غزة- نور أبو عيشة: كشف القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، موسى أبو مرزوق، أن رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، “يجري ترتيبات للقيام بجولة خارجية، تشمل عدة دول على المستويات العربية والإسلامية والدولية”.
ولم يفصح أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لـ”حماس” عن موعد بدء الجولة، التي سيقوم بها وفد من الحركة يترأسه هنية، كما لم يسمّ الدول التي سيزورها الوفد.
واكتفى أبو مرزوق بالقول إن “دول على المستويات الثلاثة العربية والإسلامية والدولية أبدت استعدادها لاستقبال وفد رسمي برئاسة هنية، ويجري الترتيب لزيارات أخرى”.
وتحدث عن ملفات هي الأبرز على الساحة الفلسطينية، مثل ملفي التهدئة والمصالحة، مشدداً على أن جهوداً مصرية وأخرى إقليمية ودولية وأوروبية تُبذل لإنجاح الملفين، كل على حدة.
كما قال إن تسلل القوة الإسرائيلية الخاصة إلى مدينة خانيونس جنوبي غزة، منتصف الشهر الجاري، جاء لأغراض “استخبارية”، ملمحاً إلى أنها دخلت القطاع عبر “المعبر الرسمي”.
وأفاد بوجود تواصل غير مباشر مع الإدارة الأمريكية الحالية، برئاسة دونالد ترامب، وحذر من الهجوم على اللاجئين ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
زيارة القاهرة
منذ أشهر تقود كل من مصر وقطر والأمم المتحدة مشاورات للتوصل إلى تهدئة بين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل.
وتهدف هذه الجهود إلى تخفيف الحصار المفروض على غزة، مقابل وقف احتجاجات الفلسطينيين في القطاع قرب الحدود مع إسرائيل.
وقال أبو مرزوق إن وفد “حماس” الذي وصل القاهرة، أمس، برئاسة صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، ذهب لاستكمال الحوارات في ملفي المصالحة والتهدئة.
وبخصوص رصد واشنطن، مكافأة لمن يقدم معلومات عن نائب رئيس الحركة، صالح العاروري، أوضح أبو مرزوق أن هذا القرار “لن يقيد حركته، أو يؤثر عليه، خاصة وأنه لا يملك أرصدة في البنوك الأمريكية ولا توجد مصالح مرتبطة معها”.
ملف التهدئة
وجدد أبو مرزوق تأكيد حركته على أن ما يُبحث في القاهرة هي “تفاهمات إنسانية، وليست اتفاقيات موقّعة، تتعلق بتفكيك الأزمة الإنسانية في غزة وهي مرتبطة بالهدوء، دون وجود أي التزامات سياسية”.
وأوضح أن التفاهمات تنص على “غياب المظاهر العنيفة في مسيرات العودة وكسر الحصار (المستمرة في غزة منذ نهاية مارس/ آذار الماضي)، كالبالونات الحارقة والأكواع (متفجرات يدوية الصنع) واختراق الحدود”، دون رهن توقف المسيرات بتلك التفاهمات.
وتابع أن غزة ستشهد، مقابل ذلك، “فتح المعابر وإدخال البضائع لتوريد الاحتياجات، وتصدير المنتجات وزيادة مساحة الصيد وتشغيل العمالة والخريجين ودفع رواتب الموظفين القائمين على عملهم، وحل مشكلة الكهرباء بتزويد المحطة بالوقود، تمهيداً لحل نهائي، وإيجاد حلول لمشكلة المياه”.
كما تشمل التحسينات التي من المقرر إدخالها على غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني نسمة، “تسهيل تشغيل المصانع، كالخياطة، وإلغاء المساحات من البر إلى البحر، والتي كانت ممنوعة على سكان القطاع من المزارعين والصيادين”.
وشدد أبو مرزوق على أن “المسيرات ستبقى مستمرة حتى رفع الحصار عن غزة بشكل كامل”، وأن “تراجع الاحتلال عن التفاهمات المبرمة لن يعجز الفلسطينيين عن الرد بكافة الطرق المتاحة”.
وتابع أن سكان غزة بدأوا يستشعرون ثمار التفاهمات من خلال “فتح المعابر التجارية، وإدخال الوقود، ما أدى إلى زيادة نسبة وصل التيار الكهربائي، ودخول الأموال التي ستصل مباشرة إلى 50 ألف عائلة فقيرة بغزة، إضافة إلى البدء بمشاريع العمل المؤقتة لآلاف الشباب”.
وبيّن أن مشاريع كُبرى سيتم تنفيذها في غزة، وفقاً للتفاهمات، بشكل “يقي القطاع من التحول إلى مدينة غير صالحة للحياة”.
ونفى أبو مرزوق صحة أنباء عن قبول حركته بمنطقة حدودية عازلة تبلغ 300 متر بعيداً عن السياج الأمني الفاصل بين شرقي غزة وإسرائيل.
كما نفى ما يتردد عن حدوث تقدم في المفاوضات حول مصير جنود إسرائيليين أسرى لدى الحركة، بوساطة ألمانية.
وقال إن “كل ما أشيع حول الموضوع ليس له من الحقيقة نصيب، وألمانيا لم تتحرك في هذا الملف إطلاقاً”.
وبشأن موقف الفصائل الفلسطينية من تفاهمات التهدئة، أجاب أبو مرزوق بأن “الفصائل الفاعلة (لم يسمّها) موافقة على التفاهمات، باستثناء بعض الحركات (لم يسمّها).
وشدد على أن تفاهمات التهدئة بغزة لن تمنع رد “المقاومة الفلسطينية، في حال حدوث انتهاك كبير في الضفة الغربية”.
جهود التهدئة
كشف أبو مرزوق عن جهود أوروبية تُبذل في ملف التهدئة والقضايا الإنسانية بغزة، ممثّلة في مجموعة الدول الأوروبية الداعمة لفلسطين، بقيادة النرويج.
وقال: “تربطنا والنرويج علاقات رسمية وتواصل مستمر، وتلعب دوراً مباشراً في أكثر من قضية، بينها التهدئة والقضايا الإنسانية، وهي ترأس المجموعة الأوروبية الداعمة لفلسطين، ويبذلون جهوداً في أكثر من اتجاه وأكثر من ملف”.
وثمّن أبو مرزوق الجهود المصرية والأممية، بقيادة نيكولاي ميلادينوف، المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، إضافة إلى الجهود القطرية لإنجاح ملف التهدئة.
المصالحة الفلسطينية
وقّعت حركتا “حماس” و”فتح” في القاهرة اتفاقاً للمصالحة، في 12 أكتوبر/ تشرين أول 2017، لكنه لم يطبق بشكل كامل، بسبب نشوب خلافات حول قضايا، منها: تمكين الحكومة، وملف موظفي غزة، الذين عينتهم “حماس” أثناء فترة حكمها للقطاع.
وقال أبو مرزوق إن “الجهود المصرية متواصلة في ملف المصالحة.. مصر تعتبر المصالحة هدفاً مركزياً لا بد من إنجازه لتحقيق طموح الشعب الفلسطيني ومواجهة مخططات العدو”.
ورغم ذلك، إلا أنه ومنذ فترة طويلة لم يجر أي “لقاء بين فتح وحماس لاستكمال المصالحة، وذلك لعزوف فتح عن تلك اللقاءات”، بحسب أبو مرزوق.
وأضاف أن “جهود إنجاح المصالحة الفلسطينية تصطدم بتعنّت حركة فتح، وذلك بشهادة الوسيط المصري وقوى إقليمية أخرى (لم يسمها)”.
وتابع أن المصريين رغبوا في البداية أن “تكون المصالحة مدخلاً لتفاهمات التهدئة بغزة، وهذا ما وافقت عليه الفصائل، لكن رفْض الرئيس (الفلسطيني) محمود عباس (زعيم حركة فتح) إتمام المصالحة أعاق المساريْن في السابق”.
وأردف أن مصر “فضلت فصل المسارين عن بعضهما البعض، وتم تحقيق أرضية جيّدة في مسار التهدئة”.
وعبّر عن آماله في “أن تتجاوز فتح عن شروطها وترفع العقوبات عن غزة، وتسير في ملف المصالحة الفلسطينية”.
وقال: “لا نريد تجاوز السلطة الفلسطينية، لكن انغلاقها على نفسها ورفضها الدائم لأي حلول عملية تتعلق بالوضع في غزة، وتعقيد المشهد وزيادة حجم الأزمة، يدفعنا ويدفع (بقية) الأطراف إلى تجاوزها”.
ودعا السلطة الفلسطينية إلى “رفع العقوبات التي تفرضها على غزة، منذ أبريل/ نيسان 2017”.
ماذا تريد حماس وفتح من المصالحة ؟
لخص أبو مرزوق موقف حركته من المصالحة في نقاط، هي: وجود “شراكة وطنية وعدم التفرد بالشأن الفلسطيني، والاتفاق على برنامج وطني لمواجهة التحديات، وتشكيل حكومة وحدة وطنية ذات مهام محددة وتشرف على انتخابات شاملة”.
وكذلك: “وجود نظام سياسي واحد ومجلس تشريعي واحد ورئاسة واحدة وقانون واحد، والمشاركة، ودون هيمنة، في منظمة التحرير الفلسطينية وإصلاح مؤسساتها، كما تم الاتفاق عليه في 2011”.
ووصف طروحات حركة “فتح” لإتمام المصالحة الفلسطينية بـ”المعيقات”، معتبراً إياها “ذرائع غير مقنعة تعكس إرادة سياسية متشككة من المسار”.
وشدد على أن “استمرار حركة فتح في نفس السياسية سيؤدي في نهاية المطاف إلى تعثر مستمر في المصالحة الفلسطينية”.
ورأى أن ما تريده “فتح” من المصالحة هو “استلام الأمن وقرار المقاومة وسلاحها فوق الأرض وتحت الأرض ومن بوابة رفح إلى معبر بيت حانون، وتمكين الحكومة من ممارسة مهامها دون تدخل.
وأعرب عن رغبة حركته “في وجود مشروع وطني مرحلي يتوافق عليه جميع مكونات الشعب الفلسطيني، تلتقي فيه على المشتركات دون أن يلغي المشروع خصوصية كل طرف، مستنداً إلى مقاومة الاحتلال بجميع الوسائل والأدوات المتاحة، وعلى قاعدة استرداد الحقوق الوطنية، وعلى رأسها حق العودة (الخاص باللاجئين)”.
عملية خانيونس
في وقت سابق من الشهر الجاري، شهدت غزة جولة تصعيد جديدة، إذ استشهد 14 فلسطينياً، إثر تسلل قوة إسرائيلية خاصة إلى مدينة خانيونس (جنوب) وشن الجيش الإسرائيلي غارات جوية وقصفاً مدفعياً، ردت عليه الفصائل بقصف مواقع ومستوطنات إسرائيلية بمئات الصواريخ.
وتوصلت إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، يوم 13 نوفمبر/ تشرين ثاني الجاري، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، بوساطة مصرية ودولية.
وقال القيادي في “حماس” إن تسلل القوة الإسرائيلية جاء لـ”أغراض استخبارية (لم يحددها)، عبر عملية أمنية صامتة”.
وألمح أن “القوة الخاصة تسللت إلى القطاع عبر منفذ رسمي (المعابر التي تديرها السلطة من الجانب الفلسطيني).
وقال إن “سيطرة السلطة الفلسطينية (برئاسة محمود عباس) على منافذ القطاع، وغياب قوات الأمن العاملة قبل تفاهمات 2017 (أي القوات التابعة لحماس)، أثر سلباً على الحالة الأمنية بغزة، ويفتح المجال لدخول جهات مشبوهة، وهذه مسألة وطنية بحاجة إلى وقفة كي لا نجعل غزّة مستباحة من الأعداء”.
العلاقة مع مصر
تشهد العلاقة بين “حماس” والجانب المصري (بدأت في 2017) تطوراً على كافة المستويات “السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والأمنية”، بحسب أبو مرزوق.
وأضاف أن الحركة معنيّة بتطوير العلاقة “مع مصر.. ندرك حجم الدور المصري في القضية، وتدرك القاهرة وزن حماس وتأثيرها على مستوى الصراع مع الاحتلال، والوزن المحلي والدولي”.
واعتبر فتح معبر رفح البري مع مصر لـ”عدة أشهر لأول مرة بشكل متواصل، ولأول مرة منذ إغلاقه بشكل شبه كامل عام 2006، هو ترجمة لتطور تلك العلاقة”.
وتطرق إلى معاناة الفلسطينيين في السفر “عبر بوابة معبر رفح”، مشدداً على أن تلك المعاناة “كانت على سلم أولويات الحركة خلال اجتماعاتها السابقة مع الجانب المصري”.
وأردف: “وعدنا المصريون بتحسين ظروف العمل في معبر رفح، وتقليص مدة انتظار المواطن الفلسطيني، والتخفيف على المسافرين في الطريق عبر سيناء ذهاباً وإياباً، ونأمل أن تجد وعودهم الحالية مكانًا على أرض الواقع”.
اللاجئون و”صفقة القرن”
تعمل الإدارة الأمريكية على خطة للسلام، تُسمى إعلامياً بـ”صفقة القرن”، ويتردد أنها تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لصالح إسرائيل، خاصة بشأن وضع مدينة القدس المحتلة وحق عودة اللاجئين.
عن العلاقة الراهنة بين “حماس” وواشنطن، قال أبو موسى إنه يوجد تواصل (لم يحدد طبيعته ولا كيفيته) غير مباشر مع الإدارة الأمريكية الحالية، حيث تمنع واشنطن موظفيها من الاتصال مع الحركة، لكونها مصنّفة على قوائم الإرهاب لديها.
وحذر من أن “الهجوم على التوصيف القانون للاجئ الفلسطيني وعلى وكالة أونروا بالغ الخطورة”.
وتابع: “ما يرافق ذلك من هجمات خفيّة غريبة من أنظمة عربية على اللاجئين وتجريدهم من حقوقهم، كل ذلك دقّ ناقوس الخطر لدينا وسعينا كثيراً لحفظ حقوق أبناء شعبنا في الخارج وتقليص فجوة العجز المالي لدى أونروا عبر التحرك الدولي مع الجميع”.
وأوقفت إدارة ترامب كامل تمويلها لـ”أونروا”؛ بدعوى عدم رضاها عن أسلوب عمل الوكالة، لكن الفلسطينيون يقولون إن القرار يستهدف تصفية قضية اللاجئين لصالح إسرائيل.
وشدد أبو موسى على أن حركته “ستبذل جهدها كي يكون تمويل أونروا ثابتاً، حتى لا تتعرض لهزّات سيتأثر بها الجميع”.
وقال إن الحركة “لن تسمح بإسقاط أو تجاوز قضية اللاجئين من القضية الفلسطينية”.
وجدد أبو مرزوق رفض حركته “إنشاء دولة في غزة” بقوله: “لو أردنا ذلك لقبلنا بعض المقترحات المشبوهة، والتي كانت ستفتح لحماس أبواب العواصم الأجنبية والمال الوفير، لكن بوصلتنا هي تحرير فلسطين وتوحيدها لا تجزئتها”. ( الأناضول)