أغنية «عاش الشعب» صرخة من أعماق الشعب المغربي

حجم الخط
11

 تابع الرأي العام المغربي أغنية «عاش الشعب» للثلاثي لزعر وولد لكرية ولكناوي، وكانت واضحة وقاسية وشجاعة في كلماتها وتعابيرها، لأنها صرخة من أعماق الشعب المغربي إلى السلطات العليا، وهي المؤسسة الملكية، من أجل اتخاذ مبادرات اجتماعية واقتصادية، لاسيما في ظل الاحتجاجات التي أعادت الربيع العربي وتحول إلى ربيع أممي بامتياز.
في ظرف أقل من أسبوعين، 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى غاية 11 نوفمبر الجاري، أي 12 يوما، سجلت الأغنية أكثر من 12 مليون مشاهدة في موقع التواصل يوتيوب، وأكثر من 91 ألف تعليق وما يفوق 620 ألف علامة تشجيع. وهي أرقام قياسية بكل المقاييس، بحكم عدم وقوف شركات ترويج وتسويق وراءها، وبحكم مضمون الأغنية الذي هو أقرب إلى الخطاب السياسي المباشر منها إلى أغنية فنية محضة، وهذا من مميزات الراب، الذي ظهر في الولايات المتحدة كصرخة ضد التهميش الذي يعاني منه السود.
وتتعدد القراءات الخاصة بالأغنية، فقد ذهب الصحافي سليمان الريسوني إلى اعتبار تجاوز مشاهدي الأغنية عدد المصوتين في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت سنة 2017 مؤشرا على مستوى اليأس المتغلغل في المجتمع المغربي. ومن باب المقارنة، فتأثير أغنية «عاش الشعب» مماثل للتأثير الهائل للشريط الأول في اليوتوب للناشط والمقاول المصري محمد علي، حيث تسبب في رجة وسط المجتمع المصري، وهو ما تخلفه «عاش الشعب» من زلزال في المغرب. وتختلف المواقف بشأن الأغنية في الوسط السياسي والثقافي والحقوقي المغربي، لاسيما بعدما اهتمت بها الصحافة الدولية العربية منها والغربية، بين معارض للأغنية ويعتبرها قلة احترام تجاه مؤسسات الدولة، نظرا للمصطلحات القوية الواردة فيها، وطرف يرحب بها بنوع من التحفظ على بعض المصطلحات الواردة فيها كذلك، وطرف ثالث يتبنى الأغنية روحا وقلبا وقالبا، ويعتبرها نشيد المقهورين في المغرب وتنبيها للدولة. ومن جانب آخر، أحرجت هذه الأغنية أكثر من مثقف وفنان في المغرب بسبب صمتهم المريع عما يجري في البلاد في انتظار «الفتات» الذي يلقيه النظام لهم بين الحين والآخر في المهرجانات الفنية والثقافية.
ما يميز هذه الأغنية هو أنها تتوجه إلى ملك البلاد محمد السادس، فهي تخاطب المؤسسة الملكية، بدون وسائط اجتماعية وسياسية. وهذا ليس بالجديد المفاجئ بل هو من النتائج المرتقبة أوتوماتيكيا للسياسة المتبعة منذ سنوات في التسيير والتواصل والتخطيط العام للقرارات الكبرى المتعلقة بحاضر ومستقبل المغرب. فقد عمد النظام الحاكم في المغرب إلى تهميش ملحوظ للأحزاب السياسية، التي فقدت مصداقيتها وتراجعت صورتها في أعين الرأي العام، الذي يلخصها في الفساد السياسي والمالي، وتأييد قرارات الدولة، حيث لم تعد تلعب دور الوساطة، ويكفي أن لا أحد يهتم بقرارات وأنشطة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، الذي يعتبر نظريا المسؤول الثاني في البلاد بعد الملك، لأن الجميع يؤمن بأنه لا يملك من السلطة شيئا أمام مستشار من الدرجة الثالثة في البلاط الملكي. وفي الوقت ذاته، انتشرت ثقافة سياسية في المغرب هي قديمة، ولكنها تتجدد باستمرار وتنسب كل شيء إيجابي للمؤسسة الملكية ومحيطها، بتبني أي نجاح مهما كان صغيرا بينما تلصق الفشل والمساوئ بالحكومة والأحزاب. كما عمد النظام القائم إلى تهميش حقيقي للصحافة الراشدة المعتدلة في خطابها النقدي، وخلق منابر مؤطرة ببرنامج حقد خطير تجاه كل الناشطين والصحافيين والسياسيين، الذين يتبنون خطا مختلفا وغالبا ما يكون خط مكافحة الفساد وفضح الفاسدين. وكانت هذه الصحافة الجادة في الماضي قد لعبت دور بوصلة تنبيه لتجنب الانزلاقات، ولم يعد يحدث هذا.

تراكم الانتكاسات يولد مشاعر اليأس والحقد وردة فعل التي تكون أحيانا عنيفة بعد فقدان كل أمل

كما لا يقدم النظام الحاكم على أي مبادرة حقيقية لوقف نزيف موت الشباب في البحر، أو ما يلحق النساء المغربيات في الخارج، بسبب الفقر أو مواجهة الفساد، بل الأدهى هو عدم الوفاء بالالتزامات. فقد تعهد النظام الحاكم بالإجابة على سؤال مركزي وهو: أين ثروات الشعب المغربي؟ وساد الاعتقاد أن طرح هذه الإشكالية ستليها استعادة لممتلكات الوطن، وتوظيفها لصالح الشعب، ولكن لم يحدث هذا. وتعهد النظام الحاكم خلال الصيف الماضي بمشروع جديد للتنمية، بعدما فشل المشروع الأول فشلا كبيرا، ومرت الشهور ولا توجد بوادر لبلورة أي مشروع للتنمية، حيث لم تتشكل أي لجنة لهذا الشأن وكأن الزمن لا يمر بالنسبة للدولة المغربية.
تراكم الانتكاسات يولد مشاعر اليأس والحقد وردة فعل التي تكون أحيانا عنيفة بعد فقدان كل أمل، لاسيما في ظل السياقات الحالية، التي تتميز بعودة جديدة للربيع العربي وتحوله إلى أممي، المتمثل في رفض الشعوب للفساد والديكتاتورية، كما يجري في عدد من دول العالم. وهذه المشاعر تتفاقم نتيجة الصمت على الفاسدين من جهة، وملاحقة القضاء لناشطين طالبوا بجامعة ومستشفى كما حدث مع ناشطي الريف.
قد نتفق أو نختلف في تقييم أغنية الشعب، لكن الإقبال عليها لا يترك مجالا للانقسام والشك بأن مضمونها هو صرخة تعكس مشاعر نسبة مهمة من الشارع المغربي، الذي لم يعد يتحمل سياسة التهميش القاتلة. فهل وصلت الرسالة إلى آذان المسؤولين بأن الشعب يريد العيش في كرامة.

كاتب مغربي من أسرة «القدس العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول هشام. د:

    الأغنية الأكثر تداولا بين الشباب *عاش الشعب* تعبر عن هموم وتذمر فئات عريضة من الشعب المغربي, تطرقت الأغنية لمظاهر اجتماعية وسياسية متعددة منها التهميش والبطالة والإستبداد وسوء توزيع الثروة والهجرة عبر قوارب الموت في البحار….
    من كلمات هذه الأغنية مقطع يتحدث عن غض الدولة الطرف عن انتشار ترويج المخدرات حتى أصبح من السهل على اليافعين اقتنائها, وضعية ما فتئت الجمعيات المدنية والمنابر الإعلامية تدق ناقوس الخطر منبهة إلى استفحال ظاهرة استهلاك المخدرات بين الشباب والأرقام المهولة التي تنشرها الجهات الرسمية داخليا والمنظمات الدولية. فقد صرح وزير الصحة السنة الماضية ن عدد المدمنين في المغرب ارتفع ليبلغ ما يقارب 800 ألف فرد (المرتبة الثانية في العالم العربي بعد جمهورية مصر العربية) أغلبهم يتعاطون استهلاك مخدر القنب الهندي بينما الأصغر سنا يستهلكون حبوب المهلوسة (Ecstasy) مما يسبب ارتفاع نسبة أمراض الفيروس الكبدي والأمراض التنفسية والأوبئة المعدية دون الحديث عن مخلفات استهلاك المخدرات الإجتماعية من ازدياد نسب الجريمة والتفكك الأسري وهدر مقدرات الشباب…. لكن لا حياة لمن تنادي!

  2. يقول خالد الزناتي:

    الأغاني الملتزمة بالتعبير عن معاناة الشعب من القهر والتعسف بدأت منذ السبعينات مع فرقة ناس الغيوان فكانت كلمات الأغنيات تتحدث بالإيحاء عن أسباب مآسي الوطن والمواطن, بينما الأغاني المنتقدة للأوضاع المتردية بالبلد اليوم فيها جرعات قوية من الجرأة والشجاعة والخطاب المباشر, أغنية “عاش الشعب” تأتي في هذا السياق.
    الأغنية عرفت تجاوبا كبيرا لأنها تكشف موضع الداء وتسرد المشاكل اليومية التي يعايشها السواد الأعظم من الشعب المغربي أمام انشغال الدوائر النافذة بمراكمة الثروات والإستفراد بالسلط.

  3. يقول رشيد الصنهاجي:

    عملت الدولة العميقةجاهدة منذ عقود على تمييع المشهد السياسي وتفتيت الأحزاب السياسية الوطنية في مسعاها لضبط الوضع السياسي بالبلد والتحكم فيه فلم تكن تتقبل يوما فكرة تقاسم السلطة مع الهيئات المنتخبة, لكنها لم تتنبه أن سلوكها سيفرغ الساحة من الوسيط (الأحزاب السياسية) الذي من المفترض تحميلهم مسؤولية الإخفاقات من انتشار البطالة والفقر والجريمة والفوارق الإجتماعية والشطط في استعمال السلطة و…. لتجد الدولة العميقة نفسها اليوم في مواجهة مباشرة مع الشعب الذي أيقن أن الحاكم الفعلي والمتصرف في شؤون البلد ليس اولئك الذين انتخبهم في مجلس البرلمان ولا من رشحهم لتولي المناصب الحكومية بل هم أقطاب الدولة العميقة, لذلك لا غرابة أن نشهد اليوم سهام النقد اللاذع تتوجه لأعلى سلطة في البلاد وتحظى الخطوة بتأييد الملايين من أفراد الشعب.

  4. يقول فريد:

    اغنية عاش الشعب هي برنامج سياسي لتجاوز القهر شكرا على الموقف الملتزم للفنانين الثلاث

  5. يقول عبد الوهاب عليوات:

    تفاجأ وانا أقرأ وصف الاغنية انها صرخة الشعب للتظام لاجل اتخاذ مبادات اقتصادية واجتماعية… ووجدت انه من واجبي تقديم تحية تقدير للعبقرية التي تستطيع طعن احلام شعب باكمله يريد الانعتاق من نظام مهترئ من نظم العصور الوسطى قد فاض فسادا وطلما وقهرا لابناء الوطن عبر تقزيم صرخة انفلتت في غفلة من الاعين والاذان عبر تقزيمها في مطالب اجتماعية..
    ان التغيير المنشود لن يتم عبر عدد مشاهدات أغنية مهما كانت.. فالاغنية ستبقى اغنية ان لم يتحزك الشعب تحركا سلميا وواعيا لاجل احداث التغيير.
    خمى الله المغرب وشعبه الطيب المقهور.. ولكن الاهرلا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..

  6. يقول S.S.Abdullah:

    إشكالية الفساد المنتشر في الدول التي تُسيطر عليها، فكرة حق آل البيت بكرسي السلطة وحق دفع الخُمس لهم بلا أي مقابل، هو الأدب والحياء لدى الشعب، مع موضوع تبرير الواسطة والمحسوبية والرشوة مع صاحب سلطة من أي وظيفة، هو أول ردّة فعل لي على ما قرأته تحت عنوان (أغنية «عاش الشعب» صرخة من أعماق الشعب المغربي) والأهم هو لماذا؟!

    حقيقة أبدع تميم البرغوثي، في فضح فنّان السلطة من أي مهنة من أمثال (محمد حسنين هيكل) الذي أخذ مكان (سيد قطب) في وظيفته عند إنقلاب مصر عام 1952،

    عندما رفض تأليه/ترميز/تصنيم (جمال عبدالناصر)، من خلال لوحة ظالم دولة الحداثة (نابليون)، الذي نشره موقع Aj+،

    لحظة ولادة الحقيقة، في أي علاقة بين رجل ومرأة لتكوين الأسرة الإنسانية، على أرض الواقع،

    ولكن هل يمكن تعميم ذلك، بحجة هو الأصل وليس الاستثناء،

    هنا يجب تحديد الشعرة التي يجب أن تفصل، بين خفّة الدم، وبين التهريج والمسخرة لتبرير ثقافة الخيانة حتى داخل الأسرة،

    وليس فقط خيانة مسؤول الوظيفة في العمل، ساعة الحاجة لتحمّل المسؤولية في النظام البيروقراطي، بغض النظر قطاع عام أو خاص،

    لأن خُبث الاستحمار أو فلسفة التحوين (تسريبات وسائل الإعلام)، الحقيقي بواسطة موظفي المخزن،

  7. يقول S.S.Abdullah:

    من وجهة نظري هو من يُفرّق بين ظلم إيران أو أمريكا أو صدام حسين (الديكتاتوري)،

    عندما سمح بشتات أهل الكويت، واستباح أملاك الحكومة الكويتية بشكل مُمنهَج ورسمي،

    عندما فرض على كل وزارة أو محافظة عراقية، بسرقة/تقاسم أملاك وزارات ومحافظات الكويت بعد 2/8/1990،

    تماماً كما فعل مسؤولي الكيان الصهيوني (الديمقراطي) مع أهل فلسطين بعد عام 1947 أو عام 1967،

    الإشكالية كل الإشكالية، هل مسموح بدلع وتدليع النسوان إلى الرجل أو بالعكس، بداية من الأولاد،

    بمعنى آخر، لماذا لا يتم السماح بزنى المحارم، لنكون مثل حيوان الخنزير، مثلاً، فهو مثال رائع إلى معنى الفوضى الخلاقة (عكس وجود قانون لحفظ الحقوق لأي عضو من أعضاء الأسرة أو الشركة أو المجتمع في أي دولة، كلبنان مثلاً)؟!??
    ??????

  8. يقول هيثم:

    ظهر شعار عاش الشعب في مظاهرات ومسيرات حركة 20 فبراير 2011 كرد فعل معارض للشعار الرسمي للدولة: الله، الوطن ، الملك. تداول مناضلو حزب النهج الديموقراطي الماركسي خصوصا هذا الشعار في كثير من خرجاتهم الاحتجاجية. ومن المؤكد أن استعمال شعار عاش الملك أحيانا من لدن بعض المنافقين والانتهازيين للحصول على امتيازات مادية جعل شعار عاش الشعب يتخذ بعدا نضاليا ثوريا. عرفت هذه الأغنية انتشارا سريعا وإعجاب الملايين، علما أن أغلب كلماتها سوقية تعتمد السب والشتم وتثير أحيانا الاشمئزاز والتقزز. ومع ذلك فتأثير الأغنية على الجماهير ضعيف لأن هذه الأخيرة لا تملك ولا تعرف ناصية استخدام أدوات المواقع الاجتماعية بخلاف أغاني الإلترات مشجعي الفرق الرياضية ( الرجاء البيضاوي واتحاد طنجة مثلا…) التي ذاعت لدى جميع الفئات الشعبية و أصبحت تردد من لدنها في كثير من المناسبات داخل الملاعب وخارجها.
    أود في الأخير أن أنوه باهتمام السيد عليوات من الجزائر بهذه الأغنية وحبذا لو اهتم أيضا بالحراك في الجزائر ضد العصاغبة الحاكمة أيام بوتفليقة وأيام القايد صالح.

  9. يقول صالح/ الجزائر:

    أين ثروات الشعب المغربي؟. الشعب المغربي يعرف جيدا أين تذهب ثرواته .
    من هم أغنى 5 ملوك في العالم؟.
    الملك محمد السادس، هو أصغر الملوك على هذه اللائحة إذ يبلغ الـ53 من عمره بثروة تقدر بأكثر من 2.5 بليون دولار. تملك العائلة الحاكمة فى المغرب مجموعة من الشركات الكبرى فى المغرب وخارجها، وهى توفر عائدات مالية ضخمة. الملك محمد، ورث الكثير من ثروته وبدأ فترة حكمه، وهو من أثرى الأثرياء.

  10. يقول تونس الفتاة:

    عاش الشعب طبعا ….و يسقط اعداء الشعب و معه الانظمة الموميائية …

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية