يتساءل محمد أركون باستمرار: كيف نقرأ التراث العربي؟ بل كيف نفهمه؟ وهل هناك من سبيل إلى استثماره في تنوير العقل العربي؟ ومتى يسمح بالتمييز بين التراث الإسلامي وتراث الظاهرة الدينية؟
ظاهريات التراث في مقابل ظاهريات الروح، ولربط الجسر بينهما، تنبغي مواجهة الأرثوذوكسية التي تنظر إلى حرية الفكر كأكبر عدو لها، فالدعوة إلى قراءة التراث الإسلامي، بواسطة المنهجية النقدية، لا تخلو من متاعب، وقد تقود صاحبها إلى «التواصل المستحيل»، ولعل كتاب أركون «نقد العقل الإسلامي» قد يعتبر بدعة، تجره إلى الضلالة ثم إلى النار، مع العلم أن سبب انحطاط هذه الأمة، منذ إحراق كل الكتب العلمية والفلسفية، فالغرب يستغلها في الصناعة والتكنولوجيا والعرب يستغلونها في إحراق ما أبدعه العقل. ومن أصعب الصعاب أن يقبل حراس التراث الإسلامي بمشروع أركون، بأن يصل النقد إلى المنطقة المقدسة والمحرمة: «إنهم لا يزالون يرفضون أن تسلط أضواء النقد التاريخي على العقل الإسلامي».
لم يكن أركون محظوظا، لأنه وضع في المنزلة بين المنزلتين، فلا هو يأمن على نفسه من الأصولية التي تتهمه بالاستغراب، ولا هو يأمن على مشروعه من قبل بعض المثقفين الغربيين، الذين اتهموه بتقوية الأصولية: «إن بعضهم زعم أنني أقوي الأصولية بمشروعي». ومع ذلك ظل متينا يسير في طريق الحقيقة، يحافظ على العلاقة النقدية في ما يخص دراسته للتراث الإسلامي، ولعل هدفه الأسمى هو: «التضامن التاريخي مع مجتمعي وشعبي وأمتي»، بإمكان هذا القدر التاريخي أن يبرر قراءة أركون التفكيكية للتراث من خلال الخيار الأبستمولوجي الذي ينظر لقواعد البحث العلمي، والاستقلالية الفكرية، والحرية، بيد أنه مطالب بالمقاومة والنضال، فبمجرد الإعلان عن نقد العقل ووصفه بالإسلامي، تسقط الكلمات في إناء فارغ، ما دام أن العقل غير موجود، وكل الوجود للإسلام كظاهرة قرآنية وشعائر وتقاليد فقهية. ثمة إشكالية واحدة تهيمن على مشروع أركون، ويمكن نعتها بإشكالية التراث، كجرح عميق ظل يؤلم الباحث. ولذلك تأتي الأسئلة من أجل تعرية هذا الجرح، وكلها تدور في فلك المناهج الحديثة، كالسيميائيات، والأنثروبولوجيا، والأبستمولوجيا، والسوسيولوجيا، وعلم التاريخ والفلسفة.. إنها علوم إنسانية دشنت عصر النقد الذي تحول إلى موضوع تتقاسمه ما بعد الحداثة، فكيف نقرأ؟ وكيف نفهم؟ وأي سبيل ولماذا؟ وبأي معنى؟ وهل نستطيع؟ أسئلة سيجد أركون صعوبة في نقلها إلى أرض الإسلام، بعدما تم تهجيرها منذ موت ابن رشد، كما أنه سيشعر بالحصار من قبل المثقفين الجدد الذين أعلنوا عن نهاية عصر الأيديولوجيات، وتحول الإسلام عندهم إلى قضية سياسية مزعجة، فهو يسير إلى عناوين لكتب هيمنت على فضاء المكتبات: «الراديكالية الإسلامية»، «الأصولية الإسلامية»، «الإسلام حرب على الغرب»، فماذا فعل أركون أمام هذه القنابل المدمرة لصورة مشروعه في المخيال الغربي؟ كيف يستطيع أن يدافع عن الإسلام عند المعتزلة وابن رشد، والظاهرة الأصولية قد نشرت إسلام ابن تيمية؟
بيد أن أركون سيجد نفسه، ما دام أنه يدافع عن هوية ترفضه، وقد سقط في استراتيجية علم العلم الذي ينتج عن عقل العقل وفكر الفكر، فمسألة الهوية محسومة في الفضاءات التي ينتشر فيها الإسلام كأيديولوجية للدولة، وليس دينا
يعترف أركون بإحباطه قائلا: «إن أحدا لم يكن يتوقع أنه سوف يستسلم للظاهرة الأصولية بمثل هذه السهولة، احتلت الشارع، والمدرسة، والجامعة، والبيوت، على الرغم من عودتها إلى الوراء وتكرار التكرار»، لكن صدمته الكبرى جاءت من تلك: «الأدبيات الغزيرة التي أصدرها الباحثون العرب حول التجليات السياسية للإسلام منذ عام 1970 تعتبر مثالا واضحا على هذا الفقر النظري للعلوم الاجتماعية». ومن الطبيعي أن الباحث الإسلامي أراد مواجهة هذا الفقر النظري، لكن بفقر منهجي استمده من العقل الغربي الذي توجه إليه بالنقد ـ ذلك أن الحاجة إلى: «توسيع منهجي ونظري لكي ندرس التراث الإسلامي والمجتمعات التي انتشر فيها.. التوجه نحو اللامفكر فيه»، أو المستحيل التفكير فيه».
بيد أن أركون سيجد نفسه، ما دام أنه يدافع عن هوية ترفضه، وقد سقط في استراتيجية علم العلم الذي ينتج عن عقل العقل وفكر الفكر، فمسألة الهوية محسومة في الفضاءات التي ينتشر فيها الإسلام كأيديولوجية للدولة، وليس دينا، يقول أركون: «كنت أريد أن ألفت الانتباه إلى الضرورة التالية: ينبغي أن نعطي حق الكلام للمؤرخين وعلماء الاجتماع والأنثروبولوجيا، من أجل تحديد الهوية بشكل واقعي وصحيح.. وقد يعترض عليّ أحدهم قائلا: هذا يشكل نظرة طوباوية أفلاطونية قديمة».
نعم يا عزيزي أركون فلتنم روحك في سكينة الوجود، إذ لا أحد سمعك، ولن يسمعنا أيضا، ذلك أن الممنوع التفكير فيه هو شعار المرحلة، فأنت أخذت معك تراثك وتركت لهم تراثهم، وبما أن تخدير الإدراك قد تطور مع الأحزاب الدينية، فإنه من المستحيل تحقيق مشروعك النقدي، فتجاوز الظاهرة لا يكون إلا بعد المرور فيها، ثم القيام بأكبر عملية نقد تاريخي للتراث الإسلامي كله، فالحلم بالطوباوية الإسلامية أصبح يهيمن على الأرواح التي تريد العودة المستحيلة إلى الأصل الأول في صورته المقدسة التي جردت نفسها عن التاريخ ومفهوم التطور الذي يتوجه إلى الأمام ولا يعود إلى الوراء. فكل الشعوب تؤمن بأن المستقبل يوجد أمامها، إلا هذا الشعب الذي يربطه بالماضي.
بمجرد ما تم اختراق الجامعات بالعقل السكولاستيكي، أي العقل الاجتراري الأكاديمي الضيق، المسيطر على معظم أساتذة الجامعات، بمجرد ما أضحى التلقين يكتفي بتجميع المعلومات حول موضوع معين إلى ما لانهاية من دون أن يفكروا بتفكيك هذا الموضوع أو بالحفر على جذوره لإضاءته وعقلنته. لقد فقدوا الفكر من شدة الاغتراب، وأرغموا الجامعة على أن تدير ظهرها للفكر، نسيان الفكر، من أجل الشهادة التي تضمن العيش. وسقط قناع البحث العلمي، وانهارت المؤسسات العلمية، وعاد الجميع إلى الحلم بالخلافة العباسية. فإلى أي مدى أصبحت مهنة التدريس تشبه طقوس العبادة؟ ومن المسؤول عن هذا الانحطاط؟ ألا يكون الحزب الديني الذي انتشر في الجامعات كالفطريات وقام بإزاحة التيار العقلاني؟
٭ كاتب مغربي
عندما قرأت هذه المقالة كنت أراقب ما اذا كانت تتحلى بالموضوعية وتبتعد عن التنميط فوجدتها تقع في قعر التنميط الدارج في اعطاء صكوك العقلانية والبحث والتنوير الى مدرسة أركون وتبالغ مبالغة تدل على فقر القراءة في اعطاء صكوك الظلامية والجمود والرجعية لمدارس ولا أقول مدرسة
٢. مدرسة ابن تيمية قبل الكلام فيها يتوجب قراءتها والتفريق بينها وبين من نمطها من الذين فهموا النص الحديثي والقرءاني فهما بعيدا عن روح الدين نفسه فتقيدوا بحرفيته لدرجة نسفت الهدف من النص عندما كنت اخوض معركة اعتناق يسمع لها صليل السيوف كان في الاسلام بالنسبة لي قضايا جدا شائكة تحتاج الى فهم غير الفهم المشهور .. لاحظت ان مدرسة شيخ الاسلام بن تيمية وتلميذه ابن القيم كانت بحق المدرسة العقلية الأكثر جراة على فهم النص ضمن مراميه الثابتة التي لا يمكن ان تنسلخ عنها فكرة الالوهية كالعدل الالهي وتجدد التشريع بحسب تجدد الزمان والمكان دون تضييع مقاصده ..ويطيب لي ان اذكر للكاتب الذي اشك انه قرأ فعلا مدرسة ابن تيمية من قلم معلمها شيخ الاسلام نفسه لا من اقلام ادعت به وصلا وممارسات اجتزأت اجتهاداته الفذة لتصوره تصويرا ظلاميا ..يتبع لطفا
شكل ابن تيمية وتلميذه ابن القيم المدرسة العقلية في اعتناقي للاسلام مثلا مسألة الخلود في النار وهي مسألة عقائدية شائكة تطرح اسئلة على مواضيع العدل الالهي وتشكل فارقا حاسما في الاعتناق كانت مدرسة ابن تيمية هي المدرسة الاكثر جراة حتى من مدرسة المعتزلة على طرحها ..مسألة النسخ وأن الحكم المنسوخ قد يعود العمل به اذا عادت نفس ظروفه المحيطة ..جرأة علمية وفضاء عقلي فذ ..رأي بن تيمية في الشيعة الأمامية وتفريقه بين الكفر الذي يلصق بالشخص وبين مقتضى الاعتناق الذي يقود الى كفر كل هذه المنارات الفذة وبحر بل محيط منها لم تعكسه مدرسة الاسلام السعودي المرتبط بانظمة سياسية احتاجت لتوظيف الدين …يتبع لطفا
شخصيا وكامرأة تتحرى الايمان وتخوض معركة اعتناق صعبة شكلت مدرسة ابن تيمية زخما عقليا لم يملأه لا ابن رشد ولا المعتزلة على اسهاماتهم .. للخقيقة فان السياسة والتصنيف السطحي الغبي لمدرسة فكرية عظيمة مجددة حتى في الفهم العقائدي وتخرق كل التابوهات الممنوع المساس بها عند مفكرين أخر مروا في تاريخ للاسلام هي مدرسة شيخ الاسلام ابن تيمية لقد ظلمت السلفية في صورتها النصية المتشددة الجامدة التي حاربت التجديد وتخلت عن روح النص لصالح ظاهره الفكر اللامع الفذ لشيخ الاسلام وظلمت المدرسة الشيعية في عدائيتها العمياء وقراءتها الغير دقيقة لفكر المفكر العظيم ابن تيمية ابن تيمية حين لم تفهم ماذا يكتب وعن ماذا يكتب واتى الاستثمار السياسي .. بين طهران العربية السعودية للفكر الديني ليكمل مأساة تزوير المشهد وتطورت دراما التنميط والتزييف عندما خاض اناس يدعون وصلا قويا بمدرسة شيخ الاسلام ويستشهدون منها استشهادات مجتزأة تدل وعفوا وليسامحني الكاتب على نفس السطحية الظالمة الناسخة بالايحاء لا بالبحث تقييمها لهذه المدرسة التي كنت ولا زلت اراها شكلت عمقا ثوريا تجديديا لثورة العقل الذي لا يمرق عن مقاصد النص ولفن تجديد النص بحسب الزمان الجديد والمكان الجديد…يتبع لطفا
استثمرت انظمة السعودية استثمارا سيء النية في فكر شيخ الاسلام وانتجت فقها بدويا بل اقول انعا منتجت فقها بدويا عدائيا يفتقر الى قراءة رصينة لروح الاسلام العظيم ومقاصده فوسعت مفهوم البدعة بحيث اصبحت تحارب كل شيء جديد ولو وافق رسالة الاسلام وزاد الطين بلة ان المدرسة الشيعية رات في فكر شيخ الاسلام الذي حارب البدعة محاربة تقدمية نزهت الاسلام عن تمجيد الاشخاص والفكر الرجعي في النظام السياسي الذي ينحو منحى عائليا منتحلا من فكرة الملك الفارسي ودعت الى تحررية لا تعطي القداسة للاشخاص ما جعل فكر شيخ الاسلام يمثل تحديا للاسلام في نسخته الشيعية التي تكونت ضمن ظرف تاريخي مليء بالتطرف والتعاطف والاستثمار الفارسي اللاحق الغير بريء . كان ابن تيمية وسيظل ميدان معركة بين من ادعو به وصلا وبين من رأو في فكره تفخيخا ذكيا لاسس بنيانهم …يتبع لطفا
واكملت الالة الاعلامية الجبارة التي وجهت العقول في العالم عقب احداث ١١ ايلول دراما سوداء ساهمت غي شيطنة فكر ابن تيمية ..واعتبترته خصما ..لانها ظنت انه من حرض ضدها واذا كان من العدل والقسط ان نقول ان مدرسة شيخ الاسلام كانت مدرسة ثورية اصولية بامتياز ومدرسة تحررية مقاصدية بامتياز وجرأة نادرة وغير مسبوقة الا ان نسختها الاصلية لا يمكن ان يمثلها فكر داعش مثلا ولا الاسلام السعودي في نسخته التي تشدد على ظاهر النص كما ان انتقادات المدرسة ااشيعية له طبيعية لان فكره التحرري سيصطدم معها ..يتبع لطفا
هنا تم تحميل مدرسة عظيييييمة بكل ما يملك العقل الحر المتحرر من كل التنميطات السابقة اوزارا ليست لها وبنوايا سيئة من مدرسة من يكثرون الاستشهاد به وهم لا يفقهون ويدعون النسبة لفكره ( السلفية المتشددة في صورة الفقه البدوي وبعض افرازاته التكفيرية ) ومن أخر راو في عظمة الاقناع في فكره حجر عثرة امام تطعيمات فكرهم باوحال حضارات وثنية ظلامية ظالمة كالحضارة الفارسية في تجلياتها في النظام السياسي وفي تأثر كل تلك الثقافات بوثنية مبطنة تعظم الاشخاص على حساب الفكر ة .. يتبع لطفا
ولئن كان هؤلاء وهؤلاء قد اساؤوا قراءة فكر ابن تيمية فان المعضلة اكملت رتوشها في ما يسمى بالتيار الحداثي الذي لم يتأثر بعدالة بمفكري السلام فقديما لم يكن علم الاجتماع يدرس في الجامعات لكننا نجد مدرسة ابن خلدون بابا واسعا لها لتعدد المواهب العلمية لدى من كانو فقهاء ومنهم العلامة ابن رشد والذي الوم بشدة تيار الحداثة بل واتهمه بالببغائية انه لم يتجاوز في قراءته الى علماء اجتماع وعلماء سلوك يصلح تسميتهم بعلماء علم النفس الاسلامي وفلاسفة مفكرين الا ابن رشد ! ورغم كون ابن رشد من الفقهاء الا ان هناك تنميطا للصراع بينه وبين الفقهاء على انه شكل مدرسة عقلية وشكل الفقهاء مدرسة نقلية جامدة رجعية …الخ هذه التنميطات التي لم يحملها اصلا فكر ابن رشد
تحية للقدس العربي
الكاتب يتساءل
فإلى أي مدى أصبحت مهنة التدريس تشبه طقوس العبادة؟ ومن المسؤول عن هذا الانحطاط؟ ألا يكون الحزب الديني الذي انتشر في الجامعات كالفطريات وقام بإزاحة التيار العقلاني؟
ونجيب السؤال بالسؤال
قبل انتشار التيار الديني بالجامعات
هل كانت جامعاتكم ضمن 100 الافضل بالعالم او حتى 1000الافضل بالعالم ؟
حين كان التيار التنويري (كما يحلو أن يسمى نفسه)يسيطر على الجامعات هل انعكست سيطرته على المجتمع فغدى مجتمعنا فاعلا متقدما متحضرا ؟ام لن التخلف مرتبط بالثرات ؟
كيف اصبحت الأندلس حضارة حين كانت أوروبا ترفل في التخلف مع أن أهل الأندلس مسلمون ؟
ولماذا تكن بغداد حاضرة العالم رغم تشبه أهلها بالتراث الاسلامي؟
الإسلام الذي تصدره فرنسا إلى العالم العربي لا يحترم العقل فضلا عن النقل. لوتساءل عما يجعل الناس تحلم بالحلم الطوباوي والعودة إلى الصيغة النقية للإسلام- وهذا من حق الناس- لعرف أن الاستبداد الدموي الذي يحيط برقابهم يمنعهم من التقدم في المجالات كافة ، وفي مقدمتها العلم. ولأن المبشرين بالإسلام الفرنسي لا يعيشون على أرض الواقع فهم يدندنون على إيقاع مصطلحات غريبة وغير منضبطة لإشغال القارئ بفك الطلاسم التي يقدمونها. !