طرابلس – «القدس العربي»: مرة أخرى يظهر حفتر في مظهر المعرقل لكل المبادرات الإيجابية الرامية لحل الأزمة بشكل نهائي، فعقب أن باركت معظم الأطراف المسؤولة بالأمس فتح الطريق الساحلي، رفض حفتر بلسان التابعين له فتح الطريق معرقلاً لكل هذه الجهود.
فقد شهد الأحد مشاركة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة في عملية فتح الطريق الساحلي، وقال كلمة بارك من خلالها هذه الجهود، ووصف يوم فتح الطريق بالتاريخي الذي انتظره المواطنون منذ سنوات ليقضي على معاناتهم.
فرحة المواطنين ومظاهر الاحتفال لم تستمر طويلاً، فعقب ظهور هذه الصور ومقاطع الفيديو ظهرت تصريحات للطرف المقابل تنفي كل ما جاء من أخبار عن فتح الطريق .
اللواء أحمد سالم، آمر غرفة عمليات سرت التابع لحفتر، أعلن عدم صحة فتح الطريق الساحلي سرت –مصراته، موضحاً أن لا وجود لأي تعليمات من اللجنة العسكرية 5+5 التي ستعقد اجتماعاً الاثنين في مدينة سرت.
أحد أعضاء اللجنة العسكرية أكد لـ”القس العربي” أن فتح الطريق الساحلي تم من الطرف الغربي فقط ولا توجد أي تحركات لفتحه من الناحية الأخرى، موضحاً أن قوات حفتر ما زالت تتحجج في انتظار صدور أوامر واضحة من اللجنة العسكرية التي ستجتمع الاثنين.
وبالفعل، توجهت أنظار المواطنين نحو اجتماعات اللجنة العسكرية التي استؤنفت في مدينة سرت، وكان من المنتظر أن ينتج في نهايتها قرار يقضي بفتح الطريق بشكل نهائي نظراً لقيام كافة أعضاء اللجنة بالتأكيد المتكرر سابقاً على جاهزية الطريق للفتح .
لكن نتائج اجتماع اللجنة العسكرية كانت مخالفة للتوقعات، حيث أعلن عضو لجنة 5+5 الممثل عن المنطقة الشرقية، مراجع العمامي، أنه “لن نفتح الطريق الساحلي إلا بعد إنهاء الإجراءات الأمنية”، موضحاً أن “اللجنة لم تحدد موعداً لفتح الطريق”.
كما قال عضو لجنة 5+5 الممثل عن المنطقة الشرقية خيري التميمي، إن فتح الطريق من الجهة الغربية من قبل رئيس الحكومة الأحد، أربك المشهد.
وتابع أن فتح الطريق الساحلي لن يحدث بعد اجتماع اليوم، وسيكون قريباً بعد إنهاء الترتيبات الأمنية وصيانة الطريق.
تصريحات اللجنة العسكرية كانت مثيرة للشكوك والريبة، وذلك لأن اللجنة أكدت في وقت سابق عن جاهزية الطريق للفتح بل وتوعدت بمحاسبة المعرقلين وتسميتهم بالاسم حال لم يتم فتح الطريق.
رفض اللجنة لفتح الطريق الآن ربط برغبتها في مكايدة الحكومة عقب أن سلبت أبرز تخصصاتهم المثمتلة في فتح الطريق الساحلي، كما أكد بعض المتتبعين أن هذا الفعل جاء تماشياً مع رغبات حفتر الذي جعل أعضاء اللجنة رهن إرادته ورغبته.
فقد قام حفتر في وقت قريب بإصدار قرار يقضي بترقية كافة أعضاء اللجنة، ما أثار تحفظ الكثير كونه ليس مسؤولاً عن الترقية وكون الترقية مخالفة للقانون، لأن حفتر لا يعتبر قائداً أعلى للجيش .
المجلس الرئاسي، وفي وقت سابق وبصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، طالب بالفتح الفوري للطريق دون شروط أو قيود، في إشارة إلى كون غرفة عمليات سرت والجفرة التي اشترطت إخراج المرتزقة أحد أبرز المعرقلين، لكن الغرفة أثبتت العكس.
وإلى الأحد، استمرت مطالبات المجلس الرئاسي الذي اعتاد حفتر مخالفته رغم أنه يعلوه مرتبة، حيث خرجت الناطقة باسمه في بيان صحافي أكدت فيه ضرورة أن تتولى اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 مسؤولية التنسيق بين الأطراف المعنية، وذلك لضمان الإنجاز الكامل لفتح الطريق ومتابعة الترتيبات الأمنية الخاصة بهذه العملية.
وفي بيان للناطقة باسمه نجوى وهيبة، أعلن المجلس عن إعادة فتح الطريق بعد سنواتٍ من الإغلاق لرفع المعاناة عن المواطنين شرقاً وغرباً، لتعود الحركة بشكل طبيعي تمهيداً لإعادة بناء الدولة وجمع فرقائها ولم شملها وحفاظاً على وحدة ترابها.
وأوضحت أن عدداً من المراسلات جرت بين المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، واللجنة العسكرية المشتركة 5+5 ورئيس الوزراء وزير الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ورئيس غرفة عمليات سرت الجفرة، بشأن الإجراءات التنفيذية لفتح الطريق الساحلي.
وختمت وهيبة أن فتح الطريق الساحلي جاء بعد أشهرٍ من الجهد والعمل المتواصلين للمجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، مع الجهات المختصة.
المحلل السياسي موسى تيهوساي، أوضح أن منع حفتر فتح الطريق بعد أن فتح بشكل رسمي على يد الحكومة الشرعية، يظهر أن حفتر ما يزال هو العقبة الوحيدة أمام إنجاح كل المسارات السلمية في البلاد.
وأضاف أن فتح الطريق من جهة حكومة الوحدة الوطينة التي كان يتهمها بأنها هي من تعرقل فتح الطريق، سيضعه وداعميه في إحراج كبير وقد يجبره على فتح الطريق، لا سيما مع تواصل الضغوطات الدولية عليه.
وقال تيهوساي إن لجنة 5+5 المحسوبة على حفتر ليست قوية، وتنتمي لحفتر نفسه، بل وتنفذ ما يقوله حرفياً، وليس لديها قرار ذاتي، وهذا ما أثبت بعد قيامه بإعلاء رتبتها .
أحد أعضاء اللجنة العسكرية من المنطقة الغربية، قال في تصريح مطول مع “القدس العربي”، إن الطريق جاهزة وبشكل نهائي للفتح فوراً، لكن مماطلة أعضاء اللجنة جاءت مكايدة للحكومة وتنفيذاً لمن يتبعون له بشكل مباشر، وهو حفتر.
وأوضح أن معظم أعضاء اللجنة العسكرية التابعين للمنطقة الشرقية هم من المقربين بالدرجة الأولى من حفتر، ويعملون في إطاره وتحت إمرته، وبما أن حفتر الآن يكايد الحكومة ومازال يخرج عن إطار شرعيتها، فرفضها كان في إطار موقف حفتر لا غير.
وفي ظل هذه التجاذبات، تبقى المخاوف تتمحور حول نوايا حفتر واستمراره في معارضة كل الجهود الرامية لوضع حل للأزمة التي طال أمدها حتى وصل لسنوات.