لندن-“القدس العربي”:أطلق البريطاني تيم بيرنرز لي، الذي يعرف بأنه “أبو الإنترنت” خطة عمل عالمية لإنقاذ الشبكة العنكبوتية من التلاعب السياسي والأخبار المزيفة وانتهاكات الخصوصية وغيرها من الأمور الخبيثة التي تهدد بإغراق العالم في “ديستوبيا” ويقصد بذلك “العالم الرقمي المرير”. وقال بيرنرز لي، الذي يعد “مخترع الإنترنت” في حديثه مع صحيفة “الغارديان” البريطانية: “أعتقد أن خوف الناس من حدوث أشياء سيئة على الإنترنت أصبح أكبر وأكبر وعلى نحو مبرر. إذا تركنا الشبكة كما هي، فهناك عدد كبير جدا من الأشياء التي سوف تسوء. ويمكن أن ينتهي بنا المطاف إلى الديستوبيا إذا لم نغير الأمور. لا نحتاج إلى خطة مدتها 10 سنوات للشبكة، بل نحتاج إلى تحويلها الآن”.
ولذلك، قام لي بتحديد عقد، أعدته نحو 80 منظمة ويقوم على 9 مبادئ لحماية الإنترنت3 مبادئ للحكومات ومثلها للشركات و3 أخرى للأفراد. ويتطلب “عقد الإنترنت” اعتماد الحكومات والشركات والأفراد الدائمين لتقديم التزامات “ملموسة لحماية الشبكة العالمية من سوء الاستخدام وضمان استفادة البشرية منها”.
وحاز العقد، بدعم أكثر من 150 مؤسسة، لا سيما من شركة مايكروسوفت وغوغل وفيسبوك، إضافةً إلى مجموعة الحقوق الرقمية “مؤسسة الحدود الإلكترونية” حسب “الغارديان”.
وعلى من يدعمون العقد أن يثبتوا أنهم يطبقون المبادئ ويعملون على إيجاد حلول للمشاكل الأكثر صرامة، أو يواجهون إزالتهم من قائمة المؤيدين.
وفي حال تم تنفيذ النص، قد تعد بعض الشركات التي وافقت عليه في قائمة الذين يعملون ضد مبادئه، إذ اتهمت منظمة العفو الدولية في تقرير غوغل وفيسبوك بـ”تمكين إلحاق الضرر بحقوق الإنسان على نطاق عالمي واسع”. وجاء تقرير المنظمة هذا بعد أسابيع من الكشف أن غوغل حصلت على السجلات الصحية الشخصية لنحو 50 مليون أمريكي بدون موافقتهم.
وتتطلب مبادئ العقد من الحكومات ضمان احترام كل شخص يرغب في الاتصال بالإنترنت واحترام خصوصيته. ويجب أن يكون لدى الأشخاص حق الوصول إلى أي بيانات شخصية محفوظة لهم لدى أي موقع أو شركة، كما أن لهم الحق في الاعتراض أو سحب تلك البيانات.
كما يلزم النص الشركات بجعل الوصول إلى الإنترنت في متناول الجميع وتدعوهم إلى تطوير خدمات إنترنت للأشخاص ذوي الإعاقة ولمن يتحدثون لغات الأقليات. كما يفترض أن تجبر الشركات على تبسيط “إعدادات الخصوصية من خلال توفير لوحات تحكم حيث يمكن للأشخاص الوصول إلى بياناتهم وإدارة خيارات الخصوصية الخاصة بهم في مكان واحد”.
كما يتضمن النص مبدأ يفرض على الشركات أن تحترم التنوع المجتمعي في سياساتها التوظيفية، و”التشاور مع المجتمعات الواسعة قبل وبعد إصدار منتجات جديدة، وتقييم مخاطر نشر التكنولوجيا الخاصة بهم معلومات مضللة أو الإضرار بسلوك الأشخاص أو رفاههم الشخصي”.
كما يدعو النص الأفراد إلى القيام بنشر “محتوى غني وملائم لجعل شبكة الإنترنت مكانا ذا قيمة، وبناء مجتمعات قوية على الإنترنت يشعر فيها الجميع بالأمان والترحيب، وأخيرا، القتال من أجل الشبكة، بحيث تظل مفتوحة للجميع في كل مكان”.
وقال لي إن “القوى التي تأخذ الشبكة في الاتجاه الخاطئ كانت دائما قوية للغاية. سواء كانت شركة أو حكومة، فإن التحكم في الويب هو وسيلة لتحقيق أرباح ضخمة، أو وسيلة لضمان بقائك في السلطة. ويمكن القول إن الأشخاص هم الجزء الأكثر أهمية في هذا الأمر، لأنه فقط الأشخاص الذين سيتم تحفيزهم لمحاسبة الآخرين””.
وقالت مديرة السياسة في مؤسسة الإنترنت إميلي شارب: “إن قوة شبكة الإنترنت، لتكون قوة من أجل الخير، تتعرض للتهديد والناس يطالبون بالتغيير. نحن مصممون على تشكيل هذا النقاش باستخدام الإطار الذي يحدده العقد”.
وأضافت أنه في النهاية “نحتاج إلى حركة عالمية لشبكة الإنترنت مثلما لدينا الآن من أجل البيئة، بحيث تكون الحكومات والشركات أكثر استجابة للمواطنين مما هي عليه اليوم. العقد يضع الأسس لهذه الحركة”.
يشار إلى أن تيم بيرنرز لي كان قد طرح، في عام 1989 مشروع الشبكة العالمية وذلك من خلال المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية “سيرن” وأطلق على المشروع اسم “إنكوير” كما طور في عام 1990 أول متصفح إنترنت وظهرت أول أداة للبحث باسم “آرتشي”.