لا شيء في قبَّعة السَّاحر
أو خلف تلك الأبواب المتروكة على عجل
لا شيء في حياتك بين البشر
مغطَّى بالغبار والضَّجيج والوحشة
لا شيء بين عمارات السَّأم
والصَّمت الذي يصبح ملموساً
حين نعبر الغرابة متوجِّسَين
لا شيء بين أصابعي يزهر
أو يموت في الصَّفحات التي تتلى بالنَّظرة العرجاء نفسها
لا شيء.. لا شيء أبداً
إلا أرنباً أليفاً وكلمة تشبه الحبَّ وغيابك في كلِّ مرَّة
يتبادلون مع بعضهم الأدوار
في رأسي
***
كان لديَّ كلُّ الوقت
للحلم بأنَّني واحدة من الأسماك التي تسبح
تحت المياه الغامضة
للإصغاء إلى ملاك يخطئ كثيراً
ولا يخسر ألفته للأشياء التي تُحبُّ في زوالها
كان لديَّ كلُّ الوقت
للمشي الذي أجهل مصيره
وتأمُّل تلك النُّجوم التي لا تتعثَّر في عزلتها
ولا تخبو
كان لديَّ كلُّ الوقت
للحياة الذي كل ما رأيته فيها لن أراه ثانية
للحبِّ الذي يحفُّ جسده بالهزائم قبل أن أمحى
للموت الذي يشقُّ حنجرة السَّماء بلا عزاء لأحد
صرت صفيحاً بارداً
وقوفاً طويلاً مع الازدراء
يسحقني هذا الانتشار الأبله
للدُّخان الكثيف والمعتم
وحجارة تبدأ من عينيَّ
سقوطها
***
الآن
لا أعلم
ماذا أقول؟ أين أخبئ الخوف؟
موتك يموت في حياتي
مرَّات ومرَّات
سمعت تلك التُّرهات
عن الأموات الأحياء
الذين يعبرون خفافاً
مع الضَّوء الذي يتدحرج على الأشجار
ويعطي النَّهر فضَّته
عن الأبديَّة الطافية على الغمر
وبقيَّة الأرض في رماد
لكنَّني هنا
أنظر إلى وجهي ولا أرى شيئاً
يحرقني الفراغ
وكالمجانين
لا أصدِّق هذا العالم الذي لن تنتظره أبداً
***
أداجيو
بحركة لولبيَّة
ينزلق اللَّحن على فنجان القهوة
على السَّتائر المبقَّعة بشمس تتضاءل
على ركبتيَّ اللَّصيقتين بقلبي
ندرك كلَّ شيء حين نعلم
أنَّ الرَّغبة لا تتغيَّر
حتى تحت هذا الجلد المعتم والسَّميك
للانتظار وصمت الموتى
كلُّ ما تبقى من صور الذَّاكرة
يصطدم هنا
حيث يمكنك أن تسمع تداخل الوتريَّات
مع النَّفير الحاد لشهقة الأوبوا
وتجري حوارات غير مألوفة
مع ورقة تزدريها الرِّيح
مع خطوط متعرِّجة على الإسفلت
مع سماء وبحيرة تعتمان سوياً
مع نظرة من رحلوا
أو قبضة الباب
كلُّ ذلك
لتقوم بخطوة تمسك الأرض
كلُّ ذلك
لمجرَّد رغبتك
في أن تسحب الظِّلَّ من الكلام
يتراخى الوقت
اللَّحن واقعيٌّ تماماً
إلَّا أنَّ حزنك يبدو هامشيَّاً
مثل روزنامة على جدار
” كلُّ حقيقة تميل للفراغ”
ترفرف أمام عينيَّ هذه الكلمات التَّائهة
شاعرة سورية
جميل