أعداد من المتطوعين الأجانب غادرت شمال سوريا والأسباب: خيبة أمل في الثورة والإقتتال بين الفصائل

حجم الخط
1

لندن ـ ‘القدس العربي’ تتزايد الأدلة عن توسيع تنظيم القاعدة شبكاته وخلاياه في لبنان. وكأثر من آثار الحرب الدائرة في سوريا، هناك مخاوف من تدفق أعداد من المتشددين إلى داخل الأراضي اللبنانية من سوريا.
وتنقل صحيفة ‘واشنطن بوست’ عن السلطات اللبنانية قولها إنه رغم اعتقال العديد من المشتبه بصلتهم بالجماعات المنضوية تحت لواء القاعدة في الأشهر القليلة الماضية، فالمؤسسات الأمنية تخوض حربا مستمرة للحد من موجة نزوح المقاتلين إلى داخل لبنان والذين تعمل هجماتهم على زيادة التوترات الطائفية.
وجاءت الحرب اللبنانية على المتشددين من القاعدة بعد إعلان جبهة النصرة التي تعتبر من التيارات الرئيسية في الثورة السورية مسؤوليتها عن سلسلة من الهجمات ضد أهداف لحزب الله وإيران الداعمين للنظام السوري.
وفي الوقت نفسه أعلن فصيل يطلق على نفسه كتائب عبدالله عزام مسؤوليته عن هجمات مماثلة ضد أهداف إيرانية في الأشهر الأخيرة. ولاحظت الصحيفة تدهورا في الأوضاع الأمنية اللبنانية بعد سقوط يبرود بيد الحكومة السورية وحزب الله. وقالت الصحيفة إن خروج المعارضة من يبرود قد دفع بأعداد كبيرة من المقاتلين للبحث عن ملجأ لهم في بلدة عرسال، وأدى سقوط البلدة لعملية إنتحارية مباشرة في سهل البقاع اللبناني.
وأعلنت جبهة النصرة مسؤوليتها عن الهجوم. وتحدثت الصحيفة عن حصار حزب الله على عرسال، حيث هدد السنة فيها بالرد.
وتضيف الصحيفة إن تدفق المقاتلين السوريين إلى داخل حدود لبنان هو مثال واحد عن أثر الحرب السورية وانتشارها، مشيرة إلى الهجوم في منطقة الجولان.

ضغوط في القلمون

وتنقل عن محللين قولهم إن عددا من المقاتلين السوريين يقاتلون في منطقة جبال القلمون وكلما واصل النظام وحزب الله تقدمهما كلما دفعوا للهروب إلى لبنان، وهو ما سيزيد من مخاطر عدم الإستقرار ويعزز من قدرات فرع جبهة النصرة في لبنان الذي يقوم ببناء حضور له.
وبحسب أيمن التميمي من منبر الشرق الأوسط ‘النصرة في لبنان متركزة في محاور الحدود الخارجة عن سيطرة الدولة وعددهم ليس كبيرا’، ولا يستبعد الباحث قيام أفراد هذه الجماعة بتبني إسم الفصيل الرئيسي في سوريا ‘ولا يبدو أنهما فصيل واحد’، ولكن هذا الوضع قد يتغير حالة استمر المقاتلون في التدفق إلى لبنان.
وتشير الصحيفة أنه على الرغم من محدودية قدرات النصرة وبعدها عن لبنان إلا أنها كانت قادرة على تنفيذ هجمات نوعية مثل ما فعلت في هجوم النبي عثمان الذي قالت إنه انتقام من حزب الله و ‘تفاخره’ بالنصر في يبرود.

عبدالله عزام

وتظل جبهة النصرة إلى خطرا بعيدا مقارنة مع التنظيم اللبناني ‘كتائب عبدالله عزام’ الذي يشكل تهديدا مباشرا على الدولة بحسب ضابط لبناني بارز. وينبع خطر التنظيم الذي يلفه الغموض من إعلانه المسؤولية عن الهجوم الإنتحاري المزدوج على المركز الثقافي الإيراني والسفارة الإيرانية في بيروت.
ويعتقد الضابط إن الجبهة وكتائب عبدالله عزام يعملان بطريقة ترادفية ويعلنان مسؤوليتهما المشتركة في بعض الأحيان عن هجمات.
وفي الوقت الذي استطاع الأمن اللبناني تفكيك خلية كتائب عبدالله عزام في أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، فإنه لم يحقق نجاحا في الخلية الثانية ولم يعتقل أيا من أفرادها علاوة على مسؤولها سراج الدين زريقات.
وتؤكد السلطات اللبنانية صغر حجم النصرة وعبدالله عزام في لبنان، لكنها تقول إن هناك قطاعا واسعا من السنة المحرومين والحانقين ويمكن أن تعتمدا عليهم في التجنيد لعملياتهما الإنتحارية سواء كانوا لبنانيين أو فلسطينيين أو سوريين. واستطاعت السلطات اللبنانية تحقيق تقدم في ملف كتائب عبدالله عزام عندما ألقت القبض على زعيم الفصيل ماجد بن محمد الماجد، وهو سعودي الجنسية عندما ذهب لتلقي العلاج من الفشل الكلوي الذي يعاني منه ثم مات لاحقا. وترى الصحيفة أن غياب القيادة الجامعة للسنة في لبنان يجعل من الشباب خاصة في طرابلس، شمال لبنان يتجهون لدعم الجماعات المتشددة.
وكان سعد الحريري، زعيم تيار المستقبل قد أصدر بيانا يوم الثلاثاء لدعم بلدة عرسال اتهم فيه حزب الله بجلب النار في سوريا إلى لبنان. وكان حزب الله قد ضيق الخناق على عرسال بعد تقارير تحدثت عن وصول مقاتلين سوريين إليها من يبرود.

دور الجيش اللبناني

ونفى وفيق خلف وهو أحد مسؤولي البلدة وجود المقاتلين السوريين في البلدة ولكنه اعترف بحضور لجماعات مثل جبهة النصرة على أطراف عرسال وليس في داخلها.
ويواجه الجيش اللبناني الذي عادة ما يحاول الوقوف خارج السياسة والحسابات الطائفية مهمة صعبة خاصة بعد أن اعتبرته جبهة النصرة هدفا شرعيا. كل هذا في وقت حاولت الولايات المتحدة تقوية ساعده وتقديم أسلحة له. وأعلنت السعودية في كانون الأول/ديسمبر 2013 عن منحة بقيمة 3 مليارات دولار لتعزيز قدرات الجيش اللبناني وشراء أسلحة فرنسية له.
وظلت يبرود ومعها عرسال نقطتا إمداد للمقاتلين الذين يعارضون نظام بشار الأسد، وعبر الحدود اللبنانية كان يتدفق المقاتلون الأجانب إلى سوريا، وينضم معظهم إلى جبهة النصرة أو الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).
واستمر تحذير الدول الغربية من المقاتلين الأجانب في وقت تزداد أعداد عناصر الميليشيا القادمين من العراق ولبنان وإيران للقتال مع الأسد.
وفي ظل إقرار السعودية تشريعات لمنع السعوديين من القتال في الخارج أو التعبير عن تعاطفهم مع جماعات تصنف ‘إرهابية’ مثل جبهة النصرة وداعش والأخوان المسلمين، وتحذيرات الولايات المتحدة من 7.000 مقاتل أجنبي، وحملات اعتقال تقوم بها الدول الأوروبية خاصة بريطانيا وفرنسا، فقد بدأت الأعداد تقل وبدأ الكثير من المقاتلين الأجانب بالرحيل عن سوريا لخيبة أملهم حسب صحيفة ‘فايننشال تايمز’.

المقاتلون الأجانب

وقالت إن مئات منهم غادروا صفوف المعارضة في شمال سوريا بسبب شعورهم بالإحباط الناجم عن الإقتتال الداخلي بين فئات المعارضة، وهو ما تراه الصحيفة تراجعا في موجة الحماس بين المتشددين السنة الذين يشاركون في الحرب السورية.
وزاد رحيل المقاتلين عن الجبهة السورية من مخاوف المسؤولين الأمنيين في دولهم من منظور العودة إلى بلادهم وهم يحملون خبرات وتجارب.
ولا يزال تدفق المقاتلين إلى خارج سوريا قليلا لكنه يلخص حالة من خيبة الأمل من وضع الحرب التي تحولت في الشمال عن هدفها الرئيسي وهو مواجهة النظام السوري. فقد قتل أكثر من 4.000 شخص في المواجهات التي تجري بين المقاتلين منذ 3 أشهر.
ونقلت عن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن قوله ‘ جاء المتطوعون لقتال نظام ديكتاتوري وليس المعارضة، والعدد لا يزال قليلا إلا أنه يظهر حالة الحنق بين المقاتلين الأجانب حول ما يجري’، ويضيف ‘يتساءل الأجانب عن الهدف الذي جاءوا للموت من أجله’.
وتشير الصحيفة إلى أن الحرب التي بدأت ضد نظام الأسد قبل 3 أعوام كتظاهرات إحتجاجية قبل أن تتحول إلى حرب أهلية ذات طابع طائفي قد جذبت إليها أعدادا من المقاتلين الأجانب من أوروبا والسعودية وتونس واليمن والكويت وليبيا ومقاتلين لهم خبرات في الحرب ضد الأمريكيين في العراق والسوفييت في أفغانستان. ونقلت الصحيفة عن منسق من جبهة النصرة قوله ‘منذ الأسبوع الثاني من كانون الثاني/يناير حتى الآن مئات إن لم يكن 2000 من المقاتلين الأجانب عادوا إلى بلادهم.
ويعتقد رجال الإستخبارات الإسرائيلية والغربية أن المقاتلين الأشداء منهم لن يعودوا إلى بلادهم بل سيبحثون عن جبهة جديدة للقتال فيها مثل اليمن ومصر أو العراق. ونقلت عن مسؤول أمني إسرائيلي بارز قوله ‘هناك تأثيرات سورية واضحة الآن في سيناء’، وأضاف ‘نشعر بالقلق من تدفق أعداد أخرى للإنضمام والتدخل في الوضع، ونريد منعهم من القدوم إلى هنا’.
ويقدر عدد المقاتلين الأجانب في سوريا بحوالي 11.000 مقاتل والباقون هناك يشكلون خطرا على أمن الدول الغربية وكذا دول الخليج من احتمال عودتهم. وكانت المعارك بين الفصائل قد بدأت نهاية العام الماضي عندما اتحدت فصائل إسلامية ومعتدلة ضد داعش، وسط توتر في المناطق الحدودية والسيطرة على المعابر ونقاط التفتيش وآبار النفط.
وتنقل الصحيفة عن مصدر في داعش قوله إن معظم المقاتلين الأجانب أرسلوا إلى العراق ولم يعودوا إلى بلادهم، حيث فتحت داعش جبهة مع النظام العراقي في مناطق الأنبار السنية. ولا يقتصر حس خيبة الأمل على المقاتلين الأجانب بل وبين المقاتلين أنفسهم في ضوء التطورات والمعاناة والحصار وطول الحرب.
وينقل عن أحد مقاتلي صقور الشام قوله ‘تم إضفاء طابع رومانسي على الجهاد في سوريا في البداية وربما اكتشف الأجانب أنها لم تكن كما تخيلوا’.
وفي سياق متصل لا تزال قضية إطلاق سراح راهبات معلولا محلا للروايات ونظريات المؤامرة. وتتعدد الروايات حيث يقول اللبنانيون إن دولة قطر أعطت الجماعة التي اختطفت الراهبات 40 مليون جنيه استرليني. ويقولون أنه بالنسبة النظام السوري إن قطر قدمت 42 مليون جنيه استرليني لتحرير الراهبات.
ويقول روبرت فيسك نقلا عن الراهبات أنه لم يتم دفع أي شيء لجبهة النصرة التي كانت تحتجزهن. ويعلق فيسك في تقريره في صحيفة ‘اندبندنت’ في سوريا لا أحد يتم تحريره دون دفع الفدية، إلا أن الثمن الذي دفعته أجهزة الأمن التابعة للنظام كان تحرير 152 سجينة بعضهن من أقارب المقاتلين.
ورفضت الأم بلاجيا سياف التي كانت مختطفة الحديث عن تجربتها لأنها شعرت بالأذى من مقابلة أجرتها قناة الدنيا المؤيدة للنظام ‘ وأقسمت بالرب أن لا تتحدث أبدا مع الإعلام، مرة أخرى’.
ويرى فيسك الذي شاهد مكان اعتقال الراهبات في يبرود أن هناك العديد من الأسئلة التي يجب الإجابة عنها. وكانت الراهبات قد اختطفن من بلدة معلولا في كانون الأول/ديسمبر الماضي ونقلهن الخاطفون إلى بلدة يبرود التي ظلت بيد الجماعات الإسلامية لمدة عامين تقريبا. وأظهرت أشرطة الفيديو أن الراهبات عوملن بطريقة جيدة من الخاطفين وشوهدت إحداهن وهي تضحك مع أحدهم، ثم جاءت قصة الإفراج عنهن.
ويقول فيسك إن رجال الأمن اللبنانيين الذين شاركوا في المفاوضات لتأمين إطلاق سراحهن أكدوا أنهم لم يدفعوا فدية، ولكن عندما سلمت الراهبات ووصلن بيروت، قمن وأمام دهشة النظام ومؤيديه بشكر من ساهم في إطلاق سراحهن، وقلن إنهن تلقين معاملة جيدة من الخاطفين. وشكر أحد قادة الإسلاميين وقطر وأخيرا شكرن الرئيس السوري بشار الأسد.
ويشير الكاتب هنا إلى التقارير التي نشرت في دمشق حول صفقة تضمنت فدية كبيرة دفعها القطريون بل وأسهمت فيها الأحزاب المسيحية المعارضة للأسد في لبنان. وجاءت الصفقة في الوقت الذي كان يحضر فيه الجيش السوري وحليفه من حزب الله للدخول إلى يبرود، حيث تم الإفراج عن الراهبات مقابل منح المقاتلين الإسلاميين ممرا آمنا لبلدة رنكوس القريبة من يبرود.
وإن صحت التقارير فهذا يفسر مشاهداته في يبرود بعد دخول الجيش السوري ومقاتلي حزب الله حيث لم يشاهد جثثا لقتلى من المعارضة. ويقول ضباط الجيش إن المعركة القادمة ستكون مع جبهة النصرة في رنكوس، وهنا يتساءل ألم يكن النظام ومؤيدوه يتحدثون عن تدمير الجهاديين الأجانب بدلا من تحرير مجموعة من الراهبات.
مع أن الحكومة في دمشق أكدت أن المفاوضات أشرف عليها ‘من البداية حتى النهاية’ مدير الأمن اللبناني عباس إبراهيم الذي قاد مفاوضات مماثلة مع الإسلاميين في مخيم عين الحلوةـ خارج مدينة صيدا في الجنوب اللبناني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مقتنع:

    خيبت الأمل في الثورة = هذا ما عملت عليه عائلة بشار ،

    وشبيحتها منذ ثلاث سنوات وحولت الثورة إلى ” محاربة الإرهاب لكن

    المسؤولية العظمى تعود بنسبة كبيرة على السعودية وقطر وتوركيا ، حيث

    كل منهم لم يرى إلى الثورة السورية إلا عبر مصالحه الضيقة ، كما فعلوا

    بالثورة الفلسطينية ضد الإحتلال الإسرائيلي ..”.

    ” المسؤولين ” الكبار من السعودية وقطر ، لم يكونوا في مستوى

    الثورة السورية ، فحرفوها عن مصارها الصحيح . نعم لقد صرفوا ملايير

    للسوريين . لكن صرفهم كالعادة ، صار هبائا منثورا . كان على السعودية

    وقطروتوركيا أن يضعوا شروط ” قاسية ” للجيش الحرّ ولو كان مخترقا من

    طرف مخابزات وشبيحة عائلة بشار . الهدف ، هو الإمساك ببشار . كان غلط

    فادحا ، البحث عن استرجاع آلاف الكلمترات المربعة السورية من يد عائلة

    بشار … فأنفقوا كل ما ليديهم في تلك ” المناورة ” . بينما ، كان عليهم ان يعطوا

    الأسبقية والحصرية والإستثنائية لدمشق ، ولدمشق فقط .الهدف هو الإسراع

    برحيل بشار .فكل من يثير مصير العلويين ، مصير المسيجيين ، ومصير

    الأكراد ، ومصير الشيعة والسنة ، يطيل عمر بشار …هذه الخزعبلات ، يجب

    التطرق إليها بعد تصفية بشار .. وكيف ما كان الحال ، المجموعة الدولية

    في حالة مريحة بعد رحيلبشار . ونظامه ، لن يستمر بعد رحيله . استمرّ أو

    لم يستمر ، المهم هو التخلص نهائيا من عائلة بشار .

إشترك في قائمتنا البريدية