بيروت- “القدس العربي”: إنه الاسبوع الأخير للرئيس اللبناني ميشال عون في قصر بعبدا، حيث سيغادره يوم الأحد المقبل، وسط احتفالات شعبية ينظّمها التيار الوطني الحر تحت شعار “معك مكملين” للإيحاء بنجاح العهد وحفاظه على شعبيته خلافاً للواقع الذي وصلت إليه البلاد من انهيار.
وإذا كان البعض توقّع في إطار شد الحبال حول تعويم الحكومة بين رئيس الجمهورية وصهره جبران باسيل من جهة، وبين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من جهة أخرى، أن يبادر عون في إطار التصعيد للموافقة على شروط باسيل إلى إصدار مرسوم قبول استقالة الحكومة لتعتبر حكومة تصريف الأعمال غير مؤهلة لتسلّم صلاحيات رئاسة الجمهورية وإدارة المرحلة المقبلة في ظل الفراغ الرئاسي، فإن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية نفى مثل هذا التوجّه، ولفت في بيان إلى “أن وسائل إعلامية تتناقل منذ أيام معلومات مغلوطة عن عزم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون توقيع مرسوم قبول استقالة الحكومة، وتبنى على هذه المعلومات المختلقة تحليلات حول خطوات أخرى يعتزم الرئيس عون القيام بها”.
وأضاف: “أن مكتب الإعلام إذ ينفي نفياً قاطعاً هذه المعلومات، يؤكد أن لا أساس لها من الصحة جملة وتفصيلاً وهي تندرج في إطار التشويش المتعمد والإساءة الممنهجة لموقع الرئاسة وشخص الرئيس”.
وفي سياق محاولات العهد مراكمة الإنجازات قبل رحيله بعد ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل والتي رآها البعض متأخرة جداً، أجرى الرئيس عون في آخر أيامه اتصالاً برئيس النظام السوري بشار الأسد طالباً الشروع في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسوريا، وكشف عن قيام وفد لبناني بزيارة إلى دمشق يضم نائب رئيس مجلس النواب، إلياس بو صعب ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب ووزير الأشغال والنقل علي حمية والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بموازاة قدوم الوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين إلى بيروت الأربعاء لتسليم نص وثيقة الترسيم التي سيتم التوقيع عليها.
إلى ذلك، وفي أسبوع العهد الأخير تتجدّد محاولة انتخاب رئيس جديد في جلسة رابعة للمجلس النيابي يوم الإثنين من دون أن تبرز أي مفاجأة.
واللافت ما حملته عظة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من توبيخ للنواب المعطلين بقوله “مجلس النواب من جهته مؤتمن على أميز الوزنات، بموجب المادة 49 من الدستور، وهي انتخاب رئيس الجمهورية الذي هو رأس الدولة ورمز وحدة الوطن. يسهر على احترام الدستور، والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه. ونظرًا لأهمية موقع الرئيس الذي لا يقبل الشغور، اقتضت المادة 73 انتخابه قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر”.
البطريرك يوبّخ النواب المعطلين ومسرحيتهم.. وجعجع يسألهم عن خيارهم الأفضل الفراغ أم معوض؟
وقال الراعي “أيها السادة النواب والكتل النيابية الذين تتكلمون وتعملون من أجل الشغور أو الفراغ في سدّة الرئاسة، قولوا لنا من أين تستنبطون هذا الحق، وتبررون مخالفتكم الخطيرة والسافرة للدستور؟ هل نيابتكم وكتلكم وُجدت للتعطيل؟”.
وأعتبر أن “من يدقّق في تحركات عددٍ من النواب أثناء الجلساتِ النيابية الأخيرة، يكتشف فورًا أنهم في مسرحية لا تَخلو من المزاجيةِ عوضَ أن يكونوا في احتفال سعيد يُقدمون من خلاله للبنان رئيسا مقبولًا من اللبنانيين بعد طول أحزان وأزمات. قلت رئيساً مقبولًا يكون رجل دولة، لا رجل سياسة لا تعنيه إلا مصالحه الخاصة على حساب الخير العام”.
وأضاف الراعي “لقد كانت جلسةُ مجلسِكم التي عقدت الخميس الماضي جلستين: جلسةُ انتخابِ الرئيسِ داخلَ القاعةِ العامة، وجلسةُ تعطيلِ النصابِ في الرُدهات المحيطةِ. كأن سوق التسويات والمساومات يَنشط بين أعيان النواب لمعرفة ما إذا كانوا يَدخُلون القاعة ويُصوِّتون أم يبقون في الرُدهات ويعطّلون. لقد أصبحنا في ذروة الفساد السياسيّ الأكثر شرًّا من الفسادِ المالي. وصرنا في واحة الخيانة الوطنية، فهل من خيانة تجاه الوطن أكثر تعطيلا من تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية؟ وهل من طريق مصوّب نحو انقسامِ الوطن أكثر من الشغورِ الرئاسي؟”، سائلاً “أهكذا تتجاوبون مع البيان الصادر عن مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان الصادر في الخامس من تشرين الأول الجاري، والداعي لانتخاب الرئيس ضمن المهلة الدستورية، والكاشف أهميته ودوره في الداخل والخارج في الظروف الراهنة؟ فكيف وبأي حقّ، أيها السادة النوّاب والكتل النيابية، تبدّدون الوزنات التي ائتمنكم عليها الشعب اللبناني بموجب مقدمة الدستور (بند د)؟ أتدركون أن السير نحو الشغورِ الرئاسي يتم فيما تَسعى بعضُ الدول إلى تغيير وجه لبنان ودوره، وصيغته وهويته من دون الرجوع إلى الشعب اللبناني ولا إلى مرجِعياتِه”.
وأوضح الراعي “أن المؤتمر الدولي الخاص بلبنان الذي دعونا إليه يختلف كليًّا عن مشاريع المؤتمرات والندوات التي تبتدعها هذه الدولِ لا لخِدمةِ لبنان، بل لتجميلِ علاقاتِها ببعض دول المنطقة”.
وختم “أن مصير لبنان يقرره اللبنانيون بمساعدة الأمم المتحدة. نحن دعونا إلى مؤتمر من أجل تطبيق اتفاق الطائف نصا وروحا، وسد الثغرات الناتجة في الدستور، وتصحيح اختلال النظام الديمقراطي في ممارسة الحكم، وإعلان المحافظة على حياد لبنان وتحييده، وإعادةِ النازحين السوريين إلى بلادهم، وحلّ قضية اللاجئين الفِلسطينيين”.
بدوره، رأى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع “أن جميع الكتل والنواب يدّعون أنهم لا يقبلون الفراغ ويشددون على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، في حين أن ما يقومون به لا ينطبق أبداً مع ادعاءاتهم”، ساخراً من شعار التغييريين “رئيس من خارج الاصطفافات” بقوله “لا أدري من أين أتى هذا الطرح لأنه بمثابة كلام حق يراد به باطل، باعتبار أن الآراء المختلفة هي التي تؤدي إلى الإصطفافات لأن الناس لا تولد في اصطفاف معين”.
وأضاف جعجع “هناك مشروعان في البلاد، وانطلاقاً من كل مشروع أتى هذا الإصطفاف، وكلما طرح رأي في البلاد يصطف البعض حوله وآخرون يصطفون حول رأي مغاير وهذا أمر طبيعي، ما يعني أن الرئيس من خارج الإصطفافات هو شخص لا رأي له في أي مسألة مطروحة على طاولة البحث في البلاد، ماذا وإلا كيف له أن يكون من خارج الإصطفافات”.
وجدّد جعجع “دعوة النواب الـ22 للعودة إلى ضميرهم والتفكير ملياً وعملياً بما يجب عليهم القيام به”، وطرح سؤالاً أساسياً على هؤلاء النواب: “ما هو الخيار الأفضل، الفراغ الرئاسي أم ميشال معوّض؟ وإذا ما كانوا يعتبرون أن الخيار الأول هو الأفضل عندها تكون قد اختلفت كل المقاييس بغض النظر عن تقييمهم للنائب ميشال معوض”.