القاهرة ـ «القدس العربي»: سيطرت المخاوف من تأثيرات سد النهضة الأثيوبي على الموارد المائية المصرية، على فعاليات أسبوع القاهرة الأول للمياه، الذي تستضيفه العاصمة المصرية في الفترة من 14 إلى 18 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
أريس جيورجاكاكوس، مدير معهد الموارد المائية في جورجيا، وعضو اللجنة الوطنية لتنمية وتقييم المناخ، حذر من تعرض مصر للكثير من الخسائر بالمياه بوجود سد النهضة.
وأشار في كلمته خلال الجلسة الفنية لحوكمة المياه عبر الحدود وتقسيم المنافع، إلى أن «المنظومة المائية في القارة الأفريقية ستتعرض للضغط إذا تم إعمال السد لمصلحة أثيوبيا فقط»، لافتا إلى أن مصر «ستتعرض لنسبة جفاف أكثر».
وحسب المصدر «سيكون هناك انخفاض في منسوب المياه بسبب سد النهضة»، مبيناً أن «السودان ستكون لديه بعض الحصانة نتيجة بعض الأمطار».
وأكد أن «إنتاج الطاقة أيضا سينخفض في مصر، نتيجة سد النهضة»، مشيرا إلى «ضرورة أن تعطي إثيوبيا مصر أمانا وضمانا بالنسبة للمياه والطاقة في حالة استكمالها سد النهضة».
وأوضح أن «القصور المائي سيكون حوالي 4 إلى 5 مليارات متر مكعب على الأقل في مصر».
وأضاف : «يجب مشاركة المزايا والخسائر وضرورة تحديد الخطة الأساسية بدقة، والتعاون المشترك بين دول حوض النيل للحديث عن المياه التى ستقلل من حصص المياه، وكيف سيتم خفض الاحتياجات حتى لا يتم كسر المنظومة المائية».
وتابع: «اعتقد أن من الممكن الوصول إلى اتفاقية ترضي جميع الأطراف من خلال التشاور والحوار، ويجب النظر حول ما سيحدث في المسقبل».
أما كارل هينرت، وهو خبير مائي هولندي، فتناول في كلمته عدة سيناريوهات لمواجهة تأثيرات ملء سد النهضة الإثيوبي على مصر.
وقال إن «المياه هي عنصر من عناصر الحياة في مجتمعاتنا، وترتبط بالقضايا السياسية والاقتصادية»، مشددا على أن «تبادل المعلومات بين دول حوض النيل هو أمر هام بالنسبة لهم، لتقليل حجم التأثيرات على بعضها البعض».
وزاد: «بالنسبة لحجم التخزين في خزان سد النهضة الإثيوبي من الصفر إلى حجم الامتلاء الكامل ستكون هناك حاجة إلى 74 مليار متر مكعب، في ظل وجود تغيرات في التدفقات المائية في النيل الأزرق، بنسبة 50٪ زائدا أو ناقصا»، مشيرا إلى أن»60٪ من التدفق في النهر الأزرق يصل إلى بحيرة ناصر».
وأضاف أن «هناك الكثير من هذه التغيرات التي يشهدها النيل الأزرق، بداية من تغيرات التدفقات والتغيرات المناخية ومعدلات هبوط الأمطار، والسدود المقامة على سد النهضة، التي تسببت وستتسبب في تغيرات الدفقات للأبد»، موضحا أن «تطوير عمليات الري هو أكثر أهمية لمواجهة هذه التحديات».
وطبقا للمصدر «مستوى المياه في بحيرة ناصر سوف ينخفض في ظل الظروف نفسها، بالإضافة إلى تأثيرات أخرى أكبر لسد النهضة، وانخفاض كميات توليد الطاقة من خلال التدفقات المائية».
وأشار إلى أن «تطبيق سيناريو ملء سد النهضة في فترة تتراوح من 5 ـ 10 سنوات في ظل ظروف الجفاف، فإن ذلك سوف يتسبب بانخفاض نسبة توليد الطاقة 24 إلى 25 ٪ من بحيرة ناصر، بينما التخزين أمام سد النهضة، في الظروف المتوسطة أيضا سيتسبب بانخفاض منسوب بحيرة ناصر إلى مستويات أقل».
محمد عبد العاطي، وزير الري والموارد المائية المصري، كان قد أكد أن العجز الحالي في الموارد المائية المصرية بلغ 90٪.
وفشلت مفاوضات مصر والسودان وإثيوبيا، على مدار السنوات الماضية في إيجاد حلول تطمئن مصر بشأن حصتها التاريخية من مياه النيل المقدرة بـ 56 مليار متر مكعب سنويا.
وانفض آخر اجتماع ثلاثي لوزراء المياه والري في السودان ومصر وإثيوبيا حول سد النهضة، الذي عقد أواخر الشهر الماضي في أديس أبابا، دون التوصل لنتائج بشأن ملء السد.
وفي أواخر أغسطس/ آب الماضي، دعت الخارجية المصرية أديس أبابا إلى دفع مسارات التفاوض والوصول إلى تفاهم بشأن سد النهضة، لضمان تحقيق المصالح التنموية لإثيوبيا، والحفاظ على أمن مصر المائي.
وتعثرت المفاوضات الفنية أكثر من مرة، أبرزها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، حول عدة أمور، أبرزها فترة ملء السد، ولجأت القاهرة إلى اجتماعات شارك فيها وزراء الري والخارجية ورؤساء مخابرات البلدان الثلاثة لبحث المعوقات.
وتجري القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، منذ سنوات، مفاوضات شاقة بشأن سد «النهضة» الإثيوبي على نهر النيل الأزرق، للحيلولة دون أن يؤثر السد سلبا، الذي لا يزال قيد الإنشاء، على دولتي المصب.