لندن ـ «القدس العربي»: تصاعدت وتيرة الغضب داخل مصر بسبب توسع أزمة انقطاع الكهرباء، وزيادة الساعات التي يفقد فيها المصريون الطاقة الكهربائية وتؤثر على حياتهم، وصولاً إلى تهديد حياة بعض الأشخاص، سواء المرضى الذين يحتاجون إلى تشغيل بعض الأجهزة الطبية، أو مستخدمي المصاعد في البنايات الشاهقة الذين يواجهون خطر البقاء عالقين داخلها بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
ويعاني المصريون منذ شهور طويلة من أزمة انقطاع التيار الكهربائي بشكل يومي، فيما أعلنت الحكومة المصرية في بيان لها الأسبوع الماضي عن زيادة مدة انقطاع الكهرباء لتصل إلى 3 ساعات يومياً بدلا من ساعتين «في ظل استمرار الارتفاع الشديد في درجات الحرارة».
وارتفعت وتيرة الغضب في أوساط المصريين الذين تزايدت شكاواهم بسبب أزمة الكهرباء في البلاد، فيما تحدث كثيرون عن تعطل أعمالهم ومصالحهم بغياب الطاقة الكهربائية، بينما قال آخرون إنه يتم استثناء المنشآت التابعة للجيش من انقطاع الكهرباء بما في ذلك النوادي الاجتماعية والمنازل والفلل والمناطق السكنية التي يقطن بها كبار المسؤولين والضباط.
وأطلق النشطاء والمستخدمون المصريون العديد من الوسوم على شبكات التواصل الاجتماعي، والتي تعبر عن الغضب من استمرار أزمة الكهرباء وعدم قدرة الحكومة على حلها، ومن بين الوسوم التي تصدرت شبكات التواصل في مصر خلال الأيام الماضية «#انا_ارفض_قطع_الكهرباء» و«#إرحل_يا_سيسي» و«#ارحل_ياسيسي_كفاية_خراب». وكتب الإعلامي المصري المعارض والمذيع التلفزيوني المعروف أسامة جاويش على شبكة «إكس» (تويتر سابقاً) يقول: «بأمر نتنياهو مصر ستعيش في ظلام والمصانع تتوقف عن العمل والسبب سيء الذكر».
أما الناشطة شيرين عرفة فنشرت صورة تظهر فيها أبنية فاخرة وفارهة وعلى أحدث طراز، وعلقت تقول: «هل يمكن لعقلك أن يستوعب أن تلك المدينة الأسطورية، والتي تفوق الخيال قامت ببنائها دولة، يموت أفراد منها، داخل المصاعد وفي المستشفيات بسبب قطع الكهرباء يوميا من 4 إلى 5 ساعات؟.. ما تراه أمامك الآن هو التطبيق الفعلي لما ورد في كتاب (الاغتيال الاقتصادي للأمم)».
ونشر علي بكري مقطع فيديو يظهر فيه منطقة بأكملها وقد انقطعت عنها الكهرباء، بينما يتوسطها منشأة تتمتع بالكهرباء وتم استثناؤها من القطع، وقال في الفيديو: «الكهرباء مقطوعة في كل المنطقة إلا في ذلك المربع لأنه نادي تابع للقوات المسلحة، حيث يستحيل أن تنقطع عنه الكهرباء».
قائمة مطالب
وتداول مجموعة من النشطاء المصريين على شبكات التواصل الاجتماعي قائمة بالمطالب التي يدعون لها كرد على أزمة انقطاع التيار الكهربائي، وهي كالتالي: «1- انتخابات رئاسية مبكرة، 2- إلغاء الدستور والعمل بدستور 2012 مؤقتاً، 3- خروج كل المعتقلين فوراً، 4- حل البرلمان ومحاكمة أعضائه من دورة 2015 ومصادرة جميع ممتلكاتهم، 5- تشكيل حكومة تكنوقراط وطنية، 6- خروج كل شركات الجيش من الاقتصاد وضمها للدولة والعودة للثكنات».
ولفت الناشط محمد إلهامي إلى ظاهرة مختلفة تماماً، وهي لجوء بعض الشباب إلى الكنائس عندما تنقطع الكهرباء عن منازلهم، وقال إن «بعض الكنائس نشرت دعوة للشباب للقدوم إلى الكنيسة والمذاكرة (الدراسة) مع المشروبات المجانية، لأن المصريين الآن يعانون من قطع الكهرباء بمن فيهم طلاب المدارس والجامعات».
وأضاف إن «الكنائس تفتح أبوابها لينتقل الشباب من الحر إلى الظل، ومن العطش إلى المشروبات المجانية.. يحتاج الأمر كلاماً كثيراً.. لكن المقصود الأساسي الآن أن نتذكر أن نفوذ الكنيسة وقدراتها وتأثيرها في مصر لا يقارن بنفوذ المسجد ولا تأثيره».
ونشرت ناشطة تُدعى «إيما» صورة لشاب معتقل في مصر على خلفية سياسية، حيث كتبت معلقة: «بمناسبة زعل الشعب ع قطع الكهرباء، أيمن علي موسى طالب في كلية هندسة الجامعة البريطانية اعتقل بتهمة التجمهر في 2013 وتم الحكم عليه بالسجن لمدة 15 سنة، كان يبلغ من العمر 19 سنة.. واليوم أصبح في الثلاثين من عمره.. شاب زي ده عمره يضيع في المعتقل بأي ذنب؟ ربنا يفك أسره هو وكل المعتقلين».
وعلق ناشط يُطلق على نفسه اسم «المصري» قائلاً: «رابع مرة النور يقطع.. انت مفيش دم خالص؟ 100 مليون بيقولولك بأعلى صوت ارحل يا سيسي.. أعصابنا تعبت، منك لله، هاتخلينا نموت منتحرين».
وأضاف في تغريدة ثانية يقول: «هناك حفنة عسكر مسلحين سارقين بلد وهناك شعب 104 مليون مستسلم لهم رغم إزدياد الفقراء والظلم وانتشار الفساد والإهمال الذي يودي بحياة الناس على الطرق والمستشفيات والقتل والبلطجة.. هناك عشرات الأسباب لثورات وليس لثورة ولكن الناس شبه أموات من الخوف والفقر».
ونشر الكاتب الصحافي المقرب من النظام أحمد مبارك تدوينة مطولة عن أزمة الكهرباء قال فيها: «للأسف نمى إلى علمي تطور خطير في مسلسل الضغط على مصر لتنفيذ مخطط التهجير، فبعد تعطيل الملاحة في البحر الأحمر بنسبة 90% وانخفاض ايراد قناة السويس الذي أثر بشدة على موارد الدولة الدولارية في هذا التوقيت الحساس، وبعد منع إسرائيل الغاز عن مصر لتسييله بحجة أعطال فنية في الآبار ما زاد من التأثير الاقتصادي، إسرائيل وأمريكا ضغطتا على قبرص واليونان لمنع تصدير الغاز إلى مصر بغرض إسالته ما أثر على حجم الغاز الذي كانت تعتمد عليه مصر في ذروة الأزمة الحارة والأزمة الاقتصادية».
وأضاف: «باختصار أسباب انقطاع الكهرباء لها علاقة بارتفاع درجات الحرارة، ونقص المورد الدولاري صحيحة، لكن السبب الرئيس هو الضغوط الإسرائيلية والأمريكية ومحاولتهم الضغط اقتصادياً على مصر لعمل أزمة داخلية ينتج عنها غضب شعبي فتضطر مصر لقبول مخطط إسرائيل بالتهجير».
متى تتحررون؟
وعلق حسام عامر: «محبس المياه في يد إثيوبيا، ومحبس الغاز بيد إسرائيل، وسكينة الكهرباء بيد سيء الذكر.. وشعب مصر مخنوق بيد الأعداء الثلاثة.. متى تتحررون؟!».
أما إيمي محمد فكتبت: «أعلنت مصر عن خطوة استراتيجية مهمة في مجال الطاقة حيث أبرمت الأربعاء أكبر صفقة لشراء الغاز الطبيعي المسال منذ سنوات وذلك يهدف إلى تعزيز إمداداتها وحل أزمة انقطاع الكهرباء التي تعاني منها البلاد».
وقال الدكتور سمير حلمي: «الموضوع لم يعد تبادل اتهامات.. الموضوع إن البلد تدار بفكر غلط غرقها في الديون مقابل انجازات وهمية أو ترفيهية تخدم أصحاب الملايين فقط.. اتحدوا يرحمكم الله لانقاذ مصر، المعاناة على الجميع».
وكتب الدكتور عبد الله محمود المصري: «موضوع الكهربا في مصر بسبب طول الحرب في غزة والصهاينة وأعوانهم العرب خايفين المصريين يتحركوا فأمروا بقطع الكهرباء عشان المصريين يتلهوا في حالهم».
أما محمد الألفي فغرد يقول: «الحكومة المصرية تعتزم إرجاء تطبيق زيادة أسعار الكهرباء الجديدة التي كانت مقررة مطلع يوليو المقبل لمدة شهرين، لتُطبّق بدءاً من أول سبتمبر على أقصى تقدير».
وقال الناشط سيف القائد: «الكهرباء في مصر أيام الدكتور مرسي كانوا بيتعمدوا يقطعوا الكهرباء بمزاجهم، ويقولوا الكهرباء بتقطع. حالياً بتقطع غصب عنهم وبيقولوا عليها تخفيف أحمال.. هذا نظام يجب على كل شعب مصر أن يزيح هذا الحمل الثقيل من باب تخفيف الأحمال أيضاً من على كاهل المصريين».
وكتبت إسراء محمود: «ما بقيتش مستحملة الحر وقطع الكهرباء والعيشة في مصر، أول مرة يطلع لي حمو نيل وإيدي بتحتضر بسببكم». أما الدكتور محمد الفيومي فكتب يقول: «يا أصحاب دولة مصر الجديدة، عرفونا مواعيد قطع الكهرباء وثبتوها، ولو عايزينا نعيش في ظلام ماشي بس اللي ساكن في الأدوار العليا يعمل إيه؟.. الثلاجات والديب فريزرات تلفوا وأتلفوا تحويشة الشهر، قولولنا أنتم عايزين مننا إيه؟».
وقالت ليلى شملولة: «نحن نعاني من أزمة في الطاقة وكان لابد للدولة وضع خطة لتخزين كميات هائلة حتى لا تتوقف المصانع أو نضطر لقطع الكهرباء.. ماذا لو هناك أزمة في البنزين كيف يكون الحال في المواصلات والمطارات والسيارات؟ أزمة المناخ والبحث عن الطاقة البديلة.. لماذا لا نشجع استخدام الطاقة الشمسية في مصر؟».
وكتب عبد الله الخميس: «في مصر الآن جٌل الحديث عن انقطاعات الكهرباء، رئيس الوزراء اقترح إغلاق المحلات الساعة العاشرة مساء لتقليل الحمل على الكهرباء.. يومياً تغلق الكهرباء تصل لـ4 ساعات لفترة ما بعد الظهيرة».
يشار إلى أن العديد من الأوساط المصرية أرجعت السبب في انقطاع الكهرباء إلى اتجاه الدولة نحو التصدير لتوفير العملة الصعبة واحتياجات البلاد من الدولار.
وأعلن رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الأسبوع الماضي أنه سيتم التغلب على أزمة الكهرباء بالكامل بنهاية العام الجاري، قائلا: «كما قلنا من قبل، لا توجد أزمة توليد طاقة ولا نقل ولكنها أزمة تدبير الوقود».
وأشار إلى أنه تقرر في ضوء جهود ترشيد الكهرباء، غلق المحلات التجارية 10 مساء باستثناء السوبر ماركت 1 صباحاً، موضحاً أنه تم وضع خطة لتخفيف فترة انقطاع الكهرباء وتجاوز الأزمة في الصيف بتكلفة تقدر بمليار دولار، إلى جانب التعاقد على شحنات من المازوت تقدر بـ300 ألف طن تصل بداية الأسبوع المقبل بتكلفة 180 مليون دولار. وتابع قائلا: «استمرار تخفيف الأحمال 3 ساعات في اليوم لحين الأسبوع الثاني من يوليو ووقف قطع الكهرباء من الأسبوع الثالث».