ألغاز بالجملة: “معلّم” دمشق يتغزل بعمّان.. والصفدي بـ”كمامة” عراقية.. والتوظيف بالأطنان في ملف “حفتر وليبيا”

بسام البدارين
حجم الخط
1

عمان- “القدس العربي”:

مربك جداً، وصعب للغاية تفكيك المشهد سياسيا وإعلاميا، لكنّ الفرصة متاحة دوما للتوقع والتكهن.

فجأة وفي غضون 24 ساعة فقط، يشيد وزير الخارجية السوري وليد المعلم بموقف الأردن وهو يتحدث عن تداعيات قانون قيصر الأمريكي.

لاحقا وبسرعة تنشر صورة وزير الخارجية الأردني ايمن الصفدي بالكمامة في العاصمة العراقية بغداد، في زيارة خاصة وبالتأكيد مهمة لم يعلن عنها سابقا.

يبرز الجزء الثالث في المشهد بين كمامة الصفدي في بغداد وجملة الغزل التي صدرت عن وليد المعلم، بعمان، حيث طائرات شحن عسكرية أردنية تنقل مساعدات طبية هذه المرة على شكل هدية من الأردن للولايات المتحدة، ثم يستقبل وزير الخارجية الأمريكي تلك المساعدات الأردنية النادرة ببيان دبلوماسي حصيف، يهلل ويشكر ويشيد بالمعونات التي يقدمها الأصدقاء.

قبل وصلة بومبيو الغزلية بأيام قليلة، كان السفير الأمريكي المعيّن حديثا والذي لم يستلم بعد مهام عمله هنري ووستر، يحاول إرباك الأردنيين بتصريح منقول عنه يربط فيه حماسه للمساعدات الأمريكية للمملكة بملف تسليم الأردنية الفلسطينية المناضلة أحلام التميمي.

عمليا، يعرف السفير نفسه بأن مسألة تسليم أحلام التميمي قد لا تكون خاضعة لأي نقاش، وليست في دائرة الاحتمالات بالنسبة للأردنيين حكومة وشعبا.

لكن تصريح السفير فُهم في عمان باعتباره محاولة تشويش مبكرة واستعراضا شخصيا قبل الحضور إلى عمان واستلام العمل، وعلى قاعدة هوليوودية أمريكية بعنوان: “الإعلان عن وجود شريف جديد للمدينة”.

السؤال بدا محيرا جدا ومثيرا لأطنان الألغاز في الأوساط السياسية الأردنية خلال الـ24 ساعة الماضية، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالحلقة الرابطة بين زيارة الصفدي المفاجئة الى بغداد بالكمامة، وشحنة الكمامات الأردنية المرسلة إلى واشنطن، والتي صفّق لها بومبيو، ثم غزل وليد المعلم المباغت؟

الغريب سياسيا أن الوزير السوري يعرف بكل دقة أن الأردن والتزاما بالوصفة الأمريكية قرر منذ أكثر من عام ونصف منع استيراد أكثر من 200 سلعة من دمشق حتى بدون وجود قانون أمريكي باسم قيصر.

محنكٌ من وزن المعلم، يعلم بالمقابل أن حركة التجارة والحدود بين دمشق وعمان بالمعادلة “صفر”. إذاً عن ماذا يتحدث وبماذا يشيد الوزير السوري؟

العنصر الرابط الوحيد الذي يمكن تشخيصه حتى اللحظة، هو وجود ساحة تبدو ملائمة في التحالف السياسي على الأقل اليوم بين عمان ودمشق وهي الملف الليبي. فالعاصمة السورية تفرط في الحماس إلى جانب مصر والإمارات لجبهة الجنرال خليفة حفتر.

الأردن هناك في الملف الليبي مع حفتر أيضا، وضد الاتجاه التركي وقانون قيصر، وفقا لما يبلغه أصدقاء دمشق والمعلم لبعض الأردنيين قد لا يعني عدم وجود هوامش لتجاوزه إذا ما قرر الأردن الاندفاع نحو علاقات افضل مع دمشق في مرحلة العزلة المقبلة.

مطبات وكمائن وألغاز بالجملة تزدحم في مساحة ضيقة الآن، فالتخاصم السياسي في المربع الليبي بين عمّان وأنقرة عنصر مشترك بين العاصمة الأردنية ودمشق، والتحالفات والاصطفافات في الاقليم غير مستقرة وتتحرك دوما.

بمعنى دبلوماسي، الأردن حاول ترتيب أوراقه التي بدأت تثير الجدل في المسألة الليبية وهو أمر يمكن القول حتى اللحظة إنه قد يستحق رسالة ما غامضة للحكومة العراقية تستوجب أن يسافر الوزير الصفدي متحديا متطلبات فيروس كورونا إلى العاصمة بغداد، مع أنه الشخصية السياسية الأردنية الأكثر حماسا علنا للواء حفتر.

أغلب التقدير أن ترتيبا ما في الملف الليبي يجري طهيه على نار هادئة. وأن الأردن يحاور ويناور أحيانا في اتجاهات قد لا تبدو حاسمة أو واضحة، وأن التقارب المحتمل ضمن سياق استثمار لحظي سوري للأزمة الليبية تطلب أو احتاج إلى جملة غزلية لا تقل غموضا عن كمامة الصفدي في بغداد من جهة لاعب ثقيل الوزن في الدبلوماسية السورية هو الوزير وليد المعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول استبرق عزاوي:

    حفتر مجرم وقاتل ويحمل مشروعا انقلابيا ولان الانظمة العربية معتادة على السلوك الديكتاتوري لذا نجد انها تساند المجرم بشار الاسد تارة والان حفتر على حساب الشرعية وتطلعات الشعب الليبي الذي ضحى كثيرا لاجل انشاء دولة المؤسسات والقانون والتداول السلمي للسلطة .

إشترك في قائمتنا البريدية