ألمانيا تترقب مستشارها القادم بعد ميركل ونتائج متقاربة بين الديمقراطيين والمحافظين

علاء جمعة
حجم الخط
0

برلين ـ “القدس العربي”: أدلي الألمان الأحد بأصواتهم في انتخابات تشهد منافسة حامية بين الاشتراكيين-الديمقراطيين والمحافظين على تولي السلطة خلفا للمستشارة أنغيلا ميركل التي قرّرت الخروج من الحياة السياسية بعدما حكمت البلاد على مدى 16 عاما.

وحقق الاشتراكيون الديمقراطيون والمحافظون بزعامة أنغيلا ميركل نتائج متقاربة في الانتخابات التشريعية الألمانية، وفق نتائج استطلاعات للرأي لدى الخروج من مراكز الاقتراع نشرتها قنوات التلفزة العامة.
وتوقعت الاستطلاعات عبر قناة “زد دي اف” حصول الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة أولاف شولتز على 26 في المئة من الأصوات مقابل 24 في المئة للاتحاد المسيحي الديمقراطي بزعامة أرمين لاشيت، فيما توقعت قناة “ايه آر دي” نسبة متساوية من الأصوات بين الحزبين بلغت 25 في المئة.
وفي هذا الاقتراع الحاسم، يسجل الاشتراكيون الديمقراطيون بزعامة وزير المال الحالي أولاف شولتز تقدما طفيفا بحصولهم على 25% من نوايا الأصوات مقابل 22 إلى 23% لمرشح المحافظين أرمين لاشيت، وهي نسبة متدنية تاريخيا، بحسب آخر استطلاعات الرأي.
وفي مطلق الأحوال، سيترتب إجراء مفاوضات مطولة خلال الأشهر المقبلة لتشكيل الائتلاف الذي سيحكم البلاد، ولو أن ذلك يهدد بشل الاتحاد الأوروبي حتى الفصل الأول من العام 2022.
وبعدما نأت المستشارة المنتهية ولايتها بنفسها عن السجالات الانتخابية، بذلت جهودا مكثفة في الشوط الأخير من الحملة لدعم أرمين لاشيت الذي تواجه حملته صعوبات منذ الصيف.
أما المسيحيون الديمقراطيون، فقد يتراجعون لأول مرة منذ 1949 إلى ما دون عتبة 30% من الأصوات، بعدما تصدروا استطلاعات الرأي لفترة طويلة.
وتخلل التصويت خطأ فادح من قبل زعيم يمين الوسط، الذي يجهد لإبقاء المستشارية في معسكر المحافظين بزعامة أنغيلا ميركل. ونسي حجب بطاقة التصويت عن الكاميرات كما هو منصوص عليه في قانون الانتخابات. وبالتالي، يمكن أن يتم إبطال تصويته.

وكان لاشيت قال لدى إدلائه بصوته “كل صوت مهم” لأنه يسهم في تحديد “توجّه ألمانيا للسنوات المقبلة”.
واقترع منافسه شولتز في بوتسدام القريبة من برلين، واعتبر أن الأحوال الجوية الجيدة “مؤشر جيد” لوسط اليسار الذي يحقق منذ الصيف صعودا غير متوقع.
وإن كان رئيس الاتحاد المسيحي الديمقراطي ورئيس حكومة ولاية شمال الراين فستفاليا، أكبر الولايات الألمانية لجهة عدد السكان، معروفا بأنه ينجح دائما في قلب الأمور لصالحه وفي التخلص من ألد أعدائه، إلا أن الأمر يبدو صعبا هذه المرة على لاشيت الذي فرض ترشيحه في ختام صراع شديد مع حليفه زعيم حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي ماركوس زودر، الأكثر شعبية منه.

كيف ستتشكل الحكومة بعد الانتخابات؟

تبدأ المناقشات بمجرد ظهور النتائج مع تطلّع كل من الطرفين إلى اكتشاف الخطوط الحمراء لدى الطرف الآخر وتحديد ما إذا كان بإمكانهما العمل معا.
والاثنين، في اليوم التالي للانتخابات، ستعقد الأحزاب اجتماعات قيادية. وسيعقد النواب المنتخبون حديثا من كل حزب اجتماعاتهم الأولى الأسبوع المقبل، مع استعداد الحزب الديمقراطي الاجتماعي والاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي للاجتماع الثلاثاء.

ويفترض أن يعقد البرلمان المنتخب حديثا جلسته الافتتاحية في موعد لا يتجاوز 30 يوما بعد الانتخابات في 26 تشرين الأول/أكتوبر.
وبعد سنوات من ائتلافات مكونة من حزبين، يحتمل أن تكون هناك حاجة إلى ثلاثة أحزاب هذه المرة لتحقيق الأغلبية، وهو أمر شائع في البرلمانات الإقليمية في ألمانيا لكنه ليس كذلك على المستوى الوطني منذ الخمسينات.
في معظم الأنظمة البرلمانية، يرشح رئيس البلاد حزبا لتشكيل الحكومة، عادة ما يكون الحزب الذي فاز بأكبر نسبة من الأصوات.
لكن في ألمانيا، يمكن لجميع الأطراف المشاركة في ما يعرف باسم “المحادثات الاستطلاعية”.

وفي هذه المرحلة الأولية التي لا تحدها مهلة، ليس هناك ما يمنع الأطراف من إجراء محادثات ائتلافية بشكل مواز، رغم أن التقاليد تنص على أن يقوم أكبر حزب بدعوة أصغر الأحزاب إلى المناقشات.
ودعا حزب الخضر إلى عقد مؤتمر حزبي السبت 2 تشرين الأول/أكتوبر ليقرر خلاله مع من سيجري محادثات استطلاعية.
وقال أرمين لاشيت من تحالف ميركل المحافظ بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي الأسبوع الماضي “الشخص الذي سيحصل على الأغلبية في البوندستاغ سيصبح مستشارا” لافتا إلى أن الطرف الذي يحتل المركز الثاني يمكنه أيضا بدء المفاوضات.

وإذا اتفق حزبان أو ثلاثة من حيث المبدأ على الرغبة في تشكيل تحالف، ينبغي بعد ذلك بدء مفاوضات ائتلاف رسمية مع اجتماعات مجموعات عمل مختلفة لمناقشة القضايا المتعلقة بالسياسة.

وفي نهاية هذه المفاوضات، تقرر الأحزاب من سيكون المسؤول عن أي وزارة وتوقع عقد ائتلاف، وهو وثيقة تحدد شروط الاتفاق.
وهذه المرحلة ليست محددة بمهلة زمنية أيضا وبالتالي ستبقى الحكومة المنتهية ولايتها في مكانها حتى تشكيل الحكومة الجديدة.
ثم تسمي هذه الأحزاب مرشحيها لمنصب المستشار قبل التصويت الرسمي في البوندستاغ.
وعلى سبيل المثال، بعد الانتخابات الأخيرة في ألمانيا في 24 أيلول/سبتمبر 2017، جرى تأكيد تعيين ميركل رسميا مستشارة في ائتلاف بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الديمقراطي الاجتماعي في 14 آذار/مارس 2018.
وفقا للمادة 63 من الدستور الألماني، على رئيس البلاد أن يقترح مستشارا محتملا للبوندستاغ.
إذا لم يظهر تحالف بين أحزاب، قد يرشّح الرئيس فرانك-فالتر شتاينماير من الحزب الاشتراكي الديمقراطي مستشارا محتملا سيكون على الأرجح من الحزب الذي فاز بأكبر نسبة من الأصوات.
وبعدها، يصوت البرلمان في اقتراع سري، مع حاجة المرشح إلى الغالبية المطلقة.
وإذا لم يحقّق ذلك، ينظم تصويت ثان بعد أسبوعين. وإذا لم تتحقق الغالبية المطلقة أيضا، يجرى تصويت ثالث فوري تكفي فيه الغالبية النسبية.
ثم يقرر الرئيس ما إذا كان سيعين المستشار كرئيس لحكومة أقلية أو حل البوندستاغ والدعوة إلى انتخابات جديدة. وتم تجنب هذا السيناريو الأسوأ في العام 2017. فبعد مواجهة طريق مسدود في المفاوضات، حض شتاينماير الأطراف على الاجتماع مجددا مع الضغط من أجل تجديد ما يسمى الائتلاف الكبير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية