أسوأ أنواع الإجرام ضد المرأة

حجم الخط
13

تتلازم مناهضة العنف ضد النساء تلازماً وثيقاً مع مناهضة الاستبداد السياسي، وكان إطلاق حملة لمناهضة العنف الإسرائيلي ليتصادف ذلك مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة فكرة موفقة من وزارة شؤون المرأة في قطاع غزة، وهو أمر فعله أيضا «التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الإنقلاب»، في مصر أيضا، بدعوته لحراك سلميّ في اليوم نفسه.
ولعلّ عودة تاريخية إلى أسباب تخصيص الأمم المتحدة هذا اليوم تكشف هذا التلازم المهم، فهو يرتبط بحادثة وقعت في جمهورية الدومينيكان واغتيل فيها ثلاث شقيقات في ذاك اليوم بأمر من الدكتاتور رافاييل تروخيلو الذي كان يفرض هيمنة مطلقة على البلد ويدير سلطة عسكرية أمنية.
حاول تروخيلو التحرش جنسيا بإحدى هؤلاء الشقيقات (مينيرفا ميرابال) فرفضته بشكل مهين (ويقال إنها صفعته) وكان ذلك أحد الدوافع لتشكيلها، وهي المحامية، حركة معارضة للنظام، فتعرضت الفتيات وعائلتهن للاعتقال والتعذيب ثم قتلن بطريقة وحشية بعد الإفراج عنهن، وكان الاغتيال البشع الضربة التي قضت على نظام تروخيلو فتم اغتياله بدوره بعد ستة أشهر وانهار نظامه البوليسي.
يدشّن يوم مناهضة العنف ضد المرأة الذي أعلنته الأمم المتحدة عام 1999، يوماً من الحراك العالمي لتختتم بيوم 16 كانون الأول/ديسمبر الذي يصادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ويؤشر بذلك إلى تضأمن آخر بين حقوق الإنسان كجماعة بشرية مع حقوق المرأة، وهي حقوق تتكامل، وتعيدنا مرّة جديدة إلى القضايا التي تنتهك حريات البشر عموماً، وفي مقدمّتها، في بلداننا العربية، الاحتلال الإسرائيلي والدكتاتوريات، مضافاً إليها، الأحزاب الطائفية المسلّحة، التي صارت، أقوى أسلحة أنظمة الطغيان العربية والإقليمية لمحاربة النهوض الديمقراطي والمدني العربي.
لقد اعتادت أغلب الأنظمة والحركات السياسية العربية على تلميع صورة مزيّفة عن المرأة، غير أن بعضها الآخر حافظت وبثبات على نهج عام مناهض للمرأة وقائم على تشييئها وتسليعها وتكريس التقاليد التي تحطّ من شأنها وتهينها وهي تقاليد ليست فقط لا تتناسب مع كل ما يجري في العالم، بل هي أيضاً تقاليد لا تتناسب مع الماضي الذي تدّعي بعض الأنظمة الانتساب إليه، بما فيه الماضي الذي عاشته النساء العربيات أيام الرسول محمّد وخلفائه الراشدين، وتمّ لاحقاً تهميشه أو اختزاله وتقليص المعنى الإنسانيّ العميق فيه.
إن حوادث من قبيل رجم طفلة صومالية تبلغ من العمر 13 عاماً، بتهمة ارتكاب الزنا، رغم أنها تعرّضت للاغتصاب وحاولت الإبلاغ عنه، بينما تم تجاهل المتهمين باغتصابها، مثال واحد من عشرات آلاف الأمثلة عن الجاهلية الكبرى التي يعيشها بعض المسلمين مدّعين أنهم ينفذون تعاليم الإسلام، وهو أمر لا يؤدي إلى إخراج هؤلاء عن إسلامهم المفترض فحسب، بل يضع سداً منيعاً بينهم وبين الإنسانية ككل، ويؤسس لمزيد من البشاعات بينها نزعة العداء للمسلمين والإسلام في العالم، فتؤجج بدورها نزعات التطرّف لدى الطرفين وتدفع العالم نحو كوارث لا نهاية لها.
إضافة إلى الجهل والتطرّف الفكري، يتلازم اضطهاد النساء أيضاً مع الفقر، فـ 70٪ من فقراء العالم هم من النساء، وهو أحد الأسباب لتعريض النساء للعنف، ولمنعهن من الدراسة، ويقفل بذلك آفاق المستقبل أمامهن.
تتحمّل الإنسانية كلّها، مسؤولية كبرى في قضية العنف ضد المرأة، ولا يمكن إنكار أن الكثير من النساء يؤمنّ بدورهن بأفكار وأيديولوجيات تبخس من حقوقهن وتسيء لجنسهن، ولكنّ ذلك لا يجب أن يغفل مسؤولية الرجل الكبرى ليس في القيام بالعنف فحسب بل بتبريره تحت أطر دينية أو أيديولوجية، فهذا التبرير يجعل من الإجرام ممارسة لحق مقدّس، وهو أسوأ أنواع الإجرام.
إذا جمعنا القضية في بؤرة واحدة فستعيدنا مجدداً إلى دور الأنظمة الدكتاتورية في تكريس علاقات الاستبداد الكبرى بين الحكام والمحكومين، وبين النساء والرجال أيضا.
أقلّ ما نستطيع فعله، في يوم مناهضة العنف ضد المرأة، أن نتوقف للتفكير قليلاً واستذكار المسيرة الكبرى التي قطعتها النساء عبر العصور لتمدين البشرية وجعلها أكثر جمالاً ورقة واحتراماً للإنسان.

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    شكرا للقدس العزيزة التي برأت الاسلام من بعض الاسلاميين الظلاميين
    نسيبة بنت كعب الأنصارية قال عنها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
    ماالتفت يمينا ولا شمالا الا وأنا أراها تقاتل دوني

    لقد أعطى الاسلام للمرأة حقوقا لم تكن موجودة حتى قبل قرن بالغرب
    مشكلة المرأة ببلادنا أنها لا تعرف حقوقها بالشرع ولا تطالب بها

    كان الرجال يهابون عمر لشدته ولكن امرأة وقفت أمامه تدافع عن حق المرأة المطلق بالمهر فخضع أمير المؤمنين لحجتها وقال أصابت امرأة وأخطأ عمر

    أختي المرأة طالبي بحقوقك والله ورسوله معك وكل المؤمنين بعد ذلك معك

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول م . حسن . هولندا:

    المجتمع طائر لة جناحين المرأة والرجل , إضطهاد المرأة نصف المجتمع , والتمييز ضدها أحد الأسباب الرئيسية في تراجع الدول الإسلامية وعن عجزها عن اللحاق ببقية البشر . فما الذى يمكن إنتظارة من أم غير مثقفة أو متعلمه ممنوع عليها أحيانا حتي الذهاب الي المدرسة , وكأنها خلقت للإنجاب فقط , أو أن تربية الأولاد مسؤوليتها وحدها , الفقهاء والساسه يتحملون المسؤولية عن هذة الجريمة التي ترتكب بحق المرأة وحق المجتمعات المسلمة . .

  3. يقول مصطفي الزنط:

    السيد الاستاذ الفاضل رئيس تحرير القدس العربي
    تحية إحترام وتقدير لسيادتكم

    ياسيدي الحقيقة أن الإسلام والعرب بالرغم من تخلفهم عن مواكبة العصر في المجال العلمي والحضاري إلا أن الإنصاف الموضوعي يشهد لهم بأنهم أكثر شعوب العالم تحضرا وتقدما فيما يتعلق بمجمل منظومة القيم الأخلاقية والإنسانية لاسيما مايتصل منها بالعلاقة بين الرجل والمرأة بالقياس لمثيلتها في الغرب والدول المتقدمة وهذا ماتؤكده الدراسات والأبحاث الإجتماعية والإستقصائية ويكفي هنا الإشارة إلي نسبة الطلاق والإنتحار وغيرهما من المشاكل بل والمصائب الإجتماعية التي تجتاح الغرب الذي يزعم إحترامه وحمايته للمرأة وهو الذي قدمها سلعة تباع وتشتري وأرسي أسس هدم المجتمع العائلي والأسري بدعوي الحرية والمساواة .
    ومع ذلك فإننا نتفق مع الدعوة إلي ضرورة إقرار حقوق المرأة في الحرية المسئولة والمساواة الأنسانية فيما لايتصادم مع مصلحة التكامل العائلي والحفاظ علي تماسك المجتمع , ومن فقد ترون الدعوة إلي فتح حوار مجتمعي مفتوح حول التوافق بشأن المفهوم الصحيح للعلاقة بين الرجل والمرأة وإدارة حوار موسع تشترك فيه مؤسسات ومنظمات المرأة وكافة الهيئات المدنية والرسمية ذات الصلة بغية الوصول إلي إقرار ضوابط وقواعد ومبادئ سليمة تكون أساساحضاريا عربيا وإسلاميا معاصرا لهذه المسألة الهامة . وذلك خير من ان نظل ندور في حلقة مفرغة من جدل الذات والتنقيص من كرامتنا وإحترامنا لآنفسنا.
    ولكم صادق التحية والتقدير
    مصطفي الزنط
    كاتب مصري مقيم بالسويد

  4. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم.(اسوأ أنواع الإجرام ضد المرأة)هذا هو عنوان رأي القدس اليوم.والاجرام ضد المرأة ليس حكرا على جهة او دولة او دين،بل انه مرض شنيع وداء عضال وبانماط واشكال متنوعة وبمفاهيم متناقضة ومن مجنتمع الى مجتمع ومن حضارة الى اخرى ومن دين الى دين.فما يعتبره البعض من صميم حقوق واحترام الرأة يعتبره آخرون اكبر اجرام ضد المرأة واكبر اهانة لانسانيتها ودورها في المجتمع.وكمثال على ذلك فان كثيرين يعتبرون المرأة لعبة جنسية مبتذلة عليها ان تتعرى في الشارع وتكون متاحة لكل طالب متعة حرام وان يكون لها حرية ممارسة الرذيلة في مواخير الخنا كدور المومسات والملاهي والفنادق والمطاعم وغيرها من المؤسسات الاخرى الكثيرة.ومثل هذه الادوار للمرأة التي يرتضيها بعض شياطين الانس هي الاكثر اجراما ووحشية ضد المرأة وانسانيتها وفطرتها السلمة
    ليس هناك جهة احترمت فطرة المرأة وانسانيتها واعطتها كل الحقوق التي تحترم فطرتها ولا تحملها ما لا تطيق كالاسلام.فهي الام الفاضلة تربي الاجيال وتخرج الابطال والزوجة الصالحة الامينة التي تحفظ البيوت(لبنات بناء المجتمع)من الانهيار .وتعاليم الاسلام واضحة وجلية فمن رفق بالقوارير الى استوصوا بالنساء خيرا الى ما اهانهن الا لئيم وما اكرمهن الا كريم الى تشديد محمد(ص)والمبالغة في الحث على احترام الام وتوقيرها والى غير ذلك من التعاليم السمحة والاوامر المشددة ضد اي اجرام او اهانة للمرأة لانها انثى

  5. يقول Hiki:

    مع شديد الاسف !! عدم المساواة بين الرجل والمرأة شعار رفعه اردوكان .. وهذه بداية النهاية لأكذوبة الديمقراطية الاردروكانية، وما خفي كان اعظم .

  6. يقول Hassan:

    المرأة كائن هش وحساس إذ ما تكسر لن يلتئم لذى وجبت المعاملة الحسنة تجاه المرأة مصدر الحب والحنان للرجل. الإعتداء المادي والمعنوي مما لا شك فيه أن المرأة قد ساهمت فيه وذلك بالتقصير نحو المعتدي بناء على تراكمات سوء التربية له والحال أن المرأة هي المدرسة الأولى للإنسانية.

  7. يقول سلمى:

    مقال رائع لا يوجد ما يمكن إضافته إليه غير شكر الكاتب/ة عليه.

  8. يقول دكتـور أسـامـة الشـرباصي بـواشـنطن:

    نقـول مـن واشـنطن ان معظـم الـرجـال والنسـاء العـرب سـواء المسـلميـن أو المسـيحييـن لا يفهمـون الفهـم الصحيـح لمعنـى المسـاواة بيـن الـرجـل والمـرأة !؟ وبيـن مـا تقصـده أمـريـكا والغـرب فـى القـوانيـن الـوضعيـة المـدنيـة !؟ وهـى فـى جـوهــرهـا تطبـق تعـاليـم الأسـلام الصحيـح !؟ وتعـاليـم المسـيحيـة الصحيحـة !؟ فـليـس المقصـود فـى المسـاواة بيـن الـرجـل والمـرأة هـى المسـاواة الجسـمـانيــة أو فـى وظـائـف الأعضـاء أو فـى المشـاعـر والعـواطـف !؟ فهـذا محـال !؟ ونتفـق مـع رأى الـرئيـس التركـى رجـب طيـب أردوغــان فـى أن الـرجـل والمـرأة ليسـوا متسـاوييـن عضـويـا !؟ حتى مـن الطـرائـف الطبيـة والبحثيـة فـى أمـريـكا فأن حجـم الغـازات التى يخـرجهـا الـرجـل مـن أمعـائـه يـوميـا هـى ضعـف حجـم الغـازات التى تخـرجهـا المـرأة !؟ ولكـن المقصـود بالمسـاواة بيـن الـرجـل والمـرأة هـى المسـاواة فـى الأنسـانيـة بيـن الطـرفيـن !؟ حيـث أننـى مـن أشــد المـؤيـديـن لحقـوق المـرأة !؟ ومعـامـلتهـا بأنسـانيـة مـن طـرف الـرجـل واحتـرام كـرامتهـا ومشـاعــرهـا كحـبيبـة وكـزوجـة وكأم لأسـتمراريـة المعـاشـرة الـزوجيـة عـن حـب بيـن الطـرفيـن !؟ ورأينـا فـى واشـنطن بعـض الـرجـال الخـليجييـن يجـلسـون زوجـاتهـم فـى الخـلـف اثنـاء قيـادتهـم لـلسـيارة كأنهـا انسـان درجـة ثـانيـة !؟ أو كحقيبـة أو أمتعـة !؟ ولا تجـلـس زوحتـه بجـانبـه داخـل السـيارة أبـدا !؟ فقـد قـدمـت لـلجنـة الهجــرة والجنسـيـة ( الأميجـراشـن بالكـونجـرس الأمـريكـى ) منـذ مـدة مشـروعـيـن بقـانـونيـن لحمـايـة المـرأة العـربيـة فـى أمـريـكا ( أو الأجـنبيـة ) مـن أى نـوع مـن الأذى الجسـمـانـى مـن الـزوج الأمـريكى الجنسـيـة أى الضـرب أو الأعتـداء الجسـمـانـى عـليهـا !؟ أو الأذى النفسـي أى الأهــانـة بالألفــاظ !؟ أو المـرأة المضطهـدة أو المسـتعبـدة مـن زوجهـا الأمـريكـى الجـنسـيـة !؟ فيمكنهـا أن تحصـل عـلى ( الجـريـن كارت ) أى كارت الأقـامـة الـدائمـة فـى أمـريـكا لهـا ولأولادهـا وقبـل حصـولهـا عـلى الطـلاق !؟ بـعـد أن كانـت تـرحــل هـذه الـزوجـة المسـكينـة مـن أمـريـكا الـى بـلـدهـا الأصـليـة لعـدم حصـولهـا مـن هـذا الـزوج الأمـريكـى الجنسـيـة المـؤذى عـلى الأقـامـة الـدائمـة فـى أمـريـكا !؟ وقـد يـدخـل هــذا الـزوج الأمـريكـى الجنسـيـة المـؤذى الى السـجـن حسـب نـوع الأذى والضـرر الـذى وقـع عـلى الـزوجـة والأولاد !؟ وأصبحـوا قـانـونيـن نـافــذيـن وقعهمـا الـرئيـس الأمـريكـى !؟ فهـذا هـو معنـى المسـاواة فـى أمـريـكا والغـرب بيـن الـرجـل والمـرأة أى المسـاواة فـى الأنسـانيــة !؟ وحمـايتهـا مـن الأذى والأضطهـاد باشـكالـه مـن الـرجـل ايـا كان زوجـا ( أو أبـا أو أخـا ) !؟

    دكتـور أسـامـة الشـرباصي
    رئيـس منظمـة السـلام العـالمـى بأمـريـكا
    http://www.internationalpeaceusa.org

  9. يقول موساليم . المغرب:

    المرئة تفضل الموت عن الغدر .
    من يحب امرئة، فليكن وفي لها . لا غير .

  10. يقول موساليم . المغرب:

    أما جريمة القتل ، فالبشر مازال ” حيوانا وحشيا ” .الجميع يقتل الجميع .
    ومن الحبّ ما قتل .
    أبشع القتل ، هو الحب الفاشل .
    ” المرئة نصف السماء ” ، قالها الزعيم الصيني Mao Tsé TOUNG…

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية