القاهرة ـ «القدس العربي»: اتهم السفير الإثيوبي لدى روسيا، أليمايهو تيغينو، الثلاثاء، مصر والسودان بـ«العمل على تسييس بناء سد النهضة على النيل الأزرق، وإشراك دول في الأمر، من أجل حل قضاياهم الداخلية، بينما السد لا يحمل أي مخاطر بيئية».
وأضاف: «لقد بدأنا ملء السد بالفعل، والسد لا يشكل أي تهديد كبير لمصر والسودان، لأن المشروع تمّ تصميمه في الأصل بحيث لا يلحق أي ضرر بدول المصب، وسيكون استخدام الموارد عادلاً ومفيداً للجميع».
وزاد: «لا يوجد سبب يدعو السودان ومصر لمعارضة المشروع» مشيراً إلى أنهما «يستخدمان مشكلة السد لصرف الأنظار، وربما لحل بعض مشاكلهما الداخلية».
وأوضح أن «هذه محاولات غير مناسبة لتسييس قضية هي في الواقع تقنية بحتة، لكن إذا كنا نتحدث عن مشاكل فنية، فسيتعامل معها المهندسون، ولا نرى أي مشاكل فنية».
وأكد أن «التوليد الأولى للكهرباء من سد النهضة قد يبدأ في غضون شهرين أو ثلاثة أشهر، وأن أعمال بناء السد تسير بنجاح، وأن السد جاهز بنسبة 81٪ وقد تم الانتهاء من الملء الثاني بنجاح، وجارٍ العمل على المراحل التالية».
وأضاف أنه «في غضون شهرين أو ثلاثة أشهر سيبدأ توليد الكهرباء بواسطة توربينين، وسيبدأ تشغيل التوربينات الأخرى العام المقبل كما هو مخطط، وأن أعمال بناء السد ستكتمل بحلول عام 2023» مشددا على أن أديس أبابا «لا تعتزم تعليق أعمال بناء السد».
فيضانات محتملة
كذلك رجح وزير الري الإثيوبي، سيليشى بيكيلى، حدوث فيضانات محتملة في دول مصب نهر النيل، مشيرا إلى أن موسم الفيضان الحالي يشهد هطول أمطار غزيرة على المرتفعات الإثيوبية.
وقال في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية: خلال موسم الأمطار الحالي تهطل الأمطار الغزيرة في المرتفعات الإثيوبية، وتبلغ الكميات التي تصل إلى سد النهضة الإثيوبي حاليا أكثر من 6000 متر مكعب في الثانية، ما يحتمل أن تكون هناك فيضانات محتملة على مجرى النهر.
وبين أن سد النهضة هو الحارس لدولتي المصب (مصر والسودان) من خلال تقليل الفيضانات وزيادة المياه أثناء الجفاف وليس مهددا لهما، على حد تعبيره.
إلى ذلك، علق عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، على حديث وزير الري الإثيوبي، محذرا من إمكانية حدوث انجراف جزئي لبعض طبقات خرسانة الممر الأوسط لسد النهضة.
وأوضح، عبر صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أن «مقاطع الفيديو التي بثتها إثيوبيا للاحتفال برفع الممر الأوسط تظهر بعض طبقات الخرسانة غير المتصلبة التي أضيفت إلى الممر الأوسط ليلة فيضان المياه من السد».
أكثر من 120 قرية تأثرت بالفيضانات في ولاية الجزيرة السودانية
كما توقع زيادة في كمية المياه التي تصل إلى سد النهضة لما يزد عن نصف مليار متر مكعب بحلول الأسبوع المقبل، وفق خرائط الأمطار، ما قد يؤدي إلى زيادة مؤقتة في مخزون بحيرة السد من مليار إلى ملياري متر مكعب خلال شهر أغسطس/ أب المقبل؛ نظرا لعدم إمكانية خروج المياه بأكملها من الممر الأوسط، لكن سرعان ما تتلاشى هذه الزيادة.
وذكر أن سعة بحيرة التخزين في سد النهضة ستعود في سبتمبر/ أيلول المقبل إلى 8 مليارات متر مكعب كما هي الآن.
وقال إن سد النهضة لم يستطع حجز سوى 3 مليارات متر مكعب في الفترة من 4 إلى 18 يوليو/ تموز الجاري، وحوالى 5 مليارات متر مكعب العام الماضي، وهنا انتهى دور سد النهضة في موضوع حماية السودان من فيضان النيل الأزرق وتتدفق جميع مياهه الآن وكأن السد غير موجود، وبالتالي ليس له أي تأثير في الأسابيع المقبلة التي يزيد فيها إيراد النيل ليتراوح ما بين 600 إلى 1000 مليون متر مكعب يوميا.
وأضاف: «هذا التدفق يحدث فيضانات سنوية تعود عليها إخواننا في السودان إلا إذا كانت شديدة، ويعتمد على هذه الفيضانات ملايين السودانيين الذين يعتمدون على الري الفيضي لأكثر من مليون فدان».
وأوضح أن السودان «يعاني حاليا من شدة الأمطار على الأراضي السودانية، ومن المتوقع في الأسابيع المقبلة فيضان الأنهار خاصة التي تأتي من إثيوبيا وكذلك النيل الأبيض».
وأكد أن سد النهضة «سيصبح أكبر مهدد لحياة السودانيين بطول النيل الأزرق خاصة كلما زادت كمية التخزين، ويصبح قنبلة مائية بتكملة سعته القصوى 74 مليار متر مكعب» مشيرا إلى «مخاطر الفيضانات التي تعرضت لها الدول الأوروبية والصين والهند الأيام الماضية بانهيار بعض السدود الصغيرة».
أضرار في الجزيرة
إلى ذلك، أعلنت السلطات السودانية، الثلاثاء، تأثر أكثر من 120 قرية بالأمطار والفيضانات في ولاية الجزيرة وسط البلاد.
وأفادت وكالة السودان للأنباء الرسمية، بأن والي (حاكم) الجزيرة (وسط) عبد الله إدريس الكنين أجرى جولة في المناطق المتأثرة بالأمطار في منطقة جنوب الجزيرة.
ووفق الوكالة استمع الكنين خلال جولته إلى شرح من المسؤولين والمواطنين حول المناطق المتأثرة بالأمطار والفيضانات في المنطقة، والتي تجاوزت 120 قرية.
ووجه الوالي غرفة الطوارئ بتوفير الآليات اللازمة للشفط والمساعدات الطبية للمناطق المتأثرة، والعمل فورا على تقوية الحواجز الترابية حول القرى.
وأشار الكنين، حسب الوكالة، إلى أن «الولاية سجلت أعلى معدلات هطول أمطار بلغت 92 سنتيمترا» وتوقع خريفا غير مسبوق حسب تنبؤات الأرصاد الجوية، داعيا المواطنين إلى أخذ الحيطة والحذر والعمل على تقوية الجسور في مناطق الهشاشة.
ويبدأ موسم الأمطار الخريفية في السودان من يونيو/ حزيران إلى أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام، وتهطل عادة أمطار قوية في هذه الفترة، وتواجه البلاد فيها سنويا فيضانات وسيولا واسعة.
والجمعة، أعلنت السلطات السودانية حالة الطوارئ في منطقة سد «مروي» شمالي البلاد، تحسبا لحدوث فيضان، عقب وصول كميات كبيرة «فوق المتوقعة» من المياه لبحيرة السد.
وفي 18 يوليو/ تموز الجاري، أعلنت وزارة الري والموارد المائية السودانية، زيادة متوقعة في وارد مياه النيل الأزرق نتيجة الأمطار الغزيرة في الهضبة الإثيوبية، ودعت مواطنيها القاطنين على جانبي النيل الأزرق إلى اتخاذ الحيطة والحذر حفاظا على الأرواح والممتلكات.