الرباط – «القدس العربي»: لم تجد «الجمعية المغربية للنقل واللوجستيك» من «هدية» تقدمها للمغاربة في عيد الحب، سوى الإعلان عن قرارها القاضي بالزيادة في أسعار تذاكر النقل بنسبة 20 في المائة.
الزيادة الصادمة التي كشفت عنها الجمعية وتزامنت مع 14 من شباط/ فبراير الحالي «عيد الحب» بررتها الجمعية المهنية في بيان مقتضب لها، بكونها جاءت من أجل مواجهة ارتفاع أسعار البنزين التي تجاوز ثمن اللتر الواحد 10 دراهم.
خطوة الجمعية المهنية اعتبرتها أوساط المتتبعين تصعيداً من طرفها في مواجهة الحكومة التي، حسب عدد من النقابات، لم تحرك ساكناً من أجل وقف الارتفاع المتزايد لأسعار البنزين.
الجمعية المنضوية تحت لواء «الفدرالية الوطنية للنقل المتعدد الوسائط» بمعية «فيدرالية النقل واللوجستيك» التابعة للاتحاد العام للمقاولات المغرب، قالت إن أسعار النقل واللوجستيك لم تعرف أي ارتفاع منذ 2015، مما اضطرها اليوم للرفع من التعريفة إلى 20 % على خلفية ارتفاع أسعار «الكازوال» لمستويات قياسية، وفق بيان تلقت «القدس العربي» نسخة منه.
إلى حدود كتابة هذه السطور، لم يصدر عن جمعيات حماية المستهلك أي بيان بخصوص هذه الزيادة التي ستمس مباشرة جيوب المواطنين، والذين صاروا مثل ساحة معركة يتصارع فيها المهنيون في مواجهة شركات المحروقات في المغرب، بينما يبقى موقف الحكومة في الترقب دون أن يكون هناك أي إجراء لتفعيل تسقيف الأسعار والذي كان موضوعاً مثيراً لكثير من الجدل خلال فترة ولاية الحكومة السابقة والتي قبلها.
الزيادة التي أصبحت سارية المفعول بداية من أول أمس الإثنين، لم تكن مفاجئة، فقد سبقتها العديد من البيانات والشكايات والمطالب أطلقها المهنيون بخصوص تجاوز أسعار المحروقات للسقف المعقول، داعين الحكومة إلى التدخل.
وفي اليوم نفسه، عممت «النقابة الوطنية لقطاع سيارات الأجرة» بياناً عبر فيه مهنيو القطاع عن سخطهم وتنديدهم من الزيادة التي وصفوها بـ «الكبيرة» والتي طالت أسعار المحروقات.
النقابة في بيانها، طالبت الحكومة بالتدخل وتخفيف العبء عن المهنيين، مؤكدة أن وضع القطاع كارثي، ويعمقه «بطش مافيا المحروقات بالمغرب».
ووجهت النقابة الوطنية لقطاع سيارة الأجرة التابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، انتقادها لـ»مجلس المنافسة» ووصفت صمته بـ «المريب» مشيرة إلى «عجزه» عن حماية المستهلك بتسقيف وتحديد الثمن الأقصى للبيع، والأخذ بعين الاعتبار الأرباح المسموح بها، موازاة مع القدرة الشرائية للمواطنين والمهنيين الذين تأثروا بهذا الغلاء غير المبرر.
واستنكرت النقابة في البيان نفسه، الزيادات «الصاروخية في مادة المحروقات والمواد الاستهلاكية» وبالنسبة للهيئة المهنية فإنها «لا تتطابق مع المدخول اليومي للمواطن والقدرة الشرائية».
وعادت النقابة في بيانها، إلى تقرير اللجنة البرلمانية الاستطلاعية حول المحروقات، وبعد أن تساءلت عن مآله، أفادت بأنه كشف عن «تجاوزات وتلاعبات لوبي المحروقات من خلال الأرباح الخيالية، والإجراءات المتخذة في هذا الشأن من طرف مجلس المنافسة للضرب على أيادي المفسدين».
ودون تردد، حمّلت النقابة المذكورة الحكومة مسؤولية ما «آلت إليه الأوضاع من فوضى وضرب القدرة الشرائية للمهنيين بسبب الزيادات في أسعار المحروقات والمواد الاستهلاكية، وترك المستهلك عرضة لجشع لوبي متحكم في دواليب الإدارة المغربية».
مهنيو قطاع سيارة الأجرة، طالبوا في بيان نقابتهم الحكومة باتخاذ كافة الإجراءات القانونية لخفض أسعار المحروقات، مؤكدة تشبثها بحقها في «الكازوال» المهني أسوة بالصيد البحري.
وعادت النقابة مرة أخرى إلى تحميل الحكومة مسؤولية ما سيؤول إليه الوضع المهني من احتقان اجتماعي عن كل تأخير في الإصلاح واتخاذ الإجراءات السريعة للتخفيف من ثقل معاناة السائقين اليومية مع هذه المادة التي أصبحت تقتسم معهم «المدخول اليومي وتذهب لجيوب لوبي المحروقات دون موجب حق».
النقابة لم تفوت فرصة بيانها الناري حول زيادة أسعار المحروقات، لتجدد مطالبها المهنية بوضع قانون منظم للقطاع عبر الشرع، ومنح رخص الاستغلال للسائقين الممارسين الفعليين عبر دفتر تحملات واضح وشفاف.
كما سجلت ما سمّته «الفشل في تقنين وهيكلة القطاع ووضع استراتيجية واضحة للخروج به من براثن الفساد المتغلغل في النظام الريعي الذي يستفيد منه أشخاص لا علاقة لهم بالقطاع». وكانت الزيادات الصاروخية التي عرفتها أثمان عدد من المواد الأساسية قد أدت إلى خروج المئات من المواطنين، الأحد، إلى الاحتجاج في عدة مدن مغربية، رفضاً لارتفاع الأسعار الذي تشهده الأسواق المحلية خلال الشهور الأخيرة. وشهدت عدة مدن، منها الدار البيضاء والقنيطرة وأكادير ومكناس وبني ملال وآسفي، تجمع المئات في وقفات احتجاجية أمام مقرات نقابة «الكونفدرالية الديمقراطية للشغل» التي دعت إلى الاحتجاج رفضاً لموجة الغلاء الحالية.
ودعا المحتجون الحكومة إلى رفع أجور العمال والتراجع عن رفع أسعار المواد الأساسية والمحروقات، وفتح باب الحوار الاجتماعي مع النقابات. كما رفعوا لافتات كتب عليها «لا لغلاء الأسعار» و»هذا المغرب الجديد.. هذا مغرب الغلا والتشريد» و»لا للارتفاع المهول في الأسعار».
وحسب المتظاهرين، فإن أسعار المحروقات وعدد من المواد الاستهلاكية سجلت زيادات صاروخية في الآونة الأخيرة، مما ينعكس على جيوب المواطنين، خاصة الفئات الهشة منهم التي تضررت من تداعيات جائحة «كورونا».