دمشق ـ «القدس العربي»: تتقاذفهم موجات النزوح، وتعصف بهم الحرب والغارات الجوية والقذائف الأرضية، في بقعة جغرافية محاصرة شمال غربي سوريا، وهي المكان الذي يقطنه حوالي ثلاثة ملايين شخص، ممن بقوا من سكانها الأصليين، مع أعداد كبيرة من مهجري دمشق ودرعا والقنيطرة وحلب وحماة وحمص واللاذقية، لم تحمهم كل اتفاقيات الضامنين الدوليين من مرمى النيران، وبالرغم من خضوع هذه المنطقة لسيطرة تشكيلات معارضة وأجسام سياسية، إلا أن هؤلاء لم يفلحوا، وفقدوا مقدرات التأثير والمبادرة، وتحولوا إلى بيادق مجردين من القدرة على صناعة الفعل العسكري أو السياسي على رقعة من أرضهم تلعب بها قوى إقليمية وعالمية.
كل الهجمات الجوية نفذتها روسيا وهي أحد الضامنين لاتفاق وقف إطلاق النار الشامل، الموقع مع تركيا عام 2020، وكان آخر هذه الهجمات يوم الثلاثاء، حيث نفذ سلاح الجو الروسي أكثر من 15 غارة جوية، استهدفت تجمعات المدنيين، ومخيماً للنازحين على أطراف إدلب.
نائب مدير الدفاع المدني السوري منير مصطفى قال في تصريح لـ «القدس العربي» إن الغارات الجوية الروسية ركزت القصف على مخيم «القشوة» والذي طاله مرتين خلال اليوم.
نزوح جديد لنحو 30 عائلة نازحة من ريف حلب
وقال: «أصيبت طفلة وامرأتان، بغارات شنّتها طائرات حربيّة روسية على مخيّم للنازحين غربي مدينة إدلب، قبل طلوع الشمس، كما دمر القصف الخيام وأدى إلى احترق اثنين منها».
وفجر الثلاثاء، شنت الطائرات الحربية الروسية غارات، استهدفت المخيم على أطراف بلدة الشيخ يوسف ما أدى لإصابة 3 مدنيين بجروح، ونزوح جميع المهجّرين الذين يعيشون في المخيم.
وبعد الظهر من اليوم ذاته، شنت روسيا 10 غارات جوية استهدفت المنطقة، وكان الاستهداف بشكل مباشر لمخيم «القشوة» ما أدى لاحتراق خيمتين، بالإضافة لاستهداف محيط بلدة الشيخ يوسف بالقرب من منازل المدنيين ما أدى لحالة إغماء لطفلة، وأضرار في المنازل بسبب ضغط الانفجارات الناجمة عن القصف، حيث هرعت فرق الإنقاذ والإسعاف لتفقد الأماكن المستهدفة، وإخماد الحريق في المخيم.
ووفقاً للمتحدث، فقد أسفر القصف المزدوج على المخيم، عن نزوح نحو 30 عائلة من ريف حلب، إلى مخيمات أخرى بالقرب من الشريط الحدودي. مشيراً إلى أن هذه العوائل كانت قد نزحت عدة مرات نتيجة تكرار القصف واستهداف المخيمات.
وأضاف: «خلّف القصف الممنهج الذي استهدفت به قوات النظام وروسيا مؤخراً عدة قرى في ريفي إدلب وحلب، أنقاضاً وركاماً لمنازل ومرافق عامة دمرها القصف كما تسبب بأضرار جسيمة في المنطقة».
وتداول ناشطون صوراً ومقاطع مرئية، للمخيم الذي اشتعلت النار فيه ضمن منطقة جبلية وعرة، بينما كان الأهالي نياماً، كما أظهرت المقاطع لحظات الاستجابة الأولى للقصف وسيارات الإسعاف التابعة لمنظمة «الخوذ البيضاء» أثناء محاولة إنقاذ الجرحى، وتفقد المكان.