أزمة الأسبرين تؤثر على ملايين المرضى… والمصابون بداء السكري ينتظرون انفراجة مؤقتة

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: تعيش حكومة الدكتور مدبولي أسعد لحظاتها منذ أن نجت خلال الساعات الماضية من أحدث الاختبارات القاسية، التي عقدت تحت مقصلة البنك الدولي، الذي نزل عند رغبتها معلنا الإفراج عن مزيد من الأموال بعد نجاح الحكومة في تنفيذ الشروط المبرمة مع المؤسسة الدولية، التي أسفرت عن مزيد من الأوجاع الاقتصادية للمصريين، الذين يقاتلون على أكثر من جبهة، بسبب الغلاء وعواقبه. وأكد أحمد كجوك وزير المالية، أن موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على المراجعة الثالثة في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي تعد “شهادة ثقة” في برنامج الحكومة المصرية، بما يتضمنه من إصلاحات ومستهدفات مالية واقتصادية، و«رسالة طمأنة» أيضا تعكس قدرة الاقتصاد المصري على تعزيز الاستقرار الاقتصادي. ومن المبشرات بقرب تبدد أزمة مرضى السكري: كشف الدكتور علي الغمراوي رئيس هيئة الدواء المصرية، أن هناك مليون عبوة من الأنسولين المحلي ما زالت تحت الإنتاج سيتم ضخها خلال الفترة المقبلة. وأن هناك شحنات من الأنسولين المستورد على وشك الوصول إلى مصر، ومن المقرر أن تصل هذه الشحنات المستوردة خلال الشهور الثلاثة المقبلة بما يكفي استهلاك المواطنين لمدة 6 أشهر.
ومن جديد الأساطير الفرعونية: علق مجدي شاكر كبير الآثاريين، على الفيديو المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) وتزعم فيه سيدة بجلب أنشودة إيزيس الفرعونية للقطط، وتسمع السيدة الأنشودة أمام القطط لتتفاجأ برد فعل غريب منها. وعلق مجدي شاكر، كبير الآثاريين في تصريحات خاصة لـ”القاهرة 24″، إن العلاقة بين القطط وأنشودة إيزيس ربما تكون موجودة والقطة في مصر القديمة كانت من أهم المعبودات وكانت تدعى باستت، معلقا: علاقة القطة بالمصري الكبير كان لها دور كبير بالحماية، وبالتالي تتعلق بإيزيس معبودة الحماية. وأوضح شاكر، أن سبب تقديس المصري القديم للقطط، يرجع إلى عدة أسباب، ومنها أن القطط كانت تقوم بأكل الفئران من الزراعة وتأكل الحشرات، وأيضا تتميز بالهدوء في المنازل، وعلى سبيل المثال الطفل تحتمس عند وفاته قاموا بتحنيط القطة بجواره ووضعوها في تابوت خاص عليها نقش القطة، وقاموا بدفنها مع الطفل.
ومن أخبار المؤسسة الدينية: حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة المقبلة تحت عنوان “مِنْ أَسْبَابِ الرِّزْقِ الخَفِيَّةِ 2.. التقوى”. وقالت وزارة الأوقاف إن الهدف المراد توصيله إلى جمهور المسجد من خلال هذه الخطبة يهدف إلى الحديث عن التقوى، باعتبارها سببا خفيّا ومهجورا من أسباب الرزق، فالهدف هو طرق أبواب الرزق من مدخل التقوى. وأضافت وزارة الأوقاف أن غرض الخطبة ليس الحديث عن التقوى وحدها، وإنما الحديث عنها باعتبارها سببا خفيّا ومهجورا من أسباب الرزق.. وشدد مفتي ماليزيا الدكتور لقمان بن عبدالله، خلال الجلسة العلمية الثانية من المؤتمر العالمي التاسع للإفتاء، على أن توحيد الجهود في إصدار الفتاوى الرشيدة أصبح ضرورة ملحة لمواجهة الخلافات والتوترات. إن الفتوى الرشيدة لا تقتصر على تقديم الأحكام الشرعية، بل تلعب دورا أساسيا في تعزيز السلم والأمن الدوليين، من خلال تقديم حلول مدروسة تسهم في تهدئة الصراعات وإخماد نيران النزاعات”. وأضاف مفتي ماليزيا أن الفتوى الرشيدة تتطلب ضوابط دقيقة لضمان تحقيق العدالة والوقاية من النزاعات. يجب أن تستند الفتاوى إلى معايير واضحة ومقاصد أصيلة تتناسب مع الزمان والمكان، وأن يكون هناك تنسيق مستمر بين لجان الفتوى على المستويات الوطنية والدولية. كما يجب إشراك أعضاء لجان الفتوى في المنظمات المحلية والدولية التي تلعب دورا مهما في صنع القرارات العالمية، مثل البرلمانات وجامعة الدول العربية وهيئة الأمم المتحدة.
تفويض بالقتل

زيارة السفاح نتنياهو لأمريكا هي زيارة استغاثة للحصول على مزيد من السلاح والمال لتتمكن من ضرب لبنان وسوريا و«حزب الله» والقضاء على ما تبقى من فلسطين. ليست زيارة للحصول على تصفيق الكونغرس والمستأجَرين للقاعة ولو أنه شكل من الدعم. أوضح الدكتور محمد حسن البنا في “الأخبار” أن السفاح الذي استقبلته أمريكا هارب من العدالة الدولية بتهم الإبادة الجماعية وقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتجويع الشعب الفلسطيني ومنع الإغاثة الدولية من القيام بدورها وهي تهم عار تشين حكومة الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية. لقد حذرت مصر من مخاطر فتح جبهة حرب جديدة في لبنان. بادعاء الأحداث الأخيرة التي شهدتها قرية «مجدل شمس» في الجولان السوري المُحتل. وقال بيان رسمي للخارجية، إن ذلك يؤدي إلى انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة. وتؤكد مصر أهمية دعم لبنان وشعبه ومؤسساته، وتجنيبه ويلات الحرب. وناشدت القوى المؤثرة في المجتمع الدولي التدخُل الفوري لتجنيب شعوب المنطقة المزيد من التبعات الكارثية، لاتساع رقعة الصراع التي قد تُشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين. وعلى الفور استجابت روسيا والصين وفرنسا وغيرها من دول العالم وطالبت بضبط النفس وعدم السعي لفتح جبهات جديدة في الحرب الحالية. وطالبت بوقف فوري لإطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات التي تقودها مصر وقطر. حيث جددت مصر التحذير من مخاطر استمرار إسرائيل في حربها ضد قطاع غزة، مُطالبة بضرورة التوصل لوقف فوري وشامل لإطلاق النار يُنهي المُعاناة الإنسانية في قطاع غزة في أسرع وقت. وتمكين المجتمع الدولي من احتواء تداعيات الأزمة السلبية على الشعب الفلسطيني الشقيق وعلى الأمن والاستقرار في المنطقة. ومع هذا قررت الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة تفويض نتنياهو وغالانت باتخاذ قرار الرد على حزب الله، بعد الهجوم على مجدل شمس. وقام المجلس الوزاري المصغر بتحديد الهدف الذي ستتم مهاجمته في لبنان، والتقديرات أن يكون محدودا لكن بتأثير قوي. للأسف حكومة السفاح نتنياهو تسعى إلى توسيع الحرب في المنطقة بمساعدة الإدارة الأمريكية. وأيضا تسعى إلى تطبيع العلاقات مع العرب في شيزوفرينيا العصر.

تصفيق مسموم

دوت قاعة الكونغرس الأمريكي بالتصفيق لمجرم الحرب نتنياهو.. ترحاب يكشف عن مدى التواطؤ في جريمة الإبادة التي يرتكبها نتنياهو ضد الشعب الفلسطيني.. يداه الملطختان بالدماء التي ارتفعت بالتحية، قابلتها أياد أخرى مخضبة هي الأخرى بدماء الأبرياء وشت بها حرارة الاستقبال وحفاوة الترحيب وصخب التصفيق، الذي استمر، حسب هالة فؤاد في “المشهد” لأكثر من ثلاث دقائق، بدأ بدخوله للقاعة حتى وصوله للمنصة الرئيسية.. واستمر خلال كلمته ليقطعها بين الحين والآخر تصفيق أشد حماسا لأكثر من ثمانين مرة خلال الكلمة، التي استغرقت 52 دقيقة، أي بمعدل مرة كل 40 ثانية. ماذا قال نتنياهو ليستحق كل هذا الضجيج ما الجديد الذي حمله لينال كل هذا الترحاب وحفاوة الاستقبال لماذا دوت القاعة بالتصفيق الحار واستقبل مجرم الحرب استقبال الفاتحين. لم يحمل نتنياهو جديدا وجاء خطابه تكرارا لسياسته الإجرامية.. كرر أكاذيبه عما حدث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول وكأنها منقطعة عما قبلها، ومبررا لكل ما ارتكبه من جرائم وحشية وحرب تجويع وإبادة ضد الفلسطينيين. لم يفته أن يكيل الاتهامات لإيران ووصفها بقيادة محور الإرهاب، داعيا لمواجهتها من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل والأصدقاء العرب، واصفا الصراع بأنه صراع همجية وحضارة، وكأن ما يفعله هو الرقي بعينه والتحضر بذاته، لا مكان فيه للإجرام والوحشية وحرب الإبادة، في الوقت نفسه لم يحمل أي بارقة أمل لإنهاء تلك الوحشية التي استمرت لما يقرب من عشرة شهور، بل أكد استمرار الحرب وعلى ضرورة سيطرة إسرائيل على قطاع غزة.. وأهمية أن يبقى القطاع منزوع السلاح تحت إدارة فلسطينية لم يحددها بالطبع، ليقينه باستحالة تحقيق ذلك وفق شروطه.. وكان طبيعيا أن يخلو خطابه الممجوج من أي إشارة لصفقة الإفراج عن الرهائن، ما يكشف بوضوح عن نيته الصريحة في عدم إتمام تلك الصفقة والمماطلة فيها والاستمرار في حرب الإبادة لحصد مزيد من أرواح الأبرياء، لترسيخ أسطورتهم الكاذبة عن أرض بلا شعب.

تخاريف السفاح

من أخطر ما قاله نتنياهو في خطابه أمام الكونغرس أن من بين شروط إسرائيل للسلام مع الفلسطينيين أن يتعلم الجيل الجديد من الفلسطينيين عدم كراهية اليهود، وأن يؤمن قادة الفلسطينيين الجدد بعدم تدمير إسرائيل. نتنياهو كذب كثيرا أمام الكونغرس، وحاول وفق ما نقل عنه عماد الدين حسين في “الشروق” بكل الطرق شيطنة كل من يقاوم إسرائيل، وسعى بكل ما يملك من مهارات في الكذب والخداع إقناع أمريكا بأنها يجب أن تحارب مع إسرائيل ضد إيران، باعتبار الأخيرة منبع كل الشرور، حسب رأيه، بل وصل فجره إلى قوله إن جيش الاحتلال لم يقتل المدنيين الفلسطينيين، ولم يمنع دخول المساعدات، طبقا لما يقوله ويطلبه نتنياهو ومتطرفوه، فإن على الفلسطينيين أن يشكروا الجيش الإسرائيلي على ما فعله ويفعله بهم من قتل وتدمير وتخريب وتشريد. وأن يشجبوا ويدينوا وينتقدوا ويقاوموا أي فلسطيني يفكر في المقاومة، وأن يعجبوا بالنموذج الإسرائيلي ويقبلوا بالعيش معهم كخدم وعبيد، وليسوا كأصحاب أرض منذ آلاف السنين. نتنياهو ليس أول من وضع هذا الشرط الغريب والعجيب، بل سبقه العديد من قادة إسرائيل منذ نشأتها وحتى الآن، لكن هذا الشرط كان يتم الالتفاف عليه بطرق كثيرة، مثل ضرورة أن تغير منظمة التحرير الفلسطينية ميثاقها ثم حركة “حماس”، بحيث لا يشير الميثاق من قريب أو بعيد إلى تدمير أو القضاء على إسرائيل، أو حتى محاربتها. ورغم أن كل الفلسطينيين قبلوا منذ عام 1974 فكرة حل الدولتين، وهو ما تم رسميا بعد توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993، ورغم أن “حماس” عدلت في ميثاقها مؤخرا لتقبل بذلك، فإن إسرائيل لا تقبل بأقل من تغيير تفكير وقناعات الفلسطيني العادي ليصبح إسرائيلي الهوى والمزاج والثقافة، بل ربما في وقت لاحق تغيير هويته ودينه.

عشم إبليس

عندما كان عماد الدين حسين يستمع للقادة الإسرائيليين وهم يتحدثون عن ضرورة أن يتغير الفلسطينيون حتى تقبل إسرائيل بالعيش معهم، كان يعتقد أنه شرط مجازي لتعجيز الفلسطينيين، لكن كلام الإسرائيليين ابتداء من العدوان الغاشم على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول وحتى الآن، كشف بكل جلاء أنهم يقصدون فعلا ما يقولونه، وأنهم أسفروا عن جوهر موقفهم بلا أي مساحيق. هم جميعا ينكرون حل الدولتين، وقد سنوا العديد من القوانين التي تؤكد ذلك، ويدمرون غزة بلا رحمة، ويهودون الضفة ليل نهار. وأكثر من كان واضحا فيهم هو بتسلئيل سموتريتش وزير المالية ورئيس حزب «الصهيونية الدينية» والشريك الأساسي في الائتلاف الحاكم. سموتريتش لديه دراسة خطيرة منذ عام 2017 وأعاد نشرها في يونيو/ حزيران من العام الماضي وتضع الفلسطينيين بين ثلاثة خيارات لا رابع لها، وهي إما أن يقبلوا العيش في فلسطين كمواطنين درجة ثانية، وإما الرحيل وإما القتل. حينما تحدث الكاتب مع أحد خبراء الملف الإسرائيلي المصريين قال له، إن هذه الخطة ليست خطة سموتريتش وحده، بل هي خطة اليمين الإسرائيلي بأكمله، وربما غالبية الأحزاب والقوى السياسية الإسرائيلية، والدليل أن كل هذه الأحزاب صوتت في الكنيست قبل أيام على مشروع قانون يمنع قيام دولة فلسطينية. لم يكن الإسرائيليون يعبثون حينما طالبوا بإعادة كتابة القرآن الكريم، وحذف كل الآيات التي تنتقد بني إسرائيل، أو تحض على الجهاد، كنا نظن أن ذلك مجرد شطط للحصول على مكاسب سياسية في المفاوضات المختلفة سواء مع الفلسطينيين، أو مع العرب، لكن من الواضح أن معظم العرب لم يفهم العقلية الإسرائيلية جيدا خصوصا في المفاوضات، ربما باستثناء المصريين إلى حد ما. النقطة الجوهرية التي ينبغى أن يفهمها كل العرب أن هذه هي العقلية الإسرائيلية ليس فقط مع الفلسطينيين، ولكن مع كل العرب، بل ربما مع كل العالم.. فانتبهوا يا أولى الألباب.

كان يا ما كان

قصة واقعية ملهمة، أحداثها حقيقية، نحتاج الآن إلى سردها حتى ترى الأجيال الجديدة، أين وصل بنا الحال، وتكفل بالمهمة سامي الطراوي في “الوفد”: كان يا مكان يا سعد يا إكرام، كانت هناك طبقة فقيرة ومتوسطة وأخرى طبقة غنية، يعيشون معا في هذا الوطن، عندما يصاب مواطن ما بمرض ما، يذهب فورا إلى أقرب بقال ليشتري منه العلاج السحري “برشام الريفو”، أشهر اسم دواء في مصر على مدار أكثر من نصف قرن. “الريفو” عبارة عن أقراص تحتوي على مادة الأسبرين التي تستخدم كمسكن للألم وخافض للحرارة ومضاد للالتهابات، هذا الدواء صاحب التاريخ الطويل الذي أصبح تراثا ثقافيا وجزءا من موروثنا الشعبي، تجده بشكل واسع في كل بيت مصري، يستخدم كعلاج سحري لكثير من الأمراض. وتحول “برشام الريفو” إلى علامة مسجلة والعلاج السحري لكثير من الأمراض أشهر تلك الأمراض الصداع والبرد، حتى أصبح رمزا للعلاج الشعبي البسيط والفعال، بل جزءا من الذاكرة الشعبية والثقافة الطبية لدى المصريين، باتت شعبية “برشام الريفو”كاسحة وظاهرة لم ولن تحدث، فمن المفارقات أنه كان يتم استخدامه بديلا “للفكة” فعندما يقوم شخص ما بشراء سلعة ما من محل بقالة، ويتبقى له مبلغ بسيط كفكة (باقي النقود)، فكان البقال أحيانا يقدم له شريط ريفو، بدلا من المبلغ البسيط المتبقي، دخل “برشام الريفو” إلى مصر بعد انتشاره عالميا كمنتج طبي فعال يحتوي على الأسبرين، تلك المادة التي اخترعها الكيميائي الألمانى فيليكس هوفمان، الذي كان يعمل في شركة باير عام 1897، وأصبح لاحقا واحدة من أكثر الأدوية استخداما حول العالم.
لغز الريفو

“برشام الريفو” تم تطويره لأول مرة في أواخر القرن التاسع عشر، ولا تزال حتى اليوم واحدة خطوط إنتاجة تتزايد ويعتبر الأسبرين أكثر المنتجات شهرة واستخداما ومتاحا على نطاق واسع، وجزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية للمصريين كافة، على مختلف الطبقات. اليوم والكلام لسامي الطراوي.. تفاقمت الأزمة، وأصبح العثور على “برشام الريفو” حلما مستحيلا، بل ضربا من ضروب الخيال بعد أن أصبح سعره خياليا وعبئا على كثير من المصريين، الذين يعانون أزمة اقتصادية يمر بها الوطن وقس على ذلك الكثير من الأدوية، تتزايد الأزمة يوما بعد يوم، وتزيد معها معاناة الشعب المصري البسيط.. من هنا أهمس في أذن الحكومة ومعي كثير من المصريين الذين يتوسلون ويتألمون ويطالبون الحكومة في إيجاد حل فوري لأزمة الدواء التي تتفاقم يوما بعد يوم، وأصبح الدواء نادر الوجود وسعره الذي يلامس السماء، دون الشعور بمعاناة المرضى الذين لا يستطيعون الحصول على دواء، إما بسبب عدم وجوده في الصيدليات أو بسبب سعره المبالغ فيه، ولكم في “برشام الريفو” عظة وعبرة. والسؤال المطروح الآن، متى تستفيق الحكومة من سباتها وتشعر بأن هناك أزمة فعلية في الدواء عليها أن تسرع في حل تلك الأزمة، التي تعتبر أزمة أمن قومي.

ضحايا محتملون

كلما اقتربنا من أي قرار بخصوص رفع الأسعار أو الخدمات تعلو الأصوات بالأسئلة التي تابعها علاء الغطريفي في “المصري اليوم”: هل هناك أضرار على فئات من الشعب من مثل هذه القرارات؟ وهل أي سياسات حمائية ستكون فعلا سندا وعونا لمحدودي الدخل والفقراء لمواجهة مثل هذه الصدمات؟ وهل ستؤمِّن لنا استقرارا وأمانا اجتماعيّا يلزمنا للمرور من المرحلة الراهنة الصعبة؟ في التاريخ عندما قررت ثاتشر سياستها نحو السوق الحرة «الجشع محمود»، كما روج لها ميلتون فريدمان وفون هايك، كانت تسبح ضد التيار، غير آبهة لغياب القبول الشعبي بما تريده أو تعتقده، ولكن ماذا جنت في نهاية عهدها؟ وما الذي أحدثته من كوارث اجتماعية؟ كان عهدها كارثيّا، فقد انهارت قطاعات مثل الصناعات التحويلية، وارتفع معدل البطالة، وتضخمت الطبقة الدنيا، وحوصرت في عالم من الفوائد المرتفعة. اليوم، قد تكون الظروف مختلفة، ولكن يبقى الدرس، نحن نعاني من تضخم هائل يبتلع ما في جيوبنا، مع مؤشرات مزعجة عن الركود، وأوضاع معقدة لإدارة الناس تفاصيل حياتهم اليومية، وتوفير الاحتياجات الأساسية من الصحة والتعليم والإحساس بالأمان الاقتصادى. الملمح الرأسمالي يبدو واضحا في سيرة ومسيرة رئيس الوزراء، وزرائه الجدد، فمثلا إذا كان الانفتاح على مشاركة القطاع الخاص اتجاها محمودا في إدارة الاقتصاد، فلا بد من حكمة لإدارة هذا التحول مع مفاهيم «الرسملة»؛ حتى لا يكون على حساب الفقراء والطبقة المتوسطة التي تئن من وطأة الضربات المتلاحقة.

وفق شروطهم

إدارة التمكين للقطاع الخاص ضرورة، من وجهة نظر علاء الغطريفي، سواء بمقتضى الواقع، أو وفق شروط المانحين، ولكن الأمر يكمن في كيف يُدار هذا التحول في تقديم الخدمات العامة للمواطنين، وعلى رأسها الرعاية الصحية. تقديم الرعاية الصحية يجب أن يُدار في إطار مسؤولية أخلاقية عن صحة الناس، لا يمكن أن تقترب منها طبيعة السوق أو تخضع لـ«السوقنة» بوصفها حلّا لأوضاعها السيئة، ويجب أن لا تتحول مستشفيات قائمة ناجحة بالحد الأدنى في تقديم الخدمة إلى صيغ تجارية منزوع عنها الإطار الأخلاقي، وتقوض الفكرة التي قامت عليها المهن- ومنها الطب- بأنها أوعية للمعايير الأخلاقية. في حواره مع «المصرى اليوم»، في سلسلة «الأسئلة السبعة» عن الاقتصاد، يذكر الدكتور أحمد غنيم أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة، أنه ينبغي أن تتخذ الحكومة كل ما يلزم لإعادة الثقة، فالثقة كما قال أحد كبار الاقتصاديين هي من أهم عوامل الإنتاج، ينتهي الاقتباس لغنيم، ومنه أقول بأن الثقة تعني الشفافية، والشفافية لديها طريق واضح هو طريق المسؤولية والأخلاق. «رسملة الحكومة» لا تعنى نسيان الناس، ولا تعني أبدا مجرد أرقام نحققها، لأن التنمية ليست أرقاما فحسب، والخروج من عنق الزجاجة لا يعني أن نتخلى عن الملايين الذين يكابدون يوميّا أعباء لا يمكن تخيلها، وينظرون دائما إلى الحكومة بعين تطلب الرحمة، جراء إجراءات تؤثر بشكل مباشر على حياتهم. الالتزام بإطار أخلاقي لاتخاذ القرارات الصعبة ينبغي أن يتصدر مدونة سلوك الأداء الحكومي مع الوزارة الجديدة؛ لأن ممارسة العمل بلا أطر أخلاقية لن تخلق عالما أكثر حرية وثراء وسعادة، مثلما رأى أنبياء السوق الحرة. الناس تنتظر الكثير لتتحسن حياتهم، فرجاء لا تخذلوهم.
حلم مدبولي

فى 25 مارس/آذار الماضي عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، لقاء موسعا، في مقر الحكومة في العاصمة الإدارية الجديدة، مع كبار مصنعي ومنتجي وموردي السلع الغذائية، في حضور ممثلى كبريات السلاسل التجارية، الذين يمثلون أكثر من 70٪ من حجم السوق. اللقاء جاء كما ذكرنا طلعت إسماعيل في “الشروق” عقب تحرير سعر صرف الجنيه في السادس من الشهر ذاته، الذي سبقته موجة عاتية من رفع أسعار غالبية السلع المستوردة، وتلك التي تعتمد في إنتاجها محليا على مكون أجنبي، بعد أن خرج سعر صرف الدولار عن السيطرة في السوق السوداء، حتى تخطى حاجز السبعين جنيها، كما جاء بعد 3 أيام من رفع أسعار البنزين والسولار في 22 مارس/آذار، وما يتبعهما عادة من صعود في أسعار السلع والخدمات. يومها شرح مدبولي أبعاد قرار تحرير سعر الصرف والدور الذي لعبته الحكومة والبنك المركزي في توفير الدولار، وقال إنه في ضوء الخطوات التي اتخذتها الحكومة والبنك المركزي، فإن الأزمة أصبحت غير قائمة، لكن يظل المواطن لديه استفسار عن أثر ذلك على تراجع أسعار السلع والمُنتجات في الأسواق، قال مدبولي، في ذلك الاجتماع أيضا: «إن ما نطلبه في هذا التوقيت أن نرى إجراءات حقيقية في انخفاض واقعي للأسعار، ليس فقط للسلع الغذائية لكن أيضا السلع الأساسية، التي تمثل احتياجا رئيسيا للمواطن مثل السلع المعمرة والأجهزة، ليس بنسبة بسيطة مثل 2٪ و3٪ و5٪، لكن بنسب أكبر من ذلك. الاجتماع الحاشد بين الحكومة والتجار والمصنعين تلاه في 18 أبريل/نيسان ترؤس مدبولي اجتماع لجنة ضبط الأسواق، للوقوف على تراجع الأسعار، وبشكل خاص السلع الاستراتيجية السبع، التي سعت الحكومة لضبط أسعارها وبينها السكر، والفول، والأرز، وزيت الطعام، وتحدث أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية خلال ذلك اللقاء، عن تراجع في أسعار سوق الجملة بنسب تراوحت ما بين 30 و35٪، وانخفاض في أسعار التجزئة بنسبة تتجاوز 20٪.

جيوب البسطاء مثقوبة

خلال تلك الفترة التي حدثنا عنها طلعت إسماعيل وما تبعها شهدت الأسواق العديد من المبادرات للجم الأسعار، وشنت الأجهزة التنفيذية عدة حملات، خاصة في المحافظات لضبط الأسواق، غير أن تلك الجهود باتت اليوم على المحك بعد تحريك أسعار الوقود يوم الخميس الماضي، وفي ظل ما تشهده السوق بالفعل من زيادة في أسعار العديد من السلع والخدمات، وفي مقدمتها تعريفة الركوب، وإذا كانت أسعار البنزين والسولار قد زادت بنسب تراوحت بين 10 و15٪ فإن السوق إذا لم تسارع الحكومة بمراقبتها بشكل صارم ستتحول هذه النسب إلى الضعف، مع العديد من السلع والخدمات، خاصة أن التجار عادة ما يجدون في أي قرار حكومي برفع سلعة أو خدمة فرصة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب. وما يعمق المخاوف من موجة غلاء عاتية ما بشر به وزير الكهرباء عن رفع «تدريجي» للأسعار، وطلب الحكومة من الحوار الوطني مناقشة التحول إلى الدعم النقدي بدلا من العيني، فضلا عن ترقب لرفع أسعار تذاكر القطارات ومترو الأنفاق، ما يدفع المواطن البسيط إلى تقليب كفيه حائرا كيف سيتعامل مع ما ينتظره من غلاء. تتعلل الحكومة عادة بعدم قدرتها على تحمل فاتورة الدعم الباهظة التي تثقل ميزانيتها، لكن التخفف من أعباء الدعم تتحملها عادة جيوب البسطاء، التي لم تعد تحوي سوى القليل من أوراق النقد لتغطية تكاليف المعيشة من مأكل ومسكن وملبس وعلاج وتعليم للأبناء. ترفض الحكومة الربط بين رفع أسعار الوقود، وما يرافقه من صعود في أسعار السلع والخدمات، بمفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، غير أن المواطن البسيط لا يفهم من المعادلة الاقتصادية سوى ما يمكن أن يحصل عليه من سلع وخدمات بدخله المحدود، الذي تتآكل قيمته يوما وراء الآخر، مع تراجع قدرته على تحمل المزيد من الأعباء، وهو ما يجب أن تضعه الحكومة في بؤرة الحسبان.

صحافة الهامش المنسي

هناك صحافة أخرى، خافتة الصوت، أو تصرخ خلف جدران مغلقة، فلا يسمعها أحد، ولا يلتفت إليها أحد. إنها صحافة نزلاء السجون ومستشفى الأمراض النفسية والعصبية. تابع الدكتور عمار علي حسن في “الوطن”: هذه هي واحدة من صحافة الهامش المنسي، التي لم ينشغل بها إلا قلة القلة، أو كان صوت المنشغلين متقطعا وخافتا مثلها، حتى جاء الكاتب الصحافي بشرى عبدالمؤمن، ليصدر بشأنها كتابا مهما رشيقا وشيقا، يلتهمه القارئ التهاما، بعنوان «صحافة الهامش.. خلف أسوار طرة والسرايا الصفرا»، وقدّمه الأديب محمد المخزنجي، ورسم صوره الفنان المبدع عمرو سليم، وأصدرته دار «ريشة للنشر والتوزيع» مؤخرا. يقدم الكتاب تحليلا لمضمون صحف السجن و«السرايا الصفرا»، ليرسم بلغة عذبة ملامح «صحافة الهامش»، في زمن صارت فيه الصحافة المصرية الورقية جميعا مهمّشة، إثر تراجع توزيعها في السنوات الأخيرة، وهي ظاهرة لافتة، جانب منها عالمي النزعة، رأيناه ماثلا للعيان في تحول صحف ومجلات عالمية إلى مواقع إلكترونية. يحدّثنا الكتاب عن مجلة «الخبر السار» التي كان يصدرها نزلاء مستشفى العباسية للمجانين، التي تضمنت مقالات وخواطر وشكاوى للمرضى والمضطربين، إلى جانب أشعار وأزجال ورؤى اجتماعية، وكان يحرّرها النزلاء، ويشرف عليها قلة من معالجيهم. وإذا كانت صحافة مستشفى الأمراض النفسية هي مساهمة في العلاج، فإن صحافة السجن كان لها هدف آخر، مثل صحيفة «أرض الهداية» التي صدرت في ليمان طرة عام 1953 وعلقت على الجدران ليقرأها ثلاثة آلاف سجين، وكان يشرف عليها بعض ضباط السجن، ويعتبرونها جزءا من إصلاح أحوال السجناء، حيث نسجت رابطة ما بينهم وبين سجانيهم، تُمكن هؤلاء من ضبط الأمور داخل السجون، وهي مهمة تظل شاقة طوال الوقت.

خلف الأسوار

ما يثبته الكتاب الذي أخبرنا عنه الدكتور عمار علي حسن، أن في السجن أبرياء مرهفي الحس، وفي مستشفى الأمراض النفسية عقلاء رقيقي المشاعر، بوسعهم أن ينخرطوا في عمل إيجابي منظم، مثل إصدار الصحف، يعبر عن هذا الكاتب نفسه بقوله في مقدمة كتابه: «أتمنى منك – يا سيدي القارئ – أن تتخلى ولو للحظات عن الصورة النمطية القديمة للمجنون، فما نعرفه عن الوجوه الرمزية للجنون – كما يقول ميشيل فوكو- أكبر بكثير مما نعرفه عن وجوهه الطبية والعلاج الوصفي، فلا المجنون هو من يرتدي على رأسه تاجا من القش، ولا ملابسه ممزقة، ولا جسده عارٍ ولا لعابه يسيل، المجنون يا سيدي هو أنا وأنت، فكلنا يهذي، وعيوننا تزيغ، وحركاتنا تتناقض وتخيف». وقد التقط المخزنجي هذا الخيط، فقال في تقديمه للكتاب: «هذا الهامش الذي تمثّله مصحّات الأمراض النفسية للفقراء، وكذلك السّجون، وبطول الحبس والعزل فيهما وثقلهما، يخلع البشر عنهم مكتسبات الخُبث والمراوغة اللازمين للصراع في عالم الغابة البشرية، ويعودون أطفالا، وإن كانوا كبارا وحتى مُسنين، فيهم سذاجة مؤسية تدعو للرثاء والتّعاطف، وهذا ما وجدته في مشاركات نزلاء هذه السجون وتلك المصحّات في هذه الصحافة المَنفية». الكتاب يخبرنا بأن هذه الصحافة وُلدت ونمت وبقيت سنوات قليلة بأيدي هواة، صنعوا جزءا، ولو يسيرا من صحافة الهامش، وكتابة الهامش، لم يكن هدفهم منها أن يخاطبوا الرأي العام، أو ينقلوا إليهم وجهة نظرهم في حال السجن والمستشفى النفسىي، ولا أن يحتجوا ضد الضابط السجان، والطبيب المعالج، والمعاقب أحيانا، إنما كان بعضهم يمرّر وقته العصيب بالانهماك في عمل مختلف، والبعض الآخر يرى أن الوعي لا يحده سور السجن ولا سور المستشفى. وهناك من يرى في إصدار صحيفة عملا يمكن أن يلتف حوله كثير من السجناء والنزلاء، فيُقرب بينهم، وفي الوقت نفسه يقرّبهم ممن يقومون عليهم، أو يوصل إلى عقول هؤلاء وقلوبهم، بطريقة غير مباشرة، مطالب وأحوال ورغبات، لا بد من التعبير عنها.

شائعات مضللة

هناك تعمد مع سبق الإصرار والترصد على إطلاق الشائعات، وخلق حالة من البلبلة والتشويش على الاقتصاد المصري، ويدلل عبد المحسن سلامة على خطورة ذلك في “الأهرام” عبر تلك الواقعة: منذ عدة أيام اتصل بي أحد الزملاء الصحافيين مستفسرا عن “بوست” مزيف يتم تداوله على لسان الدكتور محمود محيي الدين الخبير الاقتصادي العالمي، ووزير الاستثمار الأسبق، بخصوص سعر الدولار العادل، وتوقعاته في هذا الإطار. على الفور نفيت من جانبي لافتقاد المعقولية والمنطق في ما تم نشره على فيسبوك، ومع ذلك فقد هاتفت الدكتور محمود محيي الدين، وسألته عن حقيقته. أرسل لي على الفور خبرا منشورا على لسانه يكذب فيه هذا “البوست المزيف” مؤكدا فيه أنه لا صحة على الإطلاق لتلك التصريحات المتداولة حول أسعار صرف الدولار، وأنه لا يمتلك أصلا حسابا على تطبيق التواصل الاجتماعي فيس بوك، كما أنه لم يدل بأي تصريحات في هذا الشأن، ولم يتحدث على الإطلاق عن أي توقعات، مؤكدا أن هذه المنشورات كاذبة، ومضللة، ولا تهدف إلا لإثارة البلبلة واللغط. حينما اتصلت بالدكتور محيي الدين كان في لندن لتكريمه ومنحه الدكتوراه الفخرية من جامعة “يورك”، وأبدى انزعاجه من تورط البعض في نشر تلك الأكاذيب، مشيرا إلى أنه كتب متهكما على تلك الشائعات، ونشرها مطالبا بضرورة عدم تصديق أي شائعات، والاحتكام إلى لغة العقل والمنطق دائما في كل التصرفات وليس في ما يخص الأوضاع الاقتصادية فقط، خاصة في تلك المرحلة التي تسود فيها حالة من عدم اليقين على مستوى الأوضاع العالمية الآن، بسبب التوترات والقلاقل والصراعات المنتشرة الآن. من المؤسف تورط البعض في نشر الأكاذيب والشائعات، وإسراعهم دون تدقيق في نشرها بما يؤكد سوء النية والقصد، ومن هنا تأتي أهمية الوعي واليقظة في مواجهة تلك الأباطيل والأكاذيب، خاصة أن هناك حربا ضروسا تخوضها مصر بثبات وقوة في مواجهة طوق النار الخارجي في غزة والسودان وليبيا، دون خضوع أو استسلام، وهو ما يؤكد قدرتها على تجاوز المصاعب والعودة أقوى مما كانت عليه، وأثبتت الشهور الأخيرة ذلك.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية