صديقي يوسف فتح الله هو الذي روى لي ما حدث في مطار بغداد، عندما حلً بومدين في أول زيارة له للعراق، بعد تنحية بن بلة من الحكم. زيارة صادفت وصول مجموعة من الشخصيات المعارضة إلى هذا البلد العربي، كانت مقيمة في باريس لفترة، بعد هروبها من الجزائر نتيجة معارضتها الانقلاب على بن بلة. سفير الجزائر في العراق، استعجل أمره ليخبر بومدين وهو لايزال في قاعة الاستقبال بالمطار، أنه تواصل مع المسؤولين العراقيين، ليخبرهم أن السلطة الجديدة في الجزائر تنظر إلى استقبال هذه المجموعة المعارضة على أنه عمل غير ودي، فما كان من بومدين إلا نهر سفيره وتوبيخه… أنت سفير ثورة وهؤلاء مواطنون جزائريون، أين تريدهم أن يذهبوا إلى القطب الشمالي، الأحسن أن يكونوا هنا في العراق، بدل فرنسا التي يمكن أن تحاول استعمالهم ضدنا.. اتصل بهم ووفر لهم جوازات سفر وأعطهم ما يكفيهم من مال، لكيلا يكونوا تحت رحمة نظام البعث هنا، أو أي نظام آخر.. هذا هو المطلوب منك.
هذا ما حصل حسب شهادة صديقي فتح الله، الله يرحمه الذي كان من بين أعضاء المجموعة المعارضة. بالطبع بومدين لم يكن دائما بمثل هذه «الحنية» مع المعارضة، فقد جرّب لغة الرصاص والنفي، عندما اقتنع بخطورة بعض الشخصيات على سلطته، في سنوات حكمه الأولى، كان فيها خائفا على نظامه وعلى نفسه من بعض وجوه المعارضة، التي كانت تتمتع بشرعية تاريخية وسياسية كبيرة، كما كان الحال مع كريم بلقاسم ومحمد خيضر، اللذين تم اغتيالهما بدم بارد في أوروبا. تغير بومدين في سلوكه بعد أن دعّم حكمه، واكتسب شرعية شعبية ودولية لم يعد فيها مهتما كثيرا بهذه المعارضة الضعيفة، في الخارج وحتى الداخل.
قفزة نوعية خطاها النظام الجزائري في التعامل مع وجوه المعارضة في الخارج، في فترة حكم الرئيس الشاذلي وهو يسمح بدخولها إلى الجزائر، كما حصل مع بن بلة.. طاهر زبيري وبشير بومعزة وغيرهم. خطوة يمكن تفسيرها بعدة مستويات منها تقلص حدة الصراع الشخصي التي كانت سائدة بين بومدين وهذه الوجوه السياسية العسكرية الشرسة، التي لم تعترف له بشرعية كاملة حتى وهو على رأس الدولة، زيادة على نوع من الاستقرار الذي وصل إليه نظام الحكم، وهو يتعامل مع معارضة في جو سياسي تعددي جديد، كشف ضعفها وفشلها في الانغراس داخل المجتمع واكتساب قاعدة شعبية، لم تعد قادرة بالتالي على تهديد نظام الحكم.
قانون سيتحول إلى فتيل حرب داخل النظام، الذي لن تقبل القوى داخله بهذه الهرطقة السياسية التي تمس بتراث الوطنية الجزائرية
مقدمة تاريخية كانت ضرورية، للقول إن ما تجرأ عليه النظام في الجزائر هذه الأيام وهو يفكر في تجريد بعض الجزائريين من جنسيتهم الأصلية أو المكتسبة، عمل شاذ وخارج تماما عن سياق الوطنية الجزائرية، التي تقدس لحد الهوس هذه الرابطة التي تجمع الجزائريين في ما بينهم وفي علاقاتهم ببلدهم. إجراء إن تم فعلا سيكون قطيعة سياسية وعاطفية في علاقة الجزائريين ببلدهم ودولتهم الوطنية. تتحمل السلطة على رأسها تبون، كل تبعاته، التي ستحسب عليه كرئيس تم أثناء حكمه تجريد بعض الجزائريين من جنسيتهم عبر هذا القانون – الفضيحة. سلطة يكون قد خانها الذكاء والقدرة على التمييز، وهي تقترح مثل هذا النص القانوني الذي يعدل وينظم منح الحصول على الجنسية، سيبقى عمليا غير قابل للتطبيق، في وقت تنوعت فيه أجيال الهجرة الجزائرية، وزاد فيها اهتماما بما يحصل داخل البلد، لعدة اعتبارات، منها ما هو متعلق بما توفره التكنولوجيا من وسائط تواصل، زيادة على تأهيلها وارتفاع مستوى تعليمها وتحسن مستواها الاقتصادي. شروط جعلت الهجرة بمختلف مكوناتها تتحول إلى رافد مهم للحراك الشعبي، بكل التنوع الفكري والسياسي الذي يميزه.. حراك مهجري تميز بحيوية كبيرة، نافست ما هو موجود في المدن الكبرى كالعاصمة، وهو يجوب شوارع وساحات باريس أو مونتريال الكندية.
قانون لا يملك حظوظا فعلية كبيرة في المصادقة عليه، لخطورة تبعاته على المنادين به – على رأسهم وزير العدل والقوى النافذة التي تقف وراءه ـ سيتحول إلى فتيل حرب داخل النظام نفسه، الذي لن تقبل كل القوى داخله بهذه – الهرطقة السياسية التي تمس بعمق بتراث الوطنية الجزائرية وقيمها المركزية. قانون لم يجرؤ أي رئيس على الإقدام عليه، حتى وهو يشعر بأعلى درجات الخوف على حياته ونظامه، كما كان الحال مع بومدين في سنوات حكمه الأولى، التي تعرض فيها لمحاولات الانقلاب والتصفية الجسدية أكثر من مرة. عكس، ما نلاحظه الآن من ابتعاد عن العنف على المعارضة في الداخل والخارج، كوسيلة تغيير سياسي ومطالبتها السلمية، بإصلاح للنظام السياسي، وبمشاركة سياسية لم تُسمح لها داخل الجزائر لإنجاز القطيعة المطلوبة مع نظام تحول إلى خطر على وحدة الجزائريين، كما يبينه مشروع هذا النص القانوني المقترح، الذي لن يشوه صورة النظام فقط على المستوى الدولي، بل البلد برمته، وكل مؤسسات الدولة الوطنية. في وقت تطرح فيه المنظمات الدولية الحقوقية مسألة الاعتقالات والتعسف في استعمال العنف ضد المواطنين المسالمين.
معارضة ستحصل على دعم شعبي أكبر في الخارج والداخل، كشكل تضامن طبيعي من شعب مُسَّ بأقدس ما لديه من روابط وقيم، حتى إن لم يكن بالضرورة موافق على بعض مواقف هذه المعارضة في المهجر، التي مازالت معزولة ومن دون سند شعبي. كما تبينه يوميات الحراك، منذ اكثر من سنتين. سند شعبي حتى ولو كان مؤقتا يمكن أن تحلم به إذا وصل الإحساس بالخوف إلى فئات واسعة من المهاجرين بعد الإقدام على هذا القانون المعيب في نظام عدالة مأمورة لا يتمتع بالحد الأدنى من الاستقلالية. قانون قد يتحول في حالة المصادقة عليه إلى محطة لإنتاج النسخة الجزائرية البشعة من البدون، المعروفة في بعض أنظمة الخليج، لأسباب ديموغرافية، مذهبية وسياسية لا تتوفر أدنى شروطها في الحالة الجزائرية. لم يكن الجزائريون يتصورون حدوثها في المطلق، في بلدهم، بعد خروجهم للمطالبة بحقوق سياسية أكثر، بتغيير نظام يبدو أنه فقد بوصلته وبدأ «يخبص بلغة إخواننا الشًوام.
كاتب جزائري
يذكر الدكتور حسن حنفي في كتابه التراث والتجديد…ان إحدى معوقات القراءة السليمة للتراث….هي النزوع نحو التقريض الذي يشكل في جوهره مجرد مديح اسقاطي لاعلاقة له بالحقيقة والواقع….؛ ولعل هذا ينطبق على الصورة النمطية التي تم ويتم ترويجها عن محمد بوخروبة…او هواري بومدين حسن الاسم الحركي…ومن خلالها يتم تقديم صورة نمطية تم استنساخها رسميا في مسلسل الرسوم المتحركة… وكأنه زعيم عصره في النضال…وايقونة زمانه في العدل…وفلتة تاريخه في الاقدام….بينما الحقيقة المجردة تؤكد لكل منصف…ان الرجل جاء من فراغ ..ومارس السلطة والتسلط باوسع صورها السلبية…واحاط نفسه بكل مرفوض شعبيا ..على مستوى الجيش والاقتصاد والسياسية…وعلى رأسهم بوتفليقة الذي كان منظر النظام…وموجهه الحقيقي….والنتيجة…اغتيال قادة التحرير…وتخريب الزراعة والصناعة وتدمير التعليم….دون ان ننسى أن الرجل هو أول من ابتدع مصطلح البدون في المغرب العربي…عندما قام بطرد الالف من المواطنين جزائريين من أمهات او اباء مغاربة…في إطار ما سماه المسيرة الكحلة التي تضامن من خلالها مع الدكتاتور فرنكو…في محاولته ابقاء الاحتلال في الصحراء المغربية…
يذكر الدكتور حسن حنفي في كتابه التراث والتجديد…ان إحدى معوقات القراءة السليمة للتراث….هي النزوع نحو التقريض الذي يشكل في جوهره مجرد مديح اسقاطي لاعلاقة له بالحقيقة والواقع….؛ ولعل هذا ينطبق على الصورة النمطية التي تم ويتم ترويجها عن محمد بوخروبة…او هواري بومدين حسن الاسم الحركي…ومن خلالها يتم تقديم صورة نمطية تم استنساخها رسميا في مسلسل الرسوم المتحركة… وكأنه زعيم عصره في النضال…وايقونة زمانه في العدل…وفلتة تاريخه في الاقدام….بينما الحقيقة المجردة تؤكد لكل منصف…ان الرجل جاء من فراغ ..ومارس السلطة والتسلط باوسع صورها السلبية…واحاط نفسه بكل مرفوض شعبيا ..على مستوى الجيش والاقتصاد والسياسية…وعلى رأسهم بوتفليقة الذي كان منظر النظام…وموجهه الحقيقي….والنتيجة…اغتيال قادة التحرير…وتخريب الزراعة والصناعة وتدمير التعليم….دون ان ننسى أن الرجل هو أول من ابتدع مصطلح البدون في المغرب العربي…عندما قام بطرد عشرات الالاف من المواطنين جزائريين من أمهات او اباء مغاربة…في إطار ما سماه المسيرة الكحلة التي تضامن من خلالها مع الدكتاتور فرنكو…في محاولته ابقاء الاحتلال في الصحراء المغربية…
الكاتب المحترم
ان كنت تقصد بالبدون الموجودون بالكويت خاصة فراجع معلوماتك لقد ظلمت هذه الفئه التي لم تتنكر لبلدها ولا لحكامها ولم تفضل ان تكون اداة في ايدي من يركعون و يساومون ويطبعون ويطبلون بل بقت في الوطن ولازالت تطالب بحقوقها بسلمية تامة تامة ولا تريد ان تقسم المجتمع
أظن أنك لم اقرأ مشروع هذا القانون و خاصة الاسباب، فتحليلك مردود عليك
شخصيا أقف ضد سحب الجنسية الأصلية من المواطنين الجزائريين ، لأنها متوارثة أبا عن جد ، ولأن المادة 32 من آخر دستور ، وربما من كل الدساتير ، ل”الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية” ، تنص على أن : كل المواطنين سواسية أمام القانون ، ولذلك لا يحق لأين كان أن يسحبها من مواطن آخر مثله .
و”لكن وبحسب إحصائيات البرلمان الأوروبي، فإنّ جرائم الخيانة يمكن أن تكون سبباً وراء سحب الجنسية في خمس عشرة دولة في الاتحاد . ويندرج في هذا السياق ارتكاب جرائم خطيرة ضد الدولة (هولندا وبلجيكا وبلغاريا والدنمارك) أو التصرف ضد النظام الدستوري ومؤسسات القومية (الدنمارك وإستونيا وفرنسا ولاتفيا وليتوانيا) أو إظهار عدم الولاء عن طريق القول أو الفعل (قبرص ومالطا وإيرلندا) أو التصرف بشكل عام ضد المصالح الوطنية (فرنسا واليونان ورومانيا وسلوفينيا والمملكة المتحدة)” .
عن نص نشر على : DW) Deutsche Welle)
لم أكن أعلم أن الجزائر فيها بدو أو بدون و بدون – بدو = ن!
لا تستصغروا هذه النون فهذا الحرف آية بحد ذاته في القرآن الكريم، قال تعالى: “ن، والقلم وما يسطرون” فا حذر عزيزي الكاتب ماذا يسطر قلمك!
بومدين كان في البداية يريد بناء دولة في أقرب وقت فقبل بترك الإداريين الذين تركتهم فرنسا في الإدارة الجزائرية ثم إنشغل بالسياسةاالخارجية بعدها رجع لتنظيم او بناء دولة في الداخل فأنشأ لجنة لتصفية الملفات في شهر مارس 78 وبدأ بقطاع العدالة لأن العدل هو أساس قيام الدولة فضحوا به قبل أن يضحي بهم و بعده دخلت الجزائر في حلقة فارغة وبقيت تدور حول نفسها إلى يومنا هذا وللحديث بقية
نعم الراي ونعم التحليل ،يسلم قلمك الذي خط هذه الكلمات الهادفة
كلمات هادفة وتصب في العمق ،ارجو ان يتفهمها اهل الحل والربط ويهتمون بما يجمع الجزائر بين وليس بما يفرقهم ويتخلون عن قانون العار هذا.
سيدي الكريم طالبت شخصيا بهذا القانون لدينا عملاء فرنسا و ابناء الحركي و متشددين دينيين داخل و خارج الجزائر و هؤلاء كلهم يعملون ضد مصالح دولة الجزائر و طبعا القانون قيد الدراسة و من يحسم فيه رئيس منتخب و هو السيد تبون
و ماذا عن اللصوص الذين استغلوا مناصبهم في الدولة الجزائرية و تأمروا على مصلحة البلد و نهبوا المال العام بالمليارات و هربوه عبر قاعات الشرف و أودعوه في البنوك الأجنبية. أليسوا هؤلاء بالخونة يستحقون اشد العقوبات و تجريدهم من الجنسية الجزائرية.