‘ في معبد يسوكوني المقدس لأبناء ديانة الشنتو في اليابان، تسكن بحسب اعتقاد المؤمنين بديانة الشنتو، أرواح اولئك الذين ضحوا بحياتهم لأجل الوطن. وفيها ايضا أرواح الجنود الذين قُتلوا في الحروب التي أعلنتها اليابان’ للصين وكوريا، والجنود اليابانيين الذين سقطوا في الحرب العالمية الثانية. ‘ يوجد بين 2.5 مليون من الاسماء المكتوبة في كتاب الأرواح في المعبد، أكثر من ألف اسم لمجرمي حرب أُدينوا بعد الحرب العالمية الثانية. وكان أحدهم وهو هدكي توجو، قد تولى رئاسة حكومة اليابان في فترة الحرب وأُدين بجرائم حرب وأُعدم. وقد اعتاد يابانيون كثيرون أن يزوروا المعبد لتكريم المخلدين فيه لكن زيارات الساسة اليابانيين لذلك المكان أصبحت مختلفا فيها وهي تثير غضب الدول التي عانت من العدوان الياباني، على الخصوص. وقد امتنع رئيس الوزراء الياباني الحالي، شنزو آبا، بحكمة كبيرة من زيارة المعبد منذ أن تم انتخابه لمنصبه كي لا يمس بمن عانوا من قهر اليابان. لم يظهر تقدير حكيم للامور كهذا عند رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، حينما استقبل في احتفال كبير السجناء الفلسطينيين الذين أفرجت عنهم اسرائيل مؤخرا بـ ‘بادرة حسن نية’. من الواضح أن مشاعر عائلات الضحايا الذين قتلهم هؤلاء السجناء لا تثير فيه أي عطف. ويجوز أن نسأل هل يعلم اذا كان يهمه أصلا أن أحد القتلة المحررين هو بشير قاسم حازم الذي قتل بفأس الناجي من المحرقة ازيك روتنبرغ في موقع بناء في بيتح تكفا؛ وأن مصطفى وزياد غنيمات قتلا مئير بن يئير وميخال كوهين في غابة مشوئه بالقرب من بيت شيمش؛ وأن عيسى عبد ربه قتل طالبي الجامعة رويتل ساري ورون ليفي بالقرب من دير كرميزان جنوبي القدس، وأن أناسا أبرياء قتلهم السجناء الذين أُفرج عنهم بـ ‘بادرة حسن النية’ من حكومة اسرائيل. إنه يرى أن هؤلاء القتلة هم ‘محاربو حرية’، وأن الافراج عنهم سبب للاحتفال. وهو لا يُظهر أي اعتبار لمشاعر مواطني اسرائيل الذين يرون هؤلاء القتلة يتحررون. فهل يفترض أن يشهد هذا على مبلغ رغبته الصادقة في السلام مع اسرائيل؟. لماذا استقر رأي حكومة اسرائيل على الافراج عن هؤلاء القتلة؟ قال وزير الدفاع موشيه يعلون إن هذا هو ‘البديل الأقل سوءا’ الذي عرض لاسرائيل. فمن ذا الذي فرض على اسرائيل هذه البدائل التي هي كلها ‘سيئة’ كما قال؟ هل هو محمود عباس؟ أم هو باراك اوباما؟ أيوجد واحد منهما في موقع يستطيع منه أن يفرض على اسرائيل أن توافق على بديل سيء؟ وما الذي يمكن أن نستنتجه من زعم أن اسرائيل قبلت ‘البديل الأقل سوءا’؟ لأنه لولا ذلك لاضطرت الى قبول بديل اسوأ. إن اتخاذ قرارات تقوم على فرض أن اسرائيل يجب أن توافق على البدائل السيئة المعروضة عليها وأنها غير حرة في رفضها قد يفضي بنا الى منزلق دحض وهو يُنذر مستقبل اسرائيل بالسوء. ‘قال بنيامين نتنياهو إن ‘ضرورة الواقع’ اضطرت الحكومة الى أن تقترح ‘بادرة حسن نية’. وتوجب هذه الجملة ايضا توضيحات اخرى. ما هو الواقع الذي دُفعنا إليه؟ وهل نحن في ضائقة لا يمكن أن يخلصنا منها إلا الافراج عن قتلة فقط؟ وهل يتطلب استمرار هذا ‘الواقع’ منا الافراج عن قتلة آخرين؟ وهل يجب علينا أن نتوقع أن يستمر عباس ‘شريكنا في مسيرة السلام’ في الاحتفال بالافراج عنهم بابتهاج وفرح كبيرين متجاهلا مشاعر عائلات القتلى ومواطني اسرائيل؟ يبدو أنه قبل أن تُعرض علينا ‘بدائل قاسية’ اخرى للاختيار منها، يجب على الحكومة أن تبذل من وقتها للفحص عن المسار الذي أفضى بنا الى اتخاذ هذا القرار البائس كي لا تتكرر ‘أوضاع’ كهذه في المستقبل. ‘ هآرتس 5/11/2013