“ألقينا قنبلتين وليس سبعاً”.. هل ستغير إسرائيل موقف العالم ضدها بهذه الحجة؟

حجم الخط
0

 عاموس هرئيل

في الأسبوع الماضي، صممت شخصيات إسرائيلية رفيعة على رؤية نصف الكأس المليان في رفح. محكمة العدل الدولية في الحقيقة اتخذت قراراً متشدداً ضد إسرائيل، لكنها لم تأمر بوقف العملية العسكرية في جنوب القطاع. الولايات المتحدة في الحقيقة غير راضية عن عملية الجيش الإسرائيلي في رفح، لكن منذ اللحظة التي نجحت فيها إسرائيل بالتهديد بإخلاء مليون غزي من المدينة، لم يعد هناك فيتو أمريكي لدخولها. ولكن هذا لم يمنع تعقيداً آخر. فخلال يوم، قتل عشرات المدنيين الفلسطينيين في قصف إسرائيلي، وقتل جندي مصري أثناء تبادل إطلاق النار بين قوة للجيش الإسرائيلي والجيش المصري في منطقة رفح.

كما كان متوقعاً من البداية، الإخلاء القسري لعدد كبير من المدنيين في المدينة لم يحل المشكلة بشكل كامل. بقيت رفح مكتظة. وحسب التقديرات، ما زال فيها نحو 350 ألف شخص، وحماس تستمر في العمل بين المدنيين حيث تستخدمهم كدروع بشرية.

مساء الأحد، اغتالت إسرائيل في رفح قياديين كبيرين من قيادة حماس في الضفة الغربية، هما خالد النجار وياسين أبو ربيع. هذه القيادة هي التي تحرك حماس في الضفة من القطاع، بالاعتماد على السجناء المحررين في صفقة شاليط؛ لتنفيذ عمليات في الضفة الغربية. ولأسباب غير واضحة، حدث ضرر جانبي في مخيم مكتظ للخيام قريب في القصف الجوي. ربما أن شظايا أحد الصواريخ انحرفت ووصلت إلى المخيم وتسببت بالحرائق. وقد نشر أن 45 مدنياً فلسطينياً احترقوا حتى الموت، وكثيرين أصيبوا.

حسب بعض التقارير الفلسطينية، يقع المخيم في منطقة محمية، وهي من المناطق التي حددها الجيش كمكان آمن، وسيعنى بتجنب القصف هناك. حسب مصادر عسكرية، لا يدور الحديث عن منطقة تم اعتبارها مسبقاً آمنة، كما في المواصي، المنطقة الزراعية قرب الشاطئ، بل يدور الحديث عن حي لم يطلب من السكان إخلاؤه.

بدأ الجيش الإسرائيلي اليوم الفحص من قبل جهاز التحقيق التابع لهيئة الأركان؛ بهدف استيضاح ما حدث. نفى الجيش ادعاء الفلسطينيين سقوط سبع قنابل، كل تزن طناً. كان الهجوم بواسطة إلقاء قنبلتين أصغر.

بعد الظهر، عبر رئيس الحكومة نتنياهو عن الأسف عما سماه “خطأ مأساوياً”. وقال في الكنيست إن إسرائيل ستحقق في الظروف وتستخلص العبر. في العشرين ساعة قبل خطاب نتنياهو، لم تكلف أي جهة سياسية رسمية نفسها عناء التعبير عن الأسف على موت الأبرياء في هجوم إسرائيلي، والجهة التي فعلت ذلك هي المدعية العسكرية الرئيسية، الجنرال يفعات يروشالمي، والأكثر خطورة هو أن الأبواق المتماهية مع النظام احتفلت بموت المدنيين بسلسلة “منشورات حيونة” في الشبكات الاجتماعية. بعد ثمانية أشهر على الحرب، يبدو أن الخطة الكبيرة لرئيس حماس في القطاع، يحيى السنوار، تتقدم كالمعتاد: ينمو عندنا حمساويون من اليهود رويداً رويداً.

تعرضت إسرائيل على الفور إلى كثير من الإدانات من دول كثيرة بسبب قتل المدنيين. والسؤال الآن هو: الحادثة التي وقعت بعد يومين على صدور القرار في لاهاي، هل ستزيد الضغط لوقف الحرب، حتى بدون صفقة لتحرير المخطوفين؟ وكان تعقيد آخر في غضون ذلك، وهذا لم يكن مفاجئاً أيضاً: صباح أمس، حدث تبادل لإطلاق النار بين الجنود الإسرائيليين والجنود المصريين على معبر رفح. قتل جندي مصري وأصيب عدد آخر. وهنا لم تتضح الظروف بالكامل. ولكن الحادثة النادرة تعكس قوة التوتر على مثلث الحدود، الذي تفاقم عندما اقتحم الجيش الإسرائيلي رفح.

المدعية العسكرية الرئيسية التي تحدثت في اجتماع مكتب المحامين في إيلات، قالت إن الادعاءات ضد إسرائيل حول القتل المتعمد للمدنيين لا أساس له. وكشفت أن الشرطة العسكرية فتحت 70 تحقيقاً منذ بداية الحرب للاشتباه بارتكاب الجنود مخالفات، من بينها التحقيق في معاملة المعتقلين الفلسطينيين في “سديه تيمان” (في “هآرتس”، وكشف أيضاً أن 27 من سكان القطاع ماتوا هناك منذ اندلاع الحرب، ونشرت شهادات قاسية عن التنكيل بهم).

على شفا الانكسار

الوزير غادي آزنكوت (المعسكر الرسمي)، والعضو في مجلس الحرب، قال أمس في لجنة مغلقة في لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست إن احتدام القتال في القطاع أوجد نافذة فرص ضيقة، التي حسب تقديره ستستمر أسبوعاً للدفع قدماً بصفقة المخطوفين تحت الضغط العسكري الإسرائيلي. الجنرال احتياط نيتسان ألون، رئيس مركز الأسرى والمفقودين في الجيش الإسرائيلي، قال إن الأقوال المنسوبة إليه في “أخبار 12” والتي بحسبها هو يائس من المفاوضات وأنه لا احتمالية للتوصل إلى صفقة في ظل تشكيلة الحكومة السياسية الحالية، تم إخراجها عن سياقها.

سارع نتنياهو إلى إصدار بيان إدانة لألون وقال إن “الإحاطات من داخل طاقم المفاوضات تصلب مواقف حماس وتبعد تحرير المخطوفين”. نفس الأقوال يمكن قولها عما قاله نتنياهو نفسه. ففي كل مرة تكون فيها جولة محادثات لاستئناف المفاوضات، كما كان السبت الماضي، يسارع مصدر سياسي مجهول إلى إعطاء إحاطات للمراسلين بأنه لا احتمالية للموافقة على طلب حماس إنهاء القتال مقابل إعادة المخطوفين. هكذا يتم ضمان بقاء حماس متصلبة في مواقفها.

الصواريخ النادرة التي أطلقت أمس على “غوش دان” و”الشارون”، للمرة الأولى بعد أربعة أشهر، تعكس تقدم قوات الجيش الإسرائيلي في رفح. حماس تسيطر على مواقع إنتاج وتخزين الصواريخ للمدى المتوسط في منطقة حي الشابورة في رفح. ويبدو أنه أعطيت تعليمات لإطلاق هذه الصواريخ قبل وصول الجيش الإسرائيلي إليها. في الوقت نفسه، هذه محاولة لإعطاء إشارة بأن حماس ما زال باستطاعتها إلحاق الضرر بالجبهة الداخلية الإسرائيلية وأنها لا تنوي رمي سلاحها. نتائج هذا الإطلاق كانت محدودة: إصابة امرأة إصابة طفيفة بسبب الشظايا.

الصعوبة الأساسية في اجتياح رفح، إضافة إلى العملية التي قد تنتهي قريباً في جباليا شمالي القطاع، لا تكمن في الجبهة الداخلية، بل في العبء المتراكم على القوات المقاتلة. هذا الأمر صحيح بشأن القوات النظامية التي تتحمل عبء القتال بشكل مستمر، والآن في وحدات الاحتياط مرة أخرى. السلوك غير المنظم للجيش الإسرائيلي أدى إلى إصدار عشرات آلاف الاستدعاءات لجنود الاحتياط للفترة القريبة القادمة، على الأغلب خلافاً لخطط مسبقة للوحدات. الأمر الذي وافق عليه جندي احتياط في كانون الأول أو كانون الثاني انطلاقاً بأن الأمر يتعلق بحرب بقوة زائدة لإعادة المخطوفين وهزيمة حماس، وافق عليه اليوم بدرجة أقل في أيار وحزيران؛ لأنه بات واضحاً للجميع أن الأمر يتعلق بحرب استنزاف بعيدة المدى بدون حسم قريب يلوح في الأفق.

تستمر في الخلفية سياسة الائتلاف التي تتعلق بصغائر الأمور. نتنياهو، خلافاً لوزير الدفاع غالنت ووزراء المعسكر الرسمي، يحاول العثور على حل التفافي للأزمة حول القانون الذي يهدف إلى ضمان استمرار تهرب الحريديم من الخدمة العسكرية. ربما العبء الكبير على من يخدمون في الجيش، إضافة إلى الخسائر الكبيرة في القتال، تقرب نهاية انكسار الجمهور الذي يتحمل العبء. وحول عدم المساواة الذي تدفعه الحكومة قدماً، يستعد الوزير غانتس لانسحاب حزبه من الائتلاف في 8 حزيران القادم. وحتى ذلك الحين، تراوح الحرب مكانها في القطاع، ويتعرض السكان في منطقة الحدود الشمالية كل يوم لإطلاق نار شديد من حزب الله في لبنان.

 هآرتس 28/5/2024

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية