صدرت «أولاد الغيتو/ اسمي آدم» سنة 2016 عن دار الآداب في بيروت، وهي رواية اللبناني الياس خوري الثالثة عشرة، وقد نقلتها إلى الفرنسية المترجمة والأكاديمية السورية رانيا سمارة، التي سبق أن ترجمت الكثير من الأعمال العربية، وروايات خوري بصفة خاصة. الرواية هذه تتحدث عن مؤلف يدرّس الأدب العربي في نيويورك، تعرّف على شخص غامض اسمه آدم دنون، يبيع الفلافل الإسرائيلية، وخلّف بعد وفاته مجموعة دفاتر تحتوي على مخطوطين لروايتين غير مكتملتين: الأولى عن الشاعر العربي وضاح اليمن الذي عاش في العصر الأموي وعشق زوجة الخليفة، والثانية أقرب إلى سيرة ذاتية عن تجربة آدم الذي بقي في اللد الفلسطينية سنة 1948 بعد طرد معظم سكانها. وذلك خطّ سردي يتابع رواية النكبة، على هدي ما فعل خوري في «باب الشمس»، 1998؛ فيتناول مسائل الهوية والذاكرة والتاريخ، ثمّ ذلك السؤال الكبير: كيف للأدب أن ينقل شهادة ضحية أُجبرت على التزام الصمت؟
هنا فقرة من مستهلّ الرواية:
«أجلس وحيداً، وأراقب من نافذة غرفتي في الطابق الخامس الثلج الذي ينهمر على نيويورك. لا أدري كيف أصف شعوري نحو هذه النافذة المستطيلة، التي أرى من خلالها روحي وهي تتكسر على الزجاج. صارت النافذة مرآتي، فيها أرى صورتي تضيع وسط زحام الصور في هذه المدينة. أعرف أن نيويورك محطتي الأخيرة، هنا سوف أموت، وستُحرق جثتي ويُنشر رمادي في نهر الهادسون. هكذا سأكتب في وصيتي، فأنا لا أملك قبراً في بلاد لم تعد بلادي، كي أطلب أن أُدفن فيه معانقاً أرواح أجدادي. سوف أعانق في هذا النهر أرواح الغرباء، وسألتقي بمن يجد في لقاء الغريب بالغريب نسباً يغنيه عن نسب أضاعه. أعرف أنني الآن أنثر بيتين من شعر امرئ القيس بطريقة غير شاعرية، لكن ما همّني، فلن يقرأ أحد هذه الكلمات بعد موتي، لأني سأوصي أن تُحرق هذه الدفاتر معي كي تُرمى هي أيضاً في النهر. هذا هو مصير البشر ومصير الكلمات. فالكلمات تموت أيضاً، وتترك أنيناً نازفاً مثل الأنين الذي يبحث عن أرواحنا، وهي تتلاشى في ضباب النهاية».
Actes Sud/ Sindbad, Paris 2018.