أبرتهايد بـ “الطاقة الشمسية”.. هكذا تعزز إسرائيل مشروعها الاستيطاني في الضفة الغربية

حجم الخط
0

في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل جداراً من المماطلة البيروقراطية لإقامة منشآت شمسية، فإن هذا المجال مزدهر ومتسارع النمو في المستوطنات. الإدارة المدنية تمضي بـ 22 خطة في هذه الأثناء لإقامة محطات لإنتاج الطاقة الشمسية في مناطق “ج” في الضفة الغربية. ووفقاً لإحدى الخطط، ستقام منشأة في غور الأردن قوة إنتاجها هي الأكبر من جميع منشآت الطاقة الشمسية في الدولة. هذه الخطط قد تحول الطاقة الشمسية إلى فرع اقتصادي مهم في المستوطنات وتعمق اعتماد إسرائيل عليها.
إن ثمار هذه الخطوة ستقطفها المستوطنات الموجودة في الغور، والتي يتم التخطيط فيها إلى إقامة المنشأة الكبرى. ووفقاً للخطة التي صودق عليها قبل أسبوعين، فستقام هذه المزرعة الشمسية على الأراضي الزراعية في مستوطنة “نعمه” وعلى أراضي 12 مستوطنة أخرى، وستمتد على مساحة 3250 دونماً. قدرة إنتاج هذه المنشأة ستكون 320 ميغاواط، في حين أن ما توفره المنشأتان الكبريان اللتان صودق عليهما في إسرائيل هو 250 ميغاواط. إحدى المنشأتين، التي كان يمكن إقامتها قرب “ديمونة” واجهت صعوبات وتم إلغاؤها.
إذا أقيمت، فستدر هذه المنشأة الشمسية الجديدة فائدة اقتصادية كبيرة على المستوطنات. “هذا مورد اقتصادي لا بأس به. نحن نقدم إسهامنا كجزء من الجهود لتحقيق الأهداف لتوفير الطاقة البديلة، الأمر الذي سيعطي استقراراً في تزويد الكهرباء في المنطقة هنا”، قال للصحيفة رئيس المجلس الإقليمي لغور الأردن، دافيد الحياني. وبارك رئيس الإدارة المدنية، العميد فارس عطيلة، المصادقة على إقامة المنشأة، وقال إنها “أحد المشاريع المهمة جداً التي سوقتها الإدارة المدنية مؤخراً”.
يتوقع أن تخدم المنشأة أيضاً هدفاً آخر للمستوطنين، وهو تعميق اعتماد إسرائيل على المنشآت والبنى التحتية التي أقيمت في المستوطنات. يتم إنتاج الكهرباء الآن في معظمها داخل حدود الخط الأخضر، ويتم تزويدها للمستوطنات. في حين أن تنفيذ هذه الخطط سيحول المستوطنات إلى المزود الرئيسي للدولة بالكهرباء – وأيضاً للفلسطينيين الذين في المنطقة. حسب أقوال مصدر في الإدارة المدنية، سيجبر الفلسطينيون على شراء الكهرباء التي يتم إنتاجها في المستوطنات. وثمة خوف آخر في أوساط مصادر في مجال الطاقة، وهو أن هذه العملية قد تشوش خطط ربط إسرائيل بشبكة الكهرباء الأردنية على المدى البعيد – وهي خطوة، حسب أقوال الخبراء، مهمة لزيادة نسبة الطاقة المتجددة في إسرائيل. مع ذلك، رفضت وزارة الطاقة الادعاء بأن الاعتماد على منشآت الإنتاج في المستوطنات قد يشوش على ربط إسرائيل بشبكة الكهرباء الأردنية. وقالوا بأن هناك خططاً آخذة في التبلور لربط الشبكات والتعاون في مجال الطاقة مع الأردن.
إضافة إلى المنشأة الكبيرة، يتم الترويج لـ 21 خطة أخرى في هذه الأثناء لإقامة منشآت أصغر للطاقة الشمسية في أرجاء الضفة، التي تبلغ مساحتها معاً نحو 7800 دونم. وخلافاً لمشاريع الطاقة الشمسية في إسرائيل وفي الضفة، والتي هي مشاريع ثنائية الاستخدام وتقام على أسطح المباني القائمة، فإن المشاريع الجديدة ستقام على أراض لا تخدم أهدافاً أخرى.
في الوقت الذي دخلت فيه معظم الخطط في المستوطنات إلى مرحلة متقدمة من المصادقة عليها، يتم تعويق المشاريع داخل حدود الخط الأخضر، وهي عالقة في متاهة البيروقراطية. الشركات التي تعمل في تركيب محطات الطاقة الشمسية في إسرائيل تشتكي منذ فترة طويلة من المماطلة في المصادقة وربط المنشآت الجديدة، وذلك بسبب نقص في خطوط النقل التي تزود الكهرباء، لا سيما في المناطق التي فيها احتياطي أراضي لإقامة المنشآت، مثلاً في جنوب البلاد والشمال. ووفق ادعاء وزارة الطاقة، فإن أفضلية الضفة الغربية تكمن في قربها من مركز البلاد، الأمر الذي يسهل نقل الكهرباء مباشرة إلى مراكز الطلب. المنطقة الأكثر ملاءمة وفق شركة الكهرباء، هو جنوب غور الأردن لقربه من القدس.
أقيمت منشآت الطاقة الجديدة على أراض كان أعلن بأنها أراضي دولة أو أراض زراعية. ووفقاً لحركة “السلام الآن” فإن 99 في المئة من الاستخدام الذي تمت المصادقة عليه كأراضي دولة في الضفة الغربية، يخدم المستوطنين. “الفلسطينيون سيكونون سعداء من إقامة منشآت للطاقة الشمسية في مناطق “ج”، لكن الواضح لهم بأن إسرائيل لن تصادق على ذلك. لذا، لا يطلبون”، قال الدكتور طارق أبو حامد، مدير معهد العربة، والخبير في مجال الطاقة المتجددة.
السلطة الفلسطينية تشجع على إقامة منشآت الطاقة الشمسية، لكنها مقيدة بقدرتها على إصدار الرخص. مناطق “ج”، التي تشمل 60 في المئة تقريباً من أراضي الضفة، وضمن ذلك تقريباً كل المناطق المفتوحة والمستوية المناسبة لإقامة مزارع الطاقة الشمسية، تقع تحت سيطرة إسرائيل الكاملة. “في ظل عدم وجود أي خيار آخر، فإنهم يذهبون إلى مناطق “ب”، لكن الأمر هناك أصعب”، قال الدكتور أبو حامد.
إلى جانب التشجيع على الطاقة الشمسية في المستوطنات، تدمر إسرائيل باستمرار منشآت صغيرة للطاقة الشمسية تقيمها التجمعات السكانية لأغراض محلية، لا سيما في جنوب جبل الخليل وفي الغور. هذه المنشآت الصغيرة تكفي بشكل عام للإنارة والتبريد وشحن الهواتف المحمولة. وحسب المعطيات التي جمعها منسق أعمال الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، فقد تم تدمير أو مصادرة 14 منشأة صغيرة للطاقة الشمسية أقامها الفلسطينيون، في السنتين الأخيرتين. في الضفة الغربية أكثر من 125 تجمعاً للبدو أو الرعاة، تشمل نحو 11 ألف نسمة، تعتمد على كهرباء الطاقة الشمسية فقط.
نير حسون
هآرتس 5/9/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية