفصيل قانون ينظم ممارسة مجلسكم الموقر حق الضرب بالجزمة القديمة، وممارسة الصحافيين والإعلاميين للواجب الوطني الذي يقضي بقبول هذه العقوبة، ما يحول دون الطعن بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية، وقد أسفر هذا المجهود عن اقتراح بمشروع قانون أثق في أنكم سوف تعرضونه على المجلس في أول جلسة مقبلة، وأرى أنه سوف تتم الموافقة عليه في الجلسة نفسها من دون إحم ولا دستور».
النواب الملائكة
وإلى جريدة «البوابة» أمس الأحد حيث حدثنا محمد نفادي المتخصص في شؤون المجالس النيابية عن النواب الملائكة وهو نوع جديد من الأعضاء قال عنهم: «النائب قبل الانتخابات وفوزه بعضوية البرلمان وحصوله على الحصانة البرلمانية، يشعر بأنه من جنس البشر، ويتعامل مع الجميع بتواضع. وبعد الفوز ينقلب إلى شخص آخر ويشعرك بأنه من الملائكة ذوات الأجنحة.
وظاهرة النواب الملائكة كانت في العديد من البرلمانات السابقة، إلا أن هذا البرلمان تظهر فيه بشكل كبير، خاصة من النواب الجدد الذين يكتسبون العضوية لأول مرة في حياتهم، ويرفضون مخالطة جنس البشر، خاصة إذا كان جنس البشر من رجال الإعلام والصحافة. فالنواب الملائكة يغضبون بشدة، لكل كلمة أو عبارة أو عنوان صحافي أو تعليق إعلامي يمسّ نشاط وأداء النواب، خاصة إذا تعلق الكلام بممارسات هؤلاء النواب، سواء تحت القبة أو خارجها، رغم عشرات الحكايات والقصص المتداولة في الوسط الإعلامي والبرلماني عن صفقات وموافقات وزارية لبعض النواب الملائكة. ويكفى أن بعض النواب الملائكة من رجال الأعمال لم يقدموا للمجلس بيانات كافية تطبيقًا لنصوص القانون واللائحة، بشأن تضارب المصالح، وما زالوا يمارسون أعمالهم التجارية والاقتصادية بكل حرية، ويربحون أموالًا كبيرة من داخل البورصة وخارجها.
ومن بين القصص المتداولة حول النواب الملائكة تحت القبة قصة نائب منتخب فردي في إحدى محافظات الوجه البحري، استولى على أراض بغير حق ويسعى للاستيلاء على المزيد من الأراضي، بواسطة عدد من ضعاف النفوس في الشهر العقاري، فالنواب الملائكة عليهم أن ينزعوا الوجوه التي يرتدونها والأجنحة التي يطيرون بها من فوق الأرض، وينظرون للبشر من أعلى وأن يعوا أن الكفن ليس له جيوب، وأن نواب الشعب ليسوا جميعًا ملائكة، وأيضًا ليسوا شياطين ولكنهم بشر مثلنا والبشر يخطئ ويصيب كده ولا إيه يا نوابنا المحترمين».
حسنين كروم
لطول المقال وتشعبه اختصر القول ب تحيا مصر بفقرها وبجهلها وبدكتاتورية عسكرها وحكومتها , كنا زمان بنغني ونقول يا حبيبتي يامصر , والآن بنغني قريب منكِ حياتي عذاب , بعيد عنكِ كيفنا مستطاب والسلام