لا تشبه صيحة نانسي عجرم، صيحة ‘عمورية’ فبلاد العرب تبدو من خلال كعبة ‘ارب ايدول’ في أولمب فضائية الامبيسي وكأنها يوتوبيا، كما لا تشبه صيحة أم عمرو بن كلثوم ، فعجرم واحدة من زنوبيات هذا الزمن! ويمكن لها إن شاءت أن تظهر مع نوع من أنواع الولاعات أو أن تدخر توقيعها في عبوات فتكسب الملايين.. تثني عجرم على المتسابق فيبلغ ذروة ‘البيت المصمد’. يقول راغب علامة للمتسابق إلى النجومية (وهي الترجمة المخففة بسبع غسولات واحدة منها واحدة بالتراب لكلمة ايدول): ابسط يا عم، نانسي عجرم معجبة بصوتك؟
وكان أحمد حلمي في فلم ‘عسل اسود’ العائد من أمريكا إلى مصر بعد غياب عشرين سنة قد كشف ضعفا وطنيا فأخطأ في اسمها ونطقه ‘نازلي’ عجرم فأكل علقة ساخنة من متظاهرين ضد امريكا، فنانسي وهو اسم امريكي- مناضلة ليست اقل من جميلة بوحيرد و ليلى خالد.. ولعلها ملهمة شخابيط أطفال درعا على الحيطان! كما لا تنس بوعزيزي القارئ أنها غنت لحبيبها الذي خاصمته لكنها – لشدة إخلاصها – لن تسيبه أبدا.. أرأيت أوفى من أمرأة لبعل لم يتبعلها بعد؟.. وفي صيحة كردية تدربت عليها للرائدة الكردية برواس حسين اقشعرت لها النفوس وأصبح القيام جلوس: زور زور جوانا. يمكن للأكراد أن يناموا ملء عيونهم عن شواردها، فقد نطقت الكاهنة العربية نانسي عجرم، بكلمتين كرديتين! أما تنورة برواس القصيرة فهي خطأ مطبعي من مصمم أزيائها الذي أعدّ زيّها لصلاة اراب أيدول في المعبد العربي الذي لا ترى فيه للعروبة عوجا ولا أمتا. وقد اعتذرت لجمهورها! المسألة ليست أخلاقا وإنما مراسيم وبروتوكولات، فالمسابقة هي مسابقة مواهب اصوات تثير المواجد الروحية لا مواهب تثير الشهوات الضالة! امتلأت صفحة الخبر في مواقع الفيس بوك بالتعليقات: يا ستي اعتذري لجوزك يا سيدتي استغفري ربك – خدي بالك المرة الجاية من التنورة يا سنيورة.. يجب إقالة مصمم أزياء برواس من منصبه والأفضل أن يتنحى لمصمم تنانير اقل نيرانا ولهيبا، وكان قصده شريفا وهو تحصيل اصوات في صندوق انتخابات الايدول؟؟ نذكر أن برواس خلفت من اجل لقب الايدول ابنها في حضانة الجدين، وعسى ألا يكون رضيعا، وان يكون الحليب الصناعي متوفرا ومعوضا عن حليب الأم! زور .. زور.. جوانا! وترجمتها غير الدقيقة: وجدتها وجدتها. او: ومع ذلك فأنها تدور!
وهب الله العرب كل أنواع الثروات من المياه والصحارى الشاسعة والغابات المطيرة والبترول والشمس الساطعة والأنبياء .. لم يكن ينقصهم إلا ‘ارب ايدول’. جاء عمرو بن لحي عفوا، جاءت فضائية ‘الامبيسي’ وسدت لهم هذه الثغرة!. ساد الاميركان العالم بالديمقراطية وتمثال الحرية وهوليود وبيفرلي هيلز ودخان الكنت وتصدير ‘البطولات’ والابطال امثال فاتح بلاد الشرق والغرب: رامبو وزميلاه شواريزنغر وجاكي شان. لا يستطيع العرب أن يرِدوا الفضاء ولا أن يصعدوا القمر، ولا أن يفوزوا بكأس العالم في كرة القدم لكن ولله الحمد والمنة – قادرون على اختراع ‘الايدول’ فهم يصنعون كل موسم في مصانع السوبر ستار، العملاقة وستار اكاديمي، والريلتي؛ بضعة ايدولات، ولا يمكن أكلها مثل أوثان التمر التي كان العرب يتعبدون لها في الجاهلية ‘ الكريمة’. ملاحظة للقارئ: الايدول هي الكلمة المستعملة في العهد القديم بخصوص النهي عن عبادة الأوثان في الوصايا العشر. يمكن أن نقول بعد الآن ونحن نؤرخ: عرب تهامة، عرب اليمن، عرب الكنانة ، عرب ايدول .. اصنام العرب الحجرية لم تضر ولم تكن تنفع اما هذه الايدولات فهي تضرّ واشك في انها تنفع.
وامعتصماه نانسي
كان يا ماكان- كان حكام ستوديو الفن نقاد وموسيقيون مقتدرون، يختارون المواهب المغمورة على النوطة. نذكر بأن أهم الأصوات العربية المطربة شقت طريقها إلى المجد لا مجد إلا مجد الصوت في بلاد العرب- من غير ديمقراطية .. كأنّ العرب المعاصرين ليست لهم مواهب إلا في الحنجرة؟ وهذا يذكر بمقولة عبد الله القصيبي ‘العرب ظاهرة صوتية’. ليس للعرب ايدولات في الفيزياء والكيمياء والهندسة والتأليف والتصنيف فالوجدان ‘العربي’ المعاصر لا ينطرب إلا بالطبل والمزمار.. و باستذكار ثلاثية ‘الحق والخير والجمال’ سنجد أنّ البرنامج معقم من الاقانيم الثلاثة فليس فيه حق؛ فهو برنامج تسلية غير مجانية يتم فيه ابتزاز المال بنوازع العصبية الجهوية، كما ليس فيه خير؛ كأن يجري التبرع بأجور التصويت لمرضى السرطان أو مرضى نانسي فهي حمّى أيضا، أما ثالث الاقانيم التي اتفقت عليها وهو الجمال فشحيح لولا مصممي الأزياء ‘الضالين’ الذين يسربون للجمهور شيئا من حصص الزوج. لا نعرف كيف تجري آليات التصويت فليس للبرنامج رقابة من القضاء ولا من القدر. ويمكن أن يجري التزوير بأساليب شتى، كأن تصيح نانسي وامعتصماه فترتفع بورصة التصويت من أجل تحرير الموهبة من أسر الفقر والجهل والمرض. الدراما والإثارة ضعيفة جدا في البرنامج، لا تعوضها وردة حمراء يهديها كوران لبرواس، فالثنائي كوران وبرواس على سبيل المثال- لن يحل محل سيامند وخجي، ولا محل ممو زين .. فالثنائي الكردي الجديد لا ينقصه شيء سوى حضانة الطفل الرضيع المخلف في كردستان وتنتهي الحدوتة نهاية سعيدة. والموال الحلبي لعبد الكريم حمدان (اليس هذا هو اسمه) يمكن أن يذكرنا بأمر ليس البرنامج محله هو سوريا وآلامها، لكن الموال الباكي سيظل خطأ مثل خطأ مصمم الأزياء اياه. أما عبارات كهنة البرنامج الفنية والنقدية و’العلمية’ فضعيفة وركيكة و مكررة وتحتاج إلى ترجمة (اللوك، الإحساس، والاكس فاكتور تبع الفنان) البرنامج الذي يقوم بعمليات صناعة الايقنة امريكانلي المصدر، والايقنة؛ هي عزل الوقائع عن سياقها، بحيث تصبح ظواهر لا تنتمي إلى نمط بحيث يمكن توظيفها. تصاحب عادة مسابقات الايدول ‘المهدوية’ في الدول الدكتاتورية حملات صليبية هائلة تدعو للتصويت لمرشح لمنصب السوبر ستار، ، وعادة ما ينتمي المرشح إلى عشيرة ‘الايدول الكبير’ الحاكم أو طائفته، للتأكيد أن الموهبة حكر على طائفة بعينها فالقبيلة الفاضلة لا تنجب إلا آلهة واوثان.
صناعة الفردية، وعبادة الذات، وأمركة الحياة العربية تجري على أقدام وسيقان وعجلات، فهوليود حولت نملة ‘اسمها فليك’ من مجتمع النمل الذي يضرب به المثل في التعاون والتنظيم في فلم النمل ‘ذا بكس’ والبق كلمة عربية – إلى بطل ينقذ مجتمع النمل المهدد من الجراد. كما امركت هوليود بنجاح الانماط البوليودية السينمائية في فلم المليونير المتشرد فجعلت الحل في تعويض ملايين الفقراء بحلم المليون. السعادة هي الشهرة والمال! اكثر المتقدمين لمسابقات ‘ذا فويس’ يغنون بالامريكاني’.. حتى لو دخلوا حجر ضب .. لدخلتموه’.
كاتب من كوكب الأرض
IF YOU DONT LIKE TO WATCH ARAB IDOL YOU CAN WATCH OTHER STATIONS.
على الاقل برنامج اراب ايدول يبعدنا قليلا عن الصداع السياسي والنفاق السياسي , وعلى الاقل نانسي عجرم لا تقتل احد ولا تتامر على احد ولا تاخذ حق احد كما يفعل كل السياسيين سواء كانوا في السلطة ام في المعارضة , بل هي تنشر الفرح والابتسامة لهذة الشعوب التي ارهقتها الحروب والنزاعات والدجل السياسي , فلا تستكثروا علية قليلا من الفرح …
مقالة أكثر من رائعة ، عجبني كثيراً الطريقة المتقنة لربط المواظيع…
ملحوظة: معنى جملة (زور زور جوانا) هي (جميلة جداً جداً)
لماذا هذا الحقد على الأكراد؟ القدس من حرر القدس والله اني اخجل من الكلام هذا للأسف انتم بعيدين جداً عن الدمقراطية.