أعداء اسرائيل من الاسرائيليين

حجم الخط
0

لو أن أبو مازن عرف كم ينتظرون ما سينطق به وكثرة من يتمنون أن يسمعوا جملة ‘لا يا كيري، ليس ما يدعونا الى الاستمرار في التفاوض على أساس اقتراحاتك’، لفاجأه ذلك.
حينما ستقال هذه الجملة ستصدر صحيفة ‘اسرائيل اليوم’ بعنوان صحفي ينير البصيرة هو ‘أفشل الفلسطينيون التفاوض مرة اخرى’؛ وسيُطري يريف لفين رئيس الوزراء في كتلة الليكود في الكنيست قائلا: ‘كل الاحترام لزعامتك’؛ وسيصدر بوغي يعلون تصريحا الى وسائل الاعلام يقول: ‘قلت إن التفاوض خاسر مسبقا’؛ وفي البيت اليهودي سترفع أوريت ستروك كأسا إجلالا لله جل شأنه، ‘الذي لم يقتل شارون فقط بل وجه سير أبو مازن’؛ وسيخطب الحاخامون في المدارس الدينية والكنس ويُمجدون العناية الالهية التي قسّت قلب فرعون الجديد؛ وسيقول يئير لبيد ايضا إنه توقع في الحقيقة خطوات تبني الثقة من قبل اسرائيل، لكن تصريح أبو مازن يمنع استمرار جهد وزير الخارجية الامريكي.
بعد يومين سيبشرنا افيغدور ليبرمان وزئيف إلكين بأن حملة دعاية اسرائيل قد انطلقت في طريقها. ‘سيفهم العالم كله’، سيقول الكين طالب السلام، ‘أننا فعلنا كل ما نستطيع ويؤسفنا أن أبو مازن رافض على الدوام’. وسيتم تلقي رفض أبو مازن عند أجزاء كبيرة من الرأي العام الاسرائيلي كأنه أمر طبيعي ينبع من عدم استعداد الفلسطينيين للاعتراف بنا والعيش معنا في سلام.
لن يسارع كيري الى بت من يتحمل تبعة تفجير التفاوض وسيتلقى ردا على ذلك الانتقاد الشديد من فرسان البناء في المناطق. وستتنحى دولة اسرائيل جانبا بخجل ولا تنطق. لا حكومة اسرائيل بل الدولة التي يفترض أن تفعل الحكومة والكنيست كل شيء لتجنبها الحروب.
إن مصالح المستوطنين والقسم المتدين من اليمين واضحة، فالسلام يعرض للخطر الاجراء الخلاصي عند الحاخام كوك الذي منحه الله بركته. لكن كل الآخرين الذين أقسموا أن يحافظوا على دولة اسرائيل يخونون أماناتهم. لو أنني كنت اؤمن بعقاب السماء لما شككت في أن عقابهم سيكون شديدا. فهم يعلمون أن رفض أبو مازن حينما يأتي سيكون نابعا من أن حكومة اليمين لم تُرد المسيرة في الحقيقة ووضعت في طريقها كل عثرات البناء الممكنة. وهم يعلمون أن وقف المحادثات ليس نهاية الطريق فقد يأتي بعده جهد أقوى لسلب اسرائيل شرعيتها وقد ينشب الارهاب من جديد. وستزيد ردود اسرائيل فقط في عزلتها الخطيرة وتدفعها بقوة أكبر الى ركن الدولة المقصاة. وماذا عن دولة اسرائيل؟ تقف وتنظر الى قادتها. إنها تراهم في عجزهم، وترى عدم قدرتهم على الحسم، وحملة التخويف التي يقومون بها وكيف يضيعون فرصة مريحة للتسوية. إن الكيان الذي يسمى دولة اسرائيل يشعر بالخيانة. وهي التي تعلم أن كثيرين بذلوا مهجاتهم من اجل وجودها كانت تأمل في نفسها أن تحين اللحظة وأن يُبذل جهد صادق للتوصل الى تسوية. ويعلم الكيان المسمى دولة اسرائيل أن العالم العربي لا يريد الخير لها، لكن لها غرائز وجود وهي تشعر بأنه حان وقت التحول.
يجب على بنيامين نتنياهو والكين ونفتالي بينيت أن يدركوا أن رد أبو مازن السلبي لن يفرحهم فقط بل سيبتهج معهم نصر الله وخامنئي والاخوان المسلمون في الدول العربية وفي المناطق. إن الكيان المسمى دولة اسرائيل لا يحب من يفرحون لفشل المسيرة، ولهذا تقف خجلة شاعرة بالاهانة آملة أن يأخذ شخص ما آخر الامر مصالحها في الحسبان.

هآرتس 21/1/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية