‘أراب ايدول’: نانسي عجرم و شجرة الدر و برواس حسين وممو زين!

حجم الخط
14

لا تشبه صيحة نانسي عجرم، صيحة ‘عمورية’ فبلاد العرب تبدو من خلال كعبة ‘ارب ايدول’ في أولمب فضائية الامبيسي وكأنها يوتوبيا، كما لا تشبه صيحة أم عمرو بن كلثوم ، فعجرم واحدة من زنوبيات هذا الزمن! ويمكن لها إن شاءت أن تظهر مع نوع من أنواع الولاعات أو أن تدخر توقيعها في عبوات فتكسب الملايين.. تثني عجرم على المتسابق فيبلغ ذروة ‘البيت المصمد’. يقول راغب علامة للمتسابق إلى النجومية (وهي الترجمة المخففة بسبع غسولات واحدة منها واحدة بالتراب لكلمة ايدول): ابسط يا عم، نانسي عجرم معجبة بصوتك؟
وكان أحمد حلمي في فلم ‘عسل اسود’ العائد من أمريكا إلى مصر بعد غياب عشرين سنة قد كشف ضعفا وطنيا فأخطأ في اسمها ونطقه ‘نازلي’ عجرم فأكل علقة ساخنة من متظاهرين ضد امريكا، فنانسي وهو اسم امريكي- مناضلة ليست اقل من جميلة بوحيرد و ليلى خالد.. ولعلها ملهمة شخابيط أطفال درعا على الحيطان! كما لا تنس بوعزيزي القارئ أنها غنت لحبيبها الذي خاصمته لكنها – لشدة إخلاصها – لن تسيبه أبدا.. أرأيت أوفى من أمرأة لبعل لم يتبعلها بعد؟.. وفي صيحة كردية تدربت عليها للرائدة الكردية برواس حسين اقشعرت لها النفوس وأصبح القيام جلوس: زور زور جوانا. يمكن للأكراد أن يناموا ملء عيونهم عن شواردها، فقد نطقت الكاهنة العربية نانسي عجرم، بكلمتين كرديتين! أما تنورة برواس القصيرة فهي خطأ مطبعي من مصمم أزيائها الذي أعدّ زيّها لصلاة اراب أيدول في المعبد العربي الذي لا ترى فيه للعروبة عوجا ولا أمتا. وقد اعتذرت لجمهورها! المسألة ليست أخلاقا وإنما مراسيم وبروتوكولات، فالمسابقة هي مسابقة مواهب اصوات تثير المواجد الروحية لا مواهب تثير الشهوات الضالة! امتلأت صفحة الخبر في مواقع الفيس بوك بالتعليقات: يا ستي اعتذري لجوزك يا سيدتي استغفري ربك – خدي بالك المرة الجاية من التنورة يا سنيورة.. يجب إقالة مصمم أزياء برواس من منصبه والأفضل أن يتنحى لمصمم تنانير اقل نيرانا ولهيبا، وكان قصده شريفا وهو تحصيل اصوات في صندوق انتخابات الايدول؟؟ نذكر أن برواس خلفت من اجل لقب الايدول ابنها في حضانة الجدين، وعسى ألا يكون رضيعا، وان يكون الحليب الصناعي متوفرا ومعوضا عن حليب الأم! زور .. زور.. جوانا! وترجمتها غير الدقيقة: وجدتها وجدتها. او: ومع ذلك فأنها تدور!
وهب الله العرب كل أنواع الثروات من المياه والصحارى الشاسعة والغابات المطيرة والبترول والشمس الساطعة والأنبياء .. لم يكن ينقصهم إلا ‘ارب ايدول’. جاء عمرو بن لحي عفوا، جاءت فضائية ‘الامبيسي’ وسدت لهم هذه الثغرة!. ساد الاميركان العالم بالديمقراطية وتمثال الحرية وهوليود وبيفرلي هيلز ودخان الكنت وتصدير ‘البطولات’ والابطال امثال فاتح بلاد الشرق والغرب: رامبو وزميلاه شواريزنغر وجاكي شان. لا يستطيع العرب أن يرِدوا الفضاء ولا أن يصعدوا القمر، ولا أن يفوزوا بكأس العالم في كرة القدم لكن ولله الحمد والمنة – قادرون على اختراع ‘الايدول’ فهم يصنعون كل موسم في مصانع السوبر ستار، العملاقة وستار اكاديمي، والريلتي؛ بضعة ايدولات، ولا يمكن أكلها مثل أوثان التمر التي كان العرب يتعبدون لها في الجاهلية ‘ الكريمة’. ملاحظة للقارئ: الايدول هي الكلمة المستعملة في العهد القديم بخصوص النهي عن عبادة الأوثان في الوصايا العشر. يمكن أن نقول بعد الآن ونحن نؤرخ: عرب تهامة، عرب اليمن، عرب الكنانة ، عرب ايدول .. اصنام العرب الحجرية لم تضر ولم تكن تنفع اما هذه الايدولات فهي تضرّ واشك في انها تنفع.

وامعتصماه نانسي

كان يا ماكان- كان حكام ستوديو الفن نقاد وموسيقيون مقتدرون، يختارون المواهب المغمورة على النوطة. نذكر بأن أهم الأصوات العربية المطربة شقت طريقها إلى المجد لا مجد إلا مجد الصوت في بلاد العرب- من غير ديمقراطية .. كأنّ العرب المعاصرين ليست لهم مواهب إلا في الحنجرة؟ وهذا يذكر بمقولة عبد الله القصيبي ‘العرب ظاهرة صوتية’. ليس للعرب ايدولات في الفيزياء والكيمياء والهندسة والتأليف والتصنيف فالوجدان ‘العربي’ المعاصر لا ينطرب إلا بالطبل والمزمار.. و باستذكار ثلاثية ‘الحق والخير والجمال’ سنجد أنّ البرنامج معقم من الاقانيم الثلاثة فليس فيه حق؛ فهو برنامج تسلية غير مجانية يتم فيه ابتزاز المال بنوازع العصبية الجهوية، كما ليس فيه خير؛ كأن يجري التبرع بأجور التصويت لمرضى السرطان أو مرضى نانسي فهي حمّى أيضا، أما ثالث الاقانيم التي اتفقت عليها وهو الجمال فشحيح لولا مصممي الأزياء ‘الضالين’ الذين يسربون للجمهور شيئا من حصص الزوج. لا نعرف كيف تجري آليات التصويت فليس للبرنامج رقابة من القضاء ولا من القدر. ويمكن أن يجري التزوير بأساليب شتى، كأن تصيح نانسي وامعتصماه فترتفع بورصة التصويت من أجل تحرير الموهبة من أسر الفقر والجهل والمرض. الدراما والإثارة ضعيفة جدا في البرنامج، لا تعوضها وردة حمراء يهديها كوران لبرواس، فالثنائي كوران وبرواس على سبيل المثال- لن يحل محل سيامند وخجي، ولا محل ممو زين .. فالثنائي الكردي الجديد لا ينقصه شيء سوى حضانة الطفل الرضيع المخلف في كردستان وتنتهي الحدوتة نهاية سعيدة. والموال الحلبي لعبد الكريم حمدان (اليس هذا هو اسمه) يمكن أن يذكرنا بأمر ليس البرنامج محله هو سوريا وآلامها، لكن الموال الباكي سيظل خطأ مثل خطأ مصمم الأزياء اياه. أما عبارات كهنة البرنامج الفنية والنقدية و’العلمية’ فضعيفة وركيكة و مكررة وتحتاج إلى ترجمة (اللوك، الإحساس، والاكس فاكتور تبع الفنان) البرنامج الذي يقوم بعمليات صناعة الايقنة امريكانلي المصدر، والايقنة؛ هي عزل الوقائع عن سياقها، بحيث تصبح ظواهر لا تنتمي إلى نمط بحيث يمكن توظيفها. تصاحب عادة مسابقات الايدول ‘المهدوية’ في الدول الدكتاتورية حملات صليبية هائلة تدعو للتصويت لمرشح لمنصب السوبر ستار، ، وعادة ما ينتمي المرشح إلى عشيرة ‘الايدول الكبير’ الحاكم أو طائفته، للتأكيد أن الموهبة حكر على طائفة بعينها فالقبيلة الفاضلة لا تنجب إلا آلهة واوثان.
صناعة الفردية، وعبادة الذات، وأمركة الحياة العربية تجري على أقدام وسيقان وعجلات، فهوليود حولت نملة ‘اسمها فليك’ من مجتمع النمل الذي يضرب به المثل في التعاون والتنظيم في فلم النمل ‘ذا بكس’ والبق كلمة عربية – إلى بطل ينقذ مجتمع النمل المهدد من الجراد. كما امركت هوليود بنجاح الانماط البوليودية السينمائية في فلم المليونير المتشرد فجعلت الحل في تعويض ملايين الفقراء بحلم المليون. السعادة هي الشهرة والمال! اكثر المتقدمين لمسابقات ‘ذا فويس’ يغنون بالامريكاني’.. حتى لو دخلوا حجر ضب .. لدخلتموه’.

كاتب من كوكب الأرض

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول زهير:

    استمتع كثيرا حين اقرأ مقالاتك
    ويعجبني قدرتك على الربط
    استمر
    فانت متميز

  2. يقول ناصر:

    صدقني اني انتظر مقالك كل خميس واثناء القراءة اشرب فنجان قهوة واخن سيجارتين فانت من الاشياء الممتعة القليلة في هذا الزمن

  3. يقول cynical:

    سلمت يداك دائما تتحفنا بالمقالات الهادفة التهكمية التي تعري واقعنا العربي المزري . سوريا تنهار و العراق يضيع و فلسطين في خبر كان و العرب مشغولون بدراما الأيدول السخيفة .لا حول و لا قوة إلا بالله . لقد طال سباتنا

  4. يقول sahar:

    100% ya naser

  5. يقول حسام الحلاق:

    الاستاذ احمد مقالك رائع كما كل مقالاتك قلت ما نريد ان نقوله و اكثر في هذا الزمن العربي الردئ الذي جعل من التافه و الغث شيئا سمينا

  6. يقول نور الدين:

    حاولت عدة مرات أن أقتبس أجمل جملة تعبر فيها عن هذا البرنامج وعن أبطاله ومحركيه،،، لكن كل محاولاتي باءت بالفشل يا سيدي…
    والسبب أنه كله بجميع فقراته واسطره وكلماته وحروفه وجمله وتعبيراته وسياقاته وصياغاته رائع، ويصعب تفضيل بعضه على بعض لاكتمال بلاغته….
    بوركت

  7. يقول عبد السلام فران:

    ياسلام
    يا ابو حميد
    عالكلام
    اللي نابع
    من الوجدان اللي كله غيرة
    واحساس
    وياريت
    يقرأ ويفهم
    هذا المغزا
    والمعاني
    كل انسان عربي واسلامي
    سلمت يداك
    ولقلمك
    أدعو الله ان يحفظه
    لك ولنا ذخرا
    لما هو خير لامتنا
    العربية التي أدركها
    ويدركها نوم عميق
    المانيا برلين

  8. يقول جوزيف مطر:

    لا أعرف كيف ومن يختار لجنة التحكيم التي تحتاج هي نفسها إلى إرشادات وتوجيهات وما أكثر الملاحظات على أعضائها وخاصة راغب علامة (صاحب الضحكة المصطنعة لتخليص نفسه من المواقف المحرجة التي يضع نفسه بها) الذي غالباً ما يعيد كلام زملائه في اللجنة سواء بالتأكيد أو بالنقض!! اتمنى دائماً أن يستطيع أن يعطي نقداً فنياً وبعض التوجيهات الخاصة بالفن مثل طبقات الصوت والمقامات والإنتقال في السلم الموسيقي و.. ولكن على ما يبدو هذا ليس في مستطاعه. كنت ارغب دائما أنا أسمع أغاني طرب من راغب علامة ولكن ذلك يحتاج إلى قدرات صوتية وفنية وطبقات مختلفة في الصوت وهذا ما لا يملكه هو. كان نجاحه من خلال الموسيقى واللحن المناسب للسوق ومحاكاة الجنس اللطيف مع الأغاني السريعة التي لا تحتاج إلى العناء والموهبة الحقيقية. ولكن هذا سنة الحياة والعدل أيضاً ولله في تقسيمه شؤون
    بصراحة إن الكثير من المشاركين يفقهون بالفن أكثر من لجنة التحكيم! فمنهم من أنهى دراسة الموسيقى أو الأوبرا أو …
    بالله عليك يا “mbc” ألم تجدو اساتذة بالفن والطرب والموسيقى لكي يكونوا في لجنة التحكيم لكي يستطيعوا أن يوجهوا المشاركين بشكل سليم وبالتالي يرتقوا بالفن العربي؟ وما أكثر من الفهمانين بالموسيقى والفن في عالمنا العربي. إنني فعلاً أخشى على الفن ومعتركيه إذا كان طريقهم إليه يتم عبر هكذا لجنة تحكيم، مع احترامي لشخصيتهم وانسانيتهم ولكن أنا اتكلم عن الفن لذلك أقدر فهمكم لكلامي وتقبلكم كل الآراء وشكراً لكم

  9. يقول رضى-قابس:

    الحمد لله ففي بعض الأحيان الجهل نعمة

  10. يقول شهاب:

    اشفيت غليلي سلمت يداك

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية