أكبر مجموعة من المخطوطات العراقية لا تقدر بثمن كانت عرضة للإهمال وجهود لحمايتها- (صور)

حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: أكبر مجموعة مخطوطات في العالم العربي، وتضم قطعاً فريدة من نوعها ولا تقدر بثمن، تعود للعهد الأموي والعباسي، وباللغة العربية والسريانية والعبرية، وغيرها، كانت تقبع في قبو مهمل في العراق، وتنهشها الرطوبة والإهمال، حدث هز مجتمع المكتبات، وتحركت لأجله جهات عدة، تبذل جهوداً لإنقاذ كنوز معرفية، مع جهود تبذل لصونها.

وأطلقت دار المخطوطات العراقية التابعة لوزارة الثقافة والسياحة والآثار، مبادرة كبرى متعددة الأطراف، بعنوان المبادرة العراقية للمخطوطات. ويهدف المشروع إلى بناء قدرات الفرق الفنية للدار في مجال حفظ المخطوطات القيمة والكتب النادرة، ويتم إطلاق هذا البرنامج بالشراكة مع المكتبة الوطنية الفرنسية، وبدعم من التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع “مؤسسة ألِف”، الذي يتخذ من جنيف مقراً له، وتحظى المنظمة العراقية للحفاظ على التراث ليوان للثقافة والتنمية بدور الشريك التنفيذي للبرنامج.

وتحتفظ دار المخطوطات العراقية بمجموعات فريدة ومتنوعة من المخطوطات، وتعد من الأهم على المستويين الوطني والإقليمي.

ويكشف مدير عام دار المخطوطات العراقية الدكتور أحمد كريم العلياوي “استعداد الدار التعاون مع شركاء دوليين ومحليين في إطلاق المبادرة المهمة وتوفير الدعم وبناء قدرات الموظفين المتخصصين في مجال حفظ المخطوطات لمواصلة جهودهم في حماية الإرث العراقي المكتوب وحمايته من أجل الأجيال القادمة”.

ويضيف المسؤول العراقي في تصريح حصلت “القدس العربي” نسخة منه، “أن الهدف من هذه المبادرة يشمل تزويد دار المخطوطات بالدعم التقني والتدريب في مجالات الرقمنة والفهرسة والصيانة والترميم”.

وتوفر المبادرة فرصة مهمة للعاملين العراقيين في المجال لتبادل الخبرات والدروس المستفادة مع نظرائهم الدوليين، ويتضمن هذا الجهد المشترك مع دولتي فرنسا وإيطاليا استفادة موظفي دار المخطوطات من نشاطات نوعية لتبادل الخبرات حول الإرث المكتوب من خلال دعوة ثلاثة من موظفيها إلى الدورة التدريبية التي عقدتها المكتبة الوطنية الفرنسية في لبنان في حزيران/ يونيو 2022 فضلاً عن ورشة  تستمر أربعة أسابيع من التدريب المكثف في بغداد خلال شهري تشرين الأول/ أكتوبر وكانون الأول/ ديسمبر 2022، بدعم من السفارتين الإيطالية والفرنسية.

وكان لعقود من الصراعات و”التطرف العنيف” أثرها على الإرث الثقافي العراقي الغني من المخطوطات والكتب النادرة، حيث بقيت مقتنيات الحفاظ على هذا التراث مقيدة بمحدودية الموارد والإمكانيات.

يقول فاليري فريلاند، المدير التنفيذي للتحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع “منذ تأسيس مؤسسة ألِف سنة 2017 وهي تضع حماية وتأهيل التراث الثقافي العراقي في أعلى لائحة أولوياتنا، إذ تعمل بلا كلل إلى جانب الشركاء العراقيين للمساهمة في الحفاظ على إرثهم الحضاري الذي لا يقدر بثمن والذي يتميز بتنوعه وثرائه”.

ويضيف فريلاند “أن التعاون النموذجي بين دار المخطوطات ومنظمة ليوان والمكتبة الوطنية الفرنسية لحماية هذه المجموعة المتميزة من المخطوطات والكتب النادرة هو مثال ملموس على كيفية جمع العراقيين وجميع المهتمين حول ما ترمز إليه هذه المجموعة من قيم مشتركة”.

وشرحت رئيسة المكتبة الوطنية الفرنسية لورانس إنجل قائلة “تهدف المكتبة الوطنية الفرنسية- بناءً على التاريخ الطويل للشراكة الثقافية بين دولتي العراق وفرنسا- إلى تعزيز تبادل المهارات والخبرات والدروس المستفادة في مجال الحفاظ على التراث الثقافي مع زملائنا في دار المخطوطات في بغداد”.

وتابعت: “تعد هذه المبادرة برنامجاً رائدا سيمكننا من تكثيف الجهود لحماية وحفظ مجموعة فريدة حقاً تضم أكثر من 47 ألف مخطوطة نادرة، من خلال توفير ما يلزم من بناء القدرات والخبرات والموارد لتحقيق تغيير جذري”.

واستطردت “من خلال هذه الشراكة، ستستثمر المكتبة الوطنية الفرنسية في علاقة طويلة الأمد مع دار المخطوطات لتقييم ودراسة مجموعات المخطوطات المتواجدة في بغداد وتوفير تدريب شامل بقيادة خبراء بارزين في مجال حفظ المخطوطات والكتب النادرة والفهرسة والرقمنة وستستفيد فرق دار المخطوطات أيضًا من المؤتمرات والمنتديات الإقليمية والدولية فضلا عن المنشورات المشتركة في هذا المجال”.

دار المخطوطات العراقية

ونشأت دار المخطوطات العراقية، عام 1940 ببغداد وتضم نفائس المخطوطات باللغات العربية والفارسية والتركية والسريانية والكردية والألمانية والهندية والإنكليزية والأوردو وغيرها من اللغات.

والمخطوطات في الدار متعددة الموضوعات والتصنيف، تشمل علوم اللغة والفقه والفلسفة والتصوف واللاهوت والزراعة والسياسة والأدب والشعر والغناء والموسيقى والجغرافية والتاريخ فضلاً عن موضوعات أخرى.

وتتخذ الدار إحدى البيوت التراثية مقراً لها، وتقع بشارع حيفا في بغداد وتسعى إلى إنشاء مبنى يرقى للمواصفات العالمية مما سيوفر تأميناً للمخطوطات وتطويراً لقدرات العاملين بها بهدف التواصل مع المجتمع الذي سيتمكن من الاطلاع على المخطوطات في متحف يصمم لهذا الغرض في المبنى الجديد.

ومنذ تسعينيات القرن الماضي، حين خضع العراق لحصار دولي، وحتى احتلاله أمريكياً عام 2003، تعرّضت آلاف المخطوطات للتدمير والنهب، ولم تكن هناك محاولات جدّية لاسترجاع ما سُرق منها، فمعظم ما استُعيد كان بعهدة أفرادٍ آمنوا بضرورة الاحتفاظ بها خلال مرحلة الانفلات الأمني التي عاشتها البلاد، كما توضّح أفلام وثّقت السنوات الماضية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية