30 من الذكور، بينهم سبعة من القاصرين، نزلاء منتجع سياحي في إيلات، تناوبوا على اغتصاب فتاة قاصر لم تتجاوز السادسة عشرة من عمرها، كانت مخمورة ونصف واعية. وتقول الروايات المتقاطعة إنّ المغتصبين اصطفوا أمام باب غرفة الفتاة، ينتظر كلّ منهم دوره؛ وبعضهم قام بتسجيل عملية الاغتصاب على هاتفه. الجريمة وقعت ليل 12 آب (أغسطس) الجاري، لكنها لم تُفتضح إلا بعد أسبوعين، فتبارى ساسة دولة الاحتلال في إدانتها: بنيامين نتنياهو اعتبرها «جريمة بحقّ الإنسانية، ويائير ليبيد طالب بنشر صور المغتصبين، وبيني غانتس شكك في إنسانية رجل يقف في صفّ منتظراً دوره لارتكاب الاغتصاب…
غير أنّ سابقة مماثلة، لكنها كانت قد وقعت في منتجع أيا نابا، جزيرة قبرص هذه المرّة، صيف 2019، شهدت تورّط 12 سائحاً إسرائيلياً تتراوح أعمارهم بين 15 و22 سنة؛ تناوبوا أيضاً على اغتصاب سائحة إنكليزية. القضاء القبرصي حكم ببراءتهم بعد أن تراجعت الفتاة عن أقوالها، تحت ضغوطات هائلة متعددة الأطراف كما ذكرت الصحافة يومذاك، وضمن مناخات من تسعير الاتهام بالعداء للسامية، واستقالة محامي الدفاع القبرصي. هيئات دولية معنية بحقوق الإنسان كشفت النقاب عن مخالفات جنائية ارتكبتها سلطات التحقيق القبرصية عامدة؛ بينها مثلاً عدم ضبط الهواتف النقالة للمتهمين، والامتناع عن تدقيق محتوياتها. اللافت أنّ المغتصبين استُقبلوا في مطار بن غوريون استقبال الأبطال، وذلك رغم تظاهرات الاحتجاج والاعتصامات التي نظمتها حركات الدفاع عن المرأة داخل دولة الاحتلال وفي قبرص ذاتها وبريطانيا وبلدان أخرى.
اندثرت، حسب غيتاي، روح الـ«كيبوتز» التي تقلب الصحراء جنّة وارفة وينابيع من حليب وعسل، و«الصهيوني الصبّاري»، نسبة إلى النبات الشوكي المقاوم، هو اليوم قوّاد مافيوزي يهرّب الرقيق الأبيض
وتشير الإسرائيلية يائير شيرر، رئيسة «مجموعة الدفاع عن الناجيات من العنف الجنسي»، إلى أنّ الحكومة الإسرائيلية تتفاخر بدولة متقدمة تماماً في ميادين التكنولوجيا المختلفة، والرقمية منها خاصة؛ ولكنها لا تفعل إلا القليل في مضمار الكشف عن جرائم الاغتصاب، وتزويد القضاء بأدلة دامغة يمكن أن تدين المغتصبين. ولهذا فإنّ نسبة 90٪ من جرائم الاغتصاب في دولة الاحتلال تُطوى دون إدانة، وأنّ معدّل 63٪ من جرائم الاغتصاب الجماعي تحديداً تُنسب إلى مجموعات بين سنّ 12 إلى 18، مقابل 37٪ يرتكبها بالغون. وتقول المجموعة إنّ 1,166 حالة اغتصاب ارتُكبت في سنة 2018، وهذه أحدث ما يتوفر من إحصائيات، مع العلم أنّ الجرائم في ازدياد مضطرد، وبنسبة لا تقلّ عن 12٪ في كلّ سنة.
وهذه حال عكستها، على نقيض القضاء الإسرائيلي، الآداب والفنون الإسرائيلية، والسينما في المقام الأوّل؛ كما عند عاموس غيتاي، خاصة شريطه «أرض الميعاد»، 2004، الذي قد يكون – ولعله سيبقى، حتى إشعار آخر طويل – الوثيقة السينمائية الإسرائيلية الأقسى ضدّ دولة الاحتلال؛ تلك «الواحة» التي لم يتوقّف التبشير الصهيوني، وبعض استطالاته الغربية، عن تقديس أخلاقيات الحياة فيها. اندثرت، حسب غيتاي، روح الـ«كيبوتز» التي تقلب الصحراء جنّة وارفة وينابيع من حليب وعسل؛ و«الصهيوني الصبّاري»، نسبة إلى النبات الشوكي المقاوم، هو اليوم قوّاد مافيوزي يهرّب الرقيق الأبيض، ويتاجر بالمهاجرات الباحثات عن عيش أفضل، ويسومهنّ الذلّ والهوان والعذاب…
مَن شاهد الشريط لن يجد في السطور السابقة أيّ تهويل أو مبالغة، بل لعلّ البعض سيجد تلطيفاً للصورة السوداء القاتمة التي يرسمها غيتاي عن هذا القطاع في حياة دولة الاحتلال الراهنة؛ حيث تبدو «أرض الميعاد» وقد انقلبت إلى أقذر دار عهر، لأشدّ ما في العولمة من تجليات وحشية. صحيفة «لوموند» الفرنسية، ولسنا نحن، هي التي اعتبرت أنّ أحد مشاهد الشريط تذكّر بفظائع أوشفتز والـ«هولوكوست»؛ مع فارق أنها، هذه المرّة، تجري بأيدي اليهود أنفسهم، أبناء وأحفاد الضحيّة السابقة. ولسنا نحن، بل غيتاي نفسه، هو الذي شاء أن يطلق على دار البغاء، في الشريط، اسم «أرض الميعاد».
حافز صحيفة «لوموند» إلى استعادة أوشفتز هو مشهد حمّام جماعي تخضع له الفتيات حال وصولهنّ إلى المنتجع العائم على البحر: ضمن إيقاع سريع، ومشاهد بالغة القسوة، يتمّ تجريد الفتيات من ثيابهنّ، ويجري رصفهنّ على منصّة معدنية تطلّ على البحر، ثم توجّه إليهنّ خراطيم مياه ضخمة، تماماً كما في غسل الماشية أو تطهير أجسادها بالمبيدات! وفي المشاهد اللاحقة، وهي إجمالاً ليلية قاتمة داكنة إلا في حالات نادرة للغاية، تتوالى فصول إعداد الفتيات للمهنة، وبينها ذلك المشهد الأخاذ الذي تقوم بأدائه الممثلة الألمانية الكبيرة هانا شيغولا، في دور القوّادة الأمّ؛ حين تتولى مكياج إحدى الفتيات، فتكفكف دمعها، وتروي أنها مرّت بظروف مماثلة تقريباً، وأنّ البغاء ليس سبّة بل هو عمل مثل سواه.
وثمة ذلك المشهد البديع، الذي جلب على غيتاي سخط عشرات المعلّقين الإسرائيليين: في مستوى أوّل، يقلّب أفراد المافيا ما بين أيديهم من بضاعة اللحم البشري؛ وفي مستوى ثان، متمازج مع الأوّل، تتداعى ذكريات ديانا الإستونية عن صلاة الأحد في موطنها، وذكريات روز الأوروبية عن ترتيل المزمور 221، الذي تقول بعض أعداده: «فرحتُ بالقائلين إلى بيت الربّ نذهب. نقف أرجلنا في أبوابك يا أورشليم. (…) ليسترحْ محبّوكِ. ليكنْ سلامٌ في أبراجك راحةٌ في قصورك».
… أو في منتجعاتك، حيث الميعاد وقوف في صفّ دور طويل، لممارسة الاغتصاب!
أعتقد أن اليهود سيجدون في الإمارات أرض الميعاد لممارسة هوسهم الجنسي وجشعهم المادي وإطلاق العنان لملذاتهم ففيها كل هذه المتطلبات وأعتقد جازما أن الإماراتيين لن يعاقبوا إسرائيليا واحد على إنتهاك قوانينهم لإنهم مفصلة لناس أم الإسرائيلي فهو فوق كل قوانين الكون كما أنهم أي الإماراتيين لن يطلبوا من النتن ياهو أن يحد من فلتان قطعان الصهاينة التي ستزور الإمارات وذلك لكي لا ينغصوا عملية ” السلام ” المزعوم.