أرض مشتعلة

حجم الخط
0

محطة الوقود التي توجد على خط التماس بين حي التلة الفرنسية في شمال شرق القدس والقرية العربية العيساوية لا تزال تلعق جراحها بعد أن تعرضت هذا الاسبوع للهجوم من عشرات المشاغبين، الذين وصلوا من القرية المجاورة ورشقوها بالحجارة والزجاجات الحارقة.
الاضطرابات في الحي اليهودي اندلعت في أعقاب موت الفتى الفلسطيني محمد سنقرط ابن 61 سنة، الذي اصيب بجراح خطيرة في أعمال الشغب التي وقعت الاسبوع الماضي في حي وادي الجوز. ويزعم الفلسطينيون بان سنقرط اصيب بعيار مطاطي في رأسه من مسافة قصيرة اطلقته الشرطة.
وأمس أيضا واصل مئير ادلر، مدير المحطة الاطلاع على الاضرار التي خلفها المشاغبون، والى جانبه واصل عملهم العاملين لديه ممن يسكن بعضهم حقا في ذات القرية. ويروي ادلر فيقول: «ان الجميع يعملون عندي، عرب اسرائيليون، بعض من القرية نفسها، بعض من شرقي القدس.
وفي ذاك المساء قال بعضهم للمشاغبين: «انتم ترشقون الحجارة ولكننا عرب«. ولكن هذا لم يساعد في شيء، حيث دخلوا الى الاستراحة وسحبوا برقة العامل الذي يعمل هناك، ولم يعترض بالطبع لان التعليمات تقضي الا يعرض حياته للخطر. وفعلوا في محل الاستراحة العجب«. وقام المشاغبون بالحرق، وسرقوا الصندوق، وأخذوا البضائع. وبعد ذلك خرجوا والحقوا الضرر بماكينات نهل الوقود.
أمس، في الوقت الذي اجرى فيه ادلر الجرد وقف الى جانبه اسامة جويلس، من سكان العيساوية والذي شهد بنفسه اعمال الشغب وأخرج من جهاز الخلوي فيلما صوره عن الحدث. ويقول جويلس: «تريدون الحقيقة، صحيح؟ سأروي لكم الحقيقة وليس الكذبة التي تعرض في وسائل الاعلام. كان هناك ربما عشرة أولاد. هذا كل شيء. هؤلاء اولاد يتعرضون للضرب من الشرطة وحرس الحدود. وبالتالي يوجد ولد يجلس بصمت ويوجد ولد يرغب بالانتقام. وهؤلاء هم الذين قاموا بهذه الفعلة. وبالتالي من أجل عشرة اولاد انت تعاقب كل القرية، وتغلب علينا».
في المخرج من العيساوية وقف أمس شرطة حرس الحدود لمراقبة الخارجين والداخلين. هذه ليست قرية بسيطة، حسب تعريف الشرطة. نحو 12 الف من السكان الذين يسكنون على السفوح الشرقية من جبل المشارف. غير مرة تقع هناك اعمال اخلال بالنظام واستعراضات القوة للملثمين. في نيسان من هذا العام امسك في المكان بخلية من خمسة اشخاص ارتكبت سلسلة من الاعمال، بينها القاء الزجاجات الحارقة على نادي للرقص في قاعة الكنيس المحافظ «رموت تسيون» في التلة الفرنسية.
وهذه المرة تعد الشرطة بوضع حد للظاهرة. «هذا حدث خطير»، قال الناطق بلسان لواء القدس في الشرطة المقدم آسي اهروني. «نحن سنصل لمن ارتكب الفعلة وسنحاسبه امام القانون. وفور الحدث كان أول عمل هو اغلاق المدخل الى القرية مما اثار القيادة المحلية. وقد تعهدت بالحفاظ على الهدوء».

برميل من المواد المتفجرة

كل المنطقة اشتعلت بعد جريمة القتل النكراء بحق محمد ابو خضير والتي وقعت في بداية شهر تموز. واحصت الشرطة نحو 600 معتقل في أعقاب اعمال الشغب و 240 لائحة اتهام.
قوات غفيرة من الشرطة وحرس الحدود تصل الى العيساوية بشكل دائم، ولكن جويلس، من سكان القرية، تروي بان هذه القوات تدخل بلا تمييز: «اذا ارتكب احد الاولاد مشاكل، فعاقبه، ولكن عندهم مباشرة كل شيء بوم بوم بالقوة«. في السيارة الفاخرة لجويلس يوجد عيار مطاطي يقال انه حطم باب السائق. والسائق يقول انهم اطلقوا النار دون أن يكون فعل شيئا.
«انا لست غاضبا ولم أكن في تلك الليلة التي احرقت فيها المحطة»، يهدئ ادلر المدير الروع. «انا لا أتأثر بذلك، يجب أن نتعلم كيف نعيش الحياة الطبيعية. نحن نعيش هنا، وهذا حصل وسيحصل في المستقبل ايضا. لا يوجد في هذه اللحظة حل».
على مسافة خمسة كيلو مترات من محطة الوقود تسكن في حي بسغات زئيف ياعيل عنتيبي وهي لا تعتزم الصمت. عنتيبي عضو مجلس المدينة عن كتلة «باز» التي تمثل باحترام بسغات زئيف في الشؤون البلدية. من شرفة بيتها يمكن ان نرى جيدا مخيم شعفاط للاجئين وسور الفصل القاتم.
«عندما بني حذرنا من ان هذا الجدار ليس طيبا»، تروي تقول. «في المدى القريب يفعلون الفصل، ولكن من جهة اخرى هذا يقسم القدس. الدولة لا تسيطر هناك، لا تقدم خدمات ولا تنفذ القانون، وهم يبنون بلا قيود. برميل من المواد المتفجرة«.
في أماكن معينة يفصل نحو 200 متر بين جنوب بسغات زئيف والسور الباعث على الاكتئاب. جانب واحد نامٍ، والجانب الاخر أقل بكثير، والاحتكاك بينهما بعيد السنين.
قبل بضعة اسابيع عثر على عيار ناري في احدى حدائق الحي اليهودي. في الاسبوع الماضي حطم عيار ناري نافذة سيارة. ونصبت الشرطة كمينا وبالفعل اصابت فتى وقف في مخيم اللاجئين مع مسدس واطلق النار باتجاه بسغات زئيف.
«نحن نعرف المزاج العام في المكان ويوجد الكثير من الاعمال داخل شعفاط»، يروي الناطق بلسان لواء القدس، المقدم آسي اهروني. «يوجد عمل استخباري تقوم به الوحدة الخاصة وحرس الحدود. ندخل هناك على نحو دائم ولكن منذ مقتل ابو خضير يوجد انخفاض كبير في عدد أعمال الشغب«. عدد أعمال الشغب قد يكون انخفض منذ مقتل ابو خضير، ولكن القطار لا يزال يتعرض كل يوم لرشق الحجارة حين يمر في حي شعفاط.
وتروي عنتيبي ان غير قليل من السكان يفضلون السفر في الباص من العبور في القطار الى داخل الحي العربي. وهي مقتنعة بانه «لو كان هذا مثلما كان الحال من قبل، عندما يكون شغب يردون بيد قاسية.
في اللحظة التي يرون بانه لا يوجد عمل مصمم فانهم يواصلون. هذا كالطفل الصغير يفحص دوما وعندما تضع حدا له يفهم بانه لا ينبغي ان يتجاوز حدوده. هنا لا يوجد قول سلطوي قاطع في أنه يرد بصفر تسامح على العنف».

البلدية تخاف

تدعي الشرطة بانها تقوم بالفعل كثيرا لمنع الاشتعال الاقليمي. وهذه السنة فقط تشكلت قيادة متقدمة في شرقي القدس مهمتها الاستجابة لاوضاع المجتمع العربي. ولهذه القيادة أربع نقاط، ضمن مواقع اخرى في التلة الفرنسية وفي جبل الزيتون.
وفي الشرطة يشيرون ايضا الى مشروع «نظرة الى الامام» التي بدأت في البلدة القديمة، وفي اطارها نشرت كاميرات حراسة واقيمت بؤرة للرقابة على ما يجري. والنية هي لتطبيق المشروع في المناطق الاشكالية في المدينة.
وتناول وزير الامن الداخلي اسحق اهرنوفيتش الموضوع في شهر ايار في جلسة الكنيست وقال ان «هذه الاعمال يجب بالطبع ان تؤدي الى تشديد التواجد والبروز في منطقة جبل الزيتون، العيساوية والنزول باتجاه معاليه ادوميم. ولا يزال هناك رشق للحجارة والاعتقالات. والناس قد يصابون بأذى بحجر يرشقون به. هذا أمر خطير ويجب أن يعالج. وهذه ظواهر خطيرة».
وتروي عنتيبي بان غير قليل من السكان في بسغات زئيف يخشون على أمنهم الشخص ولا بد ان لهم شرفات تطل على مخيم اللاجئين. يخافون من رصاصة قد تصيبهم من هناك. وعلى حد قولها، قبل اقامة جدار الفصل كانت هناك دوريات لحرس الحدود، ولكن منذ ذلك الحين يعتمدون على الجدار أكثر فأكثر وليس دوما عن حق.
اسامة، شاب التقيناه قرب العيساوية، يقول ان بعض استياء ابناء قريته هو نتيجة حقيقة أنهم لا يحصلون على الشروط التي يحصل عليها الناس في المدينة. هذا مثل القطط التي تثير دوما اعصابه وفي النهاية يقوم بمهاجمتك وخدشك كما يشرح قائلا.

إيال ليفي
معاريف الاسبوع 11/9/2014

صحف عبرية

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية