“أرض السمن والعسل” تنتقد دول “أعجاز النخيل”.. ما رأي صندوق النقد الدولي بأزمة السيسي؟

حجم الخط
2

“لا يجب على الدلافين والعارين الذين وضعوا على أجسادهم مؤخراً ملابس فاخرة، أن يهينوا مصر، وهي الدولة محل الإعجاب وأم الدنيا، بتاريخها الطويل وحاضرها ومستقبلها وحضارتها وانتصاراتها ومواطنيها، الذين هم رمز للكبار… لا يوجد للحقيرين والذين وصلوا الآن إلى الشهرة حق في إهانة سادتهم. هم فقط هواء وفراغ وسيختفون عند مجيء عاصفة صغيرة. الدول التي لا يزيد عمرها عن عمر ابني الصغير ليس لها حق في التحدث عن مصر إلا بأدب واحترام وتقدير. حتى لو كان يمكنهم شراء أصوات وأبواق الأقزام والمرتزقة، فلا يمكنهم شراء التاريخ أو الحاضر أو المستقبل”، هذا ما قاله الصحافي المصري عبد الرزاق توفيق، الذي كان رئيس التحرير لصحيفة “الجمهورية” المصرية الرسمية، والمقرب من الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مقال حاد غير اعتيادي نشره الخميس الماضي.
لا يعتبر توفيق مدوناً عادياً. فقد كان وما يزال جزءاً من النظام، وكتاباته تعكس روح النظام إذا لم تكن تعكس الأقوال التي تقال في هذه الأيام في قصر الرئاسة في مصر. توفيق لا يذكر أسماء هذه الدول والشعوب “الدلافين” الذين بدلوا خاصرتهم بحمالة الصدر الفاخرة ولكن هدف الهجوم واضح: أخوات مصر ودول الخليج، وبالذات السعودية والكويت.
دافع هذا الهجوم اللفظي وفرته تغريدات لمثقفين من السعودية، من رجال البلاط المعروفين، وهما تركي الحمد وخالد الدخيل، وهما من كبار كتاب الأعمدة في السعودية، ونشرا على “تويتر” مواقف مهينة تجاه مصر. كتب الحمد: “يوجد مثالان لمصر: مصر ما قبل ثورة 1952 (ثورة الضباط التي أطاحت بالملك فاروق وصعدت بجمال عبد الناصر إلى الحكم). ثم مصر اليوم، مصر البطالة، والأزمة الاقتصادية والسياسية، والصعوبات الاجتماعية والعنف الذي لا يشبه ما عرفناه في السابق، في فترة المملكة أو في فترة الجمهورية. ما الذي حدث لمصر، التي كانت غنية بقدرتها ومخزوناتها، والتي كانت تقرض الأموال وتساعد المحتاجين، والتي هي الآن تمد يدها طلباً للمساعدة من هنا وهناك؟ هل هذه هي أرض السمن والعسل؟”.
كان للدخيل ادعاء آخر: “ما حدث لمصر أنها لم ترفع عنها زي الجيش منذ العام 1952. لقد هزمت في 1967 ومنذ ذلك الحين تبدد المجد الذي رافق ثورة 1952 مثلما عرفه المصريون والعرب. سيطرة الجيش على اقتصاد الدولة لم تسمح ببناء أي بديل سياسي واقتصادي فيها. وسارع الدخيل للتغريد والتوضيح بأن أقواله استهدفت أن تكون “انتقاداً بناء” وليس مهاجمة مصر. السيسي لا يحتاج هذا الانتقاد البناء. وحتى في تشرين الأول عندما أدار نظامه مفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول قرض بمبلغ 3 مليارات دولار لإنقاذ مصر من الأزمة الاقتصادية الصعبة، أدرك بأن السعودية لا تنوي المساعدة، على الأقل ليس بشكل غير مشروط كما ساعدت حتى الآن. في لقاء مع ضباط الجيش، احتج السيسي وقال: “إخواننا العرب والأصدقاء يعتقدون أن الدعم الذي تحصل عليه مصر منهم منذ سنين خلق ثقافة الاعتماد عليهم لحل الأزمات والمشكلات. وهم على قناعة بأن مصر لا تستطيع الوقوف على قدميها”.
أما صندوق النقد الدولي الذي صادق على القرض فهو أيضاً غير واثق من قدرة مصر الاقتصادية على تحمل العبء. ويطلب تقليص دور الجيش في اقتصاد مصر وإشراك القطاع الخاص بشكل كبير في إقامة المشاريع. انضمت السعودية لموقف الصندوق بشكل رسمي عندما قال وزير الاقتصادي السعودي، محمد الجدعان، في مؤتمر المنتدى الاقتصادي في دافوس بأن السعودية لن تعطي المزيد من المساعدات بدون شروط، وأنها تعمل بالتعاون مع مؤسسات التمويل الدولية على اشتراط المساعدات بإصلاحات اقتصادية. صندوق النقد الدولي الذي توقع أن تعطي السعودية ودول الخليج الأخرى حزام أمان لمصر بصورة استثمارات بمبلغ 14 مليار دولار، يدرك هو أيضاً أن هذا التوقع قد يبقى على الورق.
تعهد السيسي في الحقيقة بخصخصة شركات حكومية، بما في ذلك الشركات التي يسيطر عليها الجيش، في حين أن الجيش أوضح له مرة أخرى بأنه لن يتجرأ على المس بمصدر أرباحه الأساسية. اقتصاديون في مصر ورجال بنوك وبالأساس رجال أعمال وأصحاب رؤوس أموال في مصر، يوجهون انتقاداً علنياً للرئيس بسبب سيطرة الجيش على الاقتصاد، لكن عندما يأتي هذا الانتقاد من الخارج، لا سيما من دولة عربية، فالجميع يهبون للدفاع عن الذخر الوطني. “لا أعرف لماذا أثارت قوة الجيش غضبهم وكراهيتهم”، كتب توفيق. “لقد كان يمكن توقع موقف كهذا من العدو التقليدي والتاريخي (إسرائيل) لأن قوة وصلابة الجنود المصريين، الأفضل في العالم، جعلته يفقد التوازن، وتشوش عقله تفكيره… لو أن مصر ضعيفة وخاضعة فإنهم (الأخوة العرب) لم يكونوا ليتحدثوا بهذا. لسوء الحظ، يوجد أغبياء أصيبوا بالعمى بسبب الأموال، ولا يعرفون بأنه إذا حدث شيء سيئ لمصر فلا يمكنهم مواصلة العيش للحظة أخرى. لأنهم أشياء عديمة المعنى وأعجاز نخل فارغة”. من المهم معرفة كيف أن أعجاز النخيل الفارغة قد تحسن خزينة مصر.
بقلم: تسفي برئيل
هآرتس 6/2/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Mahmoud:

    هؤلاء الكتاب المصرين يتسببون في مشاكل ديبلوماسية لوطنهم يهاجمون قادة الدول العربية الخليجية بدون سبب

  2. يقول هشام التونسي:

    دول الخليج مهما يكن قامت اكثر من الواجب اتجاه مصر. ٩٢ مليار دولار بين هبة وودائع في البنوك المصرية. ألا يغزر هذا في عيون الطبالين من محرري الجرائد المصرية وتهجمهم اللا اخلاقي في او دول الخليج.

إشترك في قائمتنا البريدية