أكاذيب «الديمقراطية» الإسرائيلية: القضاة إلى مقصلة نتنياهو

حجم الخط
0

تزعم دولة الاحتلال الإسرائيلي، كما يتفاخر أنصارها في الغرب عموماً، بأنها «واحة الديمقراطية الوحيدة» في الشرق الأوسط، وذلك لأنها تنتهج العلمانية في تطبيق القانون حتى حين تعتنق عقيدة «الدولة اليهودية» كأساس أول في تحديد المواطنة والانتماء. ومنذ زرعها في فلسطين التاريخية بعد اغتصاب الأرض وتشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين وتدمير آلاف القرى وتخريب الاقتصاد، لم يكترث الصهاينة الأوائل برأب الصدع بين السلطات الدينية الحاخامية والقوانين المرعية أيا كانت ميادين تطبيقها، لأن الهوة لم تكن عميقة أصلا، بل ظلت تتسع سنة بعد أخرى، وحكومة «يسارية» بعد أخرى «يمينية».
ورغم انخراطها في حرب الإبادة والتجويع والتشريد ضد المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ قطاع غزة، وارتكاب جرائم حرب يومية في الضفة الغربية، واستهداف جنوب لبنان وشماله وقلب العاصمة، لم يتأخر ائتلاف بنيامين نتنياهو عن متابعة برامجه الخاصة بتعديل الأنظمة القانونية، بما يتماشى مع سياسات الحكومة الأكثر يمينية وعنصرية وفاشية في تاريخ الكيان، وما يخدم أجندات نتنياهو السياسية والحزبية والقضائية.
الأحدث في هذا المضمار كان قرار حكومة الاحتلال إقالة حفنة من المستشارين القانونيين لوزراء المالية والتربية والهجرة والاستيعاب وشؤون الشتات والزراعة والمساواة الاجتماعية، بذريعة إتمام 7 سنوات في الخدمة، بينما السبب الأبرز هو معارضة هؤلاء لإجراءات غير قانونية يتخذها هذا الوزير أو ذاك لأغراض سياسية وحزبية. الأمثلة في هذا الصدد تبدأ من اعتراض المدعية العامة والمستشارة القضائية للحكومة غالي بهراب ــ ميارا على تصرفات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ومطالبة نتنياهو بإقالته، ولا تنتهي عند الصدام مع وزير المالية بتسلئيل سموترتش حول تمويل الاستيطان والتحكم بالمساعدات الإنسانية.
وفي تبرير طلبها إقالة بن غفير كانت بهراب ــ ميارا قد كتبت إلى نتنياهو للتشديد على التماس رُفع إلى المحكمة العليا، لأن «الأحداث الجديدة وتراكمها مع الأحداث التي سبقت رفع الالتماس، تخلق ظاهراً جمعاً شاذاً وخطيراً ومتواصلا للاستخفاف بالقانون وانتهاك القواعد والمس بالمبادئ الأساس للنظام، في ظل تسييس عمل الشرطة». لكن مساعيها هذه وسواها ذهبت أدراج الرياح، لأن حرص نتنياهو على بقاء بن غفير في الحكومة ليس سوى جزء أساسي من الحفاظ على بقاء الحكومة ذاتها.
إحالة هؤلاء القضاة إلى مقصلة التقاعد القسري دفع بهراب ــ ميارا إلى التحذير من أن الإجراء يعني تطهير الوزارات من «بوّابة الحراسة» القانونية، وهي خطوة تمهيدية نحو مشاريع الحكومة في تعديل الأنظمة القضائية ووضع المحكمة العليا على رفوف العطالة والشلل. ولم يكن غريباً بالتالي أن يعمد نتنياهو شخصياً وعدد من وزرائه إلى شنّ حملة شعواء ضدّ بهراب ــ ميارا، واتهامها بقيادة «عصابة» من القضاة، بل وصل الأمر إلى درجة التحريض على قتلها كما فعل وزير الإعلام حين استشهد بقاعدة في التلمود تقول: إذا أتى أحدهم ليقتلك، فانهض واقتله أولاً.
خديعة جديدة تتكشف حول «دولة القانون» الإسرائيلية المزعومة، فلا تكشف الأكذوبة الكبرى وحدها بل تفضح أيضاً التواطؤ الغربي على إشاعتها والترويج لها.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية