غزة– “القدس العربي”: يواصل أربعة أسرى فلسطينيين إضرابهم المفتوح عن الطعام، وأقدمهم الأسير خليل عواودة، الذي يواصل المعركة لليوم الـ 157 على التوالي، بجسد ضعيف ووضع صحي خطير، إذ يرفض إنهاء المعركة حتى بعد تنكر الاحتلال لقرار وقف إطلاق النار الأخير الذي أبرم برعاية مصرية، مع حركة “الجهاد الإسلامي”، ويشير صراحه لإنهاء اعتقاله، فيما كشفت مؤسسات الأسرى عن قيام قوات الاحتلال بتصعيد حملات الاعتقال مؤخرا، ومعاملة الأسرى بطريقة غير آدمية.
وعلى سرير العلاج في مشفى “آساف هروفية” الإسرائيلي يواصل الأسير عواودة الإضراب، حيث نقل إلى هذا المشفى بعد تردي وضعه الصحي في “عيادة سجن الرملة” الني تفتقر للكثير من المعدات الطبية.
وكانت محكمة الاحتلال في “سجن عوفر” قررت، الإثنين، رفض الاستئناف المقدم على قرار تثبيت أمر اعتقاله الإداريّ الثاني ومدته أربعة شهور، وقامت بتثبت أمر اعتقاله من جديد.
ويخالف قرار المحكمة نص تفاهمات وقف إطلاق النار، الذي أبرم بين دولة الاحتلال وحركة “الجهاد الإسلامي” برعاية مصرية، الأسبوع الماضي، والذي يشمل إطلاق سراح هذا الأسير، وكذلك بحث إطلاق سراح الأسير بسام السعدي القيادي في الحركة.
وقد حملت هيئة الأسرى والمحررين حكومة الاحتلال وإدارة السجون المسؤولية الكاملة عن حياة الأسير عواودة، الذي يعاني من وضع صحي خطير للغاية في هذا الوقت، بعد أن بات لا يقدر على الحركة، وأصيب بآلام في المفاصل ودوران، وعدم وضوح في الرؤية، وهو مصمم على الاستمرار في الإضراب حتى انتزاع الحرية.
وكانت زوجة المعتقل خليل عواودة، تمكنت قبل عدة أيام من زيارته في المستشفى الإسرائيلي، وقالت إن زوجها يعاني من فقدان للذاكرة ولا يتذكر أسماء بناته، موضحة أنه فقد أكثر من نصف وزنه ويعاني من الضعف والوهن، وعدم الرؤية لدرجة أنه لم يتعرف عليها.
ولفتت عواودة إلى أن خليل أبلغها أنه مستمر في الإضراب حتى انتزاع حريته، وشدد على أن إضرابه عن الطعام “ليس ضد الحياة إنما ضد القيد ومن أجل انتزاع حريته”، مؤكدة أن معنوياته عالية جدا رغم خطورة وضعه الصحي.
وفي هذا السياق، أكد وليد القططي عضو المكتب السياسي لحركة “الجهاد الإسلامي”، أن مماطلة الاحتلال في إطلاق سراح الأسير عواودة والسعدي هي “طبع العدو”، لافتا إلى أن ديدن الاحتلال للتهرب من الاتفاقيات.
وأكد أن المعركة الأخيرة التي خاضتها “الجهاد الإسلامي” ضد الاحتلال، أكدت على وحدة فلسطين الأرض والشعب والقضية، وإبقاء قضية الأسرى في الصدارة وتمسك المقاومة الفلسطينية بتحررهم.
وكان مسؤول أمني إسرائيلي أكد أن الإفراج عن الأسيرين، خليل عواودة وبسام السعدي، مسألة غير مطروحة على جدول أعمال سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
والجدير ذكره أن الأسير عواودة استأنف إضرابه في الثاني من يوليو الماضي بعد أن علّقه في وقت سابق بعد 111 يومًا من الإضراب، استنادًا إلى وعود بالإفراج عنه، لكنه قام باستئناف الإضراب بعد أيام من التعليق، رفضا لنكث الاحتلال بوعده، حين أصدر بحقّه أمر اعتقال إداريّا جديدا لمدة أربعة أشهر.
وفي السياق يواصل الشقيقان المعتقلان أحمد وعدال حسين موسى من بلدة الخضر إضرابهما عن الطعام منذ عشرة أيام من تاريخ اعتقالهما في 7 أغسطس الجاري، وذلك رفضًا لاعتقالهما الإداري.
وهاذين الأسيرين يقبعان في زنازين “سجن عوفر”، وأصدر الاحتلال بحق أحمد أمر اعتقال إداريّ لمدة أربعة شهور، وبحقّ عدال ثلاثة شهور.
وقال نادي الأسير إنّ المعتقل أحمد البالغ من العمر (44 عامًا) وهو أسير سابق، كان قد نفّذ عام 2019 إضرابًا عن الطعام، وانتهى باتفاق يقضي بالإفراج عنه.
وهذا الأسير مريض يعاني من مشاكل حادة في القلب وقد أجرى عدة عمليات جراحية على مدار السنوات الماضية، وهو متزوج وأب لسبعة أبناء.
كما أن عدال (34 عامًا) أسير سابق، أمضى في سجون الاحتلال نحو سبع سنوات، منها خمس سنوات بشكل متواصل، وهو متزوج وأب لطفلين.
كذلك يواصل الشيخ يوسف الباز (64 عامًا) من اللد بأراضي 1948، إضرابه عن الطعام، رفضًا لاستمرار اعتقاله التعسفي لليوم السادس على التوالي، في “مستشفى سوروكا” الإسرائيليّ، حيث نقل إليه يوم الجمعة الماضي من سجن ريمون، إثر تدهور وضعه الصحي.
وقد صعد هذا الشيخ من خطواته بالامتناع عن الماء، رغم أنه مريض بالقلب، ووفقًا لمحاميه خالد زبارقة، الذي تمكّن من زيارته ، فقد أكّد أنه يتلقى الدواء عبر الوريد.
وكانت سلطات الاحتلال أبقت على اعتقال الشيخ الباز، رغم قرار سابق من المحكمة بالإفراج عنه، وعليه شرع بالإضراب عن الطعام، وهو إمام مسجد اللد الكبير، وكان الاحتلال اعتقله في 30 أبريل الماضي.
وفي تقرير جديد أصدرته الهيئات الفلسطينية المعنية بأوضاع الأسرى ذكر أن قوات الاحتلال اعتقلت خلال شهر يوليو الماضي 375 فلسطيني، بينهم 28 طفلاً، وسيدتان، وأشارت مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان التي أعدت التقرير وهي هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان ومركز معلومات وادي حلوة-القدس، إلى أن عدد أوامر الاعتقال الإداريّ الصّادرة في ذلك الشهر بلغت 191 أمراً، بينها 65 أمراً جديداً، و126 أمر تمديد.
وأكدت أن عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال بلغ نحو 4550 أسيراً، وذلك حتّى نهاية شهر يوليو 2022، من بينهم 27 أسيرة، و175 قاصراً، ونحو 670 معتقل إداري.
وقد رافقت عمليات الاعتقال انتهاكات جسيمة بحق المعتقلين، وعائلاتهم، حيث تعمدت قوات الاحتلال استخدام أساليب التهديد، والترهيب المتبعة من ضرب، واعتداء، وتكسير ممتلكات وتحقيق ميداني مع المعتقلين أمام أهاليهم.
كما استخدمت قوات الاحتلال سياسات “العقاب الجماعي” بحق المدن والقرى الفلسطينية من اقتحامات متكررة، وحملات اعتقال جماعية، وإطلاق الرصاص تجاه المواطنين وترويعهم.
ويؤكد التقرير أنه في الآونة الأخيرة تم رصد العديد من الشكاوى لأسرى ومعتقلين عانوا من أوضاع اعتقالية وحياتية مأساوية داخل أقسام السجون، خاصة “سجن الرملة” ومن بينهم الأسير فهمي مشاهرة، والذي جرى نقله خلال الفترة السابقة من “سجن بئر السبع” إلى معتقل آخر لإخضاعه للاستجواب، وخلال نقله جرى زجه في مركز التوقيف في “سجن الرملة” لمدة خمس ساعات.
وبحسب ما سرده الأسير مشاهرة بإفادته، فإن ذلك القسم المخصص للتوقيف، عبارة عن قفص ضيق المساحة، ولا يتسع سوى لثمانية أشخاص، لكن إدارة المعتقل تتعمد زج أكثر من 20 أسيراً في تلك المساحة المحدودة، دون مراعاة للأسرى المرضى وكبار السن، مما يُجبر الأسرى على تقسيم أنفسهم لقسمين والتناوب بالوقوف والجلوس وفقاً للمساحة المتوفرة.
وأضاف: “إن دورة المياه الموجود بذلك القسم قذرة للغاية، ولا يوجد مكان نظيف لتأدية الصلاة، نتيجة للاكتظاظ والروائح الكريهة”، لافتا إلى أن هذا القسم مخصص لاحتجاز الأسرى الموقوفين والمحكومين على حد سواء.
وضمن المخططات الإسرائيلية لمعاقبة الأسر، حرمت سلطات الاحتلال الاسرائيلي، والدة الأسير أيهم غنام من زيارته في “سجن مجدو”، رغم حصولها على تصريح زيارة، وقامت بإرجاعها عن حاجز الجلمة شمال شرق جنين.
والأسير غنام هو شقيق الشهيد رفيق غنام الذي استشهد قبل أكثر من شهر في بلدة جبع شمال الضفة الغربية.